ليلة السبت 30 من شهر أبريل «نيسان» عام 2011 وفي تمام الساعة السابعة، شاهد جمهور المسرح المصري ولأول مرة في تاريخنا المعاصر عرضا مسرحيا قدمته أسقفية الشباب ضمن الملتقي الأدبي الفني للكنيسة القبطية. هذا الحدث المسرحي التاريخي سجله وزير الثقافة المصري المستنير د. عماد الدين أبوغازي. وكان الأنبا موسي أسقف الشباب بالكنيسة القبطية قد دعا وزير الثقافة لحضور العرض المسرحي «صرخة عمل» الذي يقدمه أبناء الكنيسة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية. بعد مشاهدته للعرض فاجأ وزير الثقافة المصري الأنبا موسي بدعوته لتقديم هذا العرض الرائع علي مسرح السلام بشارع قصر العيني. وبذلك سجل وزير الثقافة المصري حدثا ثقافيا في تاريخ المسرح المصري المعاصر. فقد كانت الكنيسة القبطية تقدم مسرحا كنسيا خاصا بقصة البشارة للسيدة العذراء مريم وولادة المسيح، والهروب إلي مصر «خذ الصبي وأمه واهرب إلي مصر»، وهي عبارة ترددها جميع الكنائس المسيحية حول العالم، ولا نستخدمها نحن في الدعاية لزيارة مصر سياحيا! وأيضا تقدم في أسبوع الآلام الذي يسبق عيد القيامة المجيد قصة المحاكمة الشهيرة التي قام بها بلاطس النبطي حاكم القدس من قبل القيصر الروماني الذي غسل يديه بالماء ليبرئ نفسه من محاكمة المسيح عيسي بن مريم. واستمرت الكنيسة القبطية تقدم مسرحها في هذا الإطار ولا تخرج عنه إلي أن أنشئت الجامعة الأهلية ودخلت الفنون الحديثة حياة الطلاب المصريين. وكلنا يذكر أن الجامعة المصرية قدمت للفن نجومه الذين جعلوا مصر رائدة في مجال المسرح والسينما طوال القرن العشرين. ومع التغيرات والتطورات المجتمعية تطور المسرح والسينما في الكنيسة القبطية. وشهدت السنوات الخمس والعشرين الأخيرة تطورا مهما في المسرح والسينما داخل الكنيسة القبطية، ولكن في إطار تاريخ الكنيسة والقديسين وفات الذين قاموا بهذا العمل الجليل، أنهم يقدمون جزءا من تاريخ مصر المهمل والمسكوت عنه طوال الفترة التاريخية المعروفة بالتاريخ القبطي والفن القبطي. وبدأت التطورات تأخذ مجراها إلي أن نظمت أسقفية الشباب ما يسمي بمهرجان الكرازة المرقسية والذي يقوده مع آخرين كثيرين مهندس الديكور المعروف فادي فوكيه نائب رئيس البيت الفني للمسرح. كان مهرجان الكرازة المرقسية في العام الماضي بعنوان «صرخة أمل». أما المهرجان الحالي وبعد ثورة 25 يناير 2011 فقد أطلق علي المهرجان عنوان «صرخة عمل». وتجرأت أسقفية الشباب بدعوة وزير الثقافة المصري ليشهد إبداعات بعض أبناء مصر الذين يقدمون أعمالهم داخل أنشطة الشباب بالكنيسة القبطية، وعلي مستوي مصر والسودان. وكان من المفروض أن تكون إثيوبيا ضمن هذا المهرجان لولا أن عام 1956 شهد حدثا سياسيا وهو طلب الانفصال عن الكنيسة الأم في مصر بإعطاء بطريرك إثيوبيا حق رسامة المطارنة والأساقفة والكهنة دون الرجوع إلي الكنيسة في مصر. وأعتقد أن الكنيسة القبطية قصرت في هذا المجال بعد اتصال دام ستة عشر قرنا من الزمان، ولعلها اليوم تحاول تلافي هذا التقصير بدعوة أبناء إثيوبيا للاشتراك في مهرجان الكرازة المرقسية خاصة وأنا أعلم أن في المعادي يحضر عدد من أبناء الجالية الإثيوبية في مصر قداس الأحد أسبوعيا بكنيسة السيدة العذراء بالمعادي. ومن التصرفات التلقائية خلال إنتاج هذا المهرجان وكل الأنشطة المسرحية والسينمائية في الكنيسة القبطية أنها تتم بالتعاون بين الفنانين والفنيين المسيحيين والمسلمين وكل في مجاله الإبداعي، وقد كان العمل المسرحي «صرخة عمل» من إخراج ضياء ومحمد.