قرأت على شريط الأخبار أن مصر فازت فى ذلك اليوم بلقب أعلى درجة حرارة فى العالم. شعرت ببعض التحدى، سأقطع المشوار إلى عملى سيرا على الأقدام كعادتى، مسافة تستغرق حوالى ربع ساعة، الغريب أن شعور التحدى منحنى نوعا من الانبساط على عكس طبيعتى فى السنوات الأخيرة، ورسم ابتسامة على وجهى، ربما كانت هى ما دفع سيدة متوسطة العمر تسير خلفى مع ابنتها أن توقفنى وتسألنى (مدرسة الفرنسيسكان بتاعت الراهبات بيقولوا عند صيدلية سيف.. صح). قلت: «لأ غلط متأكدة إنها مش عند صيدلية سيف، لكن مش متأكدة هى فين، يمكن باب اللوق؟» أشرت إلى الجهة العكسية وأكدت «انتى لازم تمشى عكس»، قالت لابنتها: «طنط قالت أكيد مش عند صيدلية سيف» كان يبدو تأثير الحر على ملامح وجه الابنة الشابة أسوأ من وجه أمها. قالت الأم: «كل ما أسأل حد يقول إجابة غير التانى»، فاقترحت عليها أن نعبر شارع قصر العينى معا وندخل وزارة البحث العلمى لنختبئ من الشمس والحر وتتيح لى الإضاءة الداخلية أن أبحث على جوجل عن مكان المدرسة. وافقت بلا تردد متجاهلة علامات الزهق على وجه الابنة. وبالفعل سمح لنا أمن الوزارة بالدخول والجلوس على جانب السلم، وأثناء انتظار فتح الإنترنت والبحث عن اسم المدرسة حكت لى باختصار أنها قادمة من الإسكندرية وأنها كانت فى المجمع وأنها فكرت أن تمر على مدرسة الفرنسيسكان لتحيى مديرة مدرستها التى انتقلت إلى القاهرة من سنوات طويلة. «سوير بسمة» أشارت إلى الآيباد بإصبعها «أهى صورتها أهى» كانت نتائج البحث ظهرت وعرفنا العنوان 7 محمود بسيونى وظهرت صور للمدرسة ومدرساتها، تطوع موظف الأمن ووصف لها الطريق إلى محمود بسيونى واقترحت عليها أن تستقل سيارة أجرة فتدخل قائلا: «تمشى مش بعيد». قلت: «يا عم الدنيا حر»، ضحكنا كأننى القيت نكتة. وذهب كل منا فى طريقه سيرا على الإقدام. أمدنى الموقف بطاقة بهجة غير مألوفة، اعتبرت نفسى محظوظة لأننى قابلت بطلة فيلم «شقة مصر الجديدة» «تقريبا». لم يكن حظا فقط، إنه الحر الذى جعلنى أشفق على السيدة وابنتها من التوهان، فلم أكتف بأن أقول لها لا أعرف، وأمضى مبتئسة محشورة فى أفكارى وهمومى. ساعدتها فأهدتنى بهجة. الجميل أنها لم تشكرنى وأنا لم أشكر موظف الأمن الذى استضافنا لدقائق. •