عند سماع كلمة «أكاديمية» غالبًا ما يتبادر إلى الأذهان قاعة كلاسيكية، صوت جهورى لمُحاضِر ربما يعلو رأسه المشيب، ومجموعة من التلاميذ ضجرين تارة وعابثين تارة أُخرى، لكن ما ستجده فى «أكاديمية MONAPETIT» بمدينة 6 أكتوبر، سيكون عكس المشهد السابق تمامًا. فى البداية وبمجرد وصولك للباب الزجاجى للمكان، تلتقط أنفك روائح الخبز، حسنًا.. لا عليك فأنت لم تخطئ العنوان، ادفع الباب وتقدّم يمينًا، أنت الآن أمام حلم الكثير من الأطفال الذين يحبون تعلُّم الطهو، بالطبع لن تقوم طفلة فى العاشرة بإعداد حلة محشى أصيلة، لكن أضعف الإيمان أن تتمكن من إعداد وجبتها اليومية بنفسها وبمكونات صحية. فى المطبخ شيف «ريهام» تتدبر أمرها جيدًا وسط أطفال لا تتعدى أعمارهم الثالثة عشرة، تحاول السيطرة على «زين» الذى يبدو عليه الضجر أحيانًا، سنواته الخمس لم تهيئه لمثل هذا الالتزام بعد لكنه يحاول. على الجانب الآخر«على» -تسع سنوات- ينتظر بلهفة وجبته التى طهاها بشغف، لا شك أن رائحة التوست المخبوز تدغدغ معدته أثناء الانتظار. بعد لحظات ثبتت الرؤية وأعلنت شيف ريهام تمام النُضج، أصبح بإمكاننا تذوق ما أبدعه هؤلاء الصغار الفوضويون، لا تدع الرائحة تخدعك فهو ليس مجرد بيض وخبز، العديد من الوصفات ليس فقط أومليت وعيون، ستجد تلك الوصفة أشبه للكعكات الصغيرة (الكاب كيك) مُزَين بالخضراوات ومكونات أُخرى دونتها الشيف فى ورقة الوصفات ليأخذها الصغار معهم فى نهاية اليوم. إدارة المطبخ مع 12 طفلًا حان وقت الباستا.. ربما يندفع جميعهم إلى القاعة المجاورة للمشاركة فى سلق المعكرونة وتحضير الصوص، إلا أن «كاميليا» ورغم محاولات الشيف جذب اهتمامها لم تترك مقعدها، سئمت بعض الشيء وقررت مطالعة الهاتف قليلًا، بإمكانها أيضًا متابعة أصدقائها عبر الزجاج الفاصل بين القاعتين لا بأس ببعض الراحة لكاميليا. فى حوارها مع «صباح الخير» توضح شيف ريهام كيفية إدارتها للمطبخ على مدى ثلاث ساعات هى مدة «صف الطهي»، المطبخ مكان محفوف بالمخاطر بالنسبة للأطفال ولمواجهة هذه العقبة تحرص على سياسة عدم استخدام الآلات الحادة، فالتقطيع يكون بسكاكين غير حادة، والتعامل مع الفرن مهمتها الخاصة، لا تسمح للأطفال باستخدامه.. فقط يمكنهم المشاهدة من مسافة، أما استخدام البوتاجاز فيكون بإشرافها المباشر، كما توزع المهمات المختلفة والأدوات حسب عمر الطفل. المحتوى التعليمى لكل صف تحدده شيف ريهام بنفسها، ليس لها جدول معين بل تختار وجبات مبتكرة بمكونات مفيدة لا تخلو من عنصر المرح، تخبرنا شيف ريهام بكيفية حل مشكلة الأطفال مع الطعام الصحى وعدم تقبلُّهم للوجبات التقليدية: (عندما يصنع الأطفال وجباتهم الصحية بنفسهم يتقبلون تناولها بسهولة بدون ضغط). وعن سبب دخولها هذا المجال تحكى ريهام: (أولادى كانوا لا يتقبلون أى أطعمة بسهولة، لذا لجأت إلى صنع أفكار جديدة، فى نهاية الصف يتقبل الأطفال فكرة الطعام الصحى ويتلقون معلومات حول فوائد وأضرار بعض الأطعمة، وفى النهاية يصبحون أكثر مهارة فى استخدام الأيدى ويمضون أوقاتًا ممتعة). نشاط صيفى غير تقليدي «يسرا طه» جذبها هذا النشاط غير التقليدى لأبنائها كما وصفته، سمعت يسرا عن الأكاديمية من صديقاتها ومن صفحتها على «انستجرام» فقررت إلحاق طفلها على -9سنوات- فى عدة صفوف، ورغم صغر زين-5سنوات- قررت إلحاقه بنفس الصف مع أخيه، معللةً: (على يحب المطبخ جدًا ولا يضجر من مساعدتى فى الطهى وعندما لمست به هذا الجانب وتعرفت على الأكاديمية فكرت أنها قد تكون نشاطًا ممتعًا وغير تقليدى، بالإضافة إلى نشاطه الرياضى، كما أن على لا يحب كل الأكلات فكانت الأكاديمية فرصة ليجرب أكلات جديدة بشكل مختلف. بالنسبة لزين يساعد الصف على تقوية علاقته بأخيه الأكبر). سألنا مدام يسرا عما استفاده على من تجربة صف الطهى فأجابت: (أصبح أكثر استعدادًا لتقبل الطعام إلا أنه لم يجرب إعداد طعامه بنفسه فى المنزل). حين سألنا على كان أكثر ما يسعده فى تلك التجربة هو أصدقاؤه والعمل الجماعى معهم وأضاف: (أحب الطعام الذى نصنعه وأحب مساعدة ماما فى إعداد الغداء لى ولزين). فن تزيين الطعام «food styleing» علاء ممدوح مدير أكاديمية «MONAPETIT» حاليًا ومدير مدارس فنون الطهى سابقًا يشرح ل «صباح الخير» نشأة الأكاديمية والمجالات الأخرى التى تخصها: (MONAPETIT مفتوحة منذ 2014 على يد الشيف المعتمدة منى البنا وتقدم للطلاب شهادات غير معتمدة حاليًا وهو حال كل مدارس الطهى بمصر، لكن نسعى لاعتمادها. لا يقتصر نشاطنا على تعليم الطهى للكبار والأطفال بل يتم استخدام المكان فى إنتاج فيديوهات لبعض شركات الطعام وتصوير البرامج التلفازية للعديد من القنوات الفضائية مثل قنوات الحياة والنهار، ونقوم بتنظيم مناسبات خاصة بالطهى وأحيانًا يتم تأجير المكان، بجانب تعليم فن تزيين الطعام «food styleing» وتقديم استشارات للمطاعم). وعن المعلمين بالأكاديمية أضاف ممدوح: (تنظّم الأكاديمية من 20 ل 25 صف طهى شهريًا، يقوم بالتدريس فى تلك الصفوف أطباء تغذية والعديد من الشيفات المعروفين، منهم من يعمل فى فنادق وبرامج شهيرة ومنهم من شارك فى برامج مسابقات الطهى مثل مصطفى سيف المشارك ببرنامج «توب شيف»). مدارس مدعمة وكورسات ب 30 ألف جنيه عن منصبه السابق كمدير لمدراس فنون الطهى أشار ممدوح إلى أنها كانت مؤسسة غير ربحية مدعمة من الدولة ولم تستطع تغطية نفقاتها، وقال موضحًا: (مدارس فنون الطهى كانت معتمدة من وزارة الصحة ومن «إنجلترا» وتخرج فيها 1200 شيف منهم المشهورون مثل شريف عفيفى مقدم برنامج طهى على قناة النهار، إلا أنها لم تستمربسبب انقطاع الدعم المالى ولو كانت تحولت لمؤسسة ربحية لوصل سعر الكورس إلى 30 و 40 ألف جنيه؛ فمجال كورسات الطهى من أغلى الكورسات فى العالم. هذا فى الكورسات طويلة المدى التى تستغرق أشهر، أما ما تقدمه أكاديمية MONAPETIT هو كورسات قصيرة). سياسة الصف الشفاف كشفت ميرنا الحناوى المسئولة عن التسويق والعلاقات العامة ب«أكاديمية MONAPETIT» عن أحد أسباب نجاح صفوف الطهى للأطفال وهو التقرب من الأهالى وطمأنتهم على أبنائهم والتأكد من أنهم يقضون وقتًا ممتعًا، فليس من الغريب أن تقوم ميرنا بتصوير أحد الأطفال فى الصف أثناء الطهى وإرسال الصور لوالدة الطفل والتى قد أصبحت صديقتها بالفعل. عن الدعاية تستخدم الأكاديمية وسائل التواصل الاجتماعى كمنفذ دعاية مهم؛ طبقًا لما قالته ميرنا تحرص الأكاديمية على نشر الكثير من القصص يوميًا على صفحة انستجرام وهو ما يدعم ثقة الأهالى بالمكان. وعن الأسعار، أفادت ميرنا بأنها تتفاوت حسب مدة الصف، فاليومى بسعر 300 جنيه والصفوف التى تستغرق 3 أيام تصل ل 1000 جنيه، لكن تلك الأسعار قابلة للنقصان طبقًا لنوع الوجبات التى يتم إعدادها بالصفوف والتى يتم تفعيلها للأطفال فى الإجازات فقط وتستمر صفوف الطهى للكبار على مدار العام. وفى نهاية الصف المستمر أكثر من يوم يتسلم الأطفال شهادة رمزية من المركز تشجيعًا لهم.