«وحوى يا وحوى أيوحا»... قد لا يعرف الكثيرون أن هذه الأغنية من الأغانى التى كان يرددها قدماء المصريين على ضفاف النيل منذ آلاف السنين فهى تحمل معنى ودلالة من التاريخ المصرى القديم ويرجعها البعض إلى احتفاء المصريين القدماء باسم الملكة « إياح حتب» أم البطل أحمس الذى هزم الهكسوس فخرج المصريون يحيونها فرحين بالنصر، وأن اسمها نفسه على اسم القمر، أما الكاتب محمد فهمى عبداللطيف فيذكر أن «وحوى» من الأغانى التى كان يرددها قدماء المصريين فأيوحة مأخوذة من «أيوح» اسم القمر فى الفرعونية وكانوا يغنون هذه الأغنية تحية للقمر عندما يهل فى كل شهر – كما ورد فى كتاب «رمضانيات» للشاعر مصطفى عبدالرحمن – والذى أرخ للأغنية الرمضانية فقال (إنها لم يكن لها وجود إلا على ألسنة المُسحرين، ولم تُعرف الأغنية الرمضانية كما يقول فى أيام المماليك، ولا الأتراك بمفاهيمها، ولم نسمعها إلا على ألسنة الرواة والمداحين) كالملاحم الشعبية، وقصص البطولة والمواويل. والأغنية الوحيدة التى اشتهرت كأغنية رمضانية أيام الإذاعات الأهلية هى أغنية تبدأ أيضا بوحوى واستمدت الأصل الفرعونى، وقد كتبها حسين حلمى المانسترلى وغناها أحمد عبدالقادر وتقول كلماتها: « وحوى وحوى إياحة / رحت ياشعبان إياحة / وحوينا الدار جيت يارمضان/ وحوى / هل هلالك والبدر أهو بان / شهر مبارك وبقاله زمان». ولم يلمع النص الجيد للأغنية الرمضانية إلا مع نشأة الإذاعة المصرية عام 1936، وتكليفها الشعراء بتأليف الأغنية الرمضانية ومن أشهرها قصيدة «رمضان» للشاعر محمود حسن إسماعيل وهى من ألحان محمد القصبجى، وغناء آمال حسين ويقول فيها: «ليال حسان / وشهر أمان / رعى الله فيه عيون الزمان / فما فيه شكوى لقلب يتيم / ولابائس لم يزره النعيم». إلا أن القمر باسمه الفرعونى ظل يخايل الشعراء -كما أراه- جذرا مضيئا للتواصل مع التراث، فها هو بيرم التونسى يحى طقس الغناء الفرعونى إذ يناجيه شاديا : « ياقمر طالع»، ( أيوحا) / بفانوس والع ( أيوحا ) / انت حبيبى (أيوحا) / إملالى جيبى (أيوحا) / سكر أحمر (أيوحا)/ وزبيب أسمر. إلا أن الشاعر عبدالفتاح مصطفى قد تمرد على الأغنية التراثية وقرر أن يغنى لرمضان بطريقة مختلفة فأنشد قائلاً: « ما بقاش وحوى ولا أيوحة / بقى مستقبل مرسوم لوحة / فى الجية قصادنا وفى الروحة ». ومع ذلك لازلنا نغنى على اسم القمر الفرعونى « وحوى ياوحوى أيوحا» كلما جاءنا الشهر الكريم اتصالا ببهجة عشناها ولا نزال. •