رحل المحترم ابن الأصول، شعلة النشاط، رئيس تحرير الصبوحة الذى شجع الشباب وشق لهم الطريق. رحل الإنسان المتواضع الذى لم يسبق أن قدم أى صحفى مهما صغرت سنه وقلت خبرته لزملائه من رؤساء التحرير أو الكتاب أو أصدقائه من الوزراء ورجال الدولة ومن الفنانين إلا بلقب «الزميل». كان مكتبه مفتوحًا للجميع، كان يجلس معنا يقرأ الأخبار فيحللها ويناقشنا، ويفجر مشكلات وموضوعات اجتماعية، ويفتح النقاشات الجريئة، ويطلب إبداء آرائنا دون قلق أو حرج، وتألقت فى سنوات رئاسته للصبوحة روحها الشابة المتمردة وسطعت على صفحات المجلة وأشعرنا فى صباح الخير بدفء البيت، وأننا بالفعل أسرة واحدة.
دمج الأجيال فى خلطة جميلة على صفحات المجلة، وقدم يد العون لكل من رأى فيه الحس الصحفى وشعر فيه بالاجتهاد، ومع أن أستاذ محمد عبدالنور ليس هو من أدخلنى صباح الخير، فقد كان أستاذى الجليل رشاد كامل هو صاحب الفضل وأول من أشاد بموهبتى وشجعنى على خوض هذه التجربة فى الصبوحة وتابع أول مشوارى، وكذلك تعيينى، فقد كان الفضل فيه لأستاذى الجميل وأبى الروحى أطال الله فى عمره محمد هيبة والذى وجدت فيه حنية والدى رحمه الله، إلا أن أستاذ عبدالنور كان هو صاحب الدفعة الصحفية التى أذكت روح المغامرة وخوض أجرأ الملفات، وأدخلنى فى كل الأقسام بالمجلة، القسم الاقتصادى والذى كان أول موضوع لى فيه حوارى مع الوزير محمود محيى الدين وزير الاستثمار وقتها، وتفاخر بى وبحوارى ونشر صورتى مع الوزير ولم أكن مقدرة وقتها لأهمية الحوار! ثم القسم الثقافى وفرد ليا صفحات عديدة؛ فكان هناك عدة أعداد لى فيها بالأربع أو الخمس موضوعات فى العدد الواحد، ثم قسم التحقيقات الذى عشقته وحصلت فيه على جائزتين من النقابة بعد ذلك تحت رئاسة أستاذنا الشاعر الكبير الجميل جمال بخيت، ولكن سيظل تشجيع أستاذ عبدالنور ومساندته لى فى جميع تجاربى الصحفية، ومعاملته لى ولزملائى كأب، وأخ، وصديق، هى ما سندنى لأستمر فى الصحافة. كل الشكر والوفاء لك يا أستاذنا الغالى، ورغم رحيلك المفاجئ والصادم ستظل ابتسامتك وكلمات تشجيعك حافزًا لى، وستظل قدوتى فى أناقة أخلاقك وألفاظك وتعاملاتك.