كفاية جشع...حملة جديدة لمقاطعة اللحوم والبيض والفراخ..إليك الأسعار    مفاجأة في سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 في اليمن    الكرملين: مصير زيلينسكي "محسوم"    إطلاق عشرات الصواريخ من جنوبي لبنان تجاه قاعدة "ميرون" الإسرائيلية    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    أعراض سمية فيتامين د والجرعة الموصى بها    خليه في المياه.. منتجو الأسماك يتحدون حملات المقاطعة    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    انخفاض يصل ل 36%.. بشرى سارة بشأن أسعار زيوت الطعام والألبان والسمك| فيديو    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    فيديو.. سفير روسيا لدى مصر: استخدام الدولار في المعاملات التجارية أصبح خطيرا جدا    لميس الحديدى: نعمت شفيق تواجه مصيرا صعبا .. واللوبي اليهودي والمجتمع العربي"غاضبين"    نتيجة وملخص أهداف مباراة تشيلسي ضد أستون فيلا في الدوري الإنجليزي    طلب عاجل من الأهلي بشأن مباراة الترجي في نهائي إفريقيا    حجز المركز الثاني.. النصر يضمن مشاركته في السوبر السعودي    شيكابالا يستعد لمواجهة دريمز الغاني بجلسة علاجية خاصة    باريس سان جيرمان يؤجل تتويجه بلقب الدوري الفرنسي بالتعادل مع لوهافر    خلاف على قطعة أرض.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة النارية بالمنيا    مصرع عروسين ومصور في انقلاب سيارة داخل ترعة بقنا    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    الزفاف تحول إلى مأتم.. مصرع عروسين ومصور أثناء حفل زفاف في قنا    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    أستاذ استثمار: مصر تستهدف زيادة الصادرات في الصناعات الهندسية    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    كيف تختارين النظارات الشمسية هذا الصيف؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    تليفونات بنى سويف يصدر بيان حول إصابة ' ابراهيم سليمان '    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    قبل نهاية الصيف.. طربول الصناعية: طرح أول طرازين من سيارات لادا محلية الصنع بأسعار مميزة    رقم سلبي تاريخي يقع فيه محمد صلاح بعد مشادته مع كلوب    مصر تواصل الجسر الجوى لإسقاط المساعدات على شمال غزة    حزب أبناء مصر يدشن الجمعية العمومية.. ويجدد الثقة للمهندس مدحت بركات    "الإسكندرية السينمائي" يمنح وسام عروس البحر المتوسط للسوري أيمن زيدان    رامي جمال يحتفل بتصدر أغنية «بيكلموني» التريند في 3 دول عربية    عزيز الشافعي عن «أنا غلطان»: قصتها مبنية على تجربتي الشخصية (فيديو)    شرايين الحياة إلى سيناء    «القاهرة الإخبارية»: مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين أمام وزارة الدفاع فى تل أبيب    محافظ القاهرة: استمرار حملات إزالة التعديات والإشغالات بأحياء العاصمة    "مستحملش كلام أبوه".. تفاصيل سقوط شاب من أعلى منزل بالطالبية    جريمة طفل شبرا تكشف المسكوت عنه في الدارك ويب الجزء المظلم من الإنترنت    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    حبست زوجها وقدّمت تنازلات للفن وتصدرت التريند.. ما لا تعرفة عن ميار الببلاوي    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: مصر خاضت 4 معارك لتحرير سيناء.. آخرها من عامين    أمل السيد.. حكاية مؤسِّسة أول مبادرة نسائية لتمكين المرأة البدوية في مطروح    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    عاجل.. وزير الخارجية الأميركي يتوجه إلى السعودية والأردن وإسرائيل مطلع الأسبوع    النيابة تطلب تحريات إصابة سيدة إثر احتراق مسكنها في الإسكندرية    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد فايق يتذكر سنوات الثورة.. بكيت عندما ألتحقت بالمخابرات العامة
نشر في صباح الخير يوم 22 - 07 - 2020

على هذه الأرض ما يستحق الحياة.. رجالٌ يحملون الحلم بعيونهم، ويعيدون تسمية المستحيل بالممكن..! من داخل الحركة الوطنية الشابة، خرجت يوليو 52، بمبادئها وأحلامها، بصراعاتها وإحباطاتها.. والروح التى سادتها فى طلب الجلاء والتغيير الجذرى. لماذا كانت يوليو لازمة؟ طبيعة الموقف والحسابات المتغيرة.. لحظة انهيار نظام الملك.. كيف أديرت الثورة الشابة ؟ وحجم الدور الذى لعبه عبدالناصر فى اللحظات الأولى للحركة قبل إعلان البيان الأول.. قراءة التجربة.. وما انتهت إليه.. من أحد أهم وجوه يوليو، السيد النبيل «محمد فايق».
الطريق إليه.. ليس رجوعًا بالزمن إلى الوراء.. إنما هو خطوات إلى القلب.. حيث ضمير ذاك الزمان ووجوه أصحابه المستقرة بذاكرتنا ..لايزال صدى الصوت يسرى بيننا.. كان الحديث دائمًا عن مصر الحرة.. وكانت الكلمة دائمًا مصر.. والسيد فايق يسكن بشارع يحمل اسم أحد زعماء الاستقلال « نهرو» اسم بتوقيع الستينيات أيضًا .. زمن الاستقلال الكبير.. ما بال الاستقلال كلمة تلخص الحكاية! وزمنٌ يختصر الوطنية..!!
إنه لقائى الأول بهذا البيت الأنيق.. وقفت أتأمله ولا أخفى دهشتى.. توقعت بنيانًا ضخمًا أكثر.. ولكنه ببساطة تصميمه يحمل رقة وعذوبة الرجل.. وجماله الهادئ آسر كالصدق..!!
الدهشة الحقيقية لرحابته من الداخل.. يحوى قارة بأكملها.. الحوائط الخضراء كجدران قلبه.. معلق عليها وجوه أفريقيا.. وستائره البيضاء الشفافة ذات الطبقة الواحدة تسمح برؤية الحديقة الناعمة كلوحات حية على ثلاثة من جوانب الغرفة.. والسقف المرتفع بأحلام جيل ليس كأى جيل .. رحلة من النضال تظهر فى ملامح المكان.. تبدأ مع حركة النهر من البحيرة الأم.. ولا تنتهى..!
إنه الرجل الذى حمل على عاتقه مسئولية رسالة التحرير لقارة بكاملها.. أفريقيا؛ حيث كانت دولتان فقط تنعمان بالاستقلال إريتريا وإثيوبيا..!! كل هذه الأحاديث الداخلية فى لحظات الانتظار.. ثم أتى بابتسامته الواسعة ووداعته.. أنظر لعينيه باحثة عن كل ما حدث.. وأقول له: «أحب عبدالناصر من كل قلبى.. وأشعر بملاقاته شخصيًا الآن بلقاء من رآه كثيرًا واحتفظ بصورته داخله».. نجتمع على حب مصر ونجتمع على حب من يحبها.. من قال إن هذا كان ماضيًا.. كان الرجل ممتلئًا بالمستقبل.. حاضرًا كأحسن ما يكون الحضور.. مدهشًا فى سعته وكرمه وامتداد عطائه الوطنى والإنسانى بالضرورة!!
- أسأله: لماذا رجال ذلك الزمن مختلفون إلى هذا الحد؟ ما سرّهم؟ أم إنها العاطفة تغلف مشاعرنا تجاههم؟!
«وقتها كانت الوطنية هى أساس كل شىء منذ لحظة الوعى الأولى أطفالًا وشبابًا تربت بداخلنا الوطنية الخالصة.. كانت مسألة جوهرية لكل إنسان مصرى وكان أساس حياتنا اليومية حلم تحرير مصر من الاستعمار..الاستقلال ..».
- من هو محمد فايق الشاب، قبل يوليو؟
نشأ بمدينة المنصورة، ثم انتقل بالمرحلة الثانوية للقاهرة بمدرسة الإبراهيمية.. «كانت المشاعر الوطنية متأججة فى تلك الفترة فى كل مصر خاصة وإننا نرى الإنجليز فى الشوارع.
أملنا كلنا الجلاء بأى شكل.. الانتماء والوطنية كانا الدافع لكل شىء للحياة وللعمل.. للتضحية.. كانت المبادئ شديدة الوضوح ومعروف للجميع من هو وطنى ومن غير ذلك..». التحق بكلية الطب كأخيه الأكبر، ولكنه لم يلبث بعد أن بدأ بدراسته، إلا أن قدم أوراقه للكلية الحربية..» بناءً على نصيحة والدى، ثم اكتشفت نفسى بها، ووجدت الوسيلة التى أقوم بدورى تجاه الوطن من خلالها.. عملى العسكرى..».
- يوم 23 يوليو 52، أين كنت؟!
«كنت فى إجازة، لم أكن أعلم، رغم صلتى المباشرة بعبدالناصر.. تلقيت الخبر صباح اليوم التالى بالبيان الأول فى الإذاعة.. ككل المصريين.. مشاعرى فى اللحظة الأولى كأنه حلم، ولحظة تحقق الحلم مدهشة.. ثم ذهبت مسرعًا!!».. أعترف أن السيد فايق رغم كرمه فى الوقت والحديث وكل شىء، فإنه بالغ الدقة فيما يقول، ليس سهلًا استخراج تفاصيل المعلومات.. لم أعرف إلى أين ذهب مسرعًا ولكن علينا أن نفهم!
«أنا بطبعى لست مشاكسًا، ولكن بداخلى تكمن ثورة دائمة.. مصر وصلت نقطة الذروة، والأمل الوحيد كان فى الجيش.. لدرجة أن الناس فى الشارع يصرخون عند ملاقاة أحد الضباط قائلين: متعملوا حاجة.. هتفضلوا ساكتين لإمتى.. احتلال وظلم طبقى ونظام فاسد وحتى الأحزاب فقدت شعبيتها.. كانت يوليو لازمة وماسّة.. الملك نفسه كان يلعب الورق وينظر له قائلًا: لن يبقى من الملوك إلا ملكة إنجلترا وملك الكوتشينة!!.. ملامح الانهيار كانت واضحة جدًا، لأن مقومات النظام انتهت».. فى بداية الحديث نقلت إليه أثر ابتعاده الدائم عن الظهور وندرة المعلومات اللازمة للتعرف إليه قبل ملاقاته .. وكم يذكرنى بالسيد «محسن ممتاز» كما ذكر عنه صالح مرسى فى روايته الشهيرة أنه لم يكن ليقبل أبدًا بمقابلته ولو لمرة واحدة لأن فى ذلك الحديث وإن كان حقيقيًا ومسببًا حديثًا عن نفسه بأنه فعل وفعل.. وكما قال هذا واجبى لوطنى وقد قمت به ومن يقدم واجبه لا ينبغى له الحديث عنه. فقال ضاحكًا: «كثيرًا ما كانت تحدث لخبطة بيننا للتشابه فى الاسم فهو محسن محمد فايق وأنا محمد محمد فايق..» أى صدفة هذه؟! أقولها هكذا لم أكن أتصور أنه يعرفه.. معقول حضرتك تكون هو؟!
فى أعوام يوليو الأولى..
تأسيس وبناء جهاز المخابرات..
«بدأ السيد زكريا محيى الدين فى تأسيس هذا الجهاز على أساس علمى بحت، ولم أكن متحمسًا بالبداية للعمل به تصورتها مهام أمنية واعتذرت عنها، ثم اكتشفت دورها الحقيقى.. فى المخابرات يشعر المرء أنه يخدم بلده خدمة مباشرة بكل لحظة.. خدمة خالصة لمصر ولا أهمية لشىء آخر.. يتفانى الأشخاص وتختفى الأسماء.. والذى يبقى واضحًا دائمًا مصر.. واختيرت المجموعة الأولى على أساس الكفاءة وقامت المخابرات على أكتاف هؤلاء الرجال.. لم يكن هناك تقنيات أو أى أساس نعتمد عليه سوى الإخلاص والعمل الدائم.. عملت بالسنوات الأولى بإسرائيل.. ثم فى عام 56 كان لا بُدّ أن تنقسم المخابرات إلى عامة وحربية واخترت العامة مما كان ملزمًا بترك الرتب العسكرية وأن نصبح مدنيين.. وهذا أكثر ما يعز علىَّ فعله لدرجة أنى خرجت من مقابلة السيد محيى الدين والدموع بعينى.. رغم إقناعه لى.. وبدأنا دورنا..!» لا أعرف هل يسمح لى بأن أذكر الدموع التى رأيتها بعينيه مرة بعد مرة.. إن لحنان حديثه وحنينه شجوًا رغم رسوخه النادر..
-من هو الشاب جمال عبدالناصر الذى قاد الثورة؟
«جمال عبدالناصر شخص كلما اقتربت منه تحبينه أكثر.. شخصية نادرة ومتكاملة.. إخلاص منقطع النظير.. إنسان لا يفكر فى عظمة ولا ثروة ولا أى شىء سوى مصر.. نموذج فى إنسانيته وضميره.. وتخيلى شبابًا متحمسًا لقضية وطنه ويرى نموذجًا كهذا.. وكان طبيعيًا الالتفاف حوله والإيمان به هو شخصيًا.. جمعتنا بالبداية هواية التصوير الفوتوغرافى ولسفرى السنوى للأمم المتحدة كنت أحصل على أحدث الكاميرات وأشترك بمجلات التصوير وكنت أشترك له بالمجلات ودايمًا من كل حاجة له واحدة ولى واحدة. كانت رياضته التنس.. أما أنا فلعبت الأسكواش.. وكنت بطلًا فى المبارزة بالشيش.. ثلاثة أبطال فى الشيش بالكلية الحربية : أنا وهشام أحمد حسنين ابن أحمد باشا حسنين، ووجيه رشدى..». شهادات قصيرة فى حق صناع الثورة..
«زكريا محيى الدين أعد خطة الاستيلاء على السلطة، من أقرب الناس لعبدالناصر.. وطنى جدًا بكل تأكيد، وهو الوجه المقبول أكثر لدى الغرب.. مثلما تميز دور على صبرى فى الشرق.. بغدادى كان يختلف مع الرئيس فى أشياء عديدة تحديدًا الجانب الاقتصادى.. صلاح وجمال سالم الحقيقة المجموعة كلها كانت تمتلك شجاعة نادرة.. احترام لبعضهم بعضًا ومؤازرة وتفانٍ.. أى موقف مشابه فى التاريخ ملىء بالدماء.. حتى حينما اختلف خالد محيى الدين واستقال سافر جنيف وظل يتقاضى بدل سفر وعندما عاد تولى رئاسة مجلس إدارة الأخبار وظل صديقًا رغم معارضته.. عبدالحكيم عامر مشكلة معقدة جدًا.. تبناه عبدالناصر وكان يختار له الكتب التى يريده أن يقرأها.. كان أقرب الناس له وكان يعده ويجهزه لدوره فقد كان الرجل الثانى عمليًا.. إلى أن أتت اللحظة التى تطلع حكيم للسلطة فابتعد وبدأ حركة تكتل فى الجيش فكان لديه نفوذ وكاريزما كبيرة داخل الجيش.. لم يتصور عبدالناصر أبدًا أن ينقلب عليه صديقه الأقرب.. وفى اللحظة التى كان من الممكن أن ينقلب عليه.. هنا التعقيد..!!»
-وماذا عن السادات؟
«اعفنى أنا من الحديث عن السادات»، ثم قال:«هناك كتاب عن مصر حُكى به عن شخصية السادات مختصرة فى موقف واحد حقيقى .. أنه استقل سيارة الرئيس عبدالناصر والسائق الخاص به، ثم عند مفترق طرق سأله السائق أى الطريقين سنأخذ؟ فأجابه سائلًا: أيهما كان يأخذ عبدالناصر، فقال السائق: الطريق اليمنى، فقال: أعطِ إشارة بأنك ستدخل اليمنى وخذ اليسرى بعد ذلك!!»..
-ومحمد نجيب.. ؟
«محمد نجيب ضابط ذاعت شهرته بالنزاهة والقبول داخل الجيش وأخذ على مسئوليته إعلان الثورة وقيادتها وإخراجها للملأ وتحمل مسئولية ذلك وهذا ليس بقليل، كانت الثورة بحاجة لرجل مشهود له بالوطنية يحمل رتبة وعمرًا يكسبان المجموعة وقارًا وهيبة مسألة السن كان لها اعتبار كبير جدًا..».
-ثم ما الذى حدث ليتغير ذلك بعد أزمة مارس 54.. هل كان صراعًا على السلطات كما جاء بمذكرات خالد محيى الدين؟
«لم يكن القائد الحقيقى أبدًا فلم يمتلك السيطرة على المجموعة.. وبدأ يشعر أنه رئيس، لكنه ليس قائدًا حقيقيًا.. وتدخل الكثير الوفد والإخوان للتأثير على أفكاره.. ثم أزمة مارس واحتمالية تفكك هذا البناء، عبدالناصر رجل مختلف وقدراته على التصرف واتخاذ القرارات غير عادية، بدأ دور عبدالناصر الحقيقى فى انتخابات نادى الضباط وكون مجلس إدارة الثورة، لذا كان قادرًا على الخروج من أزمات الصراع بحسم»..
-كيف تعاملت الثورة فى أعوامها الأولى مع الجهل والفقر والمرض.. العدو الآخر؟
«كان طه حسين يقول التعليم كالماء والهواء وهو حق إنسانى.. والثورة جعلت من هذا الشعار حقيقة فى كل مكان فى مصر.. فوصلت المدارس لكل المدن والقرى ثم أصبح التعليم الجامعى أيضًا حقًا للجميع .. وكذلك الوحدات الصحية التى وصلت كل قرية فقلت نسبة الوفيات..تصورى الأطفال كانوا بيموتوا من عدم وجود علاج.. أما الفقر فالمصريون شعب عظيم جدًا حتى لو يعانى أزمات اقتصادية.. إلا أنه فى مواقف الخطر يختار دائمًا ومن دون تفكير مصر.. الثورة قضت على الإقطاع الذى كان نظامًا للعبودية.. كان الإقطاعى يملك الأرض ومن عليها.. وعبدالناصر قال: ارفع رأسك يا أخى!»
-بعد مرور خمسين عامًا على رحيل عبدالناصر.. ماالذى تبقى من أحلامه وما الذى ذهب ولن يعود؟
«ثورة يوليو بالأساس هى ثورة تحرير.. وهذا قد تحقق تمامًا.. وهى ليست مقصورة على مصر فقط؛ إنما امتدت فى محيطها العربى والأفريقى فكانت سببًا وداعمًا أساسيًا ومشاركًا فى تحرير العرب وأفريقيا وجاء بكتابه فلسفة الثورة لا أشعر بحرية فى مصر مالم تتحرر أفريقيا .. أما حلم القومية العربية، فحتى عبدالناصر فى أيامه الأخيره كان يقول ويعلم أنه لن يريد وحدة دستورية.. إنما كيانًا واحدًا كبيرًا ينتمى لتاريخ وجغرافيا واحدة وممتدة .. والوضع العالمى الآن يثبت الحاجة لذلك فالبلاد الصغيرة الآن مهددة بالزوال أو الذوبان فى كيان آخر كبير..».
-وإذا نظر إلينا الآن ماذا يقول؟!
«دى حاجة لا يصدقها عقل فعلًا.. مين يصدق إن فى دولة عربية تطالب الآن بإعادة الاستعمار التركى لبلادها؟!!» يضيف: من المهم جدًا أن يكتب الجميع مذكراته ورؤيته لما حدث.. لأننا من هنا وهناك نكمل صورة الحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.