رئيس برلمانية حزب التجمع يطالب بمراجعة أي مواد تصيب الخريطة الانتخابية بعدم الاستقرار    "التميز في النشر العلمي الدولي" ورش عمل بجامعة حلوان    برواتب تصل إلى 290 دينار أردني شهريًا.. وظائف خالية اليوم    «التضامن» تقر قيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    توريد 408 آلاف طن من القمح بصوامع المحافظة منذ بدء موسم 2025.    الأهلي كابيتال تبيع كامل حصتها في مصر للأسمنت قنا بقيمة 288 مليون جنيه    الحكومة تستعرض تفاصيل مشروع القطار الكهربائي السريع.. 2000 كم و60 محطة لنقلة حضارية في النقل الأخضر    رئيس شركة "شل" يؤكد للسيسي الحرص على الشراكة الاستراتيجية مع قطاع البترول والغاز المصري    اعتماد المخطط التفصيلي ل4 قرى بمدينة طلخا في الدقهلية    الجامعة العربية: فقدان التنوع البيولوجى تهديد مباشر لرفاهية الإنسان وأمن المجتمعات    مصر والإمارات تبحثان تطورات مفاوضات اتفاق الشراكة الاستراتيجية    غولان يحمّل نتنياهو مسؤولية "تعريض اليهود للخطر"    واشنطن تشتعل صدىً لغزة.. هجوم يهز المتحف اليهودي بشعار "الحرية لفلسطين"|التفاصيل الكاملة    فرنسا تصمم على الاعتراف بدولة فلسطين.. ووزير الخارجية: غزة أصبحت فخا للموت    معاريف: إطلاق النار بواشنطن ثاني فشل ل الموساد خلال عام    هآرتس: إسرائيل في طريقها لتصبح منبوذة وعليها إنهاء الحرب    مواعيد مباريات الأهلى فى كأس العالم للأندية 2025    سيارات معجونة مثل الكانز.. حادث دائري البساتين نتج عنه مقتل شخص وإصابة 15    تعرف على حالة الطقس اليوم الخميس 22-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    محافظ الفيوم يشهد حفل توديع حجاج الجمعيات والمؤسسات الأهلية    ضبط 19 متهم وبحوزتهم كمية من المواد المخدرة ببورسعيد    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    ضبط المدير المسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    الأحد.. وزير الثقافة يدشن تطبيق "ذاكرة المدينة" الخاص بجهاز التنسيق الحضاري    الليلة.. قصور الثقافة تقيم معرض تجربة شخصية بالعريش ضمن مشروع المعارض الطوافة    وزارة الصحة تنظم ورشة عمل لتصحيح السلوكيات والممارسات أثناء عيد الأضحى    قائد الجودة الصحية في مصر.. أحمد طه يفوز بجائزة الطبيب العربي لعام 2025 من «وزراء الصحة العرب»    جامعة المنيا تختتم مهرجان حصاد كلية التربية النوعية    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp 23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات اليوم    بطولة أحمد داش.. الفيلم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر السينما    مواجهات حاسمة في نصف نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الاتفاق في الدوري السعودي    امتحانات الثانوية العامة السنوات السابقة pdf.. امتحان الأحياء للصف الثالث الثانوي (أسئلة وأجوبة)    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي 2025 في محافظة القاهرة (فور ظهورها)    الاحتلال الإسرائيلى يحرق مستودع الأدوية بمستشفى العودة شمال غزة    نصف نهائي بطولة أفريقيا لليد.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك والترجي    وزير الصحة يبحث مع ممثلي «البنك الدولي» دعم البنية التحتية لمشاريع «حياة كريمة»    سعر الدولار اليوم الخميس 22 مايو 2025 في البنك المركزي    سول: بيونج يانج أطلقت عدة صواريخ كروز باتجاه البحر الشرقى    تقرير رسمى: تحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ بداية العام وحتى الآن    دوري أبطال إفريقيا.. بيراميدز يشارك في حفل "كاف" للكشف عن الشكل الجديد لكأس الأبطال    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    تحقيقات «حادث الواحات»: تجاهل استخراج التصاريح والتنسيق مع جهات توصيل الغاز وراء الانفجار    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    الزمالك يُكثف استعداداته لمواجهة بتروجت في دوري نايل    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    عمرو درويش: تعديل قانون انتخابات النواب والشيوخ لمراعاة التوازن والتوزيع العادل للسكان    الاسم زوج..والفعل «مستعار»    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‬الجماهير‮ .. ‬فك وتركيب‮
نشر في صباح الخير يوم 07 - 02 - 2018

كتب الأستاذ طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية‮ ‬ أغلقت الصحيفة لأسباب مالية مقال بعنوان‮ (‬فى تحية الميدان‮.. ‬وبهية‮) ‬عن ذكري‮ ‬25‮ ‬يناير ونشره فى السوشيال ميديا‮.‬
اختلف مع ماجاء فى المقال كرأى لكن داخل المقال طرح الأستاذ سلمان سؤالا يبدو‮ ‬غريبا: يتساءل الأستاذ سلمان‮ «من أين جاءت تلك الملايين وأين اختفت،‮ ‬تاركة خلفها الفراغ‮ ‬ولا صدى».‬
ملايين من ربوع مصر
الشق الأول إجابته تبدو بديهية فهذه الجماهير المليونية أتت من ربوع مصر واحتشدت فى الميدان مدركة حقيقة ما يحدث أو‮ ‬غير مدركة ولكنها احتشدت‮.. ‬وبالتأكيد هى جماهير مصرية فلا يمكن استيراد هذا العدد المليونى من الخارج‮.‬
سر الجماهير المختفية
يبقى الجزء الثانى من السؤال حول اختفاء الجماهير وهى لم تختف فقط بل تركت فراغا وبلا صدي‮!! ‬
أتصور أن الأستاذ سلمان كان متابعا للأحداث التى أعقبت يناير الى ثورة‮ ‬30يونيو‮ ‬2013‮ ‬وشاهد الجماهير‮ »‬المختفية‮« ‬حسب تعبيره‮ ‬تخوض نضال شرس حتى أصلحت خطأ جسيم تورطت فيه أوصل الفاشيست الأخوان للحكم وأنهت الجماهير‮ »‬المختفية‮« ‬هذه الكارثة التى حلت علينا‮.‬
هناك بعض الأراء بحسن نية أو بغيرها ترى أن الجماهير هى حالة فك وتركيب فهى تركب الجماهير لتظهرها وتتعاطف معها عندما تكن متفقة مع تصورها وإذا اتخذت قرارا مخالفا لتصورها يتم فك الجماهير وإخفاؤها مثلما لا يراها الأستاذ سلمان‮.‬
دعونا نسير وراء القصة الخيالية المسماة اختفاء الجماهير بعد يناير وفى حالات الاختفاء نلجأ لعمليات التحقيق ونطرح الأسئلة كما طرحها الأستاذ سلمان حتى نعثر على الجماهير الضائعة أو المختطفة ونريح الباحثين عنها المحزونون على اختفائها الغامض‮.‬
حالة استثنائية للجماهير!
الباحثون عن الجماهير لا يرونها إلا فى حالة واحدة وهى حالة الحشد وهذه الحالة هى استنثنائية فى المجتمع البشرى،‮ ‬فعندما نسير فى الشوارع وحولنا الجماهير فى كل مكان لا يعتبر المحزنون على الجماهير هذه الملايين المندفعة فى عملها اليومى الدؤوب جماهير‮.‬
تسقط عنها الصفة الجماهيرية لأنها لا تحمل لافتات وتهتف بشعارات،‮ ‬فالعمل اليومى والبناء لا يليق بالجماهير التى خلقت فقط من أجل إرضاء التسامى الثورى عند المحزونيون‮. ‬
هذا فى حالة الجماهير بصفة عامة،‮ ‬أما الحالة الخاصة بالجماهير المصرية فالمحزونين عليها يرون أنها اندثرت بعد يناير وخلال العامين اللذين أعقبا‮ ‬2011‮ ‬لم تكن الملايين الهادرة فى شوارع مصر حتى حققت هدفها بطرد قوى الظلام‮.. ‬جماهير‮. ‬
هذه الحالة من الفك والتركيب التى يقوم بها المحزونون على الجماهير‮.. ‬تلزم منا أن نفهم نحن ماذا فعلت الجماهير المصرية ولا نحاول فهم طبيعة المحزونين لأنهم سيظلوا فى حزنهم الأبدى على الجماهير المختفية فى عيونهم‮، الظاهرة بوضوح فى الواقع‮.‬
تحرك الجماهير ضد حكم وليس ضد دولة
تحركت الجماهير المصرية فى المرة الأولى ولها هدف واحد تغيير نظام حكم لم يعد محل ثقة فى وجدانها،‮ ‬أما الدولة المصرية العريقة فلم تكن هذه الجماهير فى حالة صراع معها بل على العكس هى فى خروجها الأول هذا كانت تريد دولة أقوى وأفضل وأكثر انضباطا‮.‬
إذا لم يكن خلاف الجماهير مع الدولة بل مع نظام،‮ ‬هنا نعود لأسئلة التحقيق كيف اختارت الجماهير أعداء الدولة من الفاشيست الإخوان فى لحظة تاريخية عبثية ليتولوا إدارة الدولة أو بمعنى أصح تخريب الدولة؟
الحقيقة الجماهير لم تختر فالاختيار يعنى الحرية العقلية الكاملة والجماهير تم سلب هذه الحرية منها ليس عن ضعف أو استسلام لكن نتيجة سياسات رديئة استمرت على مدار‮ ‬40‮ ‬عاما أدت إلى تغييب الهوية المصرية الأصيلة وجعلت العقل المصرى أسير خرافات اجتماعية وسياسية روج لها تجار الدين من الفاشيست الإخوان وأذنابهم من السلفيين فشوهت الاختيار السليم‮.‬
بداية السياسات الرديئة
هذه السياسات الرديئة بدأت فى مصر الساداتية عندما تم إطلاق أيدى الفاشيست الإخوان وأذنابهم ليعيدوا تشكيل المجتمع المصرى ويزرعوا‮ ‬فيه خرافاتهم وفتنهم ورغم أن مطلق سراح هؤلاء الفاشيست الرئيس السادات اعترف بخطئه فى خطاب سبتمبر الشهير فى العام‮ ‬1981‮ ‬إلا أن النظام الذى أعقبه لم يتعلم الدرس وما فعله فقط كان التغيير فى بعض التفاصيل‮.‬
الأعوام الثلاثين التى أعقبت السادات رسخت للأسف من سطوة الفاشيست على المجتمع ظن الواهمون أن تسليم المجتمع للفاشيست سيبعدهم عن المجال السياسى ولكن الحقيقة سلم الواهمون إلى الفاشيست مفاتيح المجتمع على طبق من فضة ومفاتيح السياسة أيضا والعقل المصرى باختياراته‮.‬
خروج ضد من رطوا الأمة
يأتى الخروج الثانى للجماهير فى ثورة‮ ‬30‮ ‬يونيو لإصلاح خطأ من ورطوا الأمة فى الخطأ بسياساتهم الرديئة وتحرير العقل والهوية المصرية من خرافات وفتن الفاشيست وأذنابهم‮.‬
هذه الوقائع والحقائق الراوية لخروج الجماهير المصرية أولا وثانيا لم تكن سرية أو تدور في‮ ‬غرف مغلقة بل كانت معلنة وتنقل على الهواء مباشرة للعالم أجمع،‮ ‬لكن هواة فك وتركيب الجماهير قاموا بعمل مونتاج لحركة الجماهير ليصنعوا الفيلم الخاص بهم‮.‬
ليتهم سيشاهدون الفيلم فى نوادى الفك والتركيب محدودة العضوية لكنهم يريدون فرض فيلمهم على المشاهدين كافة وإقناعهم أنه الحقيقة دون مونتاج‮.‬
هناك نقطة أخرى أثارها سؤال الأستاذ سلمان لا تتعلق فقط باختفاء الجماهير ولكنها أيضا‮ ‬تركت وراءها فراغا بلا صدى أى اندثرت تماما ولم يعد لها وجود يوم أن تركت الميدان‮. ‬
يبدوا أمر نظرية الفراغ‮ ‬المؤدى إلى الاندثار الجماهيرى عجيب فلو ذهبت الجماهير إلى المصانع والمزارع والجامعات والمؤسسات لتؤدى أعمالها،‮ ‬فهذا يعنى وفق مفهوم الفك والتركيب ونظرية الفراغ‮ ‬بلا صدى أنها اندثرت فما فائدة عمل الإنسان وتقديمه إنتاج يخدم الأمة أمام تخليه عن جماهيريته وميدانه الرائع؟ لأن نظرية الفراغ‮ ‬بلا صدى تقول ذلك‮!!‬
نجد فى هذه النظرة المتعلقة بتفكيك وتركيب الجماهير نوعا من التعالى المقيت كأن الجماهير أو الشعوب كائنات بلا عقل تنتظر مهندسى التفكيك والتركيب ليضعوها فى المكان الذى يرونه مناسبا لها ويوجهونها إلى مصلحتها التى لا تعرفها ويعرفها فقط أصحاب نظرية الفك والتركيب‮.‬
الأمة المصرية السابقة فى وجودها على التاريخ والوجدان الجمعى لهذا الشعب الذى أنتج سبعة آلاف عام من الحضارة المستمرة لا ينتظر المفككين والمركبين ليتفضلوا عليه ويضعوه فيما يرونه مناسبا لتصورات عقلوهم الممتلئة بالفراغ‮.‬
نعود من جديد لأسئلة التحقيق‮.. ‬لماذا يحزن وينشغل أصحاب الفك والتركيب ونظرية الفراغ‮ ‬بلا صدى بمصير الجماهير إلى هذا الحد؟‮ ‬
هل يريدون إنقاذها من الوقوع فى حالة الاختفاء ودخول عوالم الفراغ‮ ‬التى لا عودة منها حتى بالصدي؟‮ ‬
القاعدة والاستثناء
لا تعطينا النظرة المتعالية لأصحاب التفكيك والتركيب تجاه الجماهير إحساسا بأنهم يسعون لإنقاذ بل هم يريدون جعل الاستثناء هو القاعدة والعكس،‮ ‬فالجماهير المحتشدة بسبب وضع خرجت لتغييره هو القاعدة والجماهير التى تعيش يومها الطبيعى هو الاستثناء‮. ‬
لذلك عندما يقومون بتركيب الجماهير فى وضع الاحتشاد والترويج لهذه الصورة يريدون توصيل إحساس لهذه الجماهير بأن اليوم الطبيعى أو الدولة المستقرة وعملهم من أجل التقدم أعداء المكاسب التى سيأتى بها الاحتشاد المزعوم أو الاسم الحقيقى لهذا الاحتشاد وهو الفوضى أكلة الدولة‮.‬
ترويج الفوضى بالكلام الذى لا يحمل أى كلام على طريقة الفراغ‮ ‬بلا صدى والأسئلة المسرحية أين الجماهير والملايين؟ مع تغليف دعاية الفوضى بالبكائيات تسخر منه الجماهير وترد عليه يوميا وهى تعمل فى المصانع وتدرس فى الجامعات وتحصد من المزارع‮.‬
أما أصحاب التفكيك والتركيب فمصيرهم إلى الفراغ‮ ‬الذى لاعودة منه ولا حتى بالصدي‮. ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.