هى امرأة هادئة رقيقة لا تخرج العيبة من لسانها، لكنها على مواقع التواصل الاجتماعى شىء آخر.. لسان فالت.. وتعليقات قبيحة.. صداقات متعددة وحرية مزعومة. وقد يبدو هذا الرجل متزنًا عاقلًا لكن تعليقاته على صور الفنانات والأخبار ما هى إلا تحرش جنسى. موظفة بسيطة، لا تفعل شيئًا فى يومها سوى الذهاب لعملها الإدارى والعودة لمنزلها لا تستطيع حتى إن تخرج قبل دقائق من موعد الانصراف لكنها على مواقع التوصل الاجتماعى تنظر وتهاجم ثورجية من منازلهم. فخلال السنوات الخمس الأخيرة أصبح الحكم السائد أنه كلما كان لسانك أكثر بذاءة كلما صنفت أكثر جرأة وأكثر تحضرا، وكلما لعنت وهاجمت بأقذر الألفاظ كلما كنت مناضلا ثورجيا، وكلما كانت الشتيمة بألفاظ صريحة ومباشرة كلما كنت حرا طليقا وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعى هى الشغل الشاغل للرجال والنساء والشباب حاليا وأصبحت هى المتنفس الوحيد لديهم فى الحياة بعد غياب طقوس الحياة الصحية لدى الكثير كالعمل الجاد والحياة الأسرية السليمة، والعلاقات الاجتماعية القوية والصداقات الناجحة والقدرة على رؤية عوالم حقيقية وليست عوالم افتراضية وتحقيق الذات. وينقسم الشاتمون على الفيس بوك لأنواع : منهم من يبحث عن دور لأن حقيقته ما هى إلا إنسان مغمور لا يفعل أى شيء ذى جدوى قد يكون عاطلًا أو يعمل عملًا روتينيًا لا يحقق فيه أى نجاح ولا يشعر بذاته فيجد من الشتيمة على الفيس بوك تحقيقا لذاته المريضة من خلال لفت النظر بأى شكل، فينتقد ويشتم وينظر على كل الأوضاع مستخدما لغة العصر حتى يظهر أنه متواكب مع من حوله من المرضى الآخرين. ونفس الأمر ينطبق على النساء فقد تكون مقهورة فى بيتها وفى عملها لا تقدم شيئًا ذا أهمية فتتخيل أن مجرد تواجدها على الفيس بوك بهذه الطريقة (دوشة) تخلقها لنفسها وتخلق لها إطارًا من الشعبية الزائفة مع من حولها .وقد يتطور الأمر معها فيكون لها معجبون. المزيفون الشريحة الأخرى من هؤلاء الشاتمين هم من يستخدمون أسماء أخري وحسابات مزيفة يخفون شخصياتهم الحقيقية وراءها وهم عادة جبناء لا يستطيعون المواجه ويجدون من السب والشتيمة مصدر قوة وجزء كبير منهم متحرشون يتابعون الشخصيات العامة والفنانين وتعليقاتهم موجودة دائما على الإخبار وعلى حفلات الفنانين وعلى صور البنات. مجموعه ثالثة من الشتامين هم من يطلقون عليهم نشطاء الفيس بوك وهم متخصصون فى الشتيمة على الأحداث السياسية كنوع من أنواع النضال بعضهم معروف ولديهم متابعون كثر والجزء الأكبر منهم مدعو بطولة فقد وجدوا الدنيا تتحرك وتتغير سريعا بينما هم واقفون فى محلهم يندبون حظهم. ظاهرة أخرى وهى الجروبات سواء على الواتس آب أو على الفيس بوك وسواء أن كانت المجموعة رجالا أو نساء يعرفون بعضهم وهو ما يتم خلال الواتس آب أو لا يعرفون بعضهم كالجروبات على الفيس بوك المغلقة والتى أصبحت منتشرة كجروب (جت فى السوسته) وهو جروب رجالى والآخر نسائى (جت فى الكوبشة) حيث يتشارك مجموعة من النساء فى أدق تفاصيل العلاقات الزوجية ويتبادلن النكت القبيحة والبوستات الفاضحة كنوع من السخرية والهزار فيما بينهن دون سابق معرفة حتى إن إحداهن قد شيرت صورة من خطوبتها وعلى سبيل الهزار كتبت أخيرا ثم نعتت العريس باسم حيوان ليتبادل كل الجروب الشتيمة فى زوج المستقبل. قيمة الوقت عما وصلنا له فى المجتمع وأسباب ذلك تقول نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان بعد ثورة يناير حدث انفلات لم يجد أحد يتصدى له وحتى الإعلام نفسه لم يتصد له بل ساهم فى نشر السلبيات على عكس بلدان أخرى تحاول الترويج للجمال والأخلاق من خلال إعلامها والدراما والسينما. وساهمت الثورة فى خروج أسوأ ما لدينا فالذى كان يقف فى ميدان التحرير وبجانبه أستاذ جامعى أو مثقف وهو لا شيء، خلق هذا عنده إحساسًا بالدونية والقهر وخرج ليدمر الموروث الأخلاقى. فالإنسان بطبعه يميل للهمجية فإذا جئنا بطفل وألقينا به فى غابة مثلا ولم نعلمه وسائل التعايش الراقية سيعتاد على ذلك سيأكل وينام ويقضى حاجته كالحيوانات ،أيضا هذا ما حدث بعد ثورة يناير والدور هنا كان دور الإعلام والقوى الناعمة والتى تخلت عن دورها واتخذت موقفا سلبيا. وتابعت: وسائل التواصل الاجتماعى توفر مناخًا من الانتقام والحقد يجعل الإنسان ناقمًا على حياته ويفجر طاقته السلبية. •