أغلب فيديوهات السوشيال ميديا هدفها الشهرة والمكاسب المادية، خصوصًا الخالية من معلومات، مثل فيديوهات الحكايات الأسرية وفضح الأسرار، والفيديوهات الساخرة من بعض الأوضاع، وفيديوهات تصوير المقالب بين أفراد الأسرة والأصدقاء، وما يسجل من هذه الفيديوهات نسب مشاهدة عالية، هو من باب حب الاستطلاع والفضول من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعى. هذا رأى أستاذة الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ليلى عبدالمجيد، التى تحرص على متابعة الفيديوهات التى توضح وجهة نظر صاحبها فى قضية اجتماعية أو سياسية، والتى تراها لا تحظى بنسب مشاهدة أو إعجاب كبيرة. تصف ليلى أصحاب فيديوهات فضح الأسرار بأنهم مصابون باللا خجل واللا وعى، ويحتاجون للتوعيّة بخطر ما يمكن أن يتعرضوا له من ابتزاز مادى، من خلال استخدام المعلومات التى يطرحونها عن حياتهم الشخصية، عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
حذارٍ من فيديوهات العناية بالبشرة
تحذر ليلى أيضًا من خطورة فيديوهات التوعية الصحية التى يتحدث فيها غير المتخصصين، لأن بعض المشاهدين - لعدم وعيهم- ينفذون نصائح فيديوهات عن منتجات العناية بالبشرة أو علاج لمرض ما، وفى هذا خطر شديد.
فيديوهات شيوخ الكاجوال
هناك نوعية أخرى من الفيديوهات يستهدف محتواها استقطاب فئة عمرية معينة أو طبقة اجتماعية ما، مثل فيديوهات الشيوخ المشهورين فى التليفزيون، الذين يظهرون بمظهر مختلف عبر السوشيال ميديا، تقربًا لروادها، لكن مع الوقت يفقدون كثيرًا من متابعيهم بعد أن ينكشف هدفهم الحقيقى، فى اكتساب مزيد من الشهرة. «الإنسان يميل لمشاهدة ما هو مخالف للطبيعة، مثل أن تظهر سيدة فى فيديو تؤيد تعدد الزوجات، أو فيديو لأخرى تشتم الرجال بصورة مبالغ فيها، فتحظى هذه الفيديوهات بنسب مشاهدة مرتفعة من قبل الرجال والنساء معًا، من باب السخرية أو الانتقاد أو الإعجاب من جانب الطرف المستفيد». وفى المجمل ترى ليلى عبدالمجيد أن غالبية من يقدمون فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى يبحثون عن الشهرة والدعاية، حتى أولئك المتخصصين من الأطباء والقانونيين والإعلاميين وغيرهم.
صحافة المواطن بحاجة للدراسة
«الفيديوهات أصبحت جزءًا من إعلام المواطن أو ما يسمى بصحافة المواطن، وهى جزء مهم جدًا من الإعلام الآن، المواطن يمد الصحافة بمعلومات ومشاهد من قلب الحدث، الذى قد لا يتواجد فيه الصحفى، فيأخذ المواطن دور الإعلامى، لكن تبقى هذه المعلومات فى حاجة لتحرى الدقة ولاستكمالها»، ولا تزال الأبحاث والدراسات الإعلامية بحاجة للتعمق فى السوشيال ميديا باعتبارها جزءًا كبيرًا من الإعلام لا نستطيع تجاهله».
هذه استمالة للغرائز: فخليك بخيل فى «لايكاتك»
يعلق أستاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، صفوت العالم، على فيديو لأداء راقص فى إحدى الحفلات، حصد الكثير من اللايكات والتعليقات غير اللائقة فى أغلبها، بقوله: «كل عناصر الإثارة فى فيديوهات السوشيال ميديا، هدفها شراء اللايكات، فخليك بخيل فى لايكاتك وتعليقاتك طالما فهمت المخطط». الضغط على أيقونة إعجاب ومشاهدة، أو كتابة تعليق تكسب صاحب الفيديو مزيدًا من الشهرة والمكاسب المادية، بينما فى فحواها لا تقدم سوى ضرر مقنع للمشاهد، هكذا قال. يرى العالم أن التسليّة وقضاء أوقات الفراغ وإشباع الرغبات، وراء نسب المشاهدة العالية، ف«الممنوع مرغوب» والكثير منا يبحث وراء المجهول، والبعد عن قراءة الكتب جعل الشباب متعطشًا لكل ما يقدم على شبكات الإنترنت حتى وإن كان خاليًا من الأخلاق، «كثيرون ينخدعون فى مقدمى هذا المحتوى، وأحيانًا تقدم لنا رسائل ومعلومات مهمة من خلال وجوه وأسماء مستعارة ، حتى لا نتعرف على الهوية الحقيقية لصاحب الرسالة».
امنعوا هذه الفيديوهات
ويلفت العالم إلى أن بعض الفيديوهات أكثر خطرًا على المجتمع، وهى تلك التى تستهدف تحريض فئة عمرية واجتماعية معينة، من خلال بثها رسائل محملة بالعدوانية واللعب على أوتار مشكلات الفقر والجهل، ولا تقدم حلولاً واضحة أو اقتراحات للمساهمة فى حل هذه المشكلات. ويقترح أستاذ الإعلام منع بث هذا النوع من الفيديوهات، على غرار ما تفعله بعض الدول العربية. «لا بد من التقنين ولا يسمح لأى محتوى إعلامى بالظهور أمام المشاهدين إلا فى حدود القوانين والقيم الأخلاقية، الطفل لما يشوف حاجة لا تتفق مع خبرته، يكبر قبل الأوان ويرتبك ويشوش تفكيره وعقله، وبالتالى سلوكياته وتصرفاته»، حسبما قال.