«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



90 سنة من الإبداع روزاليوسف تحتفل بذكرى ميلاده أحمد بهاء الدين القلب الشاب والعقل المتحرر والمقال المؤثر
نشر في صباح الخير يوم 14 - 02 - 2017

فى ليلة وفاء أضاء سماءها نجوم الصحافة والأدب والسياسة، احتفلت مؤسسة «روزاليوسف» بمرور 90 عاماً على مولد الكاتب الكبير «أحمد بهاء الدين» وسط أفراد عائلته، اجتمع الكل حول أفكاره ومبادئه، فهو كاتب كبير مستنير عاش حياته للناس والكلمة، لم يحتط مطلقا ًللسلطة، حاضر دوما فى ذاكرة المصريين. كان فى استقبال الضيوف المهندس «عبدالصادق الشوربجى» رئيس مجلس الإدارة، وأدار الندوة المحاور الكبير «مفيد فوزى» ابن روزاليوسف ورئيس تحرير مجلة «صباح الخير» الأسبق بمشاركة جميع الحضور فى التحدث عنه، وتخلل الأمسية عرض فيلم وثائقى قصير مدته 12 دقيقة عن حياة أحمد بهاء الدين الصحفية والأدبية.
أصدرت مؤسسة «روزاليوسف» بهذه المناسبة فى عدد الكتاب الذهبى كتاب «أحمد بهاء الدين وروزاليوسف.. مقالات لها تاريخ» عن مقالات الكاتب الراحل من تقديم نجله د.زياد بهاء الدين وإعداد وكتابة الكاتب الصحفى «رشاد كامل» رئيس تحرير مجلة «صباح الخير» الأسبق.
• ليلة وفاء
جاءت كلمة الافتتاحية لمؤسسة روزاليوسف صاحبة الحفل ممثلة فى الكاتب الصحفى «مفيد فوزى» بكلمات راقية حيث قال: نتحدث ونحتفل من قاعة إحسان عبدالقدوس بابن من أعز أبناء روزاليوسف نتذكره وفى الذكرى حياة غامرة. حين يكون السهل الممتنع وصفاً لأسلوب فهو أسلوب «أحمد بهاءالدين»، حين يكون التواضع كما العشب، والكبرياء كما المسلة، والعقل بحجم الأفق يكون عنوان «أحمد بهاءالدين». حين يكون للقلوب الشابة والعقول المتحررة مساحة هى مجلة «صباح الخير» لأحمد بهاء الدين. حين يكون للمقال السياسى أثر وتأثير وردود فعل فهو مقال أحمد بهاء الدين. حين يكون للاستنارة فى التفكير صديق فهو أحمد بهاء الدين. حين يكون الخوض المبكر فى الإسرائيليات للفهم مشروعاً, فهو بقلم أحمد بهاء الدين. حين يتمتع الصحفى بروح العفرتة فهو واحد من شروط أسرة صباح الخير برئاسة أحمد بهاء الدين. لهذا كانت روزاليوسف سباقة وحريصة على قيمة الوفاء لهذا الرمز ومهما كان الهدف رومانسياً فإنه يتسم بالرشد والرصانة سمات عقل أحمد بهاء الدين، ذهب أحمد بهاء الدين وترك لنا زياد وليلى أحمد بهاء الدين من أسرته الكريمة. ليحمل عقل الدكتور «زياد بهاء الدين» سمات شخصيته من والده وقد عبر د.زياد عن سعادته بحجم الحفاوة التى عبرت عن العرفان بالجميل وتقدم بخالص الشكر لكل الحاضرين والمنظمين للحفل قائلاً: هذا اليوم مهم جدا لنا جميعاً سواء أسرة أحمد بهاء الدين أو أصدقائه أو محبيه، فتكريم الكاتب ليس بإقامة تمثال أو تسمية شارع أو ميدان لكن يتم بهذا الشكل باختيار مناسبات معينة لإعادة نشر أعماله وإعادة مناقشة أفكاره لإتاحة الفرصة لتتعرف عليه الأجيال الجديدة، لذا أعتبر هذا الاحتفال أكبر تكريم لوالدى، لأن مؤسسة «روزاليوسف» لم تكن فقط أول مكان يكتب فيه أحمد بهاء الدين مقالات لكنها كانت بيته وبداية نشاطه وبوابته للعالم المهنى الاحترافى المستمر إلى «مجلة صباح الخير» وإلى خمسين عاماً تالية من الإبداع. كما أن هذا التكريم ليس لأحمد بهاء الدين فقط بل أعتبره تكريمًا لكل كُتاب هذا الجيل من الروائيين والصحفيين احتفالاً بجيل من المصريين الوطنيين المخلصين، فلا يمكن أن يغيب عن أذهاننا التنوع فى الثقافات والاتجاهات وهذا هو التكريم الحقيقى لجيل بأكمله ربما اختلفت مواقفه واتجاهاته فى حاجات لكن فى الآخر كان جيلاً مهمًا فى وضع أسس العمل الإعلامى والسياسى لموقف وطنى خالص لكل الأحوال. ونحن على استعداد للتنازل عن حقوق الورثة لمن يريد نشر كتابات «بهاء الدين» شريطة أن تتم بالشكل اللائق له. كما أننا فى إطار عمل «جمعية محبى أحمد بهاء الدين» جمعنا كل مقالاته وما كتبه على مدار خمسين عاما لوضعه على النت ليكون متاحًا للجميع بوضع آلية بحث تسهل وتتيح قراءة كتاباته مجاناً على الإنترنت.
• عمود الخيمة
ثم أعطى الكاتب الصحفى «مفيد فوزى» الكلمة للكاتب الصحفى ورئيس تحرير مجلة صباح الخير الأسبق «لويس جريس» بعد أن وصفه بعمود الخيمة فى صباح الخير فكل الأجيال مرت أمامه من مفيد فوزى إلى آخر العنقود سهام وهدان. وسأله عن رؤية أحمد بهاء الدين وهو يصدر مجلة «صباح الخير». فتحدث «جريس» موضحاً فى البداية لماذا أصدرت السيدة فاطمة اليوسف مجلة «صباح الخير» ولماذا أسندت رئاسة تحريرها إلى أحمد بهاء الدين قائلاً: كان بهاء الدين يهتم بقضايا كثيرة فى عموده الذى ينشره فى مجلة «روزاليوسف» وكانت السيدة فاطمة لديها ذكاء فطرى وطريقة غريبة جدا فى التعرف على اهتمام القُراء، فكانت يوم صدور المجلة تذهب بنفسها إلى المقاهى والمراكز الثقافية وتجلس لتشاهد الناس وتراقب ماذا يتصفحون فى العدد ومن الكاتب الذى يهتمون بقراءة مقالاته. وكانت تكتشف أن أول ما يجذب اهتمام القارئ هى رسوم الكاريكاتير وبعدها مباشراً عمود (حاول أن تفهم) لأحمد بهاء الدين. لذا شعرت وهى من اكتشفه أنه شخص من السهل جداً أن تخطفه أخبار اليوم أو الأهرام ومن هنا قررت إصدار مجلة صباح الخير وأسندت رئاسة تحريرها إليه وهو الذى وضع لها الشعار الخالد (القلوب الشابة والعقول المتحررة). وعملت معه كمدير تحرير للمجلة، ولم يرتبط فكره بثوابت وأفكار المجتمع، بل كان فى بداية اجتماعات التحرير يباغتنا أولاً بسؤال عن ماذا يفكر الناس اليوم.. فكان اهتمامه الأول وشغله الشاغل هو «اهتمامات الناس» ومنها يبنى اهتماماته فى الكتابة وهذا ما غرسه فينا أن ننتبه دائما إلى ما يقوله الناس وإلى ما يجرى فى الشارع حتى نستطيع أن نتجاوب معهم ومن هنا وضع دستور صباح الخير.
• بهاء وعش الدبابير
وبسؤال الكاتب الكبير «مفيد فوزى» للمفكر السياسى «د.مصطفى الفقى» عن استشعار أحمد بهاء الدين المبكر بعروبة مصر قال «الفقى»: انحاز «بهاءالدين» بشدة لفكر الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» خصوصا الجزء الخاص بالفكر الاشتراكى والتحرر وأسهم إسهامات قوية فى هذا، وعندما علم بوفاة «عبدالناصر» كاد أن يغمى عليه وظل دقائق يحاول أن يستعيد قدراته ويستوعب الخبر الأليم. وعندما يسأل العرب القُدامى مِن الكتاب والمفكرين مَن يعرفون فى مصر فستجد أن أحمد بهاء الدين هو الذى يتصدر القائمة ودائماً حاضر معهم بكتاباته ودوره، فكانت له شعبية حقيقة فى العالم العربى لأنه احتك بالفكر القومى، وكثيرون لا يعرفون أنه خلال حركة بحثه مر على كل الاتجاهات القومية، لكنه انحاز دائماً للفقراء والمظلومين وللعرب فى كل الاتجاهات التى مضى بها، وكان أول من ضرب بشدة على الجانب السياسى فى عروبة مصر ولذلك نعتبره كاتباً قوميًا بالدرجة الأولى ينفرد بذلك على كل معاصريه، تمكن بهاء الدين من أن يقتحم المحظور وأن يضع يده فى عش الدبابير، وهذه نقطة محورية فى تاريخه، فبعد أسابيع قليلة من نكسة 67 دعا إلى دولة ديمقراطية واحدة تضم العرب والجنوب وهذا الكلام سهل الآن لكن حينها كان لا يصل إليه أحد، ويستطرد «الفقى»: كان لبهاء الدين مشروعان فى الحياة أحدهما على المستوى القومى وكان مشروع القومية العربية والآخر على المستوى الداخلى وهى قضية الوحدة الوطنية. فهو من شجعنى على كتابة رسالة الدكتوراه فى جامعة لندن عن «الأقباط فى السياسة المصرية» لأنه حسبما قال «سيكون هذا موضوعًا ينتظر أن تعانى منه مصر كثيراً ما لم تكن هناك دراسات حاسمة فى ذلك» لذلك كان أحد اهتماماته هو تلك التوليفة المعروفة عن المجتمع المصرى بكل دياناته وطوائفه وأعراقه. وكان عنده تسامح تجاه الجميع فعندما كان يكتب عن الصهيونية كان يفرق تماماً بينهم وبين اليهود العاديين. ويبدو أن تطبيقه لفكره هذا على مستوى أسرته أنتج أسرة مصرية خالصة وراقية ومختلطة فى الديانات.. لذلك لم أعتبره إنسانًا عاديًا بل هو مشروع فكرى كبير.
• الصراع الحضارى
كما دعا الإعلامى «مفيد فوزى» الكاتب الصحفى والروائى «محمد سلماوى» للتحدث عن دور جمعية «محبى أحمد بهاء الدين» التى تعمل على تخليد ذكراه فى أسيوط مسقط رأسه حيث قال «سلماوى»: بداية أتشرف بعضوية مجلس إدارة الجمعية التى يترأسها د. زياد بهاء الدين، ومنذ بدايتها عملنا على جمع كل ما كتبه بهاء الدين فهى تعد مركزًا ثقافيًا تم من خلاله إفادة أهل القرية بالتعليم والتنوير والانفتاح فبهاء الدين لم يكن صحفيًا فقط بل كان صحفيًا ومثقفًا ووطنيًا وكان فى مجمله شخصية عامة متعددة الجوانب. ومن أهم صفاته هى استقلاليته حيث لم ينتم لأى حزب من الأحزاب رغم أنه كان صديقًا مقربًا جدا للكثير من أهل اليسار وخاصة التشكيليين اليساريين، لذلك وصفه أصحاب الفكر اليسارى «بالحيطة والحذر» معللين أن حيطته هذه هى سبب عدم دخوله السجن وكأن السجن هو العنوان الوحيد للوطنية والانتماء!! بل يرجع ذلك لأنه لم يمارس السياسة بشكل حزبى لكنه عانى ربما أكثر مما عاناه من دخلوا السجون، فقد فصل من عمله ومنع من الكتابة وتعرض لكل ما يمكن أن يتعرض له صاحب كلمة حرة وصاحب قلم، فرغم إيمانه بفكر الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» إلا أنه طالب بشجاعة بحرب 67 فى بيان رسمى أصدره من نقابة الصحفيين التى كان نقيبا لها، كما طالب برفع الرقابة عن الصحافة وبضرورة فتح المجال لجميع الصحف القومية.
• الرحمة الثقافية
وعن علاقة «بهاء الدين» بالفنانين التشكيليين التى ذكرها «سلماوى» توجه «الكاتب الصحفي مفيد فوزى» بالحديث إلى الفنان التشكيلى «حلمى التونى» خاصة أن د.زياد بهاء الدين ذكر من قبل أن والده لم يترك ثروة بل ترك ما هو أهم منها وهو احترام الناس وبضع لوحات تشكيلية كانت أثيرة لديه، وهنا قال «التونى»: «بهاء الدين» كان أستاذى وصديقى وقد عملت مع معظم رؤساء التحرير وإذا عقدت مقارنة بالتالى ستكون فى صالحه. ولنا تجارب شخصية وعملية معاً، فقد أنشأنا سنة 85 تقريباً مجلة باسم «الشموع» عندما طلب منى أن نصدر مجلة فنية وحققنا فيها أحلامنا الصحفية والتشكيلية، وأذكر واقعة تظهر مدى إنسانيته واهتمامه بالقارئ البسيط وهى أن طلبت منه تخصيص قسم فنى ثابت بالمجلة نعرض فيه مع كل عدد لوحة فنية ومعها قراءتها التشكيلية وأعجب بهاء الدين بالفكرة ووافق عليها، ولم تقتصر قراءة اللوحة على التحليل الفنى بل تمت بشكل أدبى لإظهار الجانب الإنسانى لصاحبها ومساعدة القارئ على التذوق الفنى، وحينها قال لى بهاء الدين «أريدك أثناء اختيارك لكاتب هذه الصفحة أن تتحلى بالرحمة الثقافية، فعندما تختار خذ بيد الناس البسيطة محدودة الثقافة إلى النور وفهم ثقافتك التشكيلية».
• دبلوماسية ليلى
ومن أطرف ما حدث أن باغت الكاتب مفيد فوزى الدبلوماسية «ليلى أحمد بهاء الدين» ابنته بطلبه منها المشاركة بالحوار والتحدث عن والدها وفى خجل شديد جداً منها وبخفة دم وتلقائية اقتبست سريعاً ما أنهى به حلمى التونى حديثه وطلبت من «مفيد» الرحمة الثقافية بعد أن توجهت بالشكر لكل من ساهموا فى الاحتفالية معترفة بأنها أثرت معلوماتها الشخصية عن والدها بحكايات لم تسمعها من قبل. وهنا تدخل د. مصطفى الفقى وأشار إلى أن هذه هى عادة ليلى أحمد بهاء الدين حيث كانت متدربة بالمعهد الدبلوماسى حين كان هو فى إدارته وأنه يتذكر جيداً كيف كانت نموذجًا يحترمه الجميع ويقدره، وكانت كعادتها إلى الآن لا تفصح كثيراً عن مشاعرها اتجاه والدها، فسنوات الصمت كما يسميها «الفقى» وقت أن توقف أحمد بهاء الدين عن الكتابة لمدة سنوات كانت وقتها تتحاشى ليلى الحديث عنه بحجة أنها لا تريد أن تتذكر الحال الذى هو عليه. خاتماً قوله بجملة «لذا فنحن لا نريد أن نرهقها من أمرها عسرا».
• الصدام مع السلطة
وعن تحقيق بهاء الدين لأصعب المعادلات فى تجنب الصدام مع السلطة بإرضائها وإرضاء ضميره فى نفس الوقت تحدث د. محمد أبو الغار قائلاً: كان بهاء الدين كاتبًا معارضًا لكنه لم يكن حنجوريًا وكان يحافظ دائما على مسافة بينه وبين السلطة ولا يجرى وراءها أبداً وبالتالى كان ينال احترام الرئيس والدولة والقراء أيضاً. والحقيقة أنه لم يكن لدى معرفة شخصية بالأستاذ أحمد بهاء الدين ورغم ذلك تأثرت به بشكل كبير. فأنا أتذكر جيداً يوم 15 أغسطس سنة 52 بعد الثورة بثلاثة أسابيع وكان عمرى اثنى عشر عاما وكنت مع عائلتى وعلى وشك استقلال أتوبيس للسفر من القاهرة إلى الإسكندرية فوجدت بائع الجرائد بجانب الأتوبيس يبيع كتاب «فاروق ملكاً» بعشرة صاغ للكاتب أحمد بهاء الدين ولم أكن سمعت عنه من قبل فاشتريت الكتاب وقرأته فى الأتوبيس فجذبنى بأسلوبه السهل والبسيط جدا وسرده لحكايات مشوقة ومن وقتها أصبحت أعشق «بهاء الدين». وأذكر أيضاً عندما بلغت عامى السابع عشر سنة 57 وكنت قد التحقت بالسنة الأولى بكلية الطب وقتها صدرت مجلة «صباح الخير» برئاسة «بهاء الدين» وكانت كما كنا نسميها «دى بتاعتنا مجلة جيلنا بأكمله» معتبرين أن أهم شيء فى حياتنا فى هذا الوقت هو قراءة مجلة «صباح الخير». أما عن عمود أحمد بهاء الدين فى الأهرام الذى تابعناه بشغف فأنا أعتبره أهم عمود فى مصر كلها حتى هذه اللحظة.
• عقلية نادرة
كما تحدث الروائى والأديب يوسف القعيد عن علاقته بأحمد بهاء الدين قائلاً: أحمد بهاء الدين ذو عقلية نادرة و«المسافة بين قلبه وعقله غير موجودة.. فعقله له قلب وقلبه له عقل» وكانت لديه قدرة غير عادية على الانبساط وبجانب اهتمامه بالناس والكتابة كان لديه اهتمام غير عادى بالفن والأدب والغناء، وكان فى جلساته حكاء بشكل غير عادى فأذكر مرة أجريت معه حواراً صحفياً طويلاً وبعد مغادرتى اكتشفت أن جهاز الكاسيت توقف أثناء التسجيل لمدة نصف ساعة كاملة فذهبت إليه مرة أخرى لإعادة تسجيل الحوار فقال لى «مافيش كلام ممكن يتقال تانى»!! بمعنى ان الكلام يقال مرة واحدة فقط ولا يمكن أن يعاد مرة أخرى بنفس إحساسه أو معناه ودعانى للحديث فى أى موضوع آخر، وكان هذا أول درس تعلمته منه وفعلا تحدثنا فى أمور أخرى كثير من بينها ذكرياته الخاصة ورؤيته وفهمه للدنيا. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.