السينما المصرية حافلة بالأفلام التى تركز موضوعاتها على الرياضة، سواء كان الفيلم يتناول قصة رياضى ما، أو يقوم بالبطولة فيه لاعب رياضى، أو تكون الرياضة محركاً مهماً للأحداث الدرامية فى الفيلم، وينتج هذا التزاوج حالة خاصة للغاية، فعادة الأفلام التى تحدثت عن الرياضة ولو حتى بصورة هامشية، تتميز بكونها أفلاماً شديدة الحيوية وقريبة للجمهور.. ما يربط الرياضة بالسينما، هو مساحة الدراما الموجودة بهما. - «ممدوح يا حبيبى، مش معقول! كورة فى المدرسة وكورة فى النادى وكمان كورة فى البيت»! - «أقولك يا ماما، فى المدرسة بتكلم بالكورة مع زملائى، وفى النادى بتكلم بالكورة مع أصحابى، وفى البيت باتكلم بالكورة مع نفسى عشان كده بخبطها هنا. يا ماما الكورة مش لعب، الكورة كلام»! دارت هذه الكلمات فى حوار سينمائى كتبه الأديب الكبير إحسان عبد القدوس وأعده للسينما الأديب العالمى نجيب محفوظ فى واحد من كلاسيكيات السينما المصرية وهو فيلم «إمبراطورية ميم» لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وفارس السينما أحمد مظهر. تعلق الأم فى الفيلم «حتى الكورة بقت كلام! بقت فلسفة»! ليصبح استنكارها بفلسفة الكرة بمثابة إشارة لإمكانية الفنون بشكل عام والسينما بشكل خاص على دمج الرياضة بالفن وإظهار أبعادها الإنسانية والفكرية والفلسفية. فى هذا المقال نستعرض بعض الأفلام التى حاولت الاقتراب من عالم الرياضة الحيوى الساحر. • الحريف فيلم من بطولة عادل إمام، تأليف بشير الديك وإخراج محمد خان. يحكى الفيلم عن فارس، عامل بمصنع أحذية الذى يقيم بغرفة على سطح أحد المنازل بعد أن انفصل عن زوجته بسبب اعتدائه عليها مرارًا بالضرب، ويهوى ممارسة كرة القدم (الشراب) فى الشوارع والساحات الشعبية مقابل المراهنات، مما يعرضه للفصل من عمله لإهماله الشديد، يحاول فارس العودة لزوجته، لكنها ترفض ذلك بسبب استهتاره وتمسكه بهوايته للعب كرة القدم الشراب. يعرض عليه صديقٌ قديمٌ يمتلك معرضًا للسيارات العمل معه فيوافق فى النهاية ويعود لزوجته بعد توديعه لكرة القدم فى مباراة اعتزال فى ساحة الشارع.. برغم بساطة الحكاية، ولكن يعد هذا الفيلم بالتحديد أرشيفًا شديد الثراء لحقبة الثمانينيات من العقد الماضى فى مصر، حيث يصور خان تفاصيل الشارع المصرى والحوارى والأزقة، ويسجل مشاعر واضطرابات المواطنين فى فترة عانوا منها اقتصادياً. كما يسجل بداية ظاهرة لعب كرة الشراب فى الشوارع، التى أتاحت الفرصة للجماهير ممارسة كرة القدم ومعايشتهم لأحلام النجومية.. ما يميز هذا الفيلم حقاً، هو علاقة فارس - بطل الفيلم - بكرة القدم. على الرغم من أن الخط الدرامى الرئيسى فى الفيلم يحكى عن أشياء مختلفة ليست بالضرورة مرتبطة بكرة القدم، ولكن تظهر ساحة الملعب الذى يمارس فيه فارس هوايته ويحصل على لقمة عيشه منه بمثابة حيز الحلم الوحيد المتاح لبطل مهزوم فى واقعه الخاص. فتظهر أحاسيس البطل بالتحقق والنجاح فى اللحظات القليلة التى يلعب فيها كرة القدم ويفوز ويُهتَف باسمه. • غريب فى بيتي فيلم من بطولة سندريلا الشاشة سعاد حسنى ونور الشريف، تأليف وحيد حامد وإخراج سمير سيف. تدور الأحداث حول لاعب الكرة (شحاتة أبو كف) الذى يحترف الكرة فى نادى الزمالك وهو من سكان الصعيد، يقوم بتأجير شقة، ولكن يقوم صاحبها بعملية نصب ببيع الشقه له ولسيدة أخرى فى نفس الوقت، ويضطر الطرفان للعيش فى بيت واحد، وتتوالى الأحداث.. خفة ظل الفيلم، وبالتحديد الممثل العظيم نور الشريف فى أداء دور لاعب الكرة البسيط، استطاع أن يخلد شخصية «شحاتة أبو كف» فى ذاكرة الجماهير. فمن منا لا يتذكر مشهد شحاتة وهو يخفق اللبن فى البيض ليتناولهما سوياً، أو طريقته فى نطق اسمه «اسمى شحاتة .. شحاتة أبو كف»!.. هذا الفيلم كغيره من الأفلام أظهر بمنتهى السلاسة مدى الحيرة التى يقع فيها البطل الموهوب فى أن يمارس هوايته ورياضته المفضلة فى مقابل أن يبحث عن وظيفة تؤمن له مستقبله، وحجم الضغوطات التى يتعرض لها بسبب الشهرة على الرغم من أنه لا يسعى إليها، وأنه فقط يسعى إلى ممارسة ما يحب.. هناك شىء ما ساحر فى هذا الفيلم، جعل الناس يقعون فى حب لاعب كرة القدم.•