مرة أخرى ومثل كل عام وفى يوم 14 فبراير يحتفل الكثير من الناس فى جميع بقاع العالم بعيد الفلنتاين أو عيد الحب أو عيد العشاق. وطبعًا التسمية أو التوصيف كما جرت العادة لا يهم، إنما المهم الاحتفاء بقيمة ومعنى هذا السحر البسيط والمركب والمطلوب والمغرى.. «اللى مايتسماش». وكلمة الحب (وبكل اللغات) كلما ترددت على الشفاه أو تشكلت فى قصيدة أو ترنمت فى أغنية «تخليك تلتفت حواليك وتنتعش.. وتعطى مذاقًا خاصًا لحياتك وتحس إنك عايز تحضن كل حاجة فى دنياك».. هكذا تتلاقى العيون وتخفق القلوب وتتشابك الأيدى وتتلاحم الشفاه.. وأهلاً بالحب ويحيا الحب. وبما أن كل احتفال أمريكى يصاحبه اقتصاد وحركة بيع وشراء وبيزنس يدر المليارات من الدولارات فإن عيد الحب يعنى بلغة الأرقام نحو 20 مليار دولار سنويًا شاملاً كل ما له صلة باللقاءات التى تبقى فى البال وتبادل الهدايا والورود والدباديب الحمراء والشوكولاتة وهات من عندك من سلع وخدمات يتم ترويجها وبيعها بدءًا من بداية العام (وربما قبلها) على مدى الأسابيع الستة التى تأخذنا إلى اليوم المشهود الشهير 14 فبراير. وهنا أذكر أيضًا أن حجم الشوكولاتة المباع من أجل هذا اليوم أو هذا العيد يصل إلى 60(نعم ستين) مليون رطل.. وحسب تقديرات الاتحاد الوطنى الأمريكى للسلع فإن حجم ما يتم صرفه على الورود وزهور أخرى فى هذا العيد السنوى يزيد على مليارى دولار. أما ما يتم صرفه على هدايا الحلى والمجوهرات (وما شابهها من هدايا غالية الثمن) فيزيد على أربعة مليارات دولار! الكل يعبر عن حبه بشكل أو آخر حسب إمكانياته المادية وما يريد (أو لا يريد) أن يصرفه لإظهار أو تأكيد حبه.. وطبعًا اللى فى القلب فى القلب فى كل الأحوال! ومعروف أن الدراسات العلمية متواصلة ومستمرة (وستبقى مستمرة) عما يحدث داخل جسم الإنسان ومخه وطبعًا فى نفسيته من جراء العشق الذى تولد وشرارة الهوى التى اشتعلت. وقد ذكر فى أكثر من دراسة أجريت فى الولاياتالمتحدة لقياس وتحليل درجات الحب (وعلى اللبيب أن ينتبه) أن الدوبامين (المادة الكيماوية فى مخ الإنسان) له دور أساسى وحيوى فى شعللة الحب أو إيجاد واستمرار هذا الإحساس الساحر بالمتعة والسعادة والرغبة فى الإقبال على الحياة والاندفاع نحو احتضان كل ما فى دنيانا. وهذا الدوبامين يفرش الأرض ويمهد الطريق لعمليات كيماوية وهرمونية تخلق أجواءً ومزاجًا (موود) أحلى شعور فى الدنيا. وبالطبع عليك أن تتذكر اسمه جيدًا فالدوبامين (كما يبدو) جامد ومتين مثل الميلامين بتاع أيام زمان. وهناك دراسة صدرت منذ أعوام عن جامعة سيراكيوز الأمريكية اهتمت بمتابعة ومراقبة لنشاط وتفاعلات الخلايا العصبية والمخ عندما نحب أو «نقع فى الحب» (وطبعًا عادة لا يقع إلا الشاطر- كما جرت العادة فى توصيف «الوقعة إياها»). وقد بينت الدراسة دور «النظرة الأولى» فى الوقوع فى الحب وكيف أن الحب لو حدث فإنه يحرك 12 موقعًا فى المخ، كما يؤدى إلى إفراز دوبامين وأوكسيتوسين وأدرينالين وفازوبريسين. وكلها إفرازات تأخذك إلى حالة من النشوة والانتعاش والبهجة والسعادة - حتى لو كانت وقتية. ولم يتردد العلماء فى القول إنها هى الحالة نفسها التى يشعر بها المرء لدى تناوله جرعة الكوكايين. وحسب العالمة ستيفانى أوتيجا فإن هذه الدراسة تقول إن الحب يبدأ فى العقل أولاً ثم فى القلب، إلا أن طبيعة الحب المعقدة تكشف أيضًا أن الاثنين - القلب والعقل معًا - يتفاعلان، وبالتالى يشعلان معًا نار الحب. كما كشفت هذه الدراسة أن لكل حب مكانه فى المخ – إذ إن الحب المتبادل بين الأم والابن له مراكز أو مساحات تأثر وتأثير مختلفة عن الحب الذى يشتعل ويتأجج بين الرجل والمرأة. ولا شك أن الدراسات سوف تتوالى وتستمر.. من أجل فهم وتفسير هذا الشعور الممتع والباهر والمبهر المسمى ب «الحب». وحديثنا عن الحب لا نهاية له ولا شك أن أصحاب الذاكرة والذكريات الحلوة من الزمن الجميل لن ينسوا أبدًا الجملة الشهيرة فى الفيلم الأمريكى الشهير Love Story «قصة حب» وهى: «الحب يعنى أنك لن تقول آسف أبدًا» وهذه العبارة اختارها معهد الفيلم الأمريكى منذ عدة سنوات وبمناسبة مرور 100 عام على ميلاد السينما الأمريكية لتكون العبارة رقم 13 فى ترتيب قائمة المائة لأكثر الأقوال فى الأفلام الأمريكية تأثيرًا ورسوخًا فى ذاكرة عشاق السينما. وهذه العبارة ذكرت فى الفيلم مرتين. مرة على لسان البطلة جينفر (وقامت بتمثيلها آنى ماكجرو) ومرة فى نهاية الفيلم على لسان حبيبها أوليفر (رايان أونيل) وهو يتذكر الحبيبة الراحلة. وفيلم «قصة حب» الذى بدأ عرضه فى ديسمبر 1970 ترك أيضًا فى ذاكرتنا موسيقاه الشهيرة وأغنية Where Do I Begin «من أين أبدأ ؟» تلك النغمات وتلك الكلمات التى انطبعت ورسخت فى الذاكرة ،وخاصة فى ذاكرة العاشقين والعاشقات على مدى نصف قرن خمسين عامًا من الزمان أينما كانوا أو كن على وجه الأرض. خسائر بوينج إن حجم الخسائر المالية التى تكبدتها شركة بوينج الأمريكية لصناعة الطائرات فى عام 2019 وصل إلى 636 مليار دولار. وحسب ما ذكر فى تقارير صحفية فإنها أول خسارة سنوية تحدث للشركة العملاقة منذ أكثر من عقدين. وقد قدرت شركة بوينج تكاليف خسائرها من أزمة بوينج 737 800 ماكس الأخيرة المثارة عالميًا بسبب سقوط طائرتين والكشف عن عيوب فى آليات هذا الطراز من الطائرة المدنية بأكثر من 18 مليار دولار أى ضعف الرقم الذى قدرته الشركة من قبل. ويذكر فى هذا الصدد أيضًا أن هذا الرقم الضخم من الخسارة يشمل 8.3 مليار دولار تم دفعها لشركات طيران لتأخر بوينج بالتزاماتها الخاصة بتزويدها بطائرات. أزمة بوينج الأخيرة كشفت - ومازالت تكشف - أسرارًا جديدة وأبعادًا جديدة فيما قامت وأيضًا لم تقم به الشركة من أجل تأمين سلامة الطائرات. ولم تتردد الصحف الأمريكية الكبرى وخاصة وول ستريت جورنال فى متابعة مكثفة وإجراء تحقيقات استقصائية من أجل كشف عيوب التقنية الخاصة بطائرة بوينج 737 800 ماكس، وأيضًا فى التصدى لما تقوم به الشركة الأمريكية من محاولات لإخفاء الحقائق أو التقليل من حجم العيوب التى ظهرت أثناء إجراء الفحوصات التقنية التى تمت خلال الفترة الماضية وأن تتساءل علنًا عما إذا كانت الشركة العملاقة متعاونة مع الجهات المعنية من أجل ضمان توافر أمن وسلامة طائراتها وحماية حياة ركاب الشركات الجوية. الاهتمام بمحاكمة ترامب خلافًا لما قيل عن عدم اهتمام الأمريكيين بما حدث من محاكمة للرئيس الأمريكى ترامب فى مجلس الشيوخ فإن التقديرات أظهرت أن عدد مشاهدى التليفزيون لهذا الحدث التاريخى وصل لنحو 11 مليونًا فى الساعات الأولى منه. كما أن ما يزيد على 7 ملايين ونصف المليون أمريكى تابعوا المحاكمة تليفزيونيًا فى ساعات الليل لليوم الأول، وبالتأكيد تناقصت الأرقام على مدى أيام المحاكمة. وعدم الاهتمام أو عدم المبالاة كان ما حرص على ترويجه الرئيس ترامب وأنصاره فى محاولة منهم للتقليل من شأن المحاكمة الدستورية والسياسية التى شهدتها العاصمة الأمريكية، وبما أن هذا الحدث تاريخى ولم يحدث من قبل إلا مرتين، فإن فى المرة الثانية مع محاكمة الرئيس كلينتون عام 1999 بلغ عدد مشاهدى المحاكمة فى التليفزيون 203 مليون مشاهد فى اليوم الأول لها، وذلك فى ساعات قمة المشاهدة مساءً.. محاكمة ترامب فى مجلس الشيوخ كشفت بالتأكيد جوانب عديدة من المشهد السياسى الأمريكى واهتمامات الأمريكى فى التعامل مع هذا المشهد سلبًا كان أم إيجابًا.