العالم لم يكن يومًا من الأيام مجرد حلقات منعزلة، حتى فى الوقت الذى لم يوجد فيه وسائل اتصال فعّالة كانت حركته التاريخ تمر وتنتقل من مكان لآخر، بداية من أوروبا مهد التقدم فى القرن التاسع عشر ووصولًا للقارة السمراء، وفى القلب من ذلك كانت كرة القدم. وخلال الحلقتين الماضيتين كشفنا عن نشأة «الماما أفريكا» وغصنا فى كواليس بطولة القارة السمراء، ولكن الأسرار لا تنتهى والكواليس مثيرة، والحلقة الثالثة تشير إلى ذلك، وتكشف الغطاء عن البطولة التى ستقام نسختها الجديدة فى مصر فى شهرى يونيو ويوليو بمشاركة 24 منتخباً لأول مرة فى تاريخ بطولات القارة السمراء. وكما صحبنا الكاتب الأورجويانى والباحث إدوار غليانو فى كتابه عن كرة القدم والذى تم ترجمته للعربية تحت عنوان «كرة القدم بين الشمس والظل» حتى حقبة الستينيات حين تحولت كرة القدم لأمر واقع بين الشعوب، فهو يتحدث أيضًا عن حقبة السبعينيات وحتى بداية الألفية الثانية بوصفها الفترة التى تحول فيها لاعب كرة القدم إلى سلعة من خلال شركات الإعلانات، بجانب ظهور الفساد لبعض المسئولين فى الفيفا. 1980.. خسارة سياسية أما فى «الماما أفريكا» فقد استضافت نيجيريا فعاليات النسخة ال12 من البطولة، بمشاركة 8 منتخبات، مقسمة إلى مجموعتين، ويصعد إلى الدور نصف النهائى أول وثانٍ من كل مجموعة. وحقق «نسور» نيجيريا فى النهائى فوزًا كبيرًا على الجزائر بثلاثية نظيفة ليدونوا أسماءهم فى لائحة المتوجين بالأميرة السمراء. وفى حوار قديم كشف صالح عصاد النجم الأسبق للمنتخب الجزائرى لكرة القدم، أن منتخب بلاده خسر نهائى كأس أمم أفريقيا 1980 لاعتبارات غير رياضية، مضيفًأ أن وزير الشباب والرياضة الجزائرى آنذاك جمال حوحو، زار الفريق عشية المباراة وشكر اللاعبين والجهاز الفنى على تجاوزهم الهدف المحدد وتشريفهم لبلادهم. وأضاف بحسب «عصاد»: «الوزير حوحو أوضح لنا أن نيجيريا بلد صديق للجزائر وهو يعيش بعض المصاعب وكأنه أراد أن يقول لنا يجب مساعدتهم وعدم استهداف التتويج بالكأس، وهذا الخطاب هو الذى خلق بعض الشك فى نفوس اللاعبين وربما قلل من عزيمتهم فى الفوز باللقب». 1982.. غانا صاحبة الرقم القياسى نسخة البطولة 1982 انطلقت من العاصمة الليبية طرابلس، بمشاركة 8 منتخبات كما هو متعارف عليه، مقسمة إلى مجموعتين. واكتفت الجزائر بالمركز الرابع فى هذه البطولة بعد خسارتها أمام زامبيا بهدفين نظيفين، بينما تعادلت ليبيا أمام غانا 1-1 بالمباراة النهائى، قبل أن تخسر أمام جماهيرها بركلات الترجيح، ليضيف «البلاك ستارز» اللقب الرابع إلى خزائنه. 1984.. الكاميرون تعلن عن نفسها أما نسخة البطولة عام 1984 والتى أقيمت فى كوت ديفوار، فشهدت أول فوز لمنتخب الكاميرون، وتم تنظيم البطولة بمشاركة 8 منتخبات. وشهد الدور قبل النهائى منافسة حامية لم تحدث فى النسخ السابقة عندما سيطر التعادل على هذا الدور فتعادلت مصر مع نيجيريا 2-2 وخسرت بركلات الترجيح، كما تعادلت الجزائر مع الكاميرون سلبا وخرجت بركلات الترجيح أيضا. وتوج الكاميرون باللقب للمرة الأولى فى تاريخه بعد الفوز على نيجيريا 3-1 فى المباراة النهائية. 1986.. مصر تستعيد منصة التتويج استضافت مصر فعاليات النسخة رقم 15 من كأس الأمم الأفريقية عام 1986، وفاجأ المنتخب المصرى جماهير استاد القاهرة فى مباراة الافتتاح عندما خسر أمام السنغال بهدف نظيف. وفى المباراة النهائية خاض منتخب مصر معركة كروية كبرى مع الكاميرون المدجج بترسانة من النجوم وعلى رأسهم الأسطورة ميلا وانتهى اللقاء بلا أهداف للفريقين واحتكما لركلات الترجيح من نقطة الجزاء وفاز منتخب مصر 5 : 4. 1988.. الكاميرون تعود نسخة البطولة عام 1988 والتى حملت رقم 16 تم تنظيمها فى المغرب للمرة الثانية فى تاريخها، بمدينتى الرباط والدار البيضاء. وشهد الدور قبل النهائى معارك حامية، فتغلبت نيجيريا على الجزائر 9-8 بركلات الترجيح بعد التعادل فى الوقت الأصلى 1-1، وأقصت الكاميرون أصحاب الأرض «المغرب» بهدف لمكاناكى. وتّوج «أسود» الكاميرون باللقب للمرة الثانية فى تاريخها فى نهائى مكرر من عام 1984، أمام نيجيريا، لتكرر تغلبها مرة أخرى بهدف نظيف دون رد لإيمانويل كوندى. 1990.. مصر تشارك بمنتخب «الرديف» استضافت الجزائر النسخة السابعة عشرة من كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم عام 1990، بمشاركة 8 منتخبات، وجاء تنظيم «الخضر» للبطولة القارية، بعد عدة أشهر من الخروج من التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم بإيطاليا، على يد المنتخب المصرى، وهو الأمر الذى دعا اتحاد الكرة المصرية وقتها إلى اتخاذ قرار بالمشاركة بالمنتخب الأولمبى «الرديف». وأحرزت الجزائر اللقب الأول فى تاريخها بعد الفوز على نيجيريا فى النهائى 1-0، ليصالح «الخضر» جماهيرهم بعد الخروج من تصفيات كأس العالم. 1992.. بطولة التغيير فى نسخة البطولة عام 1992 والتى استضافتها السنغال، ارتفع لأول مرة عدد المنتخبات المشاركة بالبطولة إلى 12 فريقا، ليتغير نظام البطولة المتبع، وتقسم الفرق إلى 4 مجموعات تضم كل مجموعة 3 منتخبات، ويصعد أول وثان من كل مجموعة إلى دور الثمانية. وخرج المنتخب المصرى صفر اليدين فى المشاركة الأسوأ له فى أمم أفريقيا منذ انطلاقها، بعد هزيمته أمام زامبيا 0-1 بهدف لكالوشا بواليا، وأمام غانا بنفس النتيجة، بينما تغلبت غانا على زامبيا بهدف وحيد لعبيدى بيليه، ليتأهلا معا إلى الدور الثانى. وأحرز «أفيال» كوت ديفوار اللقب، على حساب غانا بنتيجة 11-10، بعد مباراة فى ركلات الترجيح. 1994.. اللقب نيجيرى بأقدام زملكاوي أقيمت بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 1994 فى تونس، بمشاركة 12 فريقا، وقد قسمت الفرق إلى أربعة مجموعات، يتأهل أول وثان كل مجموعة إلى الدور الربع نهائى،وبعدها تقام بالبطولة بنظام خروج المهزوم. حلت الصدمة بملعب تونس العاصمة، فى مباراة الافتتاح عندما، خسر أصحاب الأرض أمام مالى بهدفين دون رد، وفى المباراة الثانية فازت زائير على مالى بهدف نظيف، بينما تعادلت تونس مع زائير بهدف لكل منهما فى المباراة الثالثة، لتودع البطولة من الدور الأول وسط ذهول الجماهير التونسية. وأحرز إيمانويل إيمونيكى نجم نادى الزمالك المصرى السابق اللقب لنسور نيجيريا للمرة الثانية فى تاريخها، بعد الفوز على زامبيا فى المباراة النهائية 2-1. 1996.. «بافانا بافانا» يصعد لمنصة التتويج استضافت جنوب إفريقيا النسخة ال20 من أمم إفريقيا عام 1996، وشهدت البطولة نظامًا جديدًا، حيث زاد عدد المنتخبات إلى 16 منتخبا لأول مرة فى تاريخ البطولة، قبل انسحاب مالى ليتقلص عدد الفرق إلى 15 منتخبًا. فى الدور قبل النهائى، تأهل «نسور قرطاج» إلى المباراة النهائية بعد الفوز على زامبيا 4-2، وحجزت جنوب إفريقيا البطاقة الثانية على حساب غانا بثلاثية، وحفر منتخب «بافانا بافانا» اسمه فى خانة المتوجين، بعد الفوز على تونس 2-0، بأقدام مارك وليامز صاحب الهدفين. 1998.. الجوهرى الأسطورة أقيمت النسخة 21 من بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم عام 1998 فى بوركينا فاسو، بمشاركة 16 منتخبا، ولم يكن أكثر المتفائلين، يتوقع أن يصل المنتخب المصرى إلى الدور الثانى، ولكنه خيب كل التوقعات وصعد لمنصة التتويج فائزًا باللقب، وأصبح محمود الجوهرى هو أول مصرى يصعد ب«الفراعنة» لمنصات التتويج كلاعب عام 1959، وعام 1998 كمدرب، ليحفر اسمه بأحرف من ذهب بين أساطير التدريب فى العالم. استهل «الفراعنة» مشوارهم بالبطولة تحت قيادة «الجنرال» الراحل محمود الجوهرى،بمباراة موزمبيق، والتى انتهت بهدفين دون رد، وتلاها فوز عريض على زامبيا برباعية نظيفة، بينما خسرت مصر، المواجهة الأخيرة أمام المغرب، بهدف لمصطفى حجى، ليتأهل «أسود» الأطلسى كأول المجموعة الرابعة برصيد 7 نقاط، ومصر ثانية برصيد 6 نقاط. وشهد الدور الثانى من البطولة، منافسات شرسة، كان أبرزها مواجهة مصر وكوت ديفوار، والتى انتهت بفوز الأول 5-4 بركلات الترجيح، ليتأهل الفراعنة إلى الدور نصف النهائى. وفى مواجهة شرسة أخرى، تأهل أصحاب الأرض على حساب تونس، بعد مباراة ماراثونية فى ركلات الترجيح انتهت 8-7، وتأهلت جنوب إفريقيا على حساب المغرب بهدفين لهدف، وفجرت زائير كبرى مفاجآت البطولة، بتأهلها على حساب الكاميرون بهدف نظيف. تفوق المنتخب المصرى على نفسه أمام أصحاب الأرض والجمهور، بوركينا فاسو فى الدور قبل النهائى،وتغلب بهدفين، ليضرب موعدا أمام جنوب إفريقيا بالنهائى، والتى تغلبت بدورها على زائير 2-1. وتوج المنتخب المصرى بالبطولة القارية الرابعة فى تاريخه، بالفوز على منتخب جنوب إفريقيا بهدفين دون رد.