اليوم.. الأوقاف تفتتح 5 مساجد في المحافظات    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم    ارتفاع أسعار الذهب الجمعة 21 يونيو 2024    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 21 يونيو    اليوم.. مصر للطيران تنظم 8 رحلات جوية للسعودية لإعادة الحجاح    لحظة تحطم طائرة مسيّرة في مصفاة نفط بمنطقة كراسنودار الروسية (فيديو)    جدل في جيش الاحتلال بعد تصريحات متتابعة عن "القضاء على حماس"    مارتنيز يشتبك مع أفراد الشرطة المتواجدة في افتتاح كوبا أمريكا 2024 (فيديو)    موعد مباراة فرنسا وهولندا في الجولة الثانية من يورو 2024.. والقنوات الناقلة    حالة الطقس المتوقعة غدًا السبت 22 يونيو |إنفوجراف    تامر حبيب يوجه رسالة لمخرج وأبطال «ولاد رزق 3» بعد مشاهدته بدور العرض السينمائي    ترامب: لن أرسل قوات أمريكية إلى أوكرانيا    بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الجمعة 21 يونيو 2024    حلمي طولان: ممدوح عباس مساند حقيقي لمجلس لبيب.. وصفقة عبد الله السعيد الأفضل في يناير    موقف الأهلي من المشاركة في بطولة كأس الأفروآسيوية    استشهاد 14 فلسطينياً جراء ضربات جوية إسرائيلية على قطاع غزة    في تغير مفاجئ، ترامب يغازل طلاب الجامعات الأجانب بمكافأة العمر    تعامد الشمس في معبد الكرنك: رمزية وتأثيرات على الحضارة المصرية القديمة    تسريبات صوتية.. أزمة جديدة بين حسام حبيب وشيرين    طريقة عمل كيكة المهلبية، تحلية سريعة التحضير    صراع الصدارة والقاع.. موعد مباراة الأهلي والداخلية في الدوري الممتاز    بوتين: ليس لنا أهداف قرب خاركوف ومهاجمة قواتنا القريبة منها ستكلف كييف ثمنا باهظا    «قندوسي» ينتظر تحديد مصيره مع الأهلي.. و«كولر» لا يُمانع على احترافه    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    الأوقاف تفتتح 5 مساجد.. اليوم الجمعة    هدايا عيد الأب 2024.. تعرف على أجمل الأفكار    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    منظمة الصحة العالمية تحذر من أدوية مغشوشة لمرض السكري    الزعتر البري.. فوائده في مكافحة السرطان واستخدامه في التحنيط عند الفراعنة    تطوير عقار جديد يدمر خلايا السرطان ذاتيا.. تفاصيل    زيلينسكي يعلن العمل على تحويل أوكرانيا إلى الطاقة الشمسية    «أنا سبب المشكلة».. شوبير يكشف مفاجأة بشأن الصلح بين الخطيب وتركي آل الشيخ    ووكر: يجب أن نرفع القبعة للهدف الذي استقبله شباك منتخبنا إنجلترا    أميرة بهي الدين: تنبأت بعدم بقاء الإخوان بالسلطة الإ عام واحد فقط    القس دوماديوس.. قصة كاهن أغضب الكنيسة ومنعه البابا من الظهور بالإعلام    مشاجرة إمام عاشور داخل مول الشيخ زايد تشعل السوشيال ميديا.. التفاصيل الكاملة    بداية الكوبا وقمة أوروبية.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    إصابة 4 أشخاص من أسرة واحدة بتسمم غذائي في بنها    بلا مشقة بالغة.. هبة عوف: الاستطاعة الصحية شرط أساسي للحج    مطرانية مغاغة والعدوة للأقباط الأرثوذكس تنعى عروس المنيا وتوجه رسالة إلى خطيبها    تجار البشر.. ضحايا فريضة الحج أنموذجًا    ننشر نص خطبة اليوم الجمعة    أنت وجنينك في خطر، تحذير شديد اللهجة للحوامل بسبب الموجة الحارة    أسامة قابيل يكشف حقيقة وجود أعمال سحرية على عرفات    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان التشكيل الوزاري الجديد    البطريرك يلتقي عميد كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية في ليون    الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة الغش والتدليس للحصول على بطاقة ائتمان    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    وحيد أبوه وأمه.. غرق شاب بقارب صيد أثناء عمله في أسيوط    مصرع شخص إثر حادث مرورى بدمياط    تامر أمين عن وفاة الطفل «يحيى» بعد نشر صورته في الحج: «ربنا يكفينا شر العين» (فيديو)    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء في عطلة الأسبوع الجمعة 21 يونيو 2024    الاحتلال يعلن اعتراض هدف جوى أطلق من لبنان    «مش بتاع ستات بس».. أحمد سعد يثير الجدل بسبب تصريحاته حول ارتداء الحلق (فيديو)    شاهد.. فرقة "أعز الناس" تشعل ستوديو منى الشاذلى بأغنية للعندليب    إزالة 11 حالة تعدي على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء بالغربية    لعدم الاحتفاظ بالشهادة الصحية.. تحرير 17 محضرًا تموينيًا ب شمال سيناء    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات قبرصية من «التكية»
نشر في صباح الخير يوم 13 - 09 - 2023

(نعبر بك بين المكان والزمان.. وبين المدن والميادين.. نستنطق الأحجار ونطرق الأبواب.. ونقرع الأجراس.. لنخرج لك خبايا وحكايات الأبنية والصروح.. بنايات وحكايات)..
فى لارناكا القبرصية وعلى بُعد عدة خطوات من حارة ليفاديوتيس وبمحازاة البحر.. ترى قبه كبيرة تزين مبنى مضلعًا قديمًا وحولها مجموعة من شواهد القبور المنقوشة بالخط العثمانى.
الشارع نفسه على امتداده اسمه شارع أم حرام (أو كما هو مكتوب بالحروف اليونانية أم الحرام) ومنه شارع الوالى.. المبنى له طابع خاص وعتيق ومميز ويُعرف ب تكية هالا سلطان.
لعل النسبة الأكبر من البنايات التاريخية فى العالم بنيت على أسُس عقائدية؛ بل ربما أشهرها ينطوى على هذه الفكرة، ومن هنا تتجلى إبداعات المعمارى فى الربط بين الفكرة الدينية أو الحكاية التاريخية وبين الطراز المعمارى مَهما كانت مفرداته وزخارفه.
لكن المعمارى أيضًا لا يستطيع تجاهل القيمة الوظيفية فى البناية، ترى هل يمكن استخلاص هذه الفكرة من العمارة الإسلامية التى بنيت خارج نطاق التجمعات العربية؟
بالفعل؛ فإن هذه البنايات تجسّد هذه الفكرة بجلاء، لذا سوف تخبرنا اليوم تكية هالا سلطان القبرصية عن تلك الخطوط المعمارية المرتبطة بحكاية دينية وقيمة وظيفية.. فتعالوا نستمع إلى قصة تكية هالا سلطان بالعاصمة القبرصية لارناكا.



تُعتبر تكية هالا سلطان من الآثار الإسلامية التى تعبر عن وصول الفن الإسلامى نتيجة للفتوحات إلى كل أراضى المعمورة؛ وبخاصة تلك الأراضى التى كانت تحت الحُكم البيزنطى، وحيث كانت جزيرة قبرص بعد احتلال الرومان الغربيين لها واقتطاعها من حوزة المملكة المصرية البطلمية ثم بعد ذلك استقرارها فى يد البيزنطيين.
هكذا ظلت قبرص تحت الحُكم البيزنطى قرونًا عديدة؛ لكن فى العصور الأولى للإسلام وتحديدًا عام 28 هجرية أى 649 ميلادية حدث عصر تحول كبير فى جزيرة قبرص تمخضت عنه فيما بعد تلك الدرة المعمارية والمسماة تكية هالا سلطان.
عام 29 هجريًا وبإذن من الخليفة عثمان بن عفان خرج معاوية بن أبى سفيان بجيش كبير لفتح قبرص وهناك حاصر مدينة لارناكا حصارًا استمر مدة طويلة مما جعل حاكم لارنكا يرضى بالاستسلام وقبول الجزية.
وكان من بين المصاحبين للحملة الصحابى الجليل عبادة بن الصامت فى صحبة زوجته الصحابية أم حرام بنت ملحان، وهى عمّة الصحابى أنس بن مالك وكانت فى سن كبيرة.
وأم حرام لها حكاية غريبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل إنها كانت ترعى رسول الله فروى لها عن أناس من أمّته يخرجون غزوًا فى البحر فقالت لرسول الله ادعو لى يا رسول الله أن أكون منهم، فدعا لها كما طلبت... والحديث مذكور بنصه فى مصادر كثيرة.
وقيل إنها أثناء حصار لارنكا قد سقطت من على دابتها وتوفيت، وقيل إنها دفنت فى نفس الموقع. هذا هو الحدث التاريخى الذى يُعزز بناء تكية هالا سلطان ولكن كيف؟
خلال الإدارة العثمانية لقبرص، تم بناء مسجد ومبنى على مراحل حول الضريح.
تم اكتشاف القبر فى القرن الثامن عشر من قِبَل رجل دين اسمه الشيخ حسن، والذى بنى أيضًا أول مبنى فى الموقع.
نجح الشيخ حسن فى إقناع السلطات الإدارية والدينية بالطبيعة المقدسة للموقع واستطاع الحصول على إذن، قام بمقتضاه ببناء الضريح فى عام 1760 وزيّنه.
كان المكان محاطا بأسوار خشبية لكن بأمر من سيد الحق محمد آغا حاكم قبرص العثمانى فى القرن التاسع عشر، استبدلت الأسوار الخشبية بأسوار من البرونز وبابين تم انشاؤهما فى عهد خليفته عاصم على آغا.
يقول الرحالة الإيطالى جيوفانى ماريتى، الذى زار قبرص بين 1760-1767، إن المسجد ملحق بناء مخصص لضيافة الأغراب وعابرى السبيل بناه حاكم قبرص الذى أسماه على آغا. وطبقًا لماريتى، فقد استخدموا حتى عام 1760 حجارة كنيسة قائمة فى قرية مدمرة قريبة كمواد بناء.



وفى مصدر آخر، يذكر أن بناء المسجد بدأ من قِبَل حاكم قبرص سيد محمد أمين أفندى على الطراز العثمانى الكلاسيكى والذى هو فى الأساس الطراز الرومانى الشرقى للبازليك أو ما يعرف بالطراز البيزنطى، واكتمل فى نوفمبر 1817.
فوق بوابة الدخول إلى حديقة التكية نقش عثمانى مؤرخ فى مارس 1813. يظهر حرف واحد فقط للسلطان محمود الثانى على كلا جانبى النقش ويقرأ: «تكية هالا سلطان بناها حاكم قبرص العثمانى العظيم المحبوب من الله».
أنشئت الحديقة على يد باشا من البشوات وأصبحت تُعرف باسم «حديقة الباشا». كما عُرِف مجمع المبانى المتاخمة للتكية باسم «جولشين فايز» (ومعناها حديقة الورود ذات الوفرة).
وإلى اليسار من المدخل كان هناك دار ضيافة للرجال. على الجانب الأيمن من المدخل، كان هناك بيت ضيافة آخر مخصص للسيدات؛ حيث تم تخصيص مبنى واحد للرجال (سلاملك) والآخر للنساء (حريمليك) كما هى العادة فى المبانى الشرقية.
كان من المعتاد أن يأتى الزوار خصيصًا لخدمة تكية هالا سلطان إذا تحققت رغباتهم فيما يُعرف بطقس الوفاء بالنذور. مسجد وتكية هالا سلطان مربع الشكل وفوقه قبة على الطراز العثمانى وبه شرفة ومبنى من كتل حجرية صفراء. ومأذنة مدببة على الطراز العثمانى ولقد أعيد ترميم المئذنة عام 1959.
ويقع قبر الصحابية أم حرام خلف جدار المسجد وعثر على نقش آخر عام 1760. بجانبها، توجد 4 مقابر أخرى، اثنان منها لشيوخ سابقين.
القبر المهم الآخر هو تابوت رخامى ذات مستويين، يحمل تاريخ 12 يوليو 1929. ينتمى القبر إلى أديل حسين على، زوجة الحسين بن على، شريف مكة وسليل البيت الهاشمى، ومدفون أيضًا الوزير العثمانى الكبير خوجة مصطفى رشيد باشا وهو من الأشراف. وفى الزاوية الشرقية للمسجد والتكية تقع مقبرة أخرى تعود لعام 1899. ودفن فيها عدد من المسئولين الأتراك السابقين.
مقابل المسجد، هناك نافورة مثمنة الأضلاع، تم بناؤها عام 1797 من قِبَل حاكم قبرص آنذاك سيلاهتار كابتنباشى مصطفى آغا. ومعلومات البناء مسجلة على النقش الرخامى الموجود على النافورة. ونقش آخر مؤرخ عام 1895، تم اكتشافه مؤخرًا فى حديقة التكية كتب فيه إن البنية التحتية لجلب المياه قد تم بناؤها بناءً على تعليمات السلطان عبدالحميد الثانى.
فى حين تم الاعتراف بالمسجد كموقع مقدس للمسلمين القبارصة الأتراك، وصفت المصادر المعاصرة المسجد أيضًا بأنه موقر من قِبَل جميع المسلمين.
فى تقييم للأصول البيئية والثقافية لقبرص، وصف البروفيسور جورج إى بوين، أحد كبار الباحثين فى برنامج فولبرايت بجامعة تينيسى، تكية هالا سلطان بالمكان الذى يحترمه كل المسلمين فى العالم. ونتيجة لوجود الموقع فى القطاع اليونانى غير المسلم من الجزيرة المقسمة؛ فإن الزيارات إلى الموقع نادرة.



لكن إدارة مصلحة الآثار فى قبرص لا تمنع أعمال الصيانة والترميم فى تكية هالا سلطان؛ بل إنها أيضًا ترحب بالزائرين للموقع الأثرى والتاريخى، ومن الناحية القانونية كانت التكية تابعة إداريًا لوزراة الأوقاف المصرية حتى استقلال قبرص والتى لم تمانع أن تظل إداريًا تحت هذا الوضع لكنها بالطبع أصبحت تخص مصلحة الآثار القبرصية، ولعظمة التكية كانت السفن التى ترفع العَلم العثمانى تعلق أعلامها على نصف الصارى عندما تكون قبالة شواطئ لارنكا، وتحيى تكية هالا سلطان بطلقات المدفعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.