هذا هو ملخص ما يمكن أن توصف به نتائج الانتخابات البرلمانية التى جرت فى هذه البلاد فى غير موعدها وبرغبة من «تيريزا ماى» المرأة التى شاء حظ الناخبين أن يجدوها على رأس الحكومة مع أنهم لم يكونوا انتخبوها لهذا المنصب. «امرأة ميتة تمشى»! هكذا وصفتها الصحافة على صفحاتها الأولى، بعد ظهور النتائج وفشل السيدة «ماى بى» كما أطلقت عليها بعض الصحف (والكلمة تعنى طبعا بالعربية: «ربما»)..! فشلت السيدة «ربما» فى الحصول على ثقة الناخبين، ولم تستطع هى وحزبها «المحافظين» أن تحقق الفوز بعدد كاف من مقاعد البرلمان «مجلس العموم البريطانى» ففقدت 23 مقعدا وحصلت فقط على 318 وهذا لايخولها تسلم السلطة وحكم البلاد، فالمطلوب الفوز بمالايقل عن 326 مقعدا. وكان هذا الفشل تعبيرا عن استياء الناس من سياسة الحكومة. واتهم بعض أعضاء الحزب السيدة «ربما» بأنها فاقدة للقدرة على التواصل مع الناس، وأنها أصبحت كالبطة العرجاء لاتستطيع الجلوس على كرسى الحكم إلا لو انضم إليها أعضاء أحد أحزاب الأقليات. ومعنى هذا أنها ستكون رهينة لهؤلاء. وستزداد ضعفا، مع أنها دعت إلى الانتخابات قبل موعدها فى خطوة اعتبرت مقامرة، طمعا فى الحصول على أغلبية قوية تدعمها فى مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبى «بريكست». النجاح الحقيقى الذى تحقق فى هذه الانتخابات كان من نصيب حزب «العمال» المعارض بزعامة «جيرمى كوربن» حيث زاد عدد أعضائه فى البرلمان 30 نائبا.. فأصبح مجموعهم 262 نائبا ولهذا طالب بحرمان «ماى» من الجلوس على مقعد رئيسة الوزراء، ويقول رئيس الحزب أنه لو جرت انتخابات الآن لفاز هو بالمقعد. لماذا لم تحقق «ماى» ماكانت تتطلع إليه.. ولم تحصل على التأييد الكافي؟ لأنها متهمة بالفشل فى مواجهة الأعمال الإرهابية التى تشهدها بريطانيا بمعدل هجوم كل شهر فى الشهور الثلاثة الأخيرة، ويرجع خصومها السبب وراء ذلك إلى سياستها المتراخية خلال توليها وزارة الداخلية، وحتى الآن، وسياسات التقشف التى خفضت الميزانيات وقوات الأمن. وأيضا خفضت دخول المتقاعدين وأضعفت خدمات الصحة والتعليم وغيرهما. وكيف سينعكس هذا الوضع الضعيف على سياسة بريطانيا فى الشرق الأوسط؟ يرى المراقبون أنه لو استمرت حكومة المحافظين التى تشكلت الآن برئاسة «تيريزا ماى» وبمساعدة حزب الأقلية الأيرلندى الشمالى، فستعانى من العجز والارتباك ويتوقع المراقبون ألا تستمر طويلا.. ومعنى هذا أن تدخلها فيما يجرى فى العراق وسوريا وليبيا سيكون هشا وبلا تأثير.. ولن يخرج عن مسايرة الولاياتالمتحدة كالمعتاد من حكومات بريطانيا فى العقود الأخيرة، والمثير فى الأمر أن إدارة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» نفسها تعانى هى الأخرى من التخبط و«سياسة لا سياسة»! •