الكليب الذي انتشر علي مواقع الإنترنت وعرضته أكثر من قناة فضائية لمدرس يضرب أطفالا في سن الحضانة بشكل وحشي أثار استياء الكثيرين حتي إن البعض لم تكن لديه قدرة علي مشاهدة الكليب مرة أخري بسبب ما شعروا به من وحشية في تعامل هذا الرجل مع أطفال لا يملكون أمام ضربه الوحشي لهم بالعصا سوي البكاء والصراخ واستعطافه بأن يتوقف عن تعذيبهم وهو استعطاف لم يكن يجدي نفعا كما كان واضحا من هذا الكليب المستفز. والمؤكد أن هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم سوي أن حظهم العاثر قادهم إلي حضانة يديرها رجل يري أن الضرب الوحشي هو الأسلوب الصحيح لتعليم هؤلاء الأبرياء بل وليس أي ضرب لكنه يبدو وكأنه يشفي غليله في الأطفال فيضربهم بقوة وفي أي مكان من أجسامهم البريئة. وبقدر حالة الاستفزاز والاشمئزاز الذي أثاره بداخلنا هذا الكليب بقدر ما شعرنا بسعادة لأنه لم يمر مرور الكرام وتأكدنا أن هناك قانونا لا يمكن أن يترك مثل هذا الرجل فقد تم إغلاق الحضانة وتحركت جمعيات حقوق الطفل والنيابة العامة ورجال الشرطة وتم القبض علي الرجل بسرعة وتحويله إلي محاكمة عاجلة وشعر الكثيرون أن ما حدث هو انتصار لدموع هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين أكد الكثير من التربويين في تعليقهم علي ما شاهدوه أن هذا الأسلوب يقود هؤلاء الأطفال بالتأكيد الي كراهية التعليم والكبت والعنف الذي سيردونه للمجتمع عندما يكبرون. وبقدر ما كانت فرحتنا بتحويل الرجل للمحاكمة بقدر ما كانت صدمتنا مما حدث في المحاكمة فالنيابة وجهت للمتهم ثلاثة اتهامات جميعها تندرج تحت نشاط وسلوك إجرامي واحد وعددت الاتهامات بتعدد نصوص القانون ومنها المادة 116 من قانون الطفل التي جرمت ما قام به المدرس بينما قرر دفاع المتهم أن الواقعة لم تصل إلي علم النيابة أو الشرطة من خلال شكوي كتابية أو اتهام من أي ولي أمر إلا أنها وجهت الاتهام له من خلال مقطع فيديو تناولته وسائل الإعلام وأن ما قام به صاحب الحضانة ما هو إلا أمر يومي طبيعي يحدث في جميع المؤسسات التعليمية الحكومية! إلي هنا والأمر طبيعي فمن حق الدفاع أن يقول ما يشاء لكن الصدمة الحقيقية كانت من ردود فعل اولياء الأمور أنفسهم الذين أكد بعضهم قبولهم ما يحدث لأطفالهم وأن هذا الضرب يتم بعلمهم وأنهم مقتنعون بأن هذا في صالح أولادهم وهو ما جعل المدرس في هذه الحالة في موقف قانوني سليم فلم يجد رئيس المحكمة أمامه سوي الإفراج عن الرجل. ما حدث من أولياء الأمور وقبولهم التعامل مع أطفالهم بهذا الشكل العنيف، الذي رأيناه كان صدمة تحتاج بالتأكيد إلي تفسيرات وتحليلات خبراء علم الاجتماع والنفس والتربويين الذين أجمعوا علي رفض هذا الأسلوب لكن طالما أن أبوها راضي وأنا راضي فمالك أنت ومالنا يا قاضي!