إذا كانت القاهرة رصدت مع عام 1880 ما يقرب من ألف مقهى وما يزيد بين أحيائها وقتها، فإن تعداد مقاهى القاهرة الآن هو 17 ألف مقهى مرخصة، وإذا كانت مقاهى مثل متاتيا كان يرتادها قديمًا حافظ إبراهيم والريحانى، وأخرى كانت تضم مسرحًا مثل ريش الذى غنت عليه أم كلثوم فى بدايتها. فإن مقاهى المثقفين اليوم والتى أطلق عليها البعض مقاهى العولمة ساخرًا، كان لها دور كبير أيضًا على مدى السنوات العشر الماضية وما قبلها فى تكوين الحركة الثقافية والسياسية فى مصر وشكلت وعى جيل التسعينيات الذى أصبح هو المؤثر الفعلى اليوم فى الحياة المصرية. «كونست» واحدة من أشهر مقاهى وسط البلد للمثقفين ومن أول مقاهى العولمة، يرتادها فنانو وشعراء ورسامو هذا الجيل وسابقة، لها طابع خاص . صاحب المقهى محمد قنديل خريج جامعة القاهرة، فضل العمل فى المقهى على العمل فى مجاله، وبدايات المقهى كما يحكى قنديل كانت عام 2004 عندما « قرر عمى رأفت مهندس الكهرباء الذى يعيش فى ألمانيا، العودة لمصر، ويقيم مشروع مقهى ثقافيا على غرار مقهى ألمانى يقدم الفكر والثقافة لزبائنه بجانب المشروب المفضل، وبالطبع هو القهوة، ولكن زاد عليه الكابوتشينو والنسكافيه والعصائر. وتابع: لكن الأهم هو الثقافة من خلال توفير أحدث إصدارات الكتب سواء للقراءة المجانية أو الشراء ومن خلال سماع الموسيقى، والتزمنا بطابع من الفن الراقى، لما نقدمه من أغانٍ عربية، والمقهى يتيح الفرصة للفنانين التشكيليين لإقامة معارضهم من خلاله وبه ونقوم بالدعاية للمعرض وننظم حفل افتتاح مجانًا، مقابل نسبة فقط من المبيعات. وكثير من الفنانين الشباب بدأوا أول معارضهم من كونست، وهذا الأسبوع اتصل بى فنان عربى يريد إقامة معرضه لدىّ، وبذلك يقدم المقهى أيضًا الفنون ولدى معرض مفتوح للحلى والثياب التراثية والمشغولات الفنية، وبذلك يستقطب المقهى الشباب وأيضًا الصحفيين والكتاب والإعلاميين الذين يرتادون المقهى للعمل خاصة أن المقهى حرصت أن يكون لديه أفضل شبكة واى فاى. ويستطرد قنديل قائلا: إن كثيرًا من المقاهى قامت بتقليدنا خاصة فى طرح الكتب والاستعانة والقراءة وأيضًا الواى فاى، مثلا مقهى الشروق أخذ عنا الفكرة، ولكن هذا لا يزعجنا ونحن نتعاون مع مؤسسات للتنمية البشرية أو ورش عمل نقوم بالدعاية لأنشطتهم من خلال المقهى سواء على صفحتنا الإلكترونية أو توزيع الدعوات التقليدية. يقول قنديل: إن كثيرًا من المشروعات الثقافية بدأت من «كونست» أصحابها كانوا يلتقون فى المقهى مثل مركز الصورة المعاصرة، وهو يقدم ورشًا فنية ثقافية. كثير من المراسلين الأجانب والمصريين كانوا يسجلون ويصورون برامجهم من المقهى مثل: قناة دريم والحرة والعربية وسكاى نيوز، خاصة وقت أحداث يناير وما تبعها و30 يونيو. وأضاف قنديل بأن المخرج خالد يوسف من أهم المترددين على المقهى، وكذلك الفنان زكى فطين عبدالوهاب، وأضاف قنديل أن ولادة مطبوعة«منطقتى» التى بدأت باسم وسط البلد تحدثت فى أول أعدادها عن المقهى. وعما إذا كان المقهى مرتبطًا بنظيره فى ألمانيا قال: لا، ليست لدينا علاقة به، نحن أخذنا الفكرة فقط، ولدينا فرع آخر فى شرم الشيخ، وقريبًا فى محافظات أخرى لأنه مشروع ثقافى، ولكنه مربح أيضًا. •