تأسست المخابرات البريطانية (MI6) منذ عهد الملكة إليزابث الأولى، وقد اقتدت بها على مر السنين أكثر تنظيمات المخابرات فى العالم.. وجهاز (MI6) هو جهاز مستمد من مكتب الخدمات السرية والذى تأسس عام 1909، وكان ذلك بمبادرة مشتركة من الأدميرالية البريطانية ومكتب مراقبة عمليات المخابرات السرية فى بريطانيا والخارج. و كان التركيز فى تلك الفترة على أنشطة الحكومة الألمانية إلى أن خضع المكتب للواء البحرية والتى تخصصت مع الزمن فى عمليات التجسس الخارجى ومكافحة أنشطة التجسس الداخلى، وقد حدث هذا رسمياً قبل عام 1914.. ومع بداية الحرب العالمية الأولى، خضع القسمان لتغييرات إدارية وتشكلت دائرة الاستخبارات العسكرية والتى عرفت حينها ب(MI6) الاسم الذى لايزال يطلق عليها حتى الآن، وكان أول مدير لها هو السير النقيب مانسفيلد سميث كمنج. ورغم التغيرات فى تسمية الجهاز على توالى السنين فإن (القسم الخارجي) لم يزل مسئولاً عن جمع المعلومات الأجنبية منذ تأسيسه. وخدمة الاستخبارات السرية، تعرف بصورة عامة باسم (إم آى 6) (MI6)، استخبارات عسكرية، قسم 6)، هى مكتب الاستخبارات الخارجية للملكة المتحدة تحت إدارة هيئة المملكة المتحدة المشتركة للاستخبارات(UK Joint Intelligence Committee)يتعاون جهاز المخابرات بصورة وثيقة مع جهاز الأمن الداخلى البريطانى وجهاز الاتصالات الحكومية البريطانية، (خدمة الأمن) (إم آى 5)، اتصالات الحكومة، المركز الرئيس (GCHQ) وموظفى الاستخبارات الدفاعية (DIS).. وتكون الإس آى إس مسئولة عن نشاطات التجسس للمملكة المتحدة خارج المملكة عبر الدول المختلفة.. وليس جديداً أن يكون للاستخبارات البريطانية (MI6) دور فى الشرق الأوسط أو البلدان الأفريقية بحكم كونها إحدى ممالكها القديمة، التى ظلت واقعة تحت الاستعمار الإنجليزى لأكثر من قرن، حتى تغيرت موازين القوى، وباتت الولاياتالمتحدة هى القوى العظمى المتحكمة فى العالم ومسيطرة عليه، وحتى لا تفقد بريطانيا كل شىء باتت الحليف الأقرب للأمريكان والشريك الأساسى له فى المنطقة. وكشفت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، عن أن جهاز (MI6) يقوم من خلال محطة سرية بمراقبة واعتراض كميات هائلة من رسائل البريد الإلكترونى والبيانات من الشرق الأوسط، حيث تمثل تلك المحطة قيمة لدى بريطانيا وكذلك الولاياتالمتحدة، لأنه يمكنها الوصول إلى الكابلات البحرية التى تمر عبر المنطقة، حيث يتم نسخ جميع البيانات ورسائل البريد الإلكترونى والتى توجه نحو كمبيوترات عملاقة للتخزين قبل عملية فلترة للحصول على البيانات المهمة. وتعد عملية جمع البيانات جزءاً من مشروع للإنترنت قيمته ما يقرب من مليار دولار رصده جهاز (MI6)، وهو بدوره جزء من منظومة أكبر للرصد والمراقبة تحت اسم «تيمبورا»، الذى يستهدف اعتراض جميع الاتصالات الرقمية حول العالم مثل رسائل البريد الإلكترونى والرسائل النصية من الهواتف فى بلدان الشرق الأوسط. وعلى الصعيد السورى، أجرت الاستخبارات البريطانية اتصالات مباشرة على مدار أشهر طويلة مع نظام الرئيس السورى بشار الأسد، من خلال موظفين تابعين للجهاز فى الفترة التى سبقت الحملة العسكرية الغربية التى يقودها التحالف ضد تنظيم «داعش»، حيث كان ضباط (MI6) على اتصال مع مسئولين فى المخابرات السورية فضلاً عن دبلوماسيين سوريين كبار. من ناحية أخرى، ساعدت بريطانيا عن طريق مخابراتها الجيش السورى الحر على شن هجمات على قوات النظام، بمعاونة جواسيس ألمان يتمركزون قبالة السواحل السورية لإمداد المعارضة بالمعلومات عبر صور الأقمار الصناعية تخص الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، وعبر البوابة التركية، حول شحنات السفن الروسية والصينية والإيرانية إلى حليفها السورى فى ميناء طرطوس.. ولبريطانيا قاعدتان عسكريتان فى قبرص، الأولى فى «ذيكيليا»، والثانية فى «أكروتيرى» تحصلان على معلوماتهما من المركز الوطنى للمراقبة الإلكترونية فى «شلتنهام» غرب إنجلترا.. وأوضحت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية تعاون جهاز (MI6)، مع حكومة رجب طيب أردوغان، لإمداد المعارضة السورية بالسلاح، على الرغم من أن الغالبية العظمى منهم هم الجهاديون الذين تتشابه أفكارهم مع أفكار تنظيم القاعدة، وجاء ذلك فى تقرير للصحفى البريطانى سيمور هيرش. وفى ليبيا، وضعت الاستخبارات البريطانية خطة لتهريب الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى إلى خارج بلاده خلال الثورة التى اندلعت ضد نظامه فى 2011، وهذه الصفقة التى كانت تعد لها الاستخبارات البريطانية لم تنفذ، لأنه تم اغتيال الرئيس الليبى فى أكتوبر عام 2011، وذلك وسط تكهنات بأنه قُتل خلال عملية تهريبه للخارج، حسب ما جاء فى كتاب «فيها معاً» للمؤلف البريطانى «ماثيو دانكونا»، الذى أشار إلى أن الخطة كانت تهدف إلى إحالة القذافى للتقاعد، ونقله إلى بلد أفريقى لا يخضع لقوانين محكمة الجرائم الدولية، واعتبر جهاز (MI6) ذلك حلاً مناسباً يضع حداً للدمار وإزهاق الأرواح خلال الثورة ضد حكمه. وأثناء الثورة ضد نظام القذافى، سافر أندرو ميتشيل، وزير التنمية البريطانى ليبيا، لمناقشة الخيارات المتاحة أمامه والتفاوض معه على الرحيل، وحضر اجتماعاً للاتحاد الأفريقى فى عاصمة غينيا الاستوائية «مالابو» فى 2011، بالنيابة عن الحكومة البريطانية لحشد التأييد لسياسة التدخل فى ليبيا. واستندت الخطة البريطانية إلى أحداث مشابهة فى خطتها لتهريب القذافى، حيث سبق إحالة الرئيس الأوغندى الأسبق عيدى أمين للتقاعد، ونفيه إلى المملكة العربية السعودية ليقضى فيها بقية أيامه.•