لأكاديمية الفنون مكانة بالقلب، تتساوى مع مكانة البيت الذى نشأنا فيه..فقد التحقنا بها أطفالاً صغارًا، لذا كثيرًا ما أضبط نفسى متلبسة بالتعصب لأحد خريجيها، سواء ممن تزاملت معهم، أو من دفعات أخرى.. ومن معهدى(الكونسرفتوار) أو أحد أشقائه من معاهد الأكاديمية.. ومع كل نجاح فى الأكاديمية أشعر بالفخر والسعادة.. ومن دواعى سعادتى ما رأيته فى معهد الباليه..والذى زرته بعد غياب عدة سنوات رغم أنه مواجه لمعهدى، وتجمعنى الصداقة بالعديد من أبنائه، ولكنها طاحونة الأيام التى تسرق أوقاتنا.. ومنذ وطأت قدماى معهد الباليه، شعرت بالفخامة والعراقة والرقى..لقد تم تجديد المعهد بذوق رفيع ورقى غير معهود!..فقد عهدنا التجديد غالبًا ما يتحول لتشويه!!..ليس فقط فى النواحى الجمالية بل الوظيفية أيضًا!..لأن البناء المعمارى للمنشآت الفنية يختلف بطبيعته عن غيره، وله معايير عالمية.. وبالتالى فأغلب المنشآت الفنية فى السابق كانت تتم بمعايير فنية دقيقة..مثل: دار الأوبرا التى أنشأها الخديو إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس عام 1869، وكان قد بناها الإيطاليون بنفس نمط أوبرا ألاسكالا فى ميلانو، وبعد احتراقها تم إنشاء الأوبرا الجديدة بمنحة من الحكومة اليابانية وتحت إشرافها.. كذلك مبانى أكاديمية الفنون التى صممها ونفذها المهندس الفنان أبو بكر خيرت.. وللأسف حين تحتاج تلك المنشآت للتجديد، عادة ما تكون الجهات المنفذة لا تمتلك الفهم الدقيق لطبيعتها، وما تتطلبه من معايير فنية!..وبالتالى لا تكون بنفس المستوى عند التجديد، فتتعرض للتشويه الشكلى والوظيفى!..أما معهد الباليه فقد تحول لتحفة تليق بما يقدم فيه، دون الإخلال بالجوانب الوظيفية.. فمجرد أن تلمح المبنى تلمس ما فيه من إبداع، وبعد دخول البهو تجد فى منتصفه نجفة ضخمة بذوق راقٍ.. وفى الواجهة مجسم نحاسى كبير لراقصة باليه تمثل شعار المعهد.. وعلى الجانبين تقف السلالم شامخة بفخامة وإبهار..ولا تخلو باقى الأركان من لمسات الجمال والصور واللوحات.. وابتدعوا فى الأدوار العليا فكرة تمنيت تعميمها فى باقى المعاهد..حيث أطلقوا على كل قاعات التدريب أسماء أعلام المعهد (المؤسسين والحاليين) فأصبحت القاعات والفصول تحمل أسماء أبناء المعهد الذين تشهد جدرانه على جهودهم وإبداعاتهم..وعندما تساءلت عن هذا الجمال عرفت السر!..وهو قيام أحد أبناء المعهد المخلصين بالإشراف والاشتراك فى هذا التطوير المشرف، وهو الدكتور/عاطف عوض.. وأنا بالقطع أعرفه منذ طفولتى، أستاذًا فى المعهد لبعض أصدقائى.. وكانت كل معلوماتى أنه فنان كبير ومصمم استعراضات لكثير من الأعمال الفنية.. وأيضًا أنه ابن الفنان الكبير المحبوب محمد عوض، والذى ورث الفن لأبنائه المخرج عادل عوض، والفنان علاء ود.عاطف والحفيدة الجميلة الموهوبة جميلة عوض.. وازدادت معرفتى بدكتورعاطف عندما تشاركنا فى عضوية لجنة تحكيم برنامج «استوديو الفن» عقب تخرجى وتعيينى معيدة.. وكانت اللجنة تضم أيضًا أعلى وأغلى وأعز القامات الفنية والإعلامية بدءا من النجمة الكبيرة والرائعة نيللى، والإعلامية القديرة سناء منصور، وسيد المبدعين سيد حجاب، والملحن الكبير صلاح الشرنوبي، وأستاذى صوليست الفيولينة د. حسن شرارة، والسوبرانو د.نيفين علوبة، والموزع طارق مدكور، وخبيرة الموضة أمينة شلباية، ثم انضمت النجمة شيرين ابنة معهد الباليه، والموزع يحيى الموجى.. وكان حظى أن أجلس بجوار الدكتور عاطف فى اللجنة طوال فترة تصوير البرنامج، فجمعتنا الصداقة حتى الآن.. ومع تواصل صداقتنا، وتكرار الأحاديث الفنية شاهدت عن قرب أنه صاحب رؤية خاصة ولديه أحلام واسعة للنهوض بمعهد الباليه، ومن ثم المساعدة فى النهوض بالأكاديمية ككل.. د.عاطف من عمداء المعاهد المقربين للطلبة، وأولياء أمورهم ومن هيئة التدريس وكل المحيطين، لأنه يتمتع بدماثة الخلق ويستمع أكثر مما يتحدث، وصاحب يد نظيفة لا يبحث عن المال ولا تنقصه شهرة، وهو معطاء بطبعه وعاشق للباليه، ويبحث دائمًا للوصول بالطلبة إلى مرحلة الكمال.. وأعتقد أنه بعد تحمله مسئولية عمادة معهد الباليه، رأينا وسوف نرى طفرة كبيرة لطلابه وهيئة تدريسه ولمبناه العريق.