أزمة شديدة.. عانى منها المستوردون بعد اتخاذ البنك المركزى عدة قرارات تتعلق بتغطية الاعتمادات منها ضرورة سداد قيمة العملة الصعبة المطلوبة بالكامل بدلا من 50%، كما كان معمولا به فى السابق فيما استمرت فوضى الاستيراد تتفاقم وخرجت عن السيطرة. يرى البنك المركزى أنه يحاول ضبط حالة الفوضى التى تعرضت لها الأسواق واتسمت بها عمليات الاستيراد فى الفترة الأخيرة كاشفا عن كثير من الأرقام التى يحاول من خلالها إظهار الاستنزاف المستمر للدولار.. وبلغت قيمة الواردات فى العام المالى 2014/2015 نحو 76 مليار دولار فى حين كان إجمالى المبالغ المخصصة للحصص الاستيرادية من البنك المركزى نحو 60 مليار دولار، وهو ما يعنى أن 16 مليار دولار جرى تدبيرها بعيدا عن البنوك وهو ما يوضح مدى تزايد نشاط السوق الموازية فى الفترة الأخيرة خاصة مع توقف عمليات الموافقة على الكثير من طلبات الاستيراد.. واستوردت مصر سيارات ب 3.2 مليار دولار فيما دخلت كميات كبيرة من هواتف المحمول بلغت قيمتها 1.2 مليار دولار وبلغت فاتورة استيراد الملابس الجاهزة 1.4 مليار دولار. وكان التضارب واضحا بين الأرقام الصادرة من البنك المركزى بشأن فاتورة الاستيراد وما أعلنت عنه مصلحة الجمارك الذى يوضح مدى اتجاه الكثير من المستوردين للسوق الموازية للحصول على العملة الصعبة من خلاله دون الانتظار طويلا لحين موافقة البنوك على طلبات الاعتماد. وفى المقابل قررت وزارة الصناعة فرض قيود على عدد من السلع منها الشيكولاتة والعجائن والفاكهة والعصائر والزيوت والمواد الدهنية ومنتجات التجميل والعناية بالفم والأسنان وأدوات المائدة وحديد التسليح وعدد من الأجهزة الكهربائية والأثاث المكتبى والمنزلى وأدوات الطعام والمائدة.. وتتمثل القيود فى ضرورة الحصول على صورة من تراخيص المصانع والشركات التى يجرى الاستيراد منها وتسجيل بلد المنشأ وعدد الأصناف التى ينتجها وسلامة العلامة التجارية للمنتج وضرورة استيفائه للاشتراطات البيئية مع موافقته على قبول زيارات التفيتش المفاجأة للتأكد من توفر اشتراطات السلامة البيئية كذلك وجود نظام معتمد من جهات دولية لرقابة الجودة مع حظر الاستيراد بين التجار بين الدولتين والتعامل فقط بين المصنع والتاجر. • المحمول بلا جمارك وكانت المفاجأة حين جرى التأكد من أن أجهزة الهواتف المحمولة تدخل مصر بدون جمارك قيمتها ما بين 3 و 4 مليارات دولار، وهو ما جعل مصر سوقا كبيرة للكثير من الشركات من مختلف دول العالم دون استفادة حقيقية فى دعم الصناعة المحلية وبات كل مستورد يلجأ إلى الخارج من أجل الحصول على شحنة من هذه الهواتف من توكيلات مختلفة. واستنزف ذلك كثيرا من العملة الصعبة فضلا عن تشبع السوق بعدد كبير من هواتف المحمول. الدكتور «مجدى عبدالعزيز» رئيس مصلحة الجمارك أدلى بتصريحات لمجلة صباح الخير أكد خلالها أن أجهزة الهواتف المحمولة تدخل مصر دون فرض أى تعريفة جمركية عليها، وذلك وفقا لاتفاقية «الآى تي» التى وقعت عليها مصر مع 64 دولة.. وأوضح عبدالعزيز أنه اقترح فرض رسوم جمركية عليها فى الفترة المقبلة من أجل تشجيع الصناعة المحلية وإتاحة الفرصة لها للمنافسة من أجل والحد من الاستيراد وتوفير العملة الصعبة لضخها فى اتجاهات أخرى قد تكون أكثر نفعا. • استيراد السيارات اعتبر اللواء عفت عبدالعاطى رئيس شعبة وكلاء وتجار السيارات أن الرقم الذى كشف عنه البنك المركزى والبالغ 3.2 مليار دولار من إجمالى استيراد السيارات خلال العام ليس كبيرا كما يعتقد البعض.. وأشار عبدالعاطى إلى أن الرقم يدخل ضمنه قطع الغيار وأدوات الإنتاج وحافلات المدارس وسيارات النقل والديزل وغيرها من الوسائل التى يحتاجها المجتمع فى كثير من الأوقات ولا يمكن الاستغناء عنها.. وأضاف عبدالعاطى أن أصحاب المعارض يتحملون الكثير من الضغوط منها ضرورة سداد الإيجارات التى قد تتجاوز 40 ألف جنيه فضلا عن العمالة والمحاسبة الضريبية والجمارك وغيرها وسداد فواتير الخدمات.. وأوضح عبدالعاطى أن قرارات البنك المركزى المتعلقة بالسحب والإيداع وتغطية الاعتمادات كان يجب مناقشتها داخل «المطبخ» مع اتحاد الصناعات والاتحاد العام للغرف التجارية قبل أن تخرج إلى النور خاصة أنه حاليا لا يمكن تدبير العملة الصعبة بسهولة داخل البنوك ولا يوجد أمام كثير من المتعاملين إلا الحصول على الدولار بمجهود شخصي. وأكد اللواء حسين مصطفى، المدير التنفيذى لرابطة مصنعى السيارات أن أى منتج أو سلعة يخضع لقواعد العرض والطلب.. وكلما زاد الطلب على سلعة فإن سعرها يرتفع تلقائيا نتيجة قلة المعروض منها.. وأوضح مصطفى أن قرارات البنك المركزى الأخيرة بتغطية الاعتمادات بنسبة 100 % تحجز كثيراً من السيولة التى فى حيازة المستورد وتحرمه من بعض التسهيلات التى قد يحصل عليها من جانب المورد الأجنبي. وقال مصطفى إن هناك قراراً بضرورة اعتماد الفواتير الصادرة فقط من الشركة الموردة عن طريق البنك التابعة له. • قيود الاستيراد وأكد أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بغرفة تجارة القاهرة أن الرقم الذى أعلنه البنك المركزى بضخ 8.7 مليار دولار فى البنوك يتعلق بتلبية طلبات السلع الأساسية وتوفير العملة للمستثمرين الأجانب.. وأوضح شيحة أن الكثير من طلبات المستوردين تنتظر الموافقة عليها من جانب البنوك وحتى الآن لم تتضح الصورة بشأن موعد الحصول على العملة الصعبة من أجل تنفيذ عمليات الاستيراد. وشدد شيحة على ضرورة إلغاء وزارة الصناعة لقرارها بفرض قيود على استيراد السلع التى أعلنت عنها لأنها تعيق كثيرا من عمليات الاستيراد خاصة أن المصانع قد تعزف عن تلبية الاشتراطات التى أقرتها وزارة الصناعة.. وأضاف شيحة أن هذه المعوقات قد تدفع لأن تقدم الدول التى تستورد من مصر منتجاتها للمعاملة بالمثل وهو ما يعيق أيضا عمليات التصدير خاصة أن مثل هذه الإجراءات قد تدفع الكثير من العلامات التجارية للعزوف عن التصدير لمصر. وتابع شيحة أن القرار يخدم الكثير من المحتكرين الذى يعبثون بالأسواق كما سيتسبب فى اختفاء الكثير من السلع والخامات من الأسواق نتيجة الارتفاع المتوقع فى أسعارها بسبب فرض قيود على توريدها من الدول الخارجية. وطالب شيحة وزارة الصناعة إلغاء القرار الخاص بفرض قيود على استيراد السلع خاصة أنه يعيق حركة التجارة وسهولتها بين الدول فيما قد يصنع مافيا جديدة داخل الأسواق المصرية بسبب التفكير فى تخزين المنتجات لحين ارتفاع أسعارها. واتفق محسن التاجورى نائب رئيس شعبة المستوردين مع ما قاله رئيس شعبة المستوردين بغرفة تجارة القاهرة بأن البنوك لم توفر الدولار بالنسبة للمستوردين وأن ما حدث توفير للسلع الأساسية فقط وإنما بقية طلبات الاستيراد فهى لا تزال بانتظار الموافقة عليها. وطالب التاجورى بسرعة توفير العملة من أجل تلبية طلبات الاستيراد التى توقفت لفترات طويلة التى ساهمت فى تعطل الكثير من حركة التجارة لدى التجار والشركات العاملة فى مصر. •