الأزمات الشخصية للفنان لا تؤثر على نجاحاته، والجمهور ليس مضطرًا لمُجاملة الفنان. وما بين جمهور السينما والفنان «جودة الفيلم بكل عناصره فقط لا غير. والدليل أزمة أحمد الفيشاوى الشهيرة فى نسب طفلته له لم تؤثر على اختياراته المحسوبة جيداً ولا على تعامل منتجى السينما والدراما معه. الشيء نفسه يتكرر بتفاصيله مع أحمد عز فى قضية نسب التوأم التى رفعتها عليه زينة، وبغض النظر عن موقف أحمد عز وإصراره على عدم إجراء تحليل ال «دى إن إيه» ليغلق هذه القضية تماما. إلا أن الجمهور لم يهتم بقضيته ولا عما إذا كان استخدم حقن البوتكس أو غيرها. واهتم فقط بالفيلم الذى دفع فيه ثمن التذكرة وبالوقت الذى خصصه لفيلمه. • التنوع مطلوب مبدئيا أنت أمام مغامرة كبيرة أعلن عنها أفيش الفيلم بتواجد طارق العريان مُخرجاً ومُنتجاً فى ذات الوقت لا ننكر أنه فعلها فى أفلام سابقة، بل كان أيضا صاحب قصة أغلبها وكتب السيناريو والحوار لبعض منها، لكن ظروف فيلم «ولاد رزق» مُختلفة وتجعل الأمر بمثابة مغامرة. وهذا يعنى أنه أمام معادلة صعبة تفرض عليه الجمع بين السينما التى اعتاد عليها جمهوره التى يغلب عليها النكهة الأمريكية وبين العنصر التجارى الذى يضمن له إيرادات جيدة ليسترد ما صرفه على الفيلم الذى شاركت فى إنتاجه زوجته أصالة، وقد اندهشت كثيراً من الذين قارنوا فيلمه «أولاد رزق» بأفلامه القليلة السابقة «الإمبراطور» و«الباشا» و«السلم والثعبان» و«تيتو» هو كمخرج مُبدع من حقه التنوع فيما يخرجه من أفلامه، ليس من المنطقى أن يصنع أفلاما على غرار أفلامه السابقة أو يتحدث عن طبقة واحدة فى جميع أفلامه فهو حر فى اختيار ما يصنعه من أفلام وفى رؤيته الإخراجية أيضا، وللمتفرج الحرية الكاملة فى تقبل إبداعه أو رفضه، لكن فى النهاية الإيرادات هى الكلمة التى تعلو على صوت الجميع. يعتبر «أولاد رزق» هو أول بطولة جماعية لأحمد عز منذ بداية تصدرة لأفيشات أفلامه، وأعتقد أن أحمد عز تشبث بالفيلم لسببين أولهما أنه يضعه فى منطقة مختلفة لم يتعرف عليها جمهوره من قبل، وثانيا هو المغامر طارق العريان الذى تحمس لأحمد عز ليلعب دورًا بعيدًا عن الدنجوان، ليفاجئك بموهبته فى أداء دور اللص الشعبى زعيم العصابة بين أشقائه. • «أُستاذ» والسؤال: هل نجح طارق العريان المُتأثر بالسينما الأمريكية فى جذب الجمهور لفيلمه الذى ينتمى لعالم اللصوص من الطبقة تحت المتوسطة؟ الإيرادات هى المُعبر الحقيقى عن مدى انجذاب الجمهور للفيلم وإذا كان الفيلم احتل المركز الثانى بعد فيلم محمد رمضان «شد أجزاء»، فالمؤكد أنه قفز للمرتبة الأولى فى الوقت الحالى لعدة أسباب أهمها هو حرص الكثيرين على دخول الفيلم أكثر من مرة، ولن نتحدث عن براعة المخرج فى تنفيذ مشاهد المطاردات والمعارك فأفلامه السابقة شاهدة على «أستاذيته» فيها، ولكن أريد التوقف عند جُزئية لم يكشف عنها فى أفلامه من قبل وهى موهبته فى صنع توليفة خفيفة الظل تتلاءم مع ما يقدمه على الشريط السينمائى فهو ليس مُخرجًا مُتميزًا فقط، بل مُنتج شاطر وظف كل العناصر التى تخدم فيلمه بمهارة لجذب الجمهور. • «الموضوع يُحكم» اختار السيناريست صلاح الجهينى فكرة شديدة التميز ليقول إن الترابط الأسرى فى العائلات الخارجة عن القانون لا يقل عن العائلات الأخرى، بل يزيد أحياناً. «أولاد رزق» يتناول فى إطار كوميدى تشكيلاً عصابيًا عائليًا نادرًا جداً مكونًا من أربعة أشقاء ينتمون للطبقة الشعبية بارعين فى السطو على البنوك وصالات القمار وخلافه لهم قانونهم الخاص الخروج عنه يعنى تفككهم أسريًا أبرز قوانينهم لا قتل ولا مخدرات. الجميع يدور فى فلك الشقيق الأكبر، وهو العقل المدبر لأى عملية سرقة والمنقذ لأشقائه من أى مأزق فهو فى ظهرهم لحمايتهم حتى إذا قرر التوبة. طبيعى جدا وجود مشاهد تُعبر عن هذة الأجواء سواء مفردات وجمل متداولة بين هذة الطبقة أو مشاهد بها إيحاءات جنسية وكلها عناصر تخدم موضوع الفيلم ويُحسب للمخرج تقديمها بخفة ظل وانتزاع الضحكات من جمهور الفيلم لدرجة تجعل المُتفرج يُحب شخصيات العصابة ويتفاعل مع ألاعيبهم سواء مع تاجر المخدرات أو ضابط الشرطة الفاسد لإنقاذ شقيقهم الأصغر كريم قاسم «رمضان» ليجد المتفرج نفسه فى النهاية ضحية لعبة محبوكة من العصابة رسمها السيناريست المُبدع «صلاح الجهيني». فالنهاية لا تقل روعة عن تفاصيل الفيلم نفسه. يحُسب أيضا للمخرج طارق العريان اختيار أبطال الفيلم خاصة أحمد عز «رضا» الذى لعب دورًا من أفضل أدواره، وكذلك عمرو يوسف «ربيع» والداهية أحمد الفيشاوى فى دور «رجب» ويحسب للفيشاوى محافظته على موهبته وعدم إهدارها فى أدوار لا تضيف له. أحمد داود «عاطف» وكريم قاسم «رمضان» و«نسرين أمين» و«ندا موسي» محظوظون لاشتراكهم فى «أولاد رزق».. أدوارهم به علامة فارقة فى مشوارهم الفنى، وأهم الأدوار التى شهدت تألق مُمثليها «سيد رجب» فى دور المعلم صقر تاجر المخدرات ومحمد لطفى صاحب صالة القمار ومحمد ممدوح فى دور الضابط الفاسد. مدير التصوير مازن المتجول ومونتير أحمد حمدى وموسيقى هشام نزيه وديكور محمد عطية كانوا من العناصر الجيدة بالفيلم.•