تتابع أسر الطلاب الحاصلين على الإعدادية والصف الأول الثانوى، باهتمام تفاصيل النظام الجديد للثانوية العامة، الذى سيبدأ من الصف الأول الثانوى، ليكون المجموع وفقًا لنظام تراكمى، بحيث يضاف مجموع السنوات الثلاث معًا، ويكون مجموعها هو مجموع الطالب فى الثانوية العامة. هذا بالإضافة إلى نظام الامتحانات الجديد الذى سيتواكب تطبيقه مع البدء بالاعتماد على «التابلت» فى التعلّم وفى الامتحانات معًا. النظام الجديد الذى يبدو بالنسبة للكثير من الطلاب أكثر صعوبة، وبالنسبة للكثير من الأهالى أكثر تكلفة، لأن الدروس الخصوصية ستبدأ من الصف الأول الثانوى وليس فى الصف الثالث فقط. ولهذا تضع الكثير من الأسر الآن خططًا تتيح لها الوصول إلى مقاعد الجامعة من غير المرور بالثانوية العامة، حتى وإن تم التضحية بسنة دراسية أو بمغامرة نوع تعليم غير معتاد للأسرة، يتطلب نظامًا غذائيًا لزيادة الوزن وغيرها، تفاصيل الخطط فى السطور التالية. نهى سليمان، ستكون بعد أيام على مقاعد الصف الثالث الإعدادى، ضئيلة الحجم نحيلة الجسم، ومع ذلك قررت أنها سوف تنضم فى العام القادم إلى ثانوى التمريض العسكرى، رغم شروط الطول والوزن وحجم الجسد للمنضمين إليه، لذا بدأت الخطة الآن باتباع نظام غذائى لزيادة الوزن، بمساعدة والدتها لتزيد وزنها، بالإضافة لممارسة الرياضة بانتظام للوصول بالجسم الضئيل إلى أقصى شكل رياضى ممكن. نهى رأت أن طالبات التمريض بزيهن العسكرى يشعرن بالثقة العالية بأنفسهن، فضلا عن «هيبة» الزى، ورغم أن والدة هبة توافقها على الخطة، فوالدها غير موافق حتى الآن، لذا فهى لن تعتمد على أن التمريض يقبل من مجموع 70% من حملة الشهادة الإعدادية، وستبذل أقصى ما فى وسعها لتحصل على أعلى مجموع قد تحتاجه للالتحاق بالثانوى العام فى حال ظل والدها على موقفه. خطط «أم روضة» للوصول للجامعة نقلت نهى نفس «الخطة» لجارتها وزميلة الدراسة «روضة»، التى قررت هى الأخرى أن تنضم إلى التمريض العسكرى، لأنها «تكره» الثانوية العامة، بعدما رأت أقاربها الذين اجتهدوا فى المذاكرة وتعبوا فى الامتحانات ومع ذلك لم يحققوا شيئًا. «مستقبله مضمون ويتبع مؤسسة بتهتم باللى بيشتغلوا عندها وكمان فلوسه حلوة»، كلمات وصفت بها روضة ثانوى التمريض، فكل من ينهى دراسته بالتمريض العسكرى يحصل على «التعيين الحكومى» فورًا، وقالت روضة: «حتى إن كانت الدراسة بالتمريض أصعب وأشقى من الثانوى العام، فلن أذهب للثانوى العام الذى يتسبب فى توتر نفسى وعصبى للطلاب وأسرهم». أمانى محمد، والدة روضة، كانت ترفض فكرة أن تترك ابنتها دراسة الثانوى العام الذى التحق به كل بنات وأبناء العائلة، لكن مع إصرار ابنتها على الالتحاق بالتمريض، خيرتها بين ثلاثة اختيارات، ووضعت لها شرطًا أساسيًا وهو إكمال دراستها الجامعية، أما عن الاختيارات فاقترحت الأم ثلاثة مجالات أمام صغيرتها، وهو التعليم الثانوى الصناعى بحيث تحصل على مجموع عالٍ لتكمل دراستها بكلية الهندسة أو الفنون التطبيقية، أو ثانوى السياحة والفنادق لتكمل فى كلية السياحة والفنادق، وآخرها ثانوى تمريض عسكرى على أن تكمل دراستها بكلية التمريض. وقالت أم روضة :«لا أريد أن أجبرها على شىء حتى لا تفشل، وأضطر فى النهاية إلى تحقيق رغبتها، فلا أريدها أن تخسر سنين من عمرها، رغم أن أبناء خالتها أنهوا تعليمهم بكليات القمة عن طريق الثانوية العامة، وكنت أتمنى أن تسير على خطاهم، ولكن ما باليد حيلة، وأتمنى أن تحقق ما تحلم به وتحصل على تعليم عالٍ من الطريق الذى اختارته». سنة إضافية لأن الثانوية غدارة وعلى النقيض، قررت رانيا عبدالله، والدة «نرفانا»، الطالبة بالصف الثالث الإعدادى، أن تُقدم أوراق ابنتها العام القادم بإحدى مدارس الثانوى الصناعى نظام (الخمس سنوات)، ليمكنها أن تصل إلى كلية الهندسة مع جهد أقل من الثانوى العام، وقالت الأم إنها رأت الكثيرين من أبناء عائلتها يُدمرون نفسيًا خلال فترة الدراسة للثانوية العامة، وتخيب آمالهم مع ظهور النتيجة ولا يستطيعون تحقيق أى شىء، ويضطرون إلى دخول كليات لا يرغبون بها. أما صغيرتها فأكدت أنها سعيدة بالقرار الذى اتخذته مع والدتها، فقد كانت تفكر فى دراسة شعبة العلمى رياضة بالثانوى العام، لعشقها للرسم ورغبتها فى أن تصبح مهندسة ديكور عبر كلية الفنون التطبيقية، ولكنها تعلم جيدًا «أن الثانوية غدارة»، لذا فمن الذكاء اتخاذ الطريق الأقل صعوبة، بعيدًا عما يقال عن أن الثانوى الصناعى بلا مستقبل، فالعبرة بتحقيق المجموع الكبير. ويبقى ما يضايق نرفانا فقط هو أنها ستفتقد أصدقاءها من زملاء المدرسة، «لكن لا ضرر من التعرف على أصدقاء جدد». أم نرفانا مطمئة لمغامرة الابنة، لأن تجربتها مع ابنها الكبير تؤكد أنهم يسيرون فى الاتجاه الصحيح، فهو الآن فى عامه الثانى بالثانوى الصناعى، ولا يشعر بأى ضغط أو توتر، بالإضافة إلى التوفير فى ثمن الدروس الخصوصية مقارنة بالثانوية العامة، فدروس الثانوى الصناعى أسعارها مقبولة، ولا يحتاج الطالب إلا أخذ دروس فى المواد الأساسية فقط، ولا يزيد مقابلها جميعًا طوال الشهر على 350 جنيهًا، أما المواد الفرعية فيمكنه أن يكتفى فيها بمجموعة مدرسية فقط، على عكس الثانوية العامة التى يصل ثمن الحصة فيها إلى 50 و100 جنيه. الطريق الأسهل للعمل أما زميلتهن بمدرسة المطرية الإعدادية «سارة»، فهى تتمنى ألا تكمل دراستها الجامعية من الأساس، فقط تريد أن تحصل على ثانوية فنية فى أى مجال، ولكنها مجبرة على دخول الثانوية العامة، رغم كرهها لها نزولًا على رغبة والدتها فى أن تصبح سارة مثل إخوتها الذين أنهوا دراستهم بالطب والهندسة والصيدلة، بل إن بعضهم ما زال يكمل دراسته الجامعية بالخارج، فكيف لابنتها ألا تكمل دراستها الجامعية؟ مجرد رغبة أهلها فى أن تصبح مثل إخوتها، جعل سارة فى حالة رفض لفكرة أن تصبح مثل أى شخص، هى تريد أن تكون نفسها، وأن تدرس ما تحب، «تريد طريق الثانوى الفنى لتعمل بعدها بإحدى شركات أبيها». طريق رشا من التمريض للحقوق وقالت رحاب محمد، طالبة الإعدادية، إنها لا ترغب فى دراسة الثانوية العامة فهى تخشى موادها الصعبة ومذاكرتها المرهقة، بالإضافة إلى صدمة المجموع غير المتوقع، وتفكر فى التقدم لدراسة التمريض العسكرى مثل قريبتها رشا السيد، التى استطاعت أن تحقق المستحيل كما يقولون، فمنذ عقد من الزمان وربما أكثر، تقدمت إلى الثانوية الفنية الصناعية، وأنهت عامًا دراسيًا كاملاً بها، والعام الذى يليه تقدمت لثانوى التمريض العسكرى وتم قبولها، وشاركت فى تدريبات شاقة فى الصحراء مثل الجنود، وتدربت على حمل السلاح والجرى به على الرمال، إلى جانب مواد التمريض، ونجحت فى الحصول على الدبلوم، ثم مالبثت أن قررت أن تدرس (ثانوى عام)، وبالفعل التحقت بكلية الحقوق ووصلت لعامها الأخير الآن. وبالعودة لرحاب، فإن والديها يرفضان أن تلتحق بغير الثانوى العام مهما وصلت درجة صعوبته، وأيًا كان المجموع الذى سوف تحصل عليه، فهما يثقان بها وبأنها سوف تحقق ما تريد عبر الثانوية العامة وليس أى طريق آخر. •