قطاع الملابس والمنسوجات، عانى بشدة خلال الأعوام الماضية، وتسبب ضعف الإدارة والرقابة والنهب والغش والمحسوبية، فى تدهوره وفشله فشلا ذريعا، وحدت القيود المفروضة عليه من حرية الحركة والإبداع فى شركات القطاع العام، بل القطاع الخاص أيضا نتيجة البيئة غير المشجعة للأعمال، ما أدى إلى انهيار جوانب المنظومة بأكملها زراعيا وصناعيا وتجاريا، رغم امتلاك مصر 32 شركة حكومية بقطاع الغزل والنسيج فى 9 محافظات، وهناك 8 شركات مقيدة بالبورصة المصرية، بالإضافة إلى شركة النيل لحليج الأقطان «المتوقفة الآن»، وتحولت معظم هذه الشركات للخسارة، بعد أن كانت تحقق مكاسب كبيرة للدولة، وتوفر احتياجاتها، وتغطى بصادراتها معظم دول العالم، وتوفر عملة صعبة تعزز احتياطى النقد الأجنبى، وتوفر الخامات اللازمة للعديد من الصناعات المحلية. وقد استطاعت المنشآت المصدرة أن تطرد المنشآت المنتجة للسوق المحلية من هذه السوق، لأن المصدرين أعلى كفاءة، والعامل فى منشأة التصدير يعطي40 ألف جنيه فى العام، بينما التى تنتج للسوق المحلية 26 ألف جنيه فقط، وفرق الكفاءة يسمح للمنشآت بتخفيض أسعارها، وبالتالى رفع حصتها فى السوق وإخراج منافسيها، بالإضافة إلى مضاعفة دعم الصادرات. ومتوسط استهلاك الفرد المصرى سنويا من منتجات القطاع حوالي4.5 كيلو جرام، وفى أوروبا «14 إلي17 كيلو للفرد» وفى أمريكا يصل إلى 20 كيلو، ويرجع ذلك إلى الظروف الجوية فى كل منطقة وكذلك مستويات دخل الفرد. وهذا القطاع يمكنه تحقيق انطلاقة عظيمة للاقتصاد المصرى ويمتص كمًا هائلا من العمالة، فى ظل ظروف غاية فى الصعوبة داخليا وكذلك خارجيا، وقد نجحت شركات مصرية نجاحا بالغا محليا وعالميا فى الملابس الجاهزة، وتصل صادراتها السنوية إلى عشرات الملايين من الدولارات الأمريكية، وكذلك المنسوجات واحتلت الملاءات المصرية المرتبة الثامنة بالأسواق الأوروبية عام 2009. والأردن - مثلا - دولة غير زراعية وعدد سكانها لا يتعدى 5% من تعدادنا، تفوقت على مصر فى حجم صادرات الملابس والأقمشة، وكذلك «تونس»، ودول جنوب شرق آسيا التى ضاعفت صادراتها من الملابس الجاهزة عشرات الأضعاف خلال العقد الماضى، والدول الأخرى أنشأوا صناعة متكاملة وقوية فى جميع حلقاتها «محالج - مصانع الغزل والنسيج - الصباغة والتجهيز»، كل ذلك داخل إطار متين من أبحاث فنية ومتخصصة لأسواق العالم المستهدفة. فشل المنظومة وطبقا لدراسة الغرفة التجارية بالشرقية، بعنوان «إنجاح منظومة المنسوجات والملابس الجاهزة»، والتى تحتوى على آراء خبراء ووزراء سابقين وأساتذة جامعات وغيرهم، فإن أهم أسباب فشل منظومة الملابس والمنسوجات فى مصر: 1 إجبار المغازل على استخدام القطن المصرى، مع ارتفاع سعره بعد تحرير الأسعار، أدى لمزيد من ارتفاع التكلفة. 2 الإهمال الشديد لإحلال وتجديد الآلات والمعدات، وافتقاد التكنولوجيا العالية فى الصناعة والتجهيز، وضعف أجهزة ضبط الجودة والمعايرة، وضعف الكفاءات الإدارية وعدم تمكنها من مواكبة التطور التكنولوجى، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب. 3 تضخم العمالة سبب رفع تكلفة المنتج وعدم قدرته على المنافسة، مع انخفاض المستوى المهارى للعمالة وعدم قدرتها على التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة، ما أدى إلى طلب العمالة الأجنبية لتطوير الصناعة. 4 تراكم المديونيات على الشركات، خاصة بعد تخلى الحكومة عن دعم سعر بيع المنسوجات الشعبية، والتى كانت تمثل 80% من إنتاج مصانع النسيج المصرية، وكانت هذه الشركات مقترضة من البنوك. 5 ارتفاع الضرائب وتعددها «ضريبة مبيعات على الخامات والآلات المستوردة ورسوم جمركية وضريبة عامة على الأرباح وضريبة أجور ودمغة والتأمينات الاجتماعية وضريبة عقارية». 6 تأسيس الشركات يستغرق وقتا طويلا ربما يصل إلى شهور، بينما فى «كندا» لا يزيد علي 48 ساعة. 7 سعر الفائدة مرتفع من البنوك بما يكبل هذه الشركات عن أى تطوير ،وارتفاع أسعار الطاقة والمياه والأراضى الصناعية مع مشاكل الترفيق، وبعد المناطق الصناعية عن السكنية للعمال، مما يستنفد طاقة العامل فى المواصلات. 8 لا يوجد تكامل صناعى، فيكون 30% من رأس مال المصانع لقطع الغيار، حتى لا يتعطل المصنع فى انتظارها. 9 عدم التزام الدول بالاتفاقيات «مثل التيسير العربية والكوميسا»، ودول عربية تدعم منتجاتها بشكل كبير، مما يؤدى إلى إغراق الأسواق. 10 الاتفاقيات الثنائية للدول مثل الآسيان، لتدخل البضاعة ما بين الصين، وماليزيا، وأندونيسيا، وتايلاند بدون جمارك، وتدفع المصرية جمارك مرتفعة جدا وكذلك أمريكاالجنوبية واتفاقية تسهل حركة البضائع بين دولها. 11 مافيا تهريب المنسوجات والأقمشة داخل السوق المحلية، سواء من خلال المناطق الحرة أو السماح المؤقت أو بالتحايل على القوانين، واستيراد أقمشة أو غزول بفواتير مضروبة بقيم متدنية للغاية للتهرب من الضرائب، وبعضهم يستورد المنسوجات من آسيا والصين بأسعار متدنية للغاية ويكتب عليها «صنع فى مصر» ويتم تصديرها إلى الولاياتالمتحدة وتخصم من حصة مصر التصديرية إلى السوق الأمريكية والأوروبية. كما يتم استيراد كميات من المنسوجات لتصنيعها وتصدير 50% منها والباقى يدخل السوق بالتحايل فى أذون التصنيع واستغلال نسبة الفاقد التى تحددها وزارة الصناعة لهذه المصانع بدون دفع أى رسوم جمركية أو ضريبة مبيعات، وبالتالى يكون سعر المستورد أقل من سعر المنتج الوطنى، ويستورد البعض ملابس شبه تامة الصنع باستثناء سوست أو أزرار.. إلخ، ويعيد تصديرها بعد تركيبها للاستفادة من دعم الصادرات، كذلك ظاهرة المصانع الوهمية واستخدامها بصورة غير مشروعة فى استيراد مكونات وأجزاء وخامات، ثم طرحها للبيع فى الأسواق المحلية. • تطوير صناعة المنسوجات والملابس. قدمت دراسة الغرفة التجارية مقترحات لتحقيق تقدم فى صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة، أهمها ما يلى: 1 إنشاء وزارة للغزل والنسيج مثل دولة الهند، لتحتل صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة أولويات الحكومات القادمة، نظرا لاحتدام المنافسة فى هذا المجال عالميا من الصينوالهند وأندونيسيا حتى السودان بدأت تظهر فى الصورة، وبسبب أهميته البالغة فى تشغيل العمالة، خصوصا مع الظروف العصيبة الحالية. 2 أولى مراحل التسويق تجويد الصناعة مع السعر المناسب، والمراحل التالية من خلال امتلاك مفاتيح الأساليب العصرية لتسويق المنتجات، والدراسات التسويقية التى ترتكز على التعايش لفترات زمنية داخل المجتمعات المراد غزوها. 3 ضرورة التوسع فى عقد الاتفاقيات الثنائية مع التفاوض بخصوص الشروط التفضيلية، بما يوفر درجة من الحماية لهذه الصناعة الوليدة، وبما يتيح إمكانية الاستفادة من التخفيضات الجمركية، والدخول إلى أسواق هذه الدول، وكذلك يجب العمل على تفعيل التجارة البينية بين الدول العربية ومع الدول الأفريقية. 4 تأسيس لجنة علمية من المتخصصين من أساتذة الجامعات وأصحاب الخبرة ورجال الأعمال وممثلين من بيوت الخبرة العالمية والنخبة السياسية فى الدولة، تبحث فى أفضل السبل نحو التطوير. 5 إرسال مبعوثين للدول الناجحة ودراسة تجاربهم، والاختلاط فى مصانعهم من أجل الدراسة والعلم ثم العودة للإفادة.•