الزواج عقد واتّفاق بين طرفين، يتعهّد بموجبه كل طرف بتنفيذ وعود وشروط للآخر ضمن حدود القانون ويتمّ بارتباط الإيجاب بالقبول، أى التقدّم بالزواج، والقبول من قبل الولى. وبما أنه وثيقة رسمية بين رجل وامرأة، فمن حق الزوجة أن تطلق نفسها. ومن الحقوق التى تتمتَّع بها المرأة عند توقيع عقد الزواج، أنه يجوز لها شرعًا وضع الشروط المناسبة لها، أو ما يسمّى بالاشتراط، فيجوز لأى امرأة أن تشترط أى شرط تتحقّق به مصلحة غير محظورة شرعًا ولا يمسّ حقّ غيرها، مثل عدم إجبار زوجها على إخراجها من بلدها، وألا يتزوَّجَ عليها فى حياتها، وأن يسكنها فى بلد معيَّن، وألّا يمنعها من العمل، أو أن تكون عصمة الطلاق بيدها، وما إليه من شروط محلّلة شرعًا. وإذا وضعت أيًّا من هذه الشروط أو غيرها، فيكون هذا الشرط مُلزمًا للزوج، وإن لم يَفِ به فُسِخَ العقد بطلب الزوجة، ولها المطالبة بجميع حقوقها كالمؤخر. وأوضح محمد فايد، المحامى بالنقض، أنه يحق للمرأة أن تشترط ما تشاء فى عقد الزواج، طالما أن هذه الشروط لا تخالف نصًا شرعيًا من الكتاب والسنة، وعلى الرجل متى قبل بهذه الشروط، الوفاء بها، وإلّا فلها حق الفسخ. ولكن من الشروط التى لا يجوز أن توضع فى عقد الزواج، عدم رعاية الزوج أو عدم المعاشرة أو عدم الخلوة أو عدم الإنجاب أو أن يقاطع الزوج أحد والديه أو شرب الخمر، ففى حال وضع أيِّ شرط من هذه الشروط يكون الشرط باطلًا ولا يُعتدُّ به وينعقد العقد بشكل صحيح. ومن الحقوق التى تتمتع بها الزوجة «المهر» الذى يعد ملكها تتصرف فيه كيفما تشاء، وهو نوعان: مهر مسمّى ومهر المثل. الأول منصوص عليه بالعقد وينقسم فى أغلب الأوقات إلى: المعجَّل (وهو ما تأخذه المرأة عند عقد الزواج وعادة وما جرت عليه العادات أن يكون ذهبًا)، والمؤجَّل (وهو ما تستحقه المرأة فى حالِ وفاة أحد الزوجين أو فى حالة الطلاق أو تستحقُّه عند حلول الأجل المعين فى العقد). أمّا النوع الثانى (وهو يحدد فى حال عدم التسمية، وهو مهر أمثالها وأقرانها من أقارب أبيها، فإن لم يوجد لها أى أقارب أو أقران، فمن مثيلتها من أهل بلدتها علمًا بأنه فى حال وفاة الزوج تأخذ المرأة مهرها من تركته). ..ولو رفض المأذون! يشرح إسلام عامر، نقيب المأذونين، معنى كون العصمة بيد الزوجة، فيقول إنها بمثابة تفويض طلاقها إليها. وبحسب رأى جمهور العلماء، فإن الطلاق حق من حقوق الزوج، وله أن يطّلق زوجته بنفسه، وأن يفوّضها فى تطليق نفسها أيضًا، وله أن يوكّل غيره فى التطليق، مؤكدًا أن التفويض والتوكيل لا يسقط حقه، ولا يمنعه من استعماله متى شاء. يضيف عامر: «وجود العصمة فى يد الزوجة لا يُسقط بأى حال قوامة الرجل على المرأة، وقيامه بالتكاليف الشرعية المفروضة عليه من توفير السكن، والإنفاق، ورعاية الأسرة، والوفاء باحتياجاتها المختلفة، عملًا بالنص القرآنى «الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم». كما لا تعطى العصمة المرأة حقوقًا إضافية غير المتعارف عليها، سوى تطليق نفسها فى حالة استحالة العشرة مع الزوج، ولا يجوز لها استخدام هذا الحق فى المكايدة للرجل، والتعامل معه بندية، وتقمص دوره، وتحويل الحياة الزوجية التى يجب أن تقوم على المودة والرحمة إلى جحيم، موضحًا أن المأذون الذى يرفض كتابة العقد الذى تشترط فيه المرأة هذا الشرط، يجب منعه من مزاولة المهنة». يشير عامر، إلى أن أمر العصمة لا يعفى الزوجة من تأديتها لحقوق زوجها،، وعونًا له فى مواجهة تحديّات الحياة والرجل كذلك، لا بد أن يكون حسِن المعاشرة مع زوجته، يعاملها بلطف، ولا يُسمعها ما تكره، يصبر على هفواتها وبساطة تفكيرها، ولا يهينها أمام الغرباء أو غير الغرباء، ويذكر محاسنها ليدخل عليها السرور، ويناديها بأحب الأسماء لديها، ويحسن معاملة أهلها، ولا يمنعها من برهم وزيارتهم وتقديم العون لهم إذا كانوا يستحقون العون والمساعدة، خاصة أن الزواج لا يقوم إلا على الحب والمودة بين الزوجين، فإذا خلا الزواج من هذه الصفات، تحوّل الأمر إلى شركة خاسرة تستنزف الطاقات بصورة دائمة إلى أن تقضى على العناصر الفاعلة فى الشركة وهما الزوجان. «أنت طالق» ويقول الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: «قد أجاز بعض أهل العلم أن تشترط المرأة على زوجها عند العقد أن تطلِّق نفسَها متى شاءت، فتقول «طلَّقتُ نفسى»، ولا تقول لزوجها «أنت طالق» كما يظن العوام، فالرجل ليس محلًا للطلاق، إنما محله المرأة، فالطلاق حقٌّ للزوج، له أن يطلق زوجته بنفسه، وله أن يوكل غيره فى تطليقها، وله أن يفوضها هى فى تطليق نفسها، ولا يعنى هذا التفويض منه إسقاط حقه فى الطلاق، فإن أخذت به المرأة فهو طلاق رجعى على الصحيح من أقوال أهل العلم، للزوج أن يرجعها بعده ما دامت الطلقة دون الثلاث، وفى العدة. •