الناس لا تسكت، طوال الوقت كلام، وأحكام، واستنتاجات، ولا مانع أيضاً من إشاعات، وفى مجتمعاتنا الشرقية كان دائما كلام الناس محركا لكثير من السلوكيات، وصخرة الفشل للكثير من العلاقات. لكن من المؤكد أن الجيل الآن يختلف كلياً عن الأجيال السابقة، فالكلمة التى كانت تلزم جدتى بالبقاء فى البيت، لم تلزم أمي، والكلمة التى أزعجتنى وعملت لها حسابا، اختفى تأثيرها على ابنتى المراهقة اليوم.. فهل جيل اليوم ليس فى قاموسه «كلام الناس» بالمقارنة بالسابق!!.. خاصة أننى أرى أصدق مثال على هذا.. أن الأم فى السابق كانت تنصح ابنها «ماتتجوزش واحدة مشيت معاها أو مصاحبها» اليوم من الطبيعى أن يتزوج الشاب من حبيبته وصديقته بعد سنوات ارتباط فى الجامعة أو حتى فى المدرسة»!! فإذا اصطدم كلام الناس بعلاقة عاطفية اليوم من الذى يقهر الآخر.. كلام الناس أم الحب؟ عرضت هذا السؤال على شباب وبنات لعلى أعرف الإجابة خلال السطور القادمة. • شعار الجيل الجديد «كل واحد يخليه فى نفسه وإلا».. هكذا بدأ معى كلامه أحمد 25سنة خريج كلية الحاسبات والمعلومات وأكمل: «مافيش حد دلوقتى بيسمع كلام حد، أنت كأب اليوم بتنصح ابنك وتسيبه هو يقرر لأن ساعات الابن بيكون فاهم الدنيا اكتر من أبوه.. والبنت بتلاقيها هى اللى بتنصح مامتها، لأن الجيل اللى فات ماكنتش الدنيا مفتوحة حواليه زى دلوقتى والمعلومات سهلة ومتداولة زى دلوقتي.. ويكمل أحمد ضاحكا:ً يعنى مش معقول الأم تنصح بنتها تحب مين وتصاحب مين، وهى مش عارفة تستخدم الموبايل مثلاً وطالبة من بنتها تساعدها تنزل عليه برنامج!!» • المهم أهلى شذا- 17سنة طالبة فى الثانوية العامة مرتبطة عاطفياً بزميل لها منذ عام تقول: «أصبح عادياً جداً أن ترتبط البنت بزميلها وبمعرفة الأهل، وعن نفسى فأمى وأمه أصبحتا صديقتين وأنا معه فى المدرسة ونخرج ونسافر مع أهلنا أو أصدقائنا، ونخرج مع باقى شلتنا لنجلس على الكافيه أو نذهب للسينما، أكيد هناك من يتكلم وأكيد من لا يعجبه ذلك، لكن المهم سلوكى وثقة أهلى فى ولا يهمنى كلام أى حد، فالناس كده كده بتتكلم... ولا يعجبها العجب». • الكلام نفسه تغير سلمى- 19سنة تشع شباباً وحيوية قابلتها فى أحد الكافيهات.. خريجة مدارس فرنسية وتدرس بكلية الألسن تقول: «الناس مش فاضية تتكلم النهاردا زى زمان.. أكيد الظروف الاقتصادية والاجتماعية ساهمت فى تغيير نظر الناس وطريقة تفكيرهم فما لم يقبل من عشرين سنة أصبح عادياً اليوم، أصبحت البنت والولد عندهما من الحرية اختيار شريك حياتهما بغض النظر عن رأى الناس وحتى لو كان عند الأهل تحفظ على شيء.. إلا أن الكلمة الأخيرة لصاحب الشأن». • كلام الناس بيأخر: أمنية- 30سنة محاسبة فى أحد البنوك كانت لها تجربة مع كلام الناس: «كنت مرتبطة بزميل لى فى البنك وبيننا قصة حب استمرت عامين، واتفقنا على الزواج وكل الأمور كانت جيدة إلى أن جاءت أمه وزارتنا ومن يومها تغير حبيبى وأصبح يتهرب مني، وساءت حالتى النفسية جداً عندما علمت أنه طلب نقله من الفرع وعنما واجهته، قال إن أمه غير راضية عن هذا الزواج لأنى أكبر منه بثلاثة أعوام وإنه لن يسلم من كلام الناس.. فتركته وأنا ألعن كلام الناس الذى فرق بيننا وأكرهه أكثر لأنه سمح لهذا بأن يفرق بيننا». • الكلام اللى بيفرق على النقيض لم يسمح المهندس أحمد- 29سنة أن يفرقه كلام الناس عن حبه فيقول: «ارتبطت عاطفياً بزميلة لى فى العمل لمدة 4 سنوات ولأن كل من يعمل معنا فى الشركة كانوا كبارا سناً، أو شبابا ولكن «منفسنين» لم نسلم من الناس حولنا، يأتى من ينصحنى «البنت دى مش مستواك بتضحك عليك»، وتذهب لها من تقول «دا بتاع بنات وبيضحك عليكى وماشى مع ميت بنت» حتى فى البيت أمها تقول لها «الناس بتتكلم عنك ما تخليهوش يوصلك»، وأمى تقول لى «دى مش مستواك تعالى اخطبلك بنت خالك» لكن كنا مقتنعين ببعض والأهم بنحب بعض أول ما جاءت لى فرصة سفر لدولة أوروبية تزوجتها وسافرنا وخلصنا من كلام الناس اللى كان هيفرق بيننا». • لسه شوية نادين- 20سنة كلية سياسة واقتصاد تقول: «مازال مجتمعنا يحكم على المظاهر، ومازال يفرق فى نظرته للبنت والولد، فعندما يرى والدى بنتا وولدا فى كافيه «وبيشيشوا» يقول هى البنت دى إزاى بتشييش.. وإيه اللى مأخرها لحد دلوقتى برا بيتها؟؟!! صحيح أننا كجيل متمرد وأبى الذى يعترض على البنت فى الكافيه هو من تركنى أنزل التحرير أيام الثورة.. فنحن لم نصل لمرحلة «تطنيش كلام الناس» و«لسه شوية» فنحن فى مرحلة انتقالية ما بين خضوعنا لموروثات وبين التمرد عليها.. المهم فى رأيى أن أكون مقتنعة جداً بما أفعله، وليذهب وقتها كلام المجتمع كله للجحيم، وعندما أحب يجب أن أكون «قد المسئولية» فى اختيار حبيبى ومتأكدة من حبه لى وحبى له حتى يكون كلام الناس عديم الجدوى بالنسبة لى.•