إذا كانت حواء تحلم باليوم الذى تلبس فيها فستانها الأبيض وتسدل شعيراتها الرفيعة عليه ويلتف حولها صديقاتها وأصحابها فى ليلة العمر.. فإن آدم لا يفكر سوى فى شيء واحد وهو ما بعد الفرح وليس الفرح نفسه. تلك هى الحقيقة.. آدم لا يعنيه الزفة ولا الصور ولا session ولا أى مما سبق.. كل ما يفكر فيه هو كيفية أن يترجم ما رآه طيلة حياته لواقع ملموس، والرغبة بلا شك متوافرة لدى الطرفين، وإن اختلفت آليات التعبير عنها.. لكن ما أعنيه هو «السربعة» على أن يظهر لنفسه أنه «تمام».
يقترب آدم منها فى ليلة البناء.. تظن أن سيقوم بطبع قبلة رقيقة على جبينها ويضمها إلى صدره كما ترى فى المسلسل الهندى «لين».. تحلم بأن تداعب يده خصلات شعرها الجميل، وأن تدغدغ كلماته قلبها العليل من مرار ما لقته قبل يومها هذا.. لتحس بقشعريرة لذيذة تقطع أوصالها قبل أن تستيقظ من حلمها الوردى على صوت أجش من زوجها وهو يصرخ «مش يالله بقى ولا هنقضيها سماعي». فى تلك اللحظة تشعر حواء بدونية لا حدود لها.. مجرد إناء لقضاء الحاجة.. لا فارق بينها وبين قريناتها.. سواء أكان هذا «التواليت» بلدى أو حتى Ideal Standard لأنه سيتركها بعد أن يفرغ حاجته لتتعذب بنار الوحدة وزوجها يوليها ظهره على نفس الفراش. تتجاوز حواء الموقف.. لا يمكن أن تطلب الانفصال لمجرد أنه تعامل معاها - فى المرة الأولى - كجسد بلاروح.. تحاول أن تكسبه لصالحها... تقدم كل ما يمكن أن تقدمه زوجة لزوجها.. من حب ومودة واحترام وتقدير. لاتضع حدوداً فاصلة بين أموالها وأمواله.. تعطى له مفتاح سيارتها وكأنها ملكاً له.. تتناسى أنها دعمته - من دون علم أهلها - ليستطيع أن يكمل ثمن الشقة التى يعيشان فيها، ورغم ذلك كان عقدها مذيلاً باسمه فقط. تمر الأيام.. وتترسخ الصورة.. مجرد إناء فى آخر الليلة وخادمة له طوال النهار... هو لا يتحدث معها.. لا يشاركها الرأى.. لا يتقرب منها.. إلا بالليل فقط. فى الحقيقة هو لا يعرفها.. رغم أنه يعرف «خريطة جسدها» لكنه لم يسع يوماً أن يدرس خريطة عقلها.. أحلامها.. طموحاتها.. آمالها.. وكيف يمكنه أن يساعدها على ذلك. فى ذات ليلة قررت أن تواجهه.. حاول الهرب أكثر من مرة لكنها أغلقت عليه كل السبل.. لتجبره على الجلوس أمامها.. وقالت: «لن أطيل عليك.. سوف أسالك سؤالاً واحداً «لماذا تزوجتني؟».. فرد ببلاهة: «زى الناس يعني». قاطعته بصرامة: «أرجوك رد بشكل مقنع. فأجاب: «زى ما كل الرجالة بتتجوز عشان عاوز أبقى أب وأكون أسرة». «يعنى أى واحدة كانت ممكن حضرتك تتجوزها عشان تحافظ على النوع.. مش أنا تحديداً».. هكذا قاطعته. رد قائلاً: «مالك يا حبيتى بس.. أنا بحبك أنتي» نهرته صارخة: «عمرك سألت نفسك.. أنت قدمت لى إيه.. تعرف عنى إيه.. ياراجل أنت عمرك ما سألتنى شغلك فى الجامعة عامل إزاى.. أخبار الرسالة إيه.. عمرك ما عرضت تساعد - ولو عزومة مراكبيه-. عمرك ما فكرت تجيب لى هدية.. تخفف عنى شوية.. تشتريلى وردة حتى.. تطبطب على.. تاخذى فى حضنك - بس من غير ما تكمل القرف بتاع كل يوم - حضن للحضن. تعجب من قولها وصرخ: «إيه ده كله أنتى شايلاه فى قلبك كل ده وساكتة».. «قلت يمكن البعيد يحس يمكن البعيد يفوق.. بس واضح أن مفيش حل».. أنا بجد تعبت. يعنى إيه يعنى «طلقني»