«ماعنديش أكونت ع الفيس ومش هعمل»، هكذا جاء ردها حازمًا، عن سبب عدم إنشائها لحساب خاص على «فيسبوك أو تويتر»، معللة قرارها بأنها لا تشعر بالاحتياج لهذه الحسابات، فالأخبار تملأ الصحف والقنوات والمواقع الإخبارية العادية، وهى ليست بحاجة لأكثر من ذلك. فى رأى الأربعينية إيمان الأمير، إخصائى أول بهيئة تعليم الكبار ومحو الأمية، أن البقاء على فيسبوك مضيعة للوقت، وسبب هدم بيوت وأسر، بحسب القصص التى تسمعها من أصدقائها وزملائها وما تعيشه مع أبنائها وزوجها، «كنا نشتكى من الخرس الزوجى، دلوقتى بقى فى خرس أسرى». الفيسبوك كما تتابع إيمان مع أبنائها وأصدقائها أحدث تباعدًا وشعورًا بالغربة داخل الأسرة الواحدة، بعد أن أصبح لكل فرد فيها عالمه الخاص به داخل هاتفه، فى غرفة مغلقة عليه أو حتى لو بقى بين الجالسين فى مكان واحد، فلا يعلم أحدهم شيئًا عما يتابع أويتفاعل الآخر ولا يشعر به، وليس هناك مجال للنقاش بينهم، بل وصل الأمر إلى أنه «تبقى قاعد بتكتب حاجة ع الفيس وتلاقى أبوك دخل علق عليك وهو قاعد جمبك فى البيت». تدرك إيمان من قراءاتها ومن متابعتها الأثر السيئ للفيسبوك على نفسية المستخدمين «الفيس يجيب اكتئاب، يجعل كل مستخدم وحيدًا فى عالمه الافتراضى، النقاش والترفيه أحاديث وهمية فى عالم خيالى، ليه أوجع دماغى وأضايق نفسى وأشغلها لما أشوف حاجة تزعلنى، وليه أكون رهينة لأى شىء حتى ولو كان موقع الكترونى، فى ناس بتقعد بالساعات على الفيس، وتفضله على أعمال ضرورية وزيارات عائلية وأحاديث أسرية، وكأنهم مدمنين». «ماحبش حياتى تكون ع المشاع» أسباب أخرى أيضا ساقتها إيمان لابتعادها عن فيس بوك منها «ماحبش حياتى تكون ع المشاع»، متسائلة: « مش عارفه إيه الدافع اللى بيخلى كل صاحب حساب على الفيس ينشر تفاصيل حياته الشخصية اليومية أمام الجميع، من يعرفهم حقا ومن لا يعرفهم، ويسمح لهم بالتعليق عليها، حتى إن كانت صورة، تجد الجميع يتحدث عنه ويتدخل فى حياته بطريقة غير لائقة وبدون أى حق». «الفيس علم الناس قلة الذوق» تعانى إيمان من تداعيات استخدام فيس بوك من زملائها أو أبنائها «الفيس خلى مناسباتنا بلا طعم، ففى عيد الميلاد يبعث لك البعض باقة من الزهور مع تعليق ما، أو «بوست» بكلمات معتادة باردة، وفى الأفراح يدعو صاحب الفرح أصدقاء الفيس ببوست، كما تقتصر التعازى على تعليقات عابرة، تجعل البعض يكتفون بها بديلا عن التواصل الهاتفى أو الذهاب لصاحب العزاء ومواساته والوقوف بجانبه، ومعرفة ما إذا كان مهمومًا أو بحاجة لشىء ما أم متماسكًا، وهو أيضا لا يشعر بمشاعر صاحب البوست الحقيقية، وربما يتعب نفسه بمحاولة تخمينها!!. ترى إيمان أن مواقع التواصل الاجتماعى حجمت الكثير من تنمية مواهب البعض، ومن تعلم الجديد فى مختلف المجالات، بعد أن أصبح الكثيرون يقضون يومهم كله أمام شاشة الموبايل، عدا ساعات قليلة يضطرون فيها لمواجهة الحياة اليومية الواقعية.