السيسي يستقبل مجموعة خبراء التعليم اليابانيين بمصر    المشاط: الالتزام بسقف الاستثمارات عند تريليون جنيه العام الماضي فتح المجال لمزيد من استثمارات القطاع الخاص    الرئيس الفلسطيني يؤكد ضرورة انتهاء حكم حماس في غزة وتسليم سلاحها    رئيس الوزراء القطري: مفاوضات السلام في غزة تمر بمرحلة حرجة    يلا شووووت لايف بث مباشر مجانًا مباراة البحرين والجزائر اليوم في كأس العرب 2025: القنوات الناقلة والتشكيل وموعد المباراة    مصرع شاب صدمه قطار في دمنهور بالبحيرة    الداخلية تضبط 483 كيلو مخدرات و95 قطعة سلاح ناري خلال يوم    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    تموين المنيا: تحرير 3541 مخالفة خلال حملات على المخابز والأسواق في شهر نوفمبر    صور.. عمرو دياب يتألق بحفل جديد في الدوحة    القومي للمسرح يطلق مسابقة مسرحية كبرى لإحياء الفرعون الذهبي    رئيس الموساد الجديد يثير عاصفة سياسية في إسرائيل.. وتقارير عن استقالات جماعية    الجيش الباكستاني: مقتل 9 مسلحين خلال عمليتين أمنيتين بإقليم "خيبر بختونخوا"    القومي للمرأة ينظم فعالية «المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء» بحديقة الأزهر    خبر في الجول - محامي بنتايك يبلغ الزمالك ببدء إجراءات فسخ تعاقده    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    البيئة: مصر تتولى رئاسة المكتب التنفيذي لاتفاقية برشلونة لمدة عامين    محافظ أسيوط يتابع إنشاء مجمع تجاري وإداري متكامل    «أموي» يرد على متعاملي «الجمارك»: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق «ACI» على الشحنات الجوية    تجارة أسيوط تنظم ورشة حول علم البيانات والذكاء الاصطناعي    جامعة كفرالشيخ تشارك في اللقاء التنسيقي السنوي لوحدات المرأة الآمنة بالمستشفيات الجامعية    الاحتلال الإسرائيلي يداهم منازل في مدينة جنين وبلدة عرابة جنوبا    بعد الهجوم على منى زكي.. حمزة العيلي يوجه رسالة للجمهور: أنتم سندنا ومحدش فينا خالِ من العيوب    أسماء جلال تستمر في نشاطها الفني باللعب في مساحات تمثيلية آمنة    «ساعة بلا كتاب.. قرون من التأخر» شعار معرض القاهرة ونجيب محفوظ شخصية العام    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    تشغيل وحدة جراحات القلب المفتوح وعناية للقلب بالمجمع الطبي الدولي بالأقصر    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    تجديد حبس عاطلين في النصب على المواطنين بالقاهرة    وزير الاتصالات يفتتح عددًا من المشروعات التكنولوجية بالدقهلية| اليوم    946 شكوى للأوقاف و9 آلاف للبيئة.. استجابات واسعة وجهود حكومية متواصلة    التخصصات المطلوبة.. ما هي شروط وطريقة التقديم لوظائف وزارة الكهرباء؟    كاف عن مجموعة مصر في كأس العالم 2026: فرصة ذهبية للتأهل    القومي للمرأة: مبادرة ملهمات عربيات تبني نموذج القدوة والتنمية    أدوار متنوعة ومركبة.. محمد فراج يحقق نجاحا مختلفا في 2025    صندوق النقد الدولي: الرؤية الاقتصادية لمصر أصبحت أكثر وضوحًا واتساقًا    عاشور يستقبل مفوض التعليم والعلوم والابتكار بالاتحاد الإفريقي    وزيرا الأوقاف والرياضة يفتتحان فعاليات المسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم| صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-12-2025 في محافظة الأقصر    بحضور وزير الأوقاف بدء المؤتمر العالمي لافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم في "نسختها ال32"    مصر تبحث مع وكالة الطاقة الذرية الاستخدامات النووية السلمية بمحطة الضبعة وملف إيران    أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية رشوة مصلحة الضرائب بعد قليل    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    «مدبولي» يتابع حصاد جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال نوفمبر 2025    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    وزارة الصحة تعلن تفاصيل الإصابات التنفسية فى مؤتمر صحفى غدا    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    مروة قرعوني تمثل لبنان بلجنة تحكيم مهرجان الكويت المسرحي بدورته 25    رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    رويترز: كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحرير «خان شيخون» والانتقام الروسى
نشر في صباح الخير يوم 04 - 09 - 2019

القوات السورية بدأت فى استهداف إدلب نهاية أبريل، عندما استهلت تركيا الحوار مع أمريكا بشأن «المنطقة الآمنة».. ثم شرعت فى التقدم ميدانياً بريف إدلب الجنوبى 8 أغسطس، عقب بدء التفاوض على التفاصيل.. أدلب واحدة من أربع مناطق لخفض التصعيد على مستوى سوريا، نقلت إليها كل المجموعات المسلحة، من باقى المناطق، فى محافظة حمص، والغوطة الشرقية، ومحافظتى درعا والقنيطرة جنوب البلاد، بلغ عددهم 37 ألف عنصر.. أسندت مسئوليتها لتركيا، فشيدت 12 نقطة مراقبة ثابتة، منها 7 داخل إدلب، بخلاف دورياتها السيارة، لتوفر الحماية للجماعات المسلحة، وتمنحها حرية التصرف.. توظيف الإرهاب إحدى أدوات السياسة الخارجية التركية.
تحرير خان شيخون
الهجوم السورى استهدف «خان شيخون»، باعتبارها أهم مدن المحافظة، إذ تسيطر على محاور الطرق الدولية إلى حماة وحلب ودمشق، وتعتبر أهم معاقل «جبهة النصرة» منذ 2014، وقاعدة انطلاقها للسيطرة على بلدات ريف حماة الشمالى.. سيطرة الإرهابيين عليها يمنع الجيش السورى من التقدم نحو إدلب، أما تحريرها فإنه يفتح الأبواب لتحرير باقى مدن وبلدات المحافظة.
الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد والقوات الخاصة بقيادة النمر قاما بالهجوم، أحكموا السيطرة على تل النمر المدخل الشمالى ل«شيخون»، قطعوا الطريق الدولى، فتوقفت الإمدادات للمدينة، ودارت على حدودها معركة شرسة، دعم خلالها «جيش الإسلام»، و«الجيش الحر» قوات «النصرة»، لكن التمهيد النيرانى الكثيف، والقصف الجوى المركز، أوقع بهم خسائر فادحة، فانسحبوا منها ومن قرى وبلدات ريف حماة الشمالى، وإدلب الجنوبى، ما سمح بدخول القوات السورية للمدينة.. عندما سيطر الجيش السورى على الطرق الدولية التى تربط المحافظات الأربع الشمالية، توقعت تركيا قرب دخوله «شيخون»، فدفعت بأكبر رتل عسكرى للمنطقة، ضم 50 آلية ومدرعة، وشاحنات ذخيرة، مدعومة بمسلحى «فيلق الشام».. التعزيزات الضخمة استهدفت إنشاء نقطتى مراقبة جديدتين شمال غرب «شيخون»، لمنع الجيش السورى من حصارها، وتعزيز نقطة «مورك» بريف حماة الشمالى، أكبر وأقوى نقاط المراقبة التركية بمحافظة إدلب، ومنع انهيار جبهة التنظيمات الإرهابية، ما يفسر دفعها تحت غطاء من طائرات F-16، لأول مرة منذ نشوب الحرب السورية 2011، لكن تدخل الطيران الروسى والسورى، بغارات مكثفة قرب «معرة النعمان» جنوب إدلب، أوقف تقدم الرتل.
تحرير الجيش السورى ل«شيخون» وعدد من القرى والبلدات بريفى حماة الشمالى وإدلب الجنوبى، قطع الطريق الدولى بينهما، وحاصر نقطة المراقبة التركية فى «مورك»، واستهدف نقطة مراقبة أخرى، وذلك للمرة الأولى منذ 2012، وسيطر الجيش على المنطقة المعروفة بمثلث الموت، التى تربطها شبكة طرق وأنفاق تحت الأرض، شيدتها التنظيمات المسلحة على مدى سنوات.. تركيا تحدت، وأكدت أنها ستحمى نقاطها العسكرية بالمنطقة، ولن تغلق أو تسحب أياً منها.
تحولات إستراتيجية
معركة «شيخون» مثلت تحولاً استراتيجياً فى الموقف العسكرى بالشمال السورى؛ خاصة فيما يتعلق بضخامة حجم القوات التركية.. وتحركها تحت غطاء جوى.. ونجاح سوريا فى تحرير مناطق لم تدخلها منذ 2011.. وقصف طيرانها مدعومًا بالطيران الروسى للرتل العسكرى التركى.. ثم فضح علاقات التعاون بين تركيا وكل من «النصرة»، التى ينتمى زعيمها أبو محمد الجولانى لتنظيم القاعدة، و«جيش العزة»، رغم رفضهما التقيد بما ورد فى تفاهمات سوتشى.. والأغرب أن تركيا ألحقت «النصرة» مؤخراً بغرفة عمليات «الفتح المبين» لتنسيق العمل العسكرى المشترك ضد النظام السورى.
الموقف الروسى
روسيا انقلبت على تركيا عقاباً لها على التوقيع على اتفاق «المنطقة الآمنة» مع الولايات المتحدة، دون التنسيق معها، رغم أن موسكو لم تكن تعارض إنشاء «المنطقة» من حيث المبدأ إرضاءً لتركيا، وخلافًا لتوجهاتها بشأن الحل النهائى فى سوريا.. روسيا تحمست لدعم هجوم الجيش السورى على إدلب، لأن نقاط المراقبة التركية تحولت إلى ملجأ للفصائل الإرهابية لإخفاء الدبابات، والحماية من القصف الجوى، والمنطقة منزوعة السلاح أصبحت قاعدة لانطلاق هجماتهم بالطائرات المسيرة والهاونات، ضد مواقع الجيش السورى، والقاعدة الجوية الروسية «حميميم» باللاذقية.. المخابرات الروسية رصدت عمليات نقل للمسلحين من إدلب إلى مناطق أخرى من العالم، على رأسها ليبيا وسيناء، مما يتعارض مع تفاهمات روسية أمريكية، سبق أن أشار إليها جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى السابق تؤكد النية لإبادة المسلحين فى إدلب.. بوتين انتقد إدارة تركيا لمنطقة خفض التوتر، لأنها قبل توقيع اتفاقيات سوتشى بشأن نزع سلاحها كان 50 ٪ من الأراضى تحت سيطرة الإرهابيين، ارتفعت فى وجودها الى 90 ٪.
رغم كل التجاوزات التركية، منعت روسيا الجيش السورى من تحرير قرى وبلدات إدلب بالقوة، حتى لا تغضب أنقرة.. وعندما شاركت فى قصف الرتل التركى لمنعه من التقدم لدعم الجماعات المسلحة كانت تراهن على ما تمتلكه من أوراق ضغط فى مواجهة تركيا، لا يمكن التضحية بها.. أهمها حرص أنقرة على استكمال تسليم وتشغيل بطاريات شبكة الدفاع الجوى «S-400».. فتح الباب أمامها للمشاركة فى مشاريع بريكس الاقتصادية.. استكمال مشروع السيل التركى، ومحطة «أكويو» للطاقة النووية، وبدائل روسية متقدمة لصفقة الطائرات الملغاة «F-35».. روسيا أكدت أن هجوم إدلب، لا يمثل خرقاً لاتفاقات سوتشى آستانا، لكن الحقيقة أنه زعزعها، وأن الوصاية التى تم منحها لتركيا بمقتضاهما، لتمكينها من نزع سلاح الفصائل الإرهابية بالمحافظة، قد سقطت تماماً.
الموقف التركى
أردوغان اتصل ببوتين تليفونيا، ليشكو من قصف الرتل العسكرى، لكن بوتين أكد على أهمية تنفيذ تركيا لالتزاماتها بشأن منطقة خفض التصعيد بمقتضى اتفاق سوتشى 17 سبتمبر 2018.. القيادات الميدانية أجرت مفاوضات بشأن القوات التركية المحاصرة بنقطة «مورك»، سوريا أبدت استعدادها لمنحها مهلة 48 ساعة للانسحاب، لكن تركيا تمسكت ببقائها، وطلبت فتح طريق إمداد من جهة الطريق الدولى بين مدينتى حماة وحلب «M5» عبر «خان شيخون»، وطالبت بانسحاب الجيش السورى من المناطق التى تقدم إليها، وإقامة نقطتى مراقبة جديدتين شمال وغرب شيخون، وذلك مقابل تعهد أنقرة بفتح الطرق الدولية عبر المحافظة، وضمان حرية المرور عليها، وهى الإجراءات التى كان ينبغى عليها إنجازها منذ الشتاء الماضى، وفقا للاتفاقات.
أردوغان سارع بزيارة موسكو 27 أغسطس، ليهدد باتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية العسكريين الأتراك، بعد أن باتوا فى خطر، نتيجة لحصار الجيش السورى وغاراته، متعللاً بأنها السبب فى عرقلة تنفيذ اتفاق سوتشى.. بوتين رد بالتشديد على ضرورة الالتزام ب«الحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، إضافة إلى ضرورة منع تقسيمها إلى مناطق نفوذ».. لكنه أعرب عن تفهمه لمبررات قلق تركيا بشأن الأمن على حدودها الجنوبية، وما تتحمله من أعباء نتيجة استضافتها للاجئين، وأورى بأن إنشاء «المنطقة الآمنة» فى الشمال ينبغى أن يُسهم فى الحفاظ على وحدة الأراضى السورية.. وهو تلميح يحاول أن يقطع الطريق على الأطماع التركية.
انسحاب الأكراد
بوتين وأردوغان اتفقا على إخلاء مقاتلى وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» لشريط داخل الحدود السورية، بعمق يتراوح بين 5 و14 كم، يشمل مناطق ريفية ومواقع عسكرية وليس بلدات أو قرى، روسيا اشترت إدلب بالمنطقة الآمنة، لتدفع المخاطر عن «حميميم»، وهى لا تملك فى الحقيقة أياً منهما!!.. الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا بدأت بالفعل فى إزالة بعض السواتر الترابية، وسحب «وحدات حماية الشعب» والأسلحة الثقيلة، من منطقتى رأس العين وتل أبيض كمرحلة أولى، التزاما منها بالتفاهمات الثلاثية بينهم وبين الولايات المتحدة وتركيا، وهو مايؤكد أن محاولات الأكراد التفاهم مع روسيا والحكومة السورية لتوظيفهما فى معادلة الضغوط التركية الأمريكية لم تحقق نتائج كافية.
•••
تلاعب تركيا على أحبال التنافسات الروسية الأمريكية بدأ يوقعها فى سوء حسابات، تخسر معها الكثير، راهنت على اتفاق «المنطقة الآمنة» مع أمريكا، فخسرت وضعها الخاص بمنطقة تخفيف التوتر فى إدلب مع روسيا، والتوقيت بالغ السوء.. ففى النصف الأول من سبتمبر تعقد قمة رباعية فى تركيا بمشاركة روسيا وألمانيا وفرنسا، هى الثانية بشأن سوريا بعد قمة إسطنبول أكتوبر الماضى، كما تعقد قمة إسطنبول أيضاً للدول الثلاث الضامنة لمسار آستانا.. ولا شك فى أن حالة التوتر الراهنة قد تدفع روسيا لدعم القوات السورية لسرعة السيطرة على جسر الشغور، لتأمين مطار حميميم وقاعدة طرطوس ضد هجمات الحزب التركستانى وأجناد القوقاز بالطائرات المسيرة والصواريخ.. فروسيا أضحت حليفًا براجماتيًا، لا يبيع حلفاؤه عادة، إلا دفاعًا عن مصلحته، أو لمن يسدد المقابل بسخاء.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.