فقدت الأوساط الموسيقية الأيام الماضية واحداً من رواد الجيل الثانى من المؤلفين الموسيقيين وهو المؤلف والملحن وعازف الفيولينة الماهر عطية شرارة المولود بالقاهرة فى الثامن عشر من نوفمبر عام 1923 وتحديداً بحى الخورنفش بالقرب من الحسين فى بيت أزهرى فجده ووالده أزهريين حيث تربى على التواشيح الدينية والتحق بمدرسة النحاسين الابتدائية فى سن صغيرة قبل التحاقه بمعهد فؤاد الأول الذى تلقى فيه تعليمه الموسيقى بعد أن اقترب من عازف عود ضمن عائلة والدته ورغب فى تعليمه العود وأحب الموسيقى من خلاله فالتحق بمعهد فؤاد الأول واختارت له اللجنة الممتحنة آلة الكمان ودرس على يد أساتذة وخبراء أجانب حتى تخرجه عام 1946.
بجانب تعلم العزف درس التأليف والعلوم الموسيقية المتخصصة كالهارمونى والكنترابينط والدروب والموشحات مما أثقل خبرته الدراسية التى أفرزت لنا مؤلفاً يجمع بين الطابع الشرقى والغربى فى موسيقاه التى بدأت بعمله ليالى القاهرة عام 1948 وتلاها بمجموعة من الليالى منها المنصورةوالإسكندرية وبنى غازى حتى أطلق عليه أبو الليالى.. وعمل شرارة كعازف فيولينة فى فرقة عبدالوهاب وأم كلثوم ،ثم كون فرقة موسيقية حملت اسمه وصاحبت صديقيه محمد فوزى وفريد الأطرش وكانت فرصة لتقديم مؤلفاته البحتة مع بداية كل حفل ..ولم يقتصر دور شرارة داخل أرض المحروسة بل امتد للبلدان العربية الشقيقة والتى أسس فيها فرقة الإذاعة التونسية والليبية وأيضاً كان أحد المؤسسين للمعهد الوطنى للموسيقى بليبيا الشقيقة، وكان له الفضل فى اكتشاف أصوات مميزة مثل عٌليا التونسية ..كما شارك فى تأسيس معهد الفنون الموسيقية بالأردن.. وبعد عودته إلى بلده قام بتكوين فرقة صغيرة أسماها سداسى شرارة حرصت على تقديم الموسيقى الآلية، واحتضنت الدولة هذه الفرقة فى مطلع الثمانينيات، وبخلاف مقطوعاته البديعة شارك بوضع عدد كبير من موسيقى الأفلام فى السينما المصرية.. وشارك بموسيقاه أيضاً فى بعض المسلسلات الإذاعية.
وحصل عطية شرارة على بعض التكريمات منها جائزة الدولة التشجيعية والتقديرية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من مصر والأردن، وأيضاً وسام السلطان قابوس.. ورحل عن عالمنا بعد أن ترك لنا ميراثاً موسيقياً خالداً يستحق كل التقدير.
وبعد هذا الرحيل بأيام فقدنا ملحناً موسيقياً لم ينل شهرة كبيرة فى حياته لكننا نقف عند عطائه وحبه الكبير لعالم الموسيقى الرحب بنغماته السبع التى سبح على درجاتها لأعوام طويلة ألا وهو الملحن إبراهيم فارس ابن الإسكندرية المولود فى السادس والعشرين من يونيو عام 1933 لأسرة متوسطة تبتعد تماماً عن الوسط الفنى، وبعد حصوله على شهادة متوسطة عاد إلى القاهرة وعمل بالإذاعة المصرية بقسم التسجيلات لفترة ثم التحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى وحصل على قسط وافر من الدراسة المتخصصة ،وبعدها اعتمد من الإذاعة المصرية عام 1959 كملحن وقدم العديد من الألحان للمطربين آنذاك أمثال شريفة فاضل ،محمد رشدى، نجاح سلام، حورية حسن ..كما تعاون مع بعض الوجوه الشابة آنذاك مثل المطرب محمد ثروت، محمد الحلو، سوزان عطية وأخيراً آمال ماهر.. وبعد ظهور التليفزيون فى الستينيات شارك بموسيقاه وألحانه فى عدد من برامج الأطفال، أما فى مجال الدراما فقدم أيضاً عددا لا بأس به من موسيقى المسلسلات منها أصوات تبحث عن ميكروفون ،بعيداً عن الأحزان، ينابيع الحب.. وفى المسرح وضع موسيقى مسرحية الهلافيت ومسرحيات أخرى للأطفال.. ونتيجة لمشواره الطويل كرمه المجلس الأعلى للثقافة فى احتفالية خاصة تقديراً لعطائه، وقبل أن يكمل فارس عامه الواحد والثمانين رحل عن دنيانا.
فوداعاً للأجساد وبقاء وخلوداً لما قدماه فى هذين المشوارين الطويلين.. تغمد الله فقيدينا بواسع رحمته وأدخلهما فسيح جناته.