لا أحد يستطيع الادعاء أنه محرك هذا الشباب الرائع الذي خرج صباح يوم 25 يناير يرفع مطالبه المشروعة في إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي.. ولا أحد يمكنه الادعاء أيضا أنه ساهم بشكل أو بآخر في تشكيل قناعات هؤلاء الشباب فأعطاهم الوازع السياسي ومدهم بشعارات المطالبة. لا أحد من أحزاب المعارضة ولا التيارات السياسية المختلفة.. ولا الجماعات المحظورة.. ولا حتي من الناشطين السياسيين.. ولا من المثقفين.. ولا من النخبة.. ولا من كل المتحدثين الآن أمام شاشات الفضائيات وإلي جوارهم بعض من الشباب.. ولا أصحاب البيانات.. لجنة حكماء أو لجنة غير حكماء. لا أحد من كل هؤلاء يملك جراءة الحديث عن التقدم إلي الصفوف الأولي ولا البروز في واجهة الصورة حتي ولو بالنية.. فهذا الشباب الرائع قد فاجأ الجميع بما فيهم كل هؤلاء السادة. فاجأ الجميع بأنه شباب مهتم ومشارك وفاعل وجريء.. وواعٍ .. اختار أكثر السلوكيات تحضرا في الديمقراطيات الراسخة وهو يطالب بالتغيير. فهم وعلي لسان بعضهم وعلي صفحاتهم علي «الفيس» وتواصلهم علي «البلاك بيري».. لم يصطبغوا بصبغة حزبية.. لا انتماء لقوة سياسية ولا انضماما لجماعة ظلامية. لا أحد من أصحاب الأچندات الخاصة.. حزبا.. أو تياراً.. أو جماعة.. أو مجموعة.. سياسية أو غير سياسية.. فهذا النقاء الثوري لا يجب السماح بتلوثه بهذه الأچندة أو غيرها.. وفي هذا السياق فإن الحوار كان يجب أن يتم مع هؤلاء الشباب.وإذا كانت هناك إجراءات مستقبلية تتم فإنه يجب أن تقوم علي هؤلاء الشباب بسواعدهم وأكتافهم.. هم فقط ولا أحد آخر.. فهذا الحاضر الذي نجحوا في إقامته وهذا المستقبل الذي بدأوا في صناعته يجب أن يكونوا في الصفوف الأولي منه.. وحدهم ولا أحد آخر. وقد التقي بهم نائب الرئيس اللواء عمر سليمان واستمع إليهم وتبادل معهم الآراء علي مائدة مستديرة. وفي هذا السياق أيضا عليهم أن يتمسكوا بهذا الحوار مع نائب الرئيس.. مصرين عليه.. متواصلين معه.. خاصة أن نائب الرئيس عمر سليمان ورئيس الوزراء أحمد شفيق أشد حرصا علي اللقاءات مع هذا الشباب الذي تم وصفه بالشرفاء واعتبار مطالبهم مطالب مشروعة. ومن ثم يجب أن ينتبه هذا الشباب الشريف ويدرك أن التشدد والتطرف في الرأي والحماس المندفع وإن كان سمة شبابية لا يصلح في إقامة حوار يتوصل إلي نتائج إيجابية. فبعض المطالبات عمليا ومنطقيا يمكن تحقيقها وقد بدأت عجلة التحقق في الدوران.. والبعض الآخر لا يكون مقبولا ولا يمكن تحققه.. لا علي المستوي العملي ولا المنطقي ولا حتي علي المستوي النفسي.. وقد خرجت بهذا المعني عبارات واضحة ودقيقة رسمية وعلي لسان النخبة من المثقفين والسياسيين والقانونيين. وإن كانت هناك أزمة ثقة.. فإن الضمانات كلها موجودة ومطروحة علي الأرض وتتمثل في الإجراءات التي اتخذت استجابة لمطالب هؤلاء الشباب من رئيس الجمهورية ومن نائب الرئيس ومن رئيس الوزراء. ومن ثم أيضا.. لا يجب أن يسمح هؤلاء الشباب للنهابين والانتهازيين السياسيين بسرقة ما حققوه.. وليسارعوا بتشكيل مجموعة أو مجموعات تمثلهم فتتحدث باسمهم وتطرح تصوراتهم للحاضر والمستقبل وهم جزء منه ومن أدواته. هؤلاء الشباب.. شبابك يا مصر.. إذا كانت تنقصهم الخبرة نشير لهم ونشير عليهم بما يفعلون.. نمهد لهم الطريق ونتيح لهم الوسائل ليتصدروا المشهد الذي صنعوه.. حزبا.. جماعة.. تكتلا.. جمعية.. أيا كانت الأشكال.