مشكلة تلو الأخرى تواجه القطاع الصناعى والسياحى خلال الفترة القادمة.. فقد جاء قرار ارتفاع أسعار الكهرباء صدمة جديدة تطيح بآمال أصحاب المصانع كثيفة الاستهلاك التى تعتمد بشكل أساسى فى إنتاجها على الكهرباء وكانت الصدمة أيضا على أصحاب المنشآت الفندقية التى مازالت تحاول أن تلملم ما تبقى منها وتعيد الروح فى السياحة المصرية خاصة بعد الضربات السياسية التى لاحقت البلاد وأفقدت السياحة الملايين. فقد أعلنت وزارة الكهرباء عن خطتها فى تطبيق أسعار الكهرباء الجديدة حسب الشرائح المحددة، وبالفعل تم استثناء الشرائح الثلاث الأولى فى قطاع الاستهلاك المنزلى، من زيادة أسعار الكهرباء للعام المالى الجارى، وتحصيل الزيادة بالنسبة للشرائح الأخرى مع فاتورة يوليو التى سيتم تحصيلها فى أغسطس المقبل. وقالت الوزارة: إن الزيادة ستكون للشرائح الأعلى استهلاكًا، بداية من التى تزيد على 200 كيلووات فى الساعة، حيث إن من يستهلك 300 كيلو وات فى الساعة شهريًا، كان يدفع العام المالى الماضى 61 جنيهًا، وسيدفع بعد الزيادة الجديدة 68.5 جنيه، بمعدل زيادة 7.5 جنيه، أما المشترك صاحب استهلاك 350 كيلو وات فى ساعة فى الشهر، فكان يدفع 73 جنيهًا، ستكون فاتورته الجديدة بعد الزيادة 83.75 جنيه، بواقع زيادة 10.75 جنيه.. ومن يستهلك 650 كيلو وات فى ساعة، كان يدفع 177 جنيهًا، وبعد الزيادة سيدفع 207.25، بواقع زيادة فى قيمة الفاتورة ب 30.25 جنيه، والمستهلكون الذين يستهلكون ما يتراوح بين 350 إلى 650 كيلو وات فى الساعة، ومن يستهلك 1000 كيلو وات فى الساعة شهريًا، فكان يدفع فى السابق 390 جنيهًا، وبعد الزيادة سيدفع 467.75 جنيه، بواقع زيادة 77.75 جنيه». ومن يستهلك 2000 كيلو وات ساعة فى الشهر، كان يدفع فى السابق 1135 جنيهًا، وبعد زيادة الأسعار سيدفع 1307.8 جنيه، بواقع زيادة 172.8 جنيه. وأعلنت الوزارة عن شرائح استهلاك الكهرباء الجديدة على المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة الجهد الفائق متوسط سعر الطاقة بواقع 36.9 قرش لكل كيلو وات ساعة، خارج وقت الذروة بواقع 34.1 قرش لكل كيلو وات ساعة وداخل الذروة 51.1 قرش لكل كيلو وات ساعة، بينما الجهد العالى 38.8 قرش لكل «ك. و. س» متوسط سعر الطاقة، وخارج وقت الذروة 35.8 قرش لكل «ك. و. س»، وداخل الذروة 53.7 قرش لكل «ك. و. س». • القلق! ومن هنا كشف محمد حنفى، مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات عن حالة القلق التى نشبت بين أصحاب مصانع الحديد بعد رفع أسعار الكهرباء والوقود، لافتًا إلى أنهم يجتمعون بشكل يومى داخل مصانعهم لحل هذه الأزمة، مشيرًا إلى أن زيادة الكهرباء أضافت 300 جنيه على المنتج النهائى، الأمر الذى يشكل خطورة على أصحاب المصانع خاصة أنهم لا يستطيعون أن يضيفوا تلك الزيادة على المنتج النهائى، لأن المستهلك سيعتمد على المستورد نظرا لتدنى أسعاره أمام المحلى. وأشار حنفى إلى أن أصحاب المصانع سيعقدون اجتماعا خلال الأسبوع المقبل، لعرض الأزمة وإيجاد حلول لها، خاصة أن وزارة الصناعة والتجارة قامت بإلغاء الرسوم الوقائية على واردات الحديد، بالإضافة إلى عدم وجود جمارك على الحديد. ووجه حنفى عددا من الأسئلة إلى الحكومة الحالية وهي: الأول: فى السنة الأولى للقرار تم رفع أسعار الكهرباء بواقع 7 جنيهات ماذا بعد أربع سنوات؟.. ثانيا لماذا لم تجتمع الحكومة مع أصحاب الشأن ودراسة تأثير رفع الكهرباء على المصانع؟.. وأخيرا القيمة التى تم تحديدها على أساس تم حسابها؟ • كلام سياسة! ومن جانبه قال إلهامى الزيات - رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية: إن القطاع السياحى فى مصر ما أن يبدأ يتحسن إلا وتحدث كارثة جديدة تقضى على ما تم إنقاذه، حيث إن الكهرباء مشكلة كبيرة للغاية مهما وضعنا خططًا فهناك خلل حقيقى فى الكهرباء، ففى الوقت التى تستعيد السياحة أنفاسها من سنوات عجاف، يأتى قرار ارتفاع أسعار الكهرباء وتحصيله بأثر رجعى، أولا هذا القرار غير مدروس لأنه فى حالة زيادة أسعار الكهرباء لابد من إعطاء ضمانات لأصحاب المنشآت السياحية، ولعل أهمها عدم انقطاع الكهرباء نهائيا عن هذه الاماكن ولكن ما يحدث غير ذلك تماما، حيث ان عدد مرات انقطاع التيار الكهربى بشرم الشيخ تصل إلى نحو مرتين يوميا بمعدل ساعتين فى اليوم، تلجأ خلالها الفنادق لتشغيل مولدات الكهرباء.. وإن قطاع الفنادق يعانى جراء ارتفاع تكلفة التشغيل، التى تصل فى بعض الفنادق إلى نحو 60% لزيادة أسعار السولار والمواد الغذائية، وصيانة الأجهزة أو استبدالها خاصة أن أعمال الصيانة ارتفعت بنسبة 15% لكل كيلو وات، منذ ارتفاع أسعار السولار.، مضيفا: إن خسائر الفنادق تزايدت خلال الفترة الماضية، فضلا عن ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 40% خلال الشهرين الماضيين. وقال الزيات: إن تصريحات الحكومة حول استثناء المناطق السياحية من خطة تخفيف الأحمال، «كلام سياسة»، لتهدئة الأوضاع داخل القطاع السياحى المصرى، وأنها وعود لا تنفذ على أرض الواقع، وأن هذه الزيادة يقابلها ثبات فى الأسعار السياحية، خاصة أن الفنادق لا يمكنها رفع أسعارها بصورة مفاجئة، فى ظل انخفاض الحركة السياحية الوافدة إلى مصر. واصفا رفع أسعار الكهرباء فى ظل الأوضاع الراهنة ب«التهريج»، لأن مثل هذه القرارات لابد من تنفيذها فى حالة استقرار الأوضاع الاقتصادية حتى ولو بنسبة 50 %. • الانحياز! ويرى الدكتور إبراهيم زهران - الخبير البترولى - أنه كان على الدولة أن تنتهج سياسة أخرى فى مواجهة أزمة الموازنة بخلاف رفع أسعار الكهرباء، فى ظل ارتفاع مستوى الفقر وتدنى مستوى المعيشة، مشيرًا إلى أن كل تلك السياسات المالية والاقتصادية لن تنتهى بشىء سوى أنها تعمل على تركيع الموازنة العامة. إن رفع أسعار الكهرباء الذى أكدت وزارة الكهرباء على توفيره 10 مليارات جنيه للدولة لن يكون على حساب الفقراء والمحتاجين، خصوصًا أن وزارة الكهرباء أعلنت عن مواجهة الأمر من خلال خطة تعتمد على زيادة الأسعار وفقًا لنسبة استخدام الكهرباء بمعنى أن من يستهلك 50 وات كهرباء سيتاح له الاستفادة من أسعار الكهرباء المدعومة وسعر ذلك 9 قروش، ومَن يستهلك ما فوق ذلك إلى 100 وات يصل إلى 17 قرشًا وتتم الزيادة فى السعر وفقًا لزيادة الاستخدام. وأشار إلى أن تلك السياسة ستوفر على الدولة، ولكن يجب أن تأخذ الحكومة فى الاعتبار أن المواطن مَن سترتفع معاناته خصوصًا مع وجود فواتير المياه والغاز التى يدفعها أيضًا، ولهذا يجب أن يكون لدى الحكومة رؤية واضحة بشأن التخفيف على المواطن فيما يدفعه من أموال خلال الفترة المقبلة. وأضاف انه لو بالفعل تم استثناء الشرائح الثلاث الأولى نجد أن الشريحة الرابعة التى تستهلك (201-350) كيلووات ساعة ستدفع 30 قرشاً لكل كيلووات بدلاً من 24 قرشاً، أى أن نسبة الزيادة المقررة على الشريحة تصل إلى 27%. تقل نسبة الزيادة المقررة على فاتورة الكهرباء كلما اتجه الاستهلاك للزيادة، أى بطريقة الهرم المقلوب، فنجد الشريحة الخامسة استهلاك (351 -650) كيلووات ساعة ستدفع 40 قرشاً لكل كيلووات بدلاً من 34 قرشاً، أى بنسبة زيادة تقدر ب19%، والشريحة السادسة استهلاك (651 - 1000) كيلووات ساعة ستدفع 71 قرشاً بدلاً من 60 قرشاً، أى بنسبة زيادة تقدر ب18%، والشريحة السابعة والأخيرة التى تستهلك أكثر من ألف كيلووات ساعة ستدفع 84 قرشاً بدلاً من 74 قرشاً، بنسبة زيادة تصل إلى 13.5%. رغم أن الوزارة أعلنت أنها تعانى من عجز فى السيولة المالية بسبب تثبيت الشرائح الأولى وإعفائها من الدعم يقدر بمليار و900 مليون جنيه. وفى الوقت الذى لم تلجأ فيه وزارة الكهرباء لرفع نسبة زيادة الاستهلاك على الأنشطة كثيفة استهلاك الطاقة بينها الصناعات، وتكتفى بزيادة طفيفة قدرت بقرش واحد لمتوسط بيع سعر الطاقة للصناعات الكثيفة (الحديد - الأسمنت - الأسمدة - الألومنيوم - البتروكيماويات) لتدفع 39 قرشاً على استخدامات الطاقة على الجهد الفائق (220 - 132 كيلوفولت) بدلاً من 38 قرشاً، وبالجهد المتوسط تدفع الصناعات الكثيفة 26 قرشاً متوسط سعر الطاقة بدلاً من 25 قرشاً، ما اعتبره البعض مظهراً آخر من مظاهر الانحياز لرجال الأعمال. أما زالت الحكومة تدلل الأغنياء وتضغط على الطبقة المتوسطة؟! •