على عجلة وفى ربوع الطبيعة ووسط مساحات خضراء متسعة كانت بداية رحلتى على أرض الخضرا تونس. كانت بداية الرحلة إلى المدينة العتيقة حيث قمنا بتناول الإفطار الشعبى وأداء صلاة الجمعة بمسجد الزيتونة الذى يغلب عليه الطابع الأندلسى فى تصميمه ثم بدأنا فى تفقد الشوارع وقضينا ليلا جميلا على ضفاف المتوسط. يومنا التالى كان فى القيروان حيث توجهت برفقة صديقى لزيارة معالمها السياحية وزيارة مسجد عقبة بن نافع ومشاهدة أسوار المدينة العتيقة والصناعات اليدوية من سجاد وأقمشة.
هناك تناولنا أشهر الأكلات فى المدينة وهى «كفتاجى» الذى يتكون من العديد من الأصناف كالفلفل والبيض المقلى والبذنجان وهو حار جدًا. فى المزار كانت احتفالات المولد باهية بالمدح والملاعب للأطفال وبيع كل شىء فى سوق كبيرة. أشهر أنواع الحلوى فى القيراون هى المقروض وهو عجين محشو تمر ومغطى بالعسل والسمسم. وفى اليوم التالى عدت من القيروان إلى تونس للتجول فى معالمها السياحية وجمالها الذى لا ينتهى، قمت بزيارة مدينة حمام الأنف فى الصباح والتى تعد مدينة سياحية ساحلية تتميز بالهدوء. تستطيع أن تتجول فيها على قدميك لترى جمال المحلات وتستمتع بجمال الماء ومنها إلى المدينة الباهية سيدى بوسعيد التى تعود إلى عهد الولى الصالح بوسعيد الباجى.
هناك يغلب عليها لونان الأبيض والأزرق فبيوتها ملونة باللون الأبيض وأبوابها ملونة باللون الأزرق ما يعطيها جمالًا فتانًا. هى من أهم المدن السياحية التونسية وقمنا بتناول البمبلونى أشهر الحلوى هناك وتناول كوب من الشاى باللوز والاستمتاع بجمال المنظر الخلاب على شاطىء البحر المتوسط. ثم توجهنا لزيارة آثار قرطاج والتعرف على الحضارات التى مرت عليها دولة تونس الشقيقة وتوجهنا لزيارة كنيسة تعد من أقدم الزوايا فى تونس ويتردد عليها السياح من كل أنحاء العالم قبل غروب الشمس وتوجهنا لمدينة المرسى للاستمتاع بالبحر عن قرب وتناول العشاء التونسى فى أحد المطاعم لينتهى اليوم بما يحمل من ذكريات طيبة تم توثيقها على أرض الخضرا. وفى اليوم التالى زرنا أحد أهم شوارع المدينة وهو شارع الحبيب بورقيبة.
بورقيبة من الشخصيات التى لها مكانة فى قلوب الشعب التونسى حيث تم الجلاء والاستقلال عن الاحتلال الفرنسى فى عهده. الشارع يغلب عليه الطابع الأوروبى وتشعر وكأنك فى أحد شوارع باريس. وهناك معلم عظيم كان لابد من التقاط صورة تذكارية بجواره وهى الساعة الكبرى. التقيت بأصدقائى هواة الدراجات وتبادلنا الحديث معا عن رحلتى وتبادلنا الخبرات وأخذنا الحديث عن الأعمال الأدبية التى قدمتها فى مجال الترحال وأدب الرحلات.
واستكملنا الحديث حيث كان من المقرر الشروع فى الذهاب لأبعد نقطة بأفريقيا فى الصباح الباكر وعلى الفور تبادل الأصدقاء التواصل معنا لزيارة ولاية بنزرت. توجهت برفقة دراجتى مع نسمات الجو الجميلة والشمس ساطعة فدرجة الحرارة معتدلة مرورًا بولاية أريانا استكملت رحلتى بعد أن تناولت مشروبًا من المياه الغازية بأحد المنافذ على الطريق استغرق الوقت ما يقرب من ست ساعات. استكملت الرحلة حتى بنزرت كان الأصدقاء من هواة الدراجات والتى لم يجمعنى بهم سوى سويعات فى استقبالى. أشهر الأكلات فى بنزرت وهو «لبلابى» وهو مكون من الحمص والطحينة ويمكن تناوله فى صحن أو فيما يسمى بالكسكروت وهو الخبز الفرنسى، وفى الثانية عصرًا كان موعد الصعود والاستمتاع بالمناظر الجميلة والغابات والمساحات الخضراء بعد ما قطعت ما يقرب من تسعين كيلو مترًا. قمنا بالتقاط الصور التذكارية ومقاطع الفيديو والدخول وسط الأشجار حتى وصلنا للحظة المرتقبة حيث مدينة رأس أنجلة وهى تعد أبعد نقطة فى قارة أفريقيا.
وهناك ترى مجسمًا كبيرًا لقارة أفريقيا وهو معلم مميز ليس له مثيل ولكن سرعان ما مرت عقارب الساعة معلنة عودتنا إلى العاصمة كى تبدأ رحلة جديدة فى اتجاة الجنوب مرورًا بولاية نابل وحتى الوصول لجوهرة الساحل سوسة. قضيت يومًا طويلا على طريق كان بين التبديل والراحة على المقاهى أو المساجد وهبوط بعد الأمطار البسيطة ولكنّ الاستمتاع بالأشجار وجمال المناظر الخضراء جعلنى لا أشعر بالوقت. قمنا بزيارة مدينة الحمامات والتعرف على معالمها السياحية وصولا لمدينة سوسة الساحرة التى جعلتنى أعود بالزمان للوراء ويأخذنى حنينى إلى مدينة الإسكندرية، فهى أكثر ما تشبه فى جمالها ومعالمها. تجولنا فى مدينة سوسة القديمة التى قضيت فيها يومين وفى اليوم الثالث توجهت لاستكمال المسار إلى المنستير مهد الرئيس الحبيب بورقيبة ليكون أول مزار نقوم به هو قصره ولنتوجه بعد ذلك لاستكمال رحلتنا. واستكملت المسير حتى وصلت لمدينة المهدية. والمهدية يرجع بها التاريخ للعهد الفاطمى ومنها لزيارة قصر الجم ثم صفاقس عاصمة الجنوب. وفى اليوم التالى قمت بزيارة المدينة العتيقة والتعرف عليها وزيارة مدينة المحرس الساحرة وتناول وجبة الغذاء ثم قمنا بزيارة سيدى المنصور المدينه المطلة على شاطئ البحر حيث يوجد مسجد ومقام. استكملت الرحلة الفريدة على أرض تونس بعد أن أشبعنى جمالها وخضارها لأتوجه لمدينة أخرى. وهنا انتهت تونس الخضراء وبدأت تونس الصفراء. بدأت مساحات كبيرة من الصحراء فى الظهور وبدأت حرارة الشمس تزداد عن المعتاد وسرعة الرياح فى صراع وقضينا وقتًا عصيبًا حتى المساء. كانت ولاية قابس هى وجهتى حيث قمنا بالمبيت فى أحد الفنادق ومع شروق الشمس استيقظنا لنتفقد المدينة وزيارة سوق الأشغال اليدوية وزيارة مقام سيدى أبو لبيبة ثم استكملنا الرحلة فى صحراء الجرداء مرورًا بالعرام وكتانه. ولازلنا فى عناء مع الصحراء بحراراتها المرتفعة وسرعة الرياح حتى وصلنا إلى البطاح وهو القارب أو المعدية التى نقوم بالعبور من خلالها لجزيرة جربة أجمل بقاع تونس السياحية. وعند العبور اختلفت الإجواء المناخية تمامًا. وفى الطريق مررت على مدينة تستور الشهيرة بالرمان وكان موسم حصاده قد اقترب، ثم استكملنا الطريق وصولا لولاية «الكاف». أول مزاراتنا كانت القصبة والتى تعلو فوق قمة كبيرة تستطيع منها أن ترى الولاية بأكملها. آخر أيامى فى تونس الخضراء زرت ولاية جندوبة بمدن عين دراهم وطبرقة مستمتعًا بجمال الجبال والمساحات الخضراء الواسعة على الحدود الشمالية الغربية عند أم الطبول.