رغم تدخل الحكومة فى سوق العقارات خلال السنوات القليلة الماضية بشكل كثيف، لكن أغلب المصريين لا يزالون يحصلون على السكن من القطاع الخاص، وبالأخص الشرائح الأغنى التى تبحث عن الإسكان الفاخر، خاصة فيلات أو شقق بمساحات كبيرة، تصل أسعارها إلى عدة ملايين. لكن هذه الأسعار المرتفعة لا تشفع لهم أو تحميهم من الوقوع فريسة للقطاع الخاص الذى فى كثير من الأحيان لا يكون ملتزمًا بمواعيد التسليم أو مستوى التشطيب، بحسب المحامى «أحمد منصور» المتخصص فى دعاوى العقارات. يقول منصور: إن المطورين العقاريين يحصلون على مقدمات حجز من المواطنين، وهى بالطبع مقدمات مرتفعة نتيجة ارتفاع ثمن الوحدة، ويقوم بتوقيع عقد بيع ابتدائى مع المطور العقارى، يتضمن مستوى التشطيب بتفاصيله وموعد التسليم الذى يكون على أقل تقدير بعد 4 سنوات، وخلال هذه الفترة يتم تحصيل باقى ثمن الوحدة على أقساط شهرية أو ربع سنوية. ولكن كثيرًا ما تتأخر الشركات فى مواعيد التسليم وكثيرًا لا تنفذ كافة مواصفات التشطيب المنصوص عليها فى العقود المبرمة مع العملاء، بعض الشركات تسلم الوحدات بعد ضعف المدة المنصوص عليها فى العقد، وحتى من يلتزم بمواعيد التسليم الوحدات ففى الغالب لا يكون قد انتهى من كامل الخدمات التى تم تسويق المشروع بناء عليها، فبعض العقود يتم النص فيها على أن موعد تسليم الوحدات داخل الكمبوند يجب أن يتزامن مع تشغيل النادى وانتهاء أعمال اللاند سكيب، ليكون تسليم الوحدة بناء على المواصفات التى تم الاتفاق عليها، وحدة فى كمبوند متكامل الخدمات. لا يوجد أى نص قانونى يضع ضوابط للسوق العقارية الجميع معرض للنصب والجميع معرض لعدم التزام الشركات بالمواصفات والشروط التى يسوق بها وحداته، فليس هناك أى جهة حكومية لديها سلطة تلزم الشركات بالالتزام بالتعاقدات والمواعيد إلا المحاكم المصرية، وهى خطوة يلجأ لها نسبة بسيطة جدًا من المواطنين لأن اللجوء إلى المحاكم يعنى إهدارًا للوقت قد يصل إلى ثلاث أو أربع سنوات، ويعنى أيضًا أعباءً مالية إضافية هى مصاريف التقاضى، للحصول على وحدة كاملة المرافق والخدمات. وفى سوق العقارات الفاخرة فإن مشكلات مثل عدم الالتزام بمواعيد التسليم ومستوى التشطيب، وعدم اكتمال الخدمات فى الكمبوند أمور بسيطة، لأن السوق أحيانا كثيرة تشهد ظهور شركات تمارس النصب من خلال تحصيل مقدمات حجز كبيرة من أعداد ضخمة من الراغبين فى الاستثمار فى الإسكان الفاخر، ثم تماطل الشركة فى بدء المشروع أو تختفى هذه الشركة تمامًا أو يكتشف المتعاملون مع هذه الشركات أن هناك مشكلات على أرض المشروع فلم يُصدر لها قرار ترخيص بالبناء، وتظل المشروعات معلقة لسنوات مشكلات مثل هذه المشكلات، ويظل معلق معها مقدمات العملاء التى حصلتها الشركات. عملاء الإسكان الفاخر هم الأكثر عرضة للنصب والاحتيال عن باقى شرائح الإسكان الأخرى، ولأن العقود بين الشركات وعملائها هى عقود ابتدائية فيصعب إثبات التعاملات المالية بين كلا الطرفين أمام المحاكم فغالبا ما يلجأ إلى المحاكم نسبة بسيطة من العملاء، ومن يلجأ لها يكون هدفه الضغط على الشركة للحصول على أكبر قدر ممكن من الحقوق مع الشركات وبمجرد بدء التفاوض بينهم وبين الشركة يتراجعون عن استكمال الإجراءات أمام القضاء. تجربة إماراتية رائدة ويرجع منصور هذه الأزمة إلى عاملين الأول هو عدم وجود منظومة حكومية تضبط سوق العقارات فى جميع مستوياته، وليس فى القطاع الخاص فقط، والعامل الآخر أن طبيعة العقارات كسلعة مختلفة عن أى سلعة أخرى فهى سلعة يسدد المواطن ثمنها مسبقًا، ثم يحصل على سلعته بعد أربع أو خمس سنوات. ولكن مثل هذه الأمور لها طرق للحل، فعلى سبيل المثال فى السوق الإماراتية، لا يسدد العميل مقدمات الحجز والأقساط للشركة بشكل مباشر، ولكن يسددها لحساب البلديات، والبلديات تقوم بمراقبة الشركات فى عملية التنفيذ وكلما انتهت الشركة من مرحلة، تقوم البلدية بتحويل أقساط العملاء لها، لتتمكن من الإنفاق على المرحلة التالية فى البناء، وبذلك تكون الحكومة الإماراتية رقيبًا على شركات القطاع الخاص والمطورين العقاريين والتزامهم بمواعيد التسليم ومستوى التشطيب المتفق عليه بين العملاء والشركات.