ب38 جنيهًا.. أسعار الفراخ تفاجئ المواطنين اليوم    نائب رئيس الوزراء يناقش توطين الصناعة مع 23 شركة لمصنعى الأتوبيسات والمركبات    "التخطيط": تسليم 17 مركزًا تكنولوجيًا متنقلًا للنيابة العامة لتقديم الخدمات الإلكترونية للمواطنين    رئيس الوزراء يشارك فى الملتقى السادس للهيئة العامة للرعاية الصحية    أسعار الأسماك اليوم 26 نوفمبر في سوق العبور.. والبلطي يبدأ من 58 جنيها    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 26 نوفمبر    إعادة انتخابات في الدائرة الثانية بدمياط بين أربعة مرشحين    الجيش الأوكراني يسقط 72 مسيرة روسية استهدفت مناطق مختلفة من البلاد    وزيرتا التنمية المحلية والتضامن تبحثان دعم جهود الهلال الأحمر المصري    الناتو يحذر من التسرع بخطة السلام الأمريكية ويصف خسائر روسيا بالكبيرة    بعثة الزمالك تصل جنوب أفريقيا استعدادا لمواجهة كايزر تشيفز    بعثة الزمالك تصل جنوب أفريقيا لمواجهة كايزر تشيفز    بالصور.. بعثة الأهلي تطير إلى المغرب لمواجهة الجيش الملكي    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    الحصر العددى لأصوات الناخبين بدائرة الحسينية بالشرقية فى مجلس النواب 2025    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص في 6 أكتوبر    استدعاء شهود العيان على مصرع شخص سقط من عقار بمدينة نصر    طقس الأربعاء منخفض في درجات الحرارة والشبورة كثيفة صباحا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    اليوم.. محاكمة 124 متهمًا في قضية الهيكل الإداري للإخوان بالتجمع    اليوم.. الحكم على البلوجر «أم مكة» بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 26 نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    قافلة من أسنان القاهرة للكشف على طلاب كليات القطاع الصحى بالجامعة الأهلية    انطلاق فاعليات الملتقى السنوى السادس لهيئة الرعاية الصحية    وزير الخارجية: لبنان ركن أساسي في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي    نتائج الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرتين الأولى والثالثة في الإسماعيلية    مهرجان شرم الشيخ يعلن اختيار رومانيا ضيف شرف دورته القادمة    مقتل مطلوبين اثنين من حملة الفكر التكفيري في عملية أمنية بالأردن    31 دولارا للأوقية.. ارتفاع أسعار الذهب في البورصة العالمية    بعد نجاح "دولة التلاوة".. دعوة لإطلاق جمهورية المؤذنين    مرتضى منصور قبل الأخير، ننشر الحصر العددي لأصوات الناخبين بميت غمر في الدقهلية    «لجنة المطرية» تعلن نتائج الحصر العددي لأصوات الناخبين    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    خالد النجار يكتب: من نصر لنصر    النائب العام يبحث التعاون مع الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    الفيوم تحتضن مهرجان البيئة وجامعة الفيوم تشارك بفاعلية في الحدث    وعكة صحية تُدخل والدة رضا البحراوى المستشفى    عودة "Stray Kids" إلى البرازيل كأول فرقة كيبوب في مهرجان روك إن ريو 2026    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    خمسة لطفلك | كيف تكتشفين العدوى الفيروسية مبكرًا؟    محمد صبحي يكشف تفاصيل إصابته ب«الوسواس القهري»    دراسة تكشف عن 3 مخاطر من إيقاف أدوية إنقاص الوزن قبل الحمل    موعد مباريات اليوم الأربعاء 26 نوفمبر 2025.. إنفوجراف    محمد صبحي: لدي رقيب داخلي.. وأبحث أولاً عن الرسالة في أي عمل فني    ترتيب دوري أبطال أوروبا.. تشيلسي يقترب من المربع الذهبي وبرشلونة ال15    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الخميس والسبت فى دور ال32 بكأس مصر    الفقي: نجاح البرلمان لن يتحقق إلا بوجود معارضة قوية ورجل الأعمال لا يصلح للسياسة    جامعة المنيا: اعتماد استراتيجية الابتكار والأمن السيبراني    مصرع طفل 15 سنة في تصادم دراجة وسيارة نقل خلال حفل زفاف غرب الأقصر    لجنة السيدة زينب تعلن محاضر فرز اللجان الفرعية للمرشحين بانتخابات النواب    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    بعد تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الفقي: ترامب يبعث برسالة غير مباشرة لحماس    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ياسين التهامى .. ظاهرة الشرق
نشر في صباح الخير يوم 30 - 06 - 2015

يعد الشيخ ياسين التهامى ظاهرة فريدة فى عالم الإنشاد الديني, حيث أطلقت عليه إحدى الصحف الإسبانية «ياسين العظيم ظاهرة الشرق»، الذى ذاع صيته كمنشد دينى منذ منتصف السبعينيات، واستطاع التربع على عرش الإنشاد الدينى لمدة تزيد على الثلاثين عاما.

• نشأته
ولد «ياسين التهامي» عام 1949 بقرية «الحواتكة» بمركز منفلوط بأسيوط، ونشأ فى بيت دينى، حيث كان والده الشيخ «التهامى حسنين» أحد قراء القرآن الكريم بالقرية، وكان من أولياء الله الصالحين، ومن الزاهدين العابدين، وكان لهذا الجو تأثير عميق فى نفس «ياسين»، فقد نشأ وتربى فى جو يسوده التدين وحب وذكر الله، وذلك من خلال ليالى الذكر التى كان يقيمها والده فى المناسبات الإسلامية، كالمولد النبوى الشريف وغيرها من المناسبات الدينية، كما كان للأب دور كبير فى حياة ابنه «ياسين»، حيث ساهم بشكل رئيسى فى تقويم لسانه، فساعده على حفظ القرآن الكريم، والعديد من القصائد الصوفية، حيث كان الوالد واحدا من أقطاب الصوفية فى الصعيد، فكان للبداية والنشأة المتدينة أثر كبير فى تشكيل عقل وقلب ووجدان الصبى الصوفى الصغير الذى بدأ حياته بتلاوة القران وتجويده، وحفظ الأشعار، ومن هنا دفع به والده إلى أن يتلقى تعليمه بالمعاهد الأزهرية حتى وصل إلى السنة الثانية فى المرحلة الثانوية الأزهرية، وكان ذلك عام 1970 وخلال تعليمه الأزهرى كان «ياسين» مولعا بالشعر الصوفى، الذى كان يسمعه من والده وممن يحضرون ليالى الذكر فى منزلهم، ومن هنا امتنع «ياسين» عن استكمال دراسته الأزهرية، ثم ظل لمدة عامين متأملا ومنقطعا لقراءة أشعار أقطاب الصوفية الكبار أمثال «ابن الفارض، والحلاج، والسهرودى، ومحيى الدين بن عربي» وغيرهم ممن كان لهم الفضل وكان لهم أكبر الأثر فى تكوين شخصيته، وبمرور الوقت بدأ «ياسين» يسلك طريقه إلى الإنشاد الدينى، رغم معارضة عائلته فى البداية.
• بدايته
وكانت بدايته فى عالم الإنشاد الدينى عندما بدأ «ياسين» يترنم بينه وبين نفسه بالأشعار وتجويد بعض آيات القرآن الكريم، وجاءت نقطة التحول فى حياته حيث كانت إحدى الليالى التى يقيمها والده، وبالتحديد ليلة المولد النبوى، فأخذ يقول مثلما يقول الذاكرون، ومن هنا وجد الشيخ نفسه مندفعا إلى حلقة الذكر منشدا «هو الحب فأسلم بالحشى ما الهوى، سهل فما اختاره مضنى به وله عقل، وعش خاليا فالحب راحته عنا، فأوله سقم وآخره قتل»، وبعدها ترك دراسته فى الأزهر وتفرغ للإنشاد فى موالد الصالحين، الذين تنتشر أضرحتهم من أسوان حتى بنى سويف بالصعيد، فكانت ساحات مولد «الفرغلي» ب «أبوتيج»، ومولد «الفولي» بالمنيا، و«العارف بالله» فى سوهاج، مسارح مفتوحة استطاع من خلالها «ياسين التهامي» أن يقدم نفسه للناس من العامة قبل الصوفيين، واستطاع باستخدام آلات جديدة لم تكن تستخدم من قبل أن يصنع لنفسه حالة خاصة، فبصحبة الناى والكمان اللذين تصنع نغماتهما ألحان الشجن، صاغ «ياسين» منهج الإنشاد الصوفى لديه، ليصبح بالإنشاد الدينى منافسا لأغانى كبار نجوم الغناء والطرب فى العالم العربى.
وبالرغم من أن الشيخ قد ترك تعليمه الأزهرى إلا أن الفترة الدراسية التى تلقاها فى الأزهر كانت خير معين له فى رحلته التى شاء القدر أن يسير فيها، فقد استطاع حفظ القرآن الكريم وتجويده، كما ساعده حفظ القرآن الكريم على إنماء ملكة الحفظ لديه التى كانت عاملا مهما بالنسبة له فيما بعد، وكانت اللغة العربية وقواعدها التى درسها على أيدى أساتذة وعلماء الأزهر قد ساعدته على عبور حاجز الرهبة، كما ساعدته على معرفة أصول اللغة وقواعدها وكيفية نطقها نطقا سليما.
• شهرته
بدأ الشيخ «ياسين التهامي» حياته بالإنشاد الدينى فى الموالد والحفلات الدينية بقرى ونجوع الصعيد حتى سطع نجمه فى منتصف السبعينيات فأصبح نجم الإنشاد الدينى الأول فى مصر، بعد أن انتقلت شهرته من قلب الصعيد إلى الوجه البحرى، وأصبح مولد «السيد البدوي» بمدينة طنطا ساحة اللقاء بين «ياسين التهامي» وبين عشاقه، الذين عرفوه من خلال شرائط الكاسيت قبل أن يروه وجها لوجه، بالإضافة إلى ذلك أصبح مكانه محجوزا بالليالى الأخيرة فى موالد القاهرة، كالسيدة زينب والحسين، ليتجمع مئات الآلاف لسماع شعر «عمر بن الفارض» و«محيى الدين بن عربي» بصوت ياسين التهامى، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد ولكنه امتد لتصل شهرة «ياسين التهامي» إلى جميع أرجاء العالم العربى والإسلامى، بل والغربى أيضا، فجميعهم أصبح يستمع إلى قصائد أقطاب الصوفية على لسان «التهامي» وبل يطربون بها، بعد أن كان مكانها بطون الكتب أو حلقات الذكر ومجالس شيوخ الطرق، فجاء «ياسين» بإنشاده فى الموالد والميادين والحفلات ليجعلها على ألسنة العوام فى القرى والنجوع والأرياف لتشبه الفلكلور الشعبى، فتسمع مثلا حمال أمتعة أتعبه كثرة العمل يبرر لك عجزه عن رفع بعض المتاع قائلا «ما حيلتى والعجز غاية قوتي»، وربما عبّر لك آخر عن قلقه حيالك قائلا «قلبى يحدثنى بأنك متلفي» ثم لا يلبث أن يردف مؤكدا أنه يداعبك فقط فيقول «روحى فداك عرفت أم لم تعرف»، وبهذه الكلمات العربية الفصحى التى لا يفهمها الكثير من العوام ولكنهم يرددونها كثيرا بعد سماعهم لها على لسان التهامى فى الحفلات التى أحياها فى النجوع والقرى والموالد وفى مختلف الدول العربية، والأجنبية فأحيا حفلات فى لندن وباريس وألمانيا وهولندا وإسبانيا وفنلندا وغيرها من العواصم والدول الأجنبية، وأصبح انشاده جزءا مهما فى المهرجانات الغربية، خاصة فى مهرجانات الموسيقى الروحية، ونظرا لكونه كان ظاهرة فريدة فى عالم الغناء والطرب وفى عالم الإنشاد الدينى خاصة أطلقت عليه إحدى الصحف الاسبانية «ياسين العظيم ظاهرة الشرق».
• العلاج بالإنشاد
تفرد «ياسين التهامي» فى الإنشاد الدينى لدرجة أصبح بعدها يقود جلسات العلاج النفسى بالإنشاد الدينى، والتف الناس بالصعيد حوله، وصار له مريدون وعشاق يتحسسون أخباره، ويسافرون إلى الأماكن التى يقيم بها حفلاته، فما أن يحل ضيفا بإحدى القرى، حتى ينتشر الخبر فى القرى المجاورة قبلها بأيام، فيهيئ المغرمون بإنشاده أنفسهم لحضور الليلة، وينهون كل الأعمال التى قد تعطلهم عن الحضور، والجميع يرددون الكلمات التى ينشدها التهامى ولا يعرفون أنها مقتطعة من عيون الشعر الصوفى، ودون إدراك لمعانيها الحقيقية غالبا بعفوية وبفصاحة لا تنم عنها بساطتهم ومستوياتهم الثقافية والاجتماعية المتواضعة، بل إن بعضهم يكاد يحفظ قصائد بأكملها لأقطاب الصوفية، وذلك من كثرة ما رددها وراء الشيخ ياسين فى الموالد والحفلات، أو لكثرة ما سمعها من أشرطة الكاسيت التى تحتوى إنشاده الدينى.
والغريب أنه حتى بعد انتهاء الليلة يظل الحديث عن الشيخ «ياسين» وعن إنشاده الذى أطرب النفوس، ووسط هذا الجو المليء بالحب استطاع «ياسين» أن يتربع على عرش ليالى الغناء الصوفى، ولكنه رفض ما يحدث فيها من العادات البالية التى كانت منتشرة بالصعيد، مثل إطلاق الأعيرة النارية، واحتساء الخمور والمخدرات، وهى عادات كانت سائدة فى الموالد وفى حفلات الإنشاد.
• أسباب نجاحه
تميز «ياسين التهامي» بطريقة فريدة وخاصة فى الإنشاد تعتمد على التفاعل المستمر مع الجمهور، فهو لا يقوم بالإنشاد داخل استديو، وإنما فى الموالد واللقاءات المفتوحة مع الجمهور؛ لأن التسجيل فى الاستديو كما كان يقول أقرب إلى الغناء «الاستهلاكي» الذى يعد مسبقا للجمهور، كما لا يقوم بأى بروفة للحن أو للكلمات التى ينشدها، بل يأتى عفوا ومن تلقاء نفسه أو حسب ما يسميه «الحالة»؛ فهو يرتقى المسرح، ويحاول أن يختار من قصائد الصوفية ألْيقها بالمقام، لكن الذى يحدث غالبا أن «الحالة» هى التى تلهمه اختيار القصيدة واللحن.
ويبدو ذلك واضحا من تغير لحن وكلمات القصيدة الواحدة، فكثيرا ما أنشد القصيدة الواحدة على أكثر من لحن أو مقام، وربما أنشد على المقام الواحد أكثر من قصيدة، وربما غير فى القصيدة الواحدة والمقام الواحد بحسب الحالة التى ينشد فيها، والتى يخلقها الزمان والمكان والحدث والناس من حوله أو حالته الشخصية أيضًا التى تتدخل فى ذلك، لذلك مرات تأتى القصيدة ترقص طربا، ومرات أخرى تأتى هى نفسها تقطر حزنا كالنشيد الجنائزى.•


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.