تدوين: سوزى شكرى الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 - محطة قطار الجيزة - من داخل قطار النوم رقم (82) المتجه إلى الأقصر مع رفقاء الرحلة من الصحفيين والصحفيات وفريق العمل بصندوق التنمية الثقافية، ذاهبين لحضور ختام سمبوزيوم الأقصر الدولى للتصوير الدورة ال18 . بغرفة رقم (13) ذلك الرقم التاروتى الذى يرافقنى كل رحلاتى. الساعة الثالثة صباحًا والبرد أعلن عن نفسه بكل قوة، أمسكت بدفترى الصغير الذى لم يتبق منه إلا صفحات معدودة، وسطوره معدومة الخطوط، وغلافه الغاضب من شدة إهمالى له، وقلم أزرق ثرثار مدعى الجدية يكتب بعضًا من كلماتى والبعض الآخر يبدو أنه متعمد أن يجعلها مشوشة. تصفحت صفحة ملتقى الأقصر بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» وشاهدت صورًا لأعمال بعض الفنانين المشاركين المصريين والعرب والأجانب، شاهدت فيديوهات للورش التى تمت خلال فترة الملتقى . مشاركة 22 فنانًا من 13 دولة: إيطاليا، ألمانيا، مقدونيا، روسيا، وفنلندا، سنغافورة، ببيلاروسيا، الصين، مصر، سلطنة عمان، البحرين، العراق، المغرب، وثلاثة فنانين مكرمين هم: الفنان الكبير محمد شاكر- مصر، والفنان الكبير حسن عبد الفتاح - مصر، وضيف الشرف الفنان الإيطالى Prof.Ertico Aniello. خرجت من غرفتى أبحث عن رفقاء الرحلة وجدت بعضهم ببوفيه القطار، رائحة بن الجنوب خرجت عن السيطرة، «واحد قهوة مظبوط، كوباية شاى سكر برة، قزقزة اللب كأنها أصوات عصافير اقتحمت عربة القطار»، حوارات عن الفنون والثقافة والحياة، حقًا كنز الرحلة يكمن بونس الصحبة.
وزير الثقافة يكرم الفنان محمد شاكر
أن تأتى متأخرًا صباح الأربعاء 26 نوفمبر - بالفندق.. حيث إقامة فنانى الملتقى للدورة ال18 أسعدنى لقائى بالأصدقاء المقربين من الفنانين المصريين المشاركين بالدورة: د.أحمد رجب صقر، د.مصطفى عيسى، الفنان عمر الفيومى، طاهر حمودة، أحمد جعفرى. ومن الفنانين الأجانب «جوليا جوكوفا – روسيا، ناتاشا لين – الصين» وقد التقيت بهم من قبل بالملتقيات داخل مصر وخارجها. وأعضاء اللجنة العليا للملتقى: الفنانة هالة شافعى، والناقدة منى عبد الكريم، دكتور محمد نبوى، قوميسير الدورة الفنان ياسر جعيصة، والناقد الفنى المصاحب الفنان د.أحمد سميح، وعلى مسافة مقربة من الجميع يجلس قيادات وزارة الثقافة رئيس صندوق التنمية الثقافية المعمارى حمدى السطوحى مساعد وزير الثقافة للمشروعات الثقافية، والفنان أ.د/ وليد قانوش رئيس قطاع الفنون التشكيلية. لمست مشاعر الصداقة التى نشأت بين الفنانين والفنانات محققين أحد أهم أهداف الملتقى فى التواصل الاجتماعى والإنسانى، ونقاشات مستمرة حول الفن وأحواله. تركت جلسات الأصدقاء والقيادات لأنى كنت شغوفة لرؤية أعمال الفنانين وذهبت للمرسم المخصص للفنانين والذى يقع بأحد الأماكن بالفندق القريبة من نهر النيل. وجدت الأعمال تم تجهيزها وإعدادها للمعرض، فلم أستطع رؤيتها أو تصويرها، وعلى حد قول أحد الفنانين الأصدقاء «وصلتى متأخر هاتشوفى اللوحات بكرة بالمعرض».
ورش
تذكرت العبارة المشجعة الشهيرة «أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا». وعلى إحدى الطاولات بمرسم الفنانين تظهر تجارب فنية لفئات عمرية مختلفة، وأساليب معالجات وتقنيات متنوعة، مساحة كبيرة للحرية والاكتشاف حققتها الورش. لم يكتف الملتقى بتبادل الخبرات والثقافات بين فنانى الملتقى، بل اتسعت مساحة التواصل برؤية أشمل وأعم قدمها الصندوق بخلق حلقة الوصل المباشر بين فنانى الملتقى مختلفى الثقافة وبين طلاب كلية الفنون الجميلة المتخصصين وطلاب المدارس، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، فضلًا عن موهوبين من قصور الثقافة بالأقصر. وشارك بالورش طلاب جامعة «هيرتفوردشاير- UH» البريطانية بالقاهرة تحت إشراف أ.د.نسرين إبراهيم فى المشاركة للسنة الثانية بالملتقى، وطلبة بمدرسة الثانوية الفندقية بالأقصر. وقد شارك بالتدريس بالورش الفنية عدد من فنانى الملتقى منهم رشا سليمان، تسنيم المشد وقوميسير الدورة الفنان ياسر جعيصة . وفى المساء أقيمت ندوة متفردة شكلًا وموضوعًا للفنان الإيطالى الدكتور «أنييلو إرتيكو» ضيف شرف ملتقى الأقصر، أدار الندوة د.أحمد سميح، والفنانة هالة الشافعى عضو اللجنة العليا للملتقى.
بوستر الملتقى
خارج الصندوق الخميس 26 نوفمبر – باقى ساعات على حفل ختام الملتقى وكل فريق العمل بصندوق التنمية الثقافية يشارك بتفانٍ فى العمل فى إعداد مكان عرض لوحات فنانى الملتقى. أسرعت لمكان العرض فرصتى الأخيرة لرؤية وتصوير الأعمال على الطبيعة. اقتنصت دقائق معدودة للقاء بالمعمارى «حمدى السطوحى» رئيس صندوق التنمية الثقافية، ومن خلال هذا اللقاء وجدت أن وجود فنان يجلس على مقعد القيادى يجعلنا نتفاءل، فبالرغم من أنه مقيد وملزم بالعديد من اللوائح ومحدودية الميزانيات والضغوط الإدارية، إلا أنه وإضافة لدعم وزارة الثقافة وحرصها على استمرار الفعاليات الفنية الدولية أضاف الصندوق على الفعالية الجودة والدقة بآليات التنفيذ، ويبدو من حديثه أن حلمه الخاص كمعمارى مهتم بتوظيف المبانى الأثرية للارتقاء بالثقافة المصرية، حيث فاز منذ أيام بجائزة «الريادة» لعام 2025 من اتحاد الآثريين العرب، وجدناه يسعى دائمًا لتجاوز الأطر التقليدية فى التفكير وطرح حلول خارج الفكر الصندوقى العتيق. ويحسب للصندوق العديد من الإنجازات بالدورة ال 18 منها الانتهاء من كتالوج الملتقى فى فترة قياسية حيث كانت هذه إحدى المشكلات فى الدورات السابقة، الكتالوج كتابة نقدية للناقد التشكيلى د.أحمد سميح ومكتوب باللغتين العربية والإنجليزية. وقام الصندوق بتوزيع الكتالوج بقاعات الفندق، كما شاهدت مشرف أحد الأفواج السياحية يسأل المسئولين هل يمكن الاحتفاظ بالكتالوج، وبهذا قدم الصندوق سياحة فنية تشكيلية ليس فقط للفن المصرى بل أيضًا لضيوفه من الفنانين العرب والأجانب، كما أن اختيارات المكرمين وضيف الشرف جاءت مستحقة لما لهم من مسيرة فنية مؤثرة .
ورش أطفال
واستكمالًا لإيجابيات الدورة، نُظّم حدث استثنائى بمناسبة مرور 60 عامًا من الشراكة والروابط الثنائية بين مصر وسنغافورة . حين حضر الرئيس السنغافورى «ثارمان شانموجاراتنام» لزيارة رسمية للقاهرة فى 19 سبتمبر، وخلالها قام بزيارة لمركز الحرف التقليدية التابع لصندوق التنمية الثقافية، وأبدى إعجابه بفنون الخيامية والخزف والنحاس والسجاد اليدوى. وبتكليف من دكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة التقى م.حمدى سطوحى بالرئيس السنغافورى ونتج عن هذه الزيارة توصيات بدراسة عدد من الأنشطة المشتركة بين البلدين للاحتفاء بمرور 60 عامًا العام المقبل كان أولها كانت مشاركة الفنان السنغافورى Vip yew chong بيب يو تشونغ برسم لوحتين، اللوحة الأولى مشاهد من مصر، والثانية مشاهد من سنغافورة، وسيتم وضع اللوحة الأولى فى سفارة مصر بسنغافورة، والثانية قى سفارة سنغافورةبالقاهرة لتكون شاهدًا رمزيًا على عمق العلاقات الثقافية بين الشعبين.
الفنان السنغافورى بيب يو تشونج
حفل الختام الخميس 26 نوفمبر مساء.. بحفل ختام وتكريم فنانى الملتقى تتالت إشادات من الحضور، وعبر السفير السنغافورى بالقاهرة «دومنيك جوه» عن سعادته بالمشاركة وشغفه للاحتفالية الخاصة عن الشراكة بين مصر وسنغافورة. وأشاد دكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة بأعمال فنانى الملتقى التى استلهمت من سحر الأقصر مدينة الشمس الملهمة وأعاد صياغة العلاقة باللون والضوء. وذكر المعمارى حمدى سطوحى: «أن صندوق التنمية الثقافية وفريقه كانا قائمين على تيسير كل ما يلزم لإنجاح الملتقى بمعنى أننى وزملائى فى الصندوق كنا «ميسّرين»، وأتمنى أن نكون قد قمنا بذلك على أفضل وجه». واختص وزير الثقافة حفل ختام الملتقى بمفاجأة الإعلان عن إطلاق «سمبوزيوم مدن مصر الأول» الذى يقام نسخته الافتتاحية خلال شهر يناير 2026 بأسوان بالتعاون مع قطاع الفنون التشكيلية وهيئة المجتمعات العمرانية بالمناطق التى تشهد تنمية ليكون الفن جزءًا من الهوية البصرية للمكان. وسيكون لمجالات (نحت، تصوير، وتصوير فوتوغرافى) وهو إضافة جديدة على خريطة الفعاليات الفنية، وسيتنقل الملتقى بين محافظات مصر. وبعد انتهاء الحفل عقد وزير الثقافة لقاء مع الصحفيين الحاضرين.
لوحة للفنان طاهر حمودة
وبعد نقاش فنى تشكيلى عن جماليات الحضارة المصرية وبأعمال فنانى الملتقى، كان النصيب الأكبر من اللقاء عن الاستعدادات لمعرض الكتاب النسخة ال57 يناير 2026، حيث أجاب الوزير: الدورة السابقة حضر 6 ملايين زائر والأسرة المصرية بأكملها حاضرة ونطمح فى المزيد. مؤكدًا أن وزارة الثقافة تقدم دعمًا كبيرًا فى إيجارات الأجنحة يصل أضعاف ما تتحمله دور النشر. وسوف يكون هناك جناح كامل للبريد المصرى يتيح للزائر شحن الكتب بسهولة إلى أى مكان. مشيرًا إلى أن معرض الكتاب لم يعد للكتاب فقط لكنه احتفالية ثقافية متعددة المجالات الإبداعية مثل حفلات المسرح وعروض غنائية شعبية، وحوارات «البودكاست» بالتفاعل المباشر مع الجمهور وبالأخص الشباب. لافتًا إلى أنه يتم طرح كتب بأسعار لا تتجاوز الخمسة جنيهات. فضلًا عن الاهتمام بتوظيف التكنولوجيا لخدمة زوار المعرض، مثل خدمة «الباركود» التى يستطيع من خلالها الزائر معرفة أماكن دور النشر، وقاعة مخصصة لجيل «زد» لجذب الشباب. وغيرها من المفآجات. وإلى هنا انتهت رحلتى 72 ساعة بالأقصر وفى انتظار قطار العودة إلى القاهرة، وأحمد الله أن رقم13 انزاح عنى أخيرًا، وانتهى دفترى من أوراقه.