منذ عصر الرئيس أنور السادات وبدأت التركيبة الاجتماعية والثقافية للشعب المصري في التغير.. وخاصة بعد أن قال كلمته المشهورة: (اللي مش حايغتني في عصري مش حايغتني أبدا) أي منذ حوالي أربعين عاما.. وبدأت في الظهور طبقة جديدة من رجال الأعمال الطفيليين الذين تربوا في أحضان قوانين الانفتاح الاقتصادي التي أصدرها نظام السادات بلا ضابط ولا رابط فكانت قوانين (السداح مداح) بدلا من قوانين الانفتاح بدأ السادات عمليات بيع القطاع العام. وبدأت هجرة المصريين إلي دول النفط بحثا عن لقمة العيش المغموسة بالشقاء والإهانة، والبعض الآخر لم يسافر وظل يبحث عن فرص عمل داخل مصر بعد أن أغلق القطاع العام أبوابه أمام الغلابة وأخذوا يعانون من شروط العمل المجحفة في القطاع الخاص في ظل قوانين غير عادلة شرعت جميعها لصالح صاحب العمل بحجة تشجيع الاستثمار، أما البعض الآخر من الشعب فحدث ولا حرج فقد أصابه فيروس أخطر من فيروس (سي) الفتاك، هذا الفيروس يحمل للدم والقلب والعقل أخطر الأمراض وهي: (الفهلوة، والجهل، والانتهازية، والنفاق، والتدليس، والبلطجة، والعشوائية..إلخ) وكل هذا تحت إشراف حكومات بهلوانية وحرامية وإلكترونية وغبية استطاعت أن تقضي علي أجمل ما كان يميز هذا الشعب العظيم صاحب الحضارات العريقة المتعاقبة التي منحت الشعب المصري علي مر العصور كل الصفات الإنسانية الحميدة والراقية ولعل أهمها: (الجدعنة وطيبة القلب والمروءة والعزة والكرامة). ولكن الآن للأسف الشديد تغيرت تركيبة المصريين دون أن ندري.. تغيرت بسبب سفرهم للخليج ليعودوا لنا بملابس ولغة مختلفة.. تغيروا بسبب ظروف قهرية وضعتهم فيها الحكومات السابقة ليزدادوا فقرا وجهلا مقصودا لكي يظل الشعب أداة طيعة وسهلة في أيديهم بإثارة الفتن والبلطجة والغلاء والبطالة والضرائب والزحام والعشوائيات. وكل هذا ارتكبته الحكومات المتعاقبة في هذا الشعب المسكين بخطة محكمة.. وتدبير شيطاني.. وبكل جبروت وقوة.. حتي تمكن هذا الفيروس اللعين منة تماما.. وقد رأينا هذا واضحا أثناء عملية الاستفتاء الأخيرة عندما استغل بعض المتشددين من المسلمين والمسيحيين جهل البسطاء لتوجيههم حسب مصالحهم الشخصية بالقول ب(نعم) أو (لا) للتعديلات الدستورية وأيضا ما حدث في موقعة منشية ناصر واقعة الجلابية وواقعة ضرب الدكتور البرادعي بالحجارة من قبل بلطجية الحزب الوطني الذين أشاعوا أن السيد عمرو موسي سيلقي هذا المصير.. لذلك لابد أن نتيقظ لكل ما يفعله اصحاب المصالح الباحثين عن السلطة ليسلبوها من أصحابها الحقيقيين ولكي يعودوا بنا لزمن الفساد الذي أصبح يملأ كل الأمكنة مثل الهواء.. كفانا، نريد إصلاحا وتنويرا.. نريد استرداد مصرنا من كل غاصبيها.. نريد أن نصبح يدا واحدة.. وشعبا واحدا.. للقضاء علي الجهل والأمية، ليست أمية الكتابة والقراءة.. بل الأمية في كل ما يدور حولنا من تكتلات ومؤامرات والعودة بنا إلي الوراء.. نريد ثورة ثقافية حقيقية تشارك فيها كل الوزارات: التعليم والثقافة والإعلام المرئي والمقروء.. والأوقاف والشباب.. وبأقصي سرعة ولنبدأ من بيوتنا.. ثم شوارعنا. وفي أماكن العمل.. وفي كل ربوع مصر حتي لا نضّيع دماء الشهداء الطاهرة.. وحتي لا نضّيع مكاسب ثورة 25 يناير.. ثورة كل المصريين الباحثين عن الحرية والعدل والديمقراطية والعزة والعيش بكرامة في ظل عدالة اجتماعية شاملة. ولو صدقت النية بالفعل فلنبدأ (بمؤتمر الثقافة) الذي شارك في إعداده أكثر من خمسمائة مثقف ومفكر ورجال دين وإعلام علي مدي ستة أشهر، وكان من المفترض عقده في شهر يناير الماضي، وتم تأجيله بسبب الثورة والآن ما أحوج الثورة يادكتور عماد أبوغازي ياوزير الثقافة لعقد هذا المؤتمر المنقذ للمأزق الذي نعاني منه الآن. "كاميليا .."