إذا دخلت بيت أى مصرى فى رمضان لن تستطيع أن تفرق إذا كنت فى بيت عبدالرحمن، أم فى بيت عم وهيب أو عند سيلفيا ومريم فى الطابق العلوى. عم وهيب وسيلفيا ومادلين ينتظرون الشهر الكريم من عام لآخر للاستمتاع به على طريقتهم الخاصة، ويحضرون له ويستقبلونه بالبهجة والترحاب، يوميات لا تنسى مع الفوانيس والخيامية وروائح رمضان وقطايف وسمبوسك وكنافة، وبوجى وطمطم على المفارش وخيامية على جدران البيت ومكتب العمل. يحكى صابر وهيب عامل البوفيه فى إحدى شركات الدعايا والإعلان، عن طقوس شهر رمضان فى حياته العملية والشخصية وكيف يتطور احتفاله بهذا الشهر عاماً وراء الآخر: «منذ ثلاث سنوات تقريباً، تسلمت مسئولية البوفيه والسكرتارية فى الشركة وأصبحت أنا المسئول عن تزيين الشركة قبل كل عيد، ففى احتفالات رأس السنة أقوم بتزيين شجرة الكريسماس ووضعها فى مدخل الشركة، وفى رمضان أجهز الفانوس الكبير وأضع بداخله لمبات جديدة ملونة لتضىء الشركة فى الليالى الرمضانية». عامًا بعد الآخر بدأ صابر يتعلق بزينة رمضان فبدأ يشترى أقمشة الخيامية ويزين بها جدران الشركة، وكذلك المفارش ويضعها على طاولات ومكاتب العاملين، إلى أن قرر أن تنتقل زينة رمضان من الشركة إلى بيته فى منطقة عزبة النخل. العام الماضى اصطحب صابر ابنه ستيفن وابنته مريم وذهبوا إلى الموسكى، واختاوا معًا فوانيس رمضان لأول مرة، وكذلك المخدات الفايبر المطبوع عليها أشهر الشخصيات الرمضانية «بكار وبوجى وطمطم وعم شكشك وظاظا وجرجير»، وبدأوا على الفور فى تزيين البيت المسيحى لأول مرة بزينة رمضان المميزة. «إحنا كأقباط بنعيش الأجواء الرمضانية كل سنة، فالروحانيات الجميلة تفرض نفسها فى كل شوارع مصر، والسهر لمشاهدة المسلسلات والاستماع لطبلة المسحراتى.. طقوس ممتعة يحب أى إنسان تجربتها»، هكذا يصف صابر وهيب طقوس رمضان بالنسبة له فى العمل والمنزل. هدايا مادلين ماركة مسجلة فى المترو شنطتها لا تخلو من الرسائل الربانية المطبوعة على شكل ميدالية، وكذلك بعض الإكسسوارات التى تقوم حفيدتها بتصنيعها يدوياً، وتبدأ فى توزيعها على البنات فى عربات السيدات فى المترو فى طريقها للعمل، فإذا كان اتجاه المرج هو اتجاهك فى المترو فبالتأكيد ستكون صادفت مدام مادلين مرقص. «المترو دايما زحمة وعلى طول خناق ومشاحنات، وكل يوم بقابل بنات لسه فى بداية حياتهن، لكن على ملامحهن نظرة حزن ويأس غريبة، فقررت أن أحاول تخفيف الحزن بهدية بسيطة يكون لها معنى»، تكشف مادلين عن سر الهدايا التى توزعها لركاب المترو من السيدات. فى رمضان يزيد على ملامح الحزن علامات التعب والإجهاد بسبب الصيام طوال اليوم وحرارة الجو والرطوبة العالية، لذلك تحرص مادلين على أن تكون عادة توزيع الرسائل الربانية والهداية يومية فى رمضان. «ربنا بيحبك أوى، هتفرج قريب، اضحك تضحك الحياة وغيرها من الجمل الإيجابية التى تبعث الأمل فى النفوس وتخفف من الطاقة السلبية».. هى هدية مادلين، أما عن الإكسسوارات فتؤكد مرقص أن حفيدتها تعشق الأعمال اليدوية ولأنها فى بداية حياتها فلا تستطيع التسويق لمنتجاتها بشكل كبير، فقررت أن تكون هى الداعم الأول لها وتشترى منها جزءًا من الأساور المشغولة بخيوط الكروشيه الملونة لتوزيعها على الأطفال وبنات الجامعة. وعن تفاعل الناس معها، تقول: «فى البداية كان الناس تستغرب لدرجة إن فى ناس بتفكرنى ببيعهم، وناس تانية كانت بتقلق وتخاف، لكن مع الوقت الناس حفظت ملامحى واختفى القلق والخوف». سيلفيا: أصوم مع أصدقائى أيام المدرسة «أنا عشت كتير فى بيوت أصحابى وجيرانى المسلمين، وذكريات طفولتى كلها معاهم وفاكرة الاحتفال برمضان والأعياد، فى رمضان كان عمو عبدالعزيز يشترى لى الفانوس عشان ألعب بيه مع نادية ونادين، وفى أواخر رمضان عشت كواليس تنظيف البيت استعداداً للعيد، وتجهيز الكحك البيتى بالسمنة البلدى مع طنط». 24 عاماً تحتفل سيلفيا راضى بقدوم شهر رمضان مع أصدقائها، وتحرص على الإفطار معهم، وأحياناً تذهب لبيت جارتها مساء للاستمتاع بطبق القطايف المحشية جبنة على سفرة السحور، أما حضور الإفطار الجماعى أيام الجامعة فهو أمر مفروغ منه طوال سنين الكلية. حالياً تعمل سيلفيا فى واحدة من أكبر شركات الأدوية فى مصر، وفى رمضان الماضى وجدت نفسها تصوم ساعات النهار بأكملها مع زملائها وتنتظر وقت أذان المغرب لتستطيع أن تشبع رغبتها فى شرب الماء البارد. وعن هذه العادة تقول سيلفيا: «من أيام المدرسة، كنت أرفض أشرب أو آكل وقت الفسحة عشان أصحابى الصايمين، وبحس إنى بأكل وسط مجموعة ممنوعة عن الأكل والشرب شىء لايليق، وعدم احترام لمشاعر الآخرين، فتدريجياً بقى صيام رمضان عادة ومشاركة وجدانية لأصدقائى». •