كيف تعاملت المسيحية مع المرأة؟ وهل أعطتها المكانة والقيمة التى منحها لها السيد المسيح بميلاده من مريم العذراء؟ محققاً وعد الله بأن نسل المرأة سيسحق رأس الحية! أم ألبسنا ثياب الثقافة الذكورية إلى تعاليم الكتاب المقدس، وفسرناها بناء على مصالح الرجل والمفاهيم السائدة؟ لماذا تتعامل الكنيسة مع المرأة بنظرة ذكورية؟ فلا تسمح لها سوى بالأدوار الخدمية فى الكنيسة.. اعتماداً على طبيعتها العاطفية ومشاعرها الأمومية؟ ولصالح من.. أهملت قدراتها العلمية والإبداعية؟ وكيف لا يسمح لها بالوعظ والتعليم فى الكنيسة بينما هى التى تربى طفلها الذى يصبح كاهناً وواعظاً بفضل تعليمها له؟ ثم كيف تطبق تعاليم بولس الرسول، كما هى، بدون مراعاة الزمان والمكان الذى ذُكِرت فيه؟ ولماذا التمسك بآية الرجل رأس المرأة.. دون باقى الآية الذى يقول «كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة ومخلص الجسد»؟ وجميعنا نعرف كيف ضحى المسيح للكنيسة! ثم لماذا تمارس عادات اليهود فى أمر معمودية الطفلة بعد 80 يومًا من ميلادها والولد بعد 40 فقط؟ بل لماذا تمسكت بإدانة النساء بسبب خطيئة حواء؟ رغم مسئولية آدم الواضحة! ورغم أن الوصية بمنع الأكل من الشجرة أعطيت له أولًا؟ ولماذا تتدخل الكنيسة فى تحديد مصائر الناس وتضع لهم قوانين تحديد أعمار الزوجة والزوج؟ وكيف لا تسمح للمرأة بالتواجد ضمن فريق المجلس الإكليريكى الذى يقرر فى مسائل الزواج والطلاق؛ للتعبير عن مشاعر النساء وفهم نفسياتهن؟ ولماذا لا تستطيع المرأة أن تصبح كاهنة.. رغم أنها تمتلك القدرة؟ وضعتُ تساؤلاتى هذه أمام القس بيشوى حلمى – الكاهن بكنيسة الأنبا أنطونيوس الأرثوذكسية بشبرا، وأستاذ اللاهوت العقيدى والحوارات المسكونية بالكليات الإكليريكية، ومعهد الدراسات القبطية، ومعهد الرعاية، والأمين التفيذى لرابطة كليات اللاهوت بالشرق الأوسط. سألته: كيف كرمتْ المسيحية المرأة بعد الممارسات التى وقعت عليها فى العهد القديم؟ حيث كان الرجل اليهودى يقف للصلاة شاكرًا الله على كونه يهوديًا وليس أمميًا، وكونه رجلًا وليس امرأة! لا ترث فى زوجها إن لم يكن لديه أولاد. ويحق لأشقاء الزوج المتوفى الزواج منها -بدون إرادتها- لئلا تكون لأجنبى! مثلما كان المجتمع يعاقبها بالرجم وحدها إذا زنت، وتُعاقَب باللعن إن لم تنجب، وكمغضوب عليها إن لم تتزوج.. وغيرها من الممارسات التى تغيرت بعد مجىء السيد المسيح!
تكريم المرأة
استقبل الأب بيشوى أسئلتى بهدوئه المعتاد، ثم أجاب: العهد الجديد ساوى بين الرجل والمرأة! وطبقًا لنصوص القديس بولس الرسول، رأت المسيحية أنه لا يوجد فرق بين الذكر والأنثى، مثلما لم تفرق بين اليونانى واليهودى والأممى، فالمسيحية نظرت للمساواة بين الأفراد.. بغض النظر عن الجنس واللون والدين والبلد الذى ينتمى الشخص إليه. بحيث تكون التفرقة فقط بناء على الإيمان والأعمال، وما إذا كان الإنسان يسير فى طريق الخير أم لا! أما الكنيسة الأرثوذوكسية فميزت المرأة جدًا، ووثقت فيها عندما سمحت لها بالقيام بدور الإشبين فى يوم العماد لتسليم الإيمان لأطفالها، (وإشبين هى كلمة سريانية معناها وصى أو حارس أو مسئول) ووضعت عليها مسئولية دور تلقينهم قواعد الإيمان المسيحى والقيم الإنسانية الجميلة، دونما تسنده للرجل. بحكم أن المرأة هى الأقرب للطفل بيولوچيا. ورغم هذا، فهى لم تغفل دور الرجل أيضا فى الإشبينية، بل تأتى به أمام الهيكل ليستمع للوصية التى تقال للأم! وحينما أقوم بتعميد طفل، أحرص على إعطاء ورقة ترديد العهد للأم وللأب. ولهذا، يستطرد الأب بيشوى: قمنا فى كنيسة الأنبا أنطونيوس بعقد ما يسمى ب «اجتماع الأشابين»، وجمعنا فيه الأمهات الجدد، وبدأنا نعطيهن كورسات عما تلقنه من مفردات الإيمان لأطفالهن، وجزء سلوكى عن المبادئ والقيم. والجميل.. أن كنائس عديدة أخذت الفكرة وطبقتها. أما حول مسألة كيف أكرمت المسيحية المرأة، يوضح الأب بيشوى: فمعروف فى مسألة الميراث أن المرأة المسيحية لها نصيب مماثل للرجل، وليس للرجل المسيحى ضعف أو نصيبين من المرأة. وفيما يخص الزواج، نظرت المسيحية للمرأة على أنها معين نظير للرجل، وليست تابعة له. وحاليًا فى الكنيسة الأرثوذكسية.. نشترط لإتمام الزيجة ضرورة حصول الطرفين على كورس مشورة.. يفضل أن يحصلا عليه معًا، وفى مكان واحد، حتى يمكنهما سماع نفس التعليم والتعرف على المشاكل والتفكير فى حلولها.
التعليم غير المسموح للمرأة
وبخصوص التعليم، اهتمت الكنيسة الأرثوذكسية فى أواخر القرن التاسع عشر بإنشاء المدارس أن أجل تعليم المرأة، وخاصة البابا كيرلس الرابع الذى أنشأ أول مدرسة للبنات فى مصر. وكذلك البابا كيرلس الخامس. وفى ستينيات القرن الماضى، افتتح البابا شنودة الثالث- ربنا ينيح نفسه- باب الكلية الإكليريكية للطالبات، بالقسم المسائى، وهكذا جلست المرأة وتعلمت بجوار الرجل، وكانت بعضهن من أوائل الخريجات مثل الدكتورة نجوى الغزالى، التى لما وجد قداسة البابا تفوقها وتميزها فى مادة العهد القديم.. قال إيه المانع إنها تدَرِس؟ وهكذا صارت أول مدرسة بالكلية الإكليريكية، ولا تزال تدرس ليومنا هذا! كيف والكنيسة لا تسمح للمرأة بالتعليم؟ - التعليم الذى لا يسمح به للمرأة -بحسب الكتاب المقدس- هو التعليم فى الأمور الليتورجية أى فيما يخص الخدمات المتعلقة بالقداس الإلهى. وهذا يوضح حرص الكتاب المقدس على أن الكهنوت من مهام الرجل، أما المرأة فينبغى أن تجلس بخضوع وهدوء ولا يعلو صوتها فى الكنيسة، والقديس بولس قال: لست آذن للمرأة أن تُعلم ولا تتسلط على الرجل. ولكن.. يستطرد الأب بيشوى حلمى: ليس معنى هذا أنها لو تخصصت فى شىء وأبدعت فيه ألا تنال حقها فى الإعلان عنه وتمدح لتميزها. وهذا ما رأيناه مع سيدات فضليات متميزات فى مجال الإرشاد الأسرى بمجال المشورة، وفى أسقفية الشباب،.. وغيرها، فصار عندنا مدرسات كثيرات فى معهد الرعاية، وممن يدرسن فى مجال الفلسفة واللغة الإنجليزية، بالكلية الإكليريكية. وممن حصلت على شهادات عليا فى معهد الدراسات القبطية، وفى معهد اللاهوت مثل أستاذة وداد عباس وغيرها.. ألم يكتب القديس بولس الرسول تعاليمه بحسب اختلاف الزمان والمكان؟ فلماذا تأخذ الكنيسة الآية السابقة وتطبقها كما هى رغم اختلاف العصر؟ - نحن نلتزم بالتقليد الذى ورثناه من آباء الكنيسة، وقد رأت الكنيسة مناسبة الالتزام بهذه الآية عبر تاريخها، رغم أن القديس بولس نفسه كانت تعاونه الشماسة فيبى وغيرها.. ولكن الكنيسة رأت أن التعليم فى مجال الخدمات الكنسية هى مسئولية الكاهن، فهو الذى يصلى القداس، وهو الذى يلقى العظة.. بحسب قول الكتاب «من فم الكاهن تطلب الشريعة». بينما تتخصص المرأة فى مجالات تعليم أخرى تناسب حياتها وطبيعتها مثل خدمة مدارس الأحد، وخدمة حجرة المعمودية، وحجرة التناول..إلخ.
لا تصلح كاهنة
قلت له إننى بحكم الاعتياد لا أقبل وجود كاهنة فى خدمة القداس الإلهى، بالكنيسة ولكن بالتفكير فى الأمر أتساءل: ما المانع؟ فالجميع فى المسيح متساوون، وجماعة المؤمنين تتكون من رجال ونساء لا يوجد بينهم اختلافات سوى الفروق البيولوجية، التى أثبت العلم أنها مقدسة.. حيث فترة الخصوبة مثلًا عند المرأة.. ليست إثمًا، ودماء الدورة الشهرية هى الدماء التى تغذى الجنين.. فكيف نعتبرها نجسة؟ ولماذا لا نقبلها كاهنة ما دام الكاهن يقبلها كمخدومة؟ - الواضح أن الله وزع الاختصاصات، فلماذا لا يغضب الرجال لقيام النساء بمهام الحمل والولادة والرضاعة.. التى تجعل الطفل أقرب لأمه منه؟ أقول: لأنها أدوار بيولوجية ليست بيديه تغييرها أو تبديلها؟ وليست لديه الإمكانية لتطبيقها! نحن لا نؤلف عقائد جديدة، فلدينا كتاب مقدس نتبع تعاليمه التى تقول إنه منذ العهد القديم والكهنوت يعطى للرجل، وفى العهد الجديد.. كان تلاميذ السيد المسيح والرسل رجالًا، رغم وجود مريم المجدلية، والسامرية، وغيرهن من السيدات والمريمات اللواتى كن يتبعنه. فالرجل رأس المرأة، وحواء أُخذت من آدم وليس العكس! وقد جاءت لتكون معين نظير له. نفس الحال فى العصر الرسولى، لم يُذكر أن المرأة كان لها كهنوت! إنما ذُكر أن كان لها خدمات معاونة للرجل تناسب قلبها الرقيق وعواطفها، مثل لجنة البر لخدمة الفقراء، وخدمة أطفال الملاجئ! والسؤال هو لماذا تثار هذه الأمور فى القرن الواحد والعشرين؟
القدرة والاستطاعة
-بررتُ الأمر بوجود مفهوم أدوار الجنسين، وما يتردد عن عقوبة الدور الجنسى لحواء، بينما عوقب آدم بالدور الاجتماعى، ففسر أبونا الأمر بأن الولادة كانت عقوبة الله لحواء، بينما العمل فى الأرض كانت عقوبة آدم! معلقًا: رغم أن الله فى تكوين 3-3 أوصاهما قائلًا: لا تأكلا من ثمر الشجرة ولا تمساه لئلا تموتا! فقلتُ: المرأة لا تلد طوال الوقت.. فلديها أدوار أخرى بالحياة، وكذلك الرجل يعمل بالحياة أدوارًا أخرى، ولا يعمل دوره الجنسى طوال الوقت! ورغم علم «أبونا» بهذه الأمور كما أخبرنى.. قلت: من حيث القدرة،.. تقدر المرأة أن تكون كاهنة حيث لا ينقصها عقل ولا فهم ولا إدراك ولا قداسة، ولكن من حيث الاستطاعة.. المجتمع يرفض ذلك! فأوضح أبونا رفض جميع الكنائس لفكرة كهنوت المرأة، ماعدا البعض بالكنيسة الأسقفية بأمريكا. ومباشرة، سألته: لماذا خلق الله آدم أولًا؟ وعاقب حواء بتعب الولادة ثانيًا، والاحتياج لزوجها ثالثًا.. حتى سر المعمودية الذى يقول الكتاب إنه لا خلاص للإنسان بدونه، تحصل عليه البنت بعد 80 يومًا من ولادتها بينما الولد بعد 40؟ فأجاب أبونا: ولماذا نسيتِ وعد الله لحواء بأنه منها سيأتى الخلاص؟ وهو ما حدث بميلاد يسوع من العذراء مريم! على أى حال، لو كانت حواء التى خلقت أولًا لقلنا نفس الكلام! فبعض الرجال يغارون من التصاق الأطفال بالمرأة أكثر منهم! وينظرون لهذا الدور على أنه تميز وتفرد لديها! فلماذا لا يقتنع كل منا بدوره الذى وزعه الله عليه؟ فقد تربينا على أن الرجل هو عقل الأسرة العملى.. والذى قد تبعده عقلانيته عن العواطف، والمرأة هى قلبها النابض التى تمتاز بالعواطف الزائدة التى قد تبعدها قليلاً عن الواقع. وإن كان هذا لا يعنى أنه بلا قلب أو هى بلا عقل. فقد خلق الله هذه الطبيعة ليحدث التوازن بالبيت والحياة!
سر العقوبة المضاعفة
أما بخصوص سر معمودية البنت بعد 80 يومًا والولد بعد 40.. فهى شريعة استمرت منذ العهد القديم، وقد رأت الكنيسة استمرارها تشجيعًا للأسرة على التفكير فى أسباب المنع لتذكير الجميع بعمل الخطية السيئ وما أحدثته من انفصال عن الله، وأن هذا المولود الجديد يحتاج إلى الخلاص من الخطية ويناله بالمعمودية فى استحقاقات دم المسيح. أما مدة المنع فتكون الضعف فى حال الأنثى لأن المرأة حواء هى التى أكلت أولًا من شجرة المعرفة.. وأعطت زوجها آدم، وبذلك يكون عليها عقوبة مضاعفة فى الخطية التى تغفر بالمعمودية، لأنها أغويت أولًا وليس الرجل، وهذا رأى الأنبا بيشوى مطران دمياط المتنيح! ولماذا تتدخل الكنيسة بوضع قوانين تحد حرية اختيار أبنائها؟ فلا تسمح بزواج المرأة لو أكبر من الرجل ‘لا بسنتين، بينما تتيح للرجل أن يكون أكبر منها ب 13 سنة كاملة؟ - بصبر شديد أجاب الأب بيشوى: الكنيسة تقوم بدور الإرشاد وليس المنع؛ لضمان التوافق والاتفاق من حيث السن، والحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وطبقًا لمعرفتنا أن فرص فشل هذا الزواج أعلى، فهى تنصح وترشد، وتخبر الناس بالمعلومة، أما إذا أصر الطرفان على قرارهما فلهما مطلق الحرية.. فالكنيسة لا تمنع ولا تقمع الحريات، ولكنها تنصح، وما دام طقس الزواج يتم فى الكنيسة تحت البند الرعوى فمن حقها أن تقوم بدورها فى الإرشاد، دونما تتدخل فى إرادة أحد!
نبأ سار
لماذا لا توجد امرأة ضمن فريق المجلس الإكليريكى الذى يتخذ قرارات الزواج والطلاق؟ ويترك الأمر للرجال بداية بالأسقف والكهنة وبعض الرجال العلمانيين؟ أين المرأة التى تمثل جنسها وتعبر عن مشاعرها وأفكارها؟ - رغم أن السؤال للمجلس الإكليريكى، ولكن النبأ الجميل، هو إنشاء لجنة للمرأة فى المجمع المقدس مثل لجنة الطفولة ولجنة الايبارشيات ولجنة الرهبنة، للبحث عن حقوق المرأة ودورها داخل الكنيسة.. وهى خطوة تدل على فكر الكنيسة الجميل الذى نشكر عليه قداسة البابا تواضروس. وفى مجال تكريم الكنيسة للمرأة، أيضًا، أوضِح إن اللائحة الجديدة لمجالس الكنائس التى أنشئت فى عهد البابا تواضروس تشترط وجود امرأة واحدة على الأقل فى كل مجلس، بالإضافة لوجود عضوات أخريات فى أى نشاط باللجان الأخرى. ولا ننسى احتفال الكنيسة بعيد الأم وتكريمها لها فى أجمل صورها. كانت هذه خلاصة حوار طويل مع الأب بيشوى حلمى.. الذى أشكره لصبره على إجابة أسئلة الكثير من النساء التى حملتها إليه! ماذا أعطتها العادات والتقاليد؟
- تحدث جرائم الشرف بسبب الشك فى تجاوز النساء لحدود السلوك الاجتماعى التى تفرضها التقاليد. وتبدأ برؤية أو مقابلة رجل، أو شك فى ارتكاب الزوجة جريمة الزنى.. - طبقًا للأمم المتحدة: تشكل النساء 93 % من ضحايا جرائم الشرف فى جميع أنحاء العالم. - من بين حوالى 87.000 امرأة وقعن ضحايا للقتل العمد عام 2018 فى جميع أنحاء العالم، قُتلت حوالى 34 % على يد شريك حميم، زوج، أو حبيب، و24 % على يد قريب. فى بلدان أفريقيا، تليها الأمريكتان، وكان أقل معدل فى أوروبا. - من الصعب تقدير إجمالى عدد جرائم الشرف التى تحدث سنويًّا فى مصر؛ بينما أفاد تقرير مصرى يستند إلى إحصاءات أن 52 جريمة قتل شرف ضحيتها أنثى (من إجمالى 819 جريمة قتل ضد الجنسين)، هى التى تم الإبلاغ عنها فقط لعام 2019. - بحسب مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية CEWLA: تشكل جرائم الشرف النسبة الأكبر من الجرائم ضد النساء فى مصر، حيث بلغت 42 %. وكان الجناة فى جرائم الشرف هم الأزواج بنسبة (52 %)، والآباء (10 %)، والإخوة (10 %)، والأمهات (4 %)، والباقى أبناء أو أقارب الزوج أو الزوجة أو الأب أو الأم للزوج.