موشياو لونج المصرى

هى حكاية سفير لمصر فى الصين على طريقته الخاصة.
هو محمد أسامة الملقب فى الصين بالتنين المصرى، الذى احتل موقعًا مميزًا فى دنيا الإعلام فى الصين ليصبح نجمًا لامعًا يتابعه الملايين.
حقق شهرة واسعة هناك باقتحامه عدة برامج تليفزيونية، ليتحدث عن مصر وحضارتها مستخدما واحدة من أصعب لغات العالم فى بلد يزيد سكانه على المليار و 400 مليون نسمة.
وفى بلاد الصين أطلقوا عليه أخيرًا «موشياو لونج» فى قصة ملهمة، استطاع بصبره أن يكون أول مذيع عربى على شاشة الصين بهذه الشهرة.. وهذا الصيت.

يقول محمد: اتولدت واتربيت فى فيصل بالجيزة، والدى كان يعمل فى المعهد الفنى الصناعى، ووالدتى ربة منزل، عندى أخ وأخت أصغر منى.
والدى من الشخصيات اللى بيهتموا بالتعليم، من وإحنا صغيرين كانت المذاكرة والمدرسة أهم شىء، ولأننا من أسرة بسيطة، والدى اضطر للعمل فى مجالين مختلفين ويستثمر فى تعليمنا.
يضيف: «كان بيذاكر لنا، أنا وإخواتى كان يراودنا إحساس الضغط الشديد، لأن عوامل الترفيه كانت قليلة، ولما كبرت فهمت إن دا مهم جدا وأثر على شخصيتنا بالإيجاب».
ليه صينى؟!
أكثر سؤال يوجه لأسامة هو: اشمعنى الصينى؟!
يجيب: «اخترت اللغة الصينية لأنها لغة نادرة، وفى الثانوية العامة علمى رياضة بدأت أحس إنى لا أحب الرياضة (المكلكعة) واقترحت عليهم فى البيت أحول علمى علوم ووافقوا!
وفى السنة الثالثة مجموعى كان 95 % وطبعا ملحقتش أيا من كليات القمة زى ما بيسموها!، ومحاولتش أفكر إنى أقدم على الكليات الخاصة، مش عاوز أحمل أهلى عبء أكتر من المصاريف، وبدأت أشوف المتاح».
ويستكمل أسامة: كان لدىّ جار بيتعلم صينى فى كلية الألسن، وأعجبت بفكرة إن الإنسان يكون مميز بتعلم حاجة غريبة، ودرجاتى فى اللغات كانت النهائية، واكتشفت أن هناك قسم صينى فاتح جديد، قدمت فيه فى الوقت الذى شعر فيه أهلى بخيبة أمل كبيرة، حتى موظف التنسيق قالى: جايب 95 % إيه جابك تقدم فى كلية الآداب!



الرحلة للصين
أثناء دراسته للغة الصينية عمل أسامة فى مجال السياحة ويقول: لفيت مصر وشوفت جمالها، وبعد الدراسة فى القاهرة، وبعد تأدية الخدمة العسكرية، كان قطاع السياحة منهارًا بالتزامن مع أحداث يناير 2011، فعملت بالترجمة، وأول عمل كان مع وكالة أنباء (هونج كونج ) العمل كان جديدا ومبهرا، إلا أنه خطر ببالى سؤال مهم: ليه أخبار مصر بينقلها أجانب مش مصريين؟
ويروى: «بدأت أدور فى الإنترنت إيه معلومات الصين عن مصر وبيجيبوها منين، وكانت الصدمة إن معظم المعلومات مغلوطة، وعلى قد ما الموضوع ضايقنى على قدر ما ولد فى نفسى هدف وحلم إنى أحاول أصلح كل اللى مش عاجبنى وأوصل صوت مصر الحقيقى».
يكمل: بعد فترة عزمونى على زيارة الصين واشتريت بالمرتب تذكرة طيران، وعملت فيزة سياحة وسافرت وكل اللى بيدور فى ذهنى إزاى أكون شخص مؤثر فى الصين وأقدر أوصل صوت بلدى وثقافتها وتاريخها العظيم.
يكمل أسامة: «ذهبت إلى بكين أحاول إيجاد فرصة عمل فى مجال الإعلام، الموضوع كان صعبا، اكتشفت برنامجا تلفزيونيا شهيرا يتابعه المليار و400 مليون أسبوعيا بدون مبالغة، وهو برنامج للشباب والبنات اللى بيدوروا على عروسة أو عريس».
قدمت فيه وفوجئت باتصال وعجبهم فكرة إنى مصرى وبتكلم صينى وعندى حس فكاهى، وسجلت حلقة لتغير حياتى حرفيا، وبقيت أمشى فى الشارع الناس تتصور معايا، ولقيت صورى فى المجلات، وصحفيين بيكلمونى يأخذوا منى أحاديث.
وكالة «شينخوا»
عمل محمد أسامة فى وكالة أنباء شينخوا، الرسمية فى الصين وأكبر مؤسسة إعلامية فى بلد المليار و400 مليون نسمة.
يقول: «شينخوا مش بس المكان اللى عملت فيه 10 سنين، أنا كمان طورت فيها وقدت ثورة الإعلام الجديد والفيديوهات القصيرة فى الوكالة، وكنت الأجنبى الوحيد اللى بتكلم اللغات العربية والصينية والإنجليزية بطلاقة، وده سهل عليا كثير إنى أكسب حبهم وثقتهم».
يقول: الصينيون بطبعهم بيحبوا من يتكلم لغتهم ويفهم ثقافتهم، وكنت أول صحفى أجنبى يقوم بتغطية جلسات مجلس الشعب واجتماعات الحكومة وخطابات الرئيس الصينى، والخبرة دى كانت علامة فارقة فى الإصلاح والانفتاح الصينى لدرجة أنهم عملوا عنى فقرة وذاعوا تقرير خاص عنى فى نشرة الأخبار الرسمية للبلاد.
يضيف محمد أسامة: «من وقت ما وصلت الصين، لم أنس الهدف الرئيسى، إنى أكون مؤثر أوصل صوت مصر وحضارتها، وبالفعل، بقى فى برامج بتطلبنى أتكلم عن الثقافة المصرية، خاصة أن الصينيين بيهتموا بيها وحاسين إنها الحضارة الوحيدة التى تناطح حضارتهم الصينية».
سنة 2015 تم إنتاج أول برنامج للأجانب من متحدثى اللغة الصينية، وهو برنامج محادثات غير رسمية، وتم اختيار أسامة للمشاركة وانفتحت بوابة الشهرة.



يقول: صورت 150 حلقة، على التليفزيون إلى جانب الإنترنت، وحقق البرنامج نسبة مشاهدة عالية بين الصينيين فى الجامعات، وعملت محتوى على الإنترنت عن مصر وتجاوز عدد متابعىّ على المنصات الصينية 50 مليونا.
يضيف: «لما بيتبعت لى رسايل أو جوابات من المعجبين، وتقول فكرتى عن مصر والمصريين اتغيرت بسببك، وبخطط اروح لمصر، باكون طاير من الفرح».
يوم الشباب العالمى
كل عام تقيم الصين يومًا للشباب على مستوى الدولة، وتم اختيارى من أكثر الشباب المؤثرين فى البلد عام 2018، وتم عرض المقابلة الصحفية اللى عملتها فى الاحتفالية على شاشات العرض بأكبر ميادين الصين.
على مدار 12 عامًا فى مجال الميديا فى الصين، ظهر أسامة فى أكبر البرامج التليفزيونية هناك، وعمل مع أشهر نجوم الصين.
بعد عودته إلى مصر يقول محمد: فاجأتنى وزارة الهجرة وكنت على تواصل دائم معها من وقت مشاركتى بأحد منتديات شباب العالم، باختيارى بطلا لفيلم وبمشاركة نجوم كبار مثل أحمد حلمى وأحمد عز، وكانت فرحة كبيرة لسببين، أولا أن المشروع هدفه نبيل والرسالة التى يقدمها تتوافق تمام مع مبادئى وقناعتى، وثانيا أن الفيلم اتعرض فى يوم مميز للاحتفال بنصر أكتوبر وأمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبعد ما تم عرض الفيلم استقبلت ردود أفعال جميلة وكنت فخورا جدا بهذا العمل وأكيد لما ابنى يكبر هفرجه عليه.
قال أسامة: الصينيون عندهم شغف بالحضارة المصرية وأنا كمصرى عندى اعتزاز بحضارتى.
ينهى أسامة كلامه بقوله: «من خلال رحلتى الطويلة فى الصين قدرت أزيد مساحات التقارب مع الصينيين فى الفترة التى تبنى فيها بلدنا وجمهوريتنا الجديدة، العمل على محورين أولا، إزاى أقدر من خلال أفكار جديدة أغير فى سلوكيات وطريقة تعامل بعضنا مع السائح أو الضيف الأجنبى، وثانيا إنى أوصل صوت مصر للصين والعالم من على أرض الواقع، والخطوتين أنا شغال عليهم حاليا من خلال مشاريع أتمنى أن تنجح».