لمن تكون الغلبة.. لجيل جديد يحاول أن ينبه مصر من غفلتها ويجدد طاقتها ويشحذ همتها ويلهب خيالها بدماء شابة تسري في عروقها لبناء الإنسان بالديمقراطية والمجتمع بالكفاية والعدل، أم تكون الغلبة لجيل قديم تجاوز السبعين والثمانين يتذرع بالخبرة ويحسب قبل الخطوة موضعها بعد أن تيبست أطرافه وتجمد الدم في عروقه؟ الجيل الجديد في ميدان التحرير تحول إلي برلمان شعبي يعقد جلساته في يوم الجمعة في غياب أحزاب فاعلة وبرلمان منتخب ومن هذا البرلمان الشعبي استمدت الحكومة شرعيتها بعد أن أثبت الجيل الجديد قدرته علي حشد مظاهرات مليونية وعلي امتلاكه خبرة العصر في استخدام وسائل التكنولوجيا التي جعلته في غني عن خبرة الأجيال القديمة التي عاشت عصر المطبعة منذ جاء بها نابليون إلي مصر مع الحملة الفرنسية.. والجيل القديم مازال يحتكر مركز السلطة في الدولة وأعمدة الرأي في الصحف وبرامج الحوار في الفضائيات وحتي في الحوار الوطني لم يفسح المجال للشباب فتحول الحوار إلي عجائز يكلمون أنفسهم في منولوج طويل وكأن عقارب الساعة عادت إلي الرابع والعشرين من يناير ولم تقم ثورة الخامس والعشرين نسينا أن الزعيم الوطني مصطفي كامل كان في عمر شباب الجيل الحاضر عندما أيقظ مصر من سباتها.. لتتحدي الاحتلال الإنجليزي وأن جمال عبد الناصر كان في مطلع الثلاثينيات مع رفاقه من عمر العشرينات عندما ألهب خيالنا بالحلم العربي وهو يتحدي الجيل القديم من الإقطاعيين ويوزع الأرض علي صغار الفلاحين ويحقق حلم أحمد عرابي زعيم الفلاحين وصيحة جمال الدين الأفغاني شيخ المصلحين: أنت أيها الفلاح تشق الأرض بمحراثك فلماذا لا تشق به قلب ظالمك؟ في اعتقادي أن الأمن في بلادنا لا يتحقق بمجرد حشد قوات الشرطة والجيش في الشوارع والميادين ولا بعقد جلسات للحوار الوطني في قاعات لمجلس الوزراء يسودها الطابع الرسمي وإنما بإقامة برلمانات موازية لبرلمان التحرير في مدارسنا وجامعاتنا ومصانعنا وإداراتنا الحكومية يتحاور فيها التلاميذ مع المدرسين وطلاب الجامعة مع الأساتذة والعمال مع المسئولين وفي هذه البرلمانات الموازية نستلهم شخصيات الزعماء الوطنيين من الشباب الذين أيقظوا بلادنا من سباتها وجمعوا أشلاء الوطن في معجزة البعث وعودة الروح كما فعلت إيزيس بعد أن جمعت أشلاء أوزوريس ومينا موحد القطرين وإخناتون وهو يتحدي كهنة آمون لعبادة الإله الواحد لشعب واحد.. يجمعه هدف واحد وهو ما حققه مصطفي كامل وجمال عبد الناصر وهما في عمر شباب الجيل الحاضر في تحقيق وحدة الوطن. ولا ينبغي أن تكون ثورة 25 يناير حكرا علي شباب القاهرة وميدان التحرير.. فدوار العمدة ومصطبة القرية واجتماع أهل ريفنا المصري في الأفراح والعزاء ومواسم الحصاد ينبغي أن يتحول إلي برلمانات للحوار.. بين الشباب و الشيوخ ويوم السوق في القرية يمكن أن يتحول إلي برلمان شعبي مثل ميدان التحرير وقطار الصعيد الذي يجتمع فيه الصعايدة يوما وليلة هو ميدان تحرير متحرك يشارك فيه بالرأي شباب قنا وأسوان مع شباب المنيا وأسيوط، وحتي تؤتي شجرة الحرية ثمارها في الديمقراطية لابد أن تمتد جذورها إلي صعيد مصر وترتوي بعرق الصعايدة من العصاميين الشباب الذين تزودوا بزاد الخبرة والاعتماد علي النفس وهم يعملون في مدن مصر وقراها وبلاد الخليج، وعلينا أن نتذكر أن أوزوريس وإيزيس ومينا وإخناتون وجمال عبد الناصر كانوا من أبناء الصعيد.