ليست دائما مقولة «الستات لتاتين ورغايين» دقيقة فأحيانا كثيرة يكون السكوت هو السمة المميزة لديهن خاصة مع أزواجهن فيرفعن شعار «السكوت من ذهب» هذا ما لاحظته على كثيرات الفترة السابقة بعد مراقبتى لهن بعد نصيحة همست بها صديقتى التى لم يمر على زواجها سوى بضعة شهور أى عُشر فترة زواجى أو أقل «الست الناصحة مع جوزها تسمع بس.. وكلامها قليل.. لا تحكى ولا تعيد ولا تزيد معاه عشان لا تغلط ولا تقول حاجة تندم عليها» كانت نصيحة طويلة ولكنها إلى حد ما مفيدة فعندما أحكى أعترف بأخطائى خلال اليوم وزلاتى فى بعض التصرفات وهو مالا ينساه زوجى فماذا لو قللت قليلا من ذكر أخطائى؟؟ شريحة كبيرة من الزوجات تصدق على هذه النصيحة وتعتبرها مفتاح السعادة الزوجية.
ونسمع قصصاً عديدة لزوجات هادئات صامتات يعرفن ولا يقلن.. يفهمن ولا يظهرن.. يقررن ولا يبدين نواياهن عشن سعيدات هانئات بأقل خناقات.. ثم لا تلبثين أن تسمعى عن فلانة «السُهنة» التى تسمع فلا تنطق وتصبح مثار ريبة من صديقاتها وقريباتها.. هل صمت الزوجة فى الحياة الزوجية لؤم وخبث أم حكمة واتزان؟ هل عدم البوح بكل الموضوعات للزوج تلقائى وطبيعى أم تكتيك وتخطيط ودهاء!! هل سكوت المرأة وإخفاؤها لبعض الأمور نوع من الخبث الأنثوى يدفعها قهر الرجل لها للجوء إليه للإخفاء والتحايل على الواقع والمجتمع الذكورى كوسيلة لحماية نفسها من غضب الزوج أو إهانته لها فيكون صمتها إدانة للمجتمع ورد فعل لها بدلا من إدانتها هى!!
∎ كتر الكلام بيجيب الغلط
من أكثر المؤيدات لسكوت الزوجة السيدة ليلى مراد ربة منزل متزوجة منذ ثلاثين عاما وتقول: «الست الناصحة لازم تكون تقيلة كلامها قليل كتر الكلام بيجيب الغلط مش لازم تعيد وتزيد وتلت وتعجن» وخاصة مع زوجها الراجل بيرجع تعبان «مش حمل رغى» ودايما يحب الست الهادية الرايقة ما يحبش الرغاية ودايما أنصح بناتى اسمعى أكتر ما تتكلمى هتريحى جوزك وهترتاحى ومش هتطلع منك كلمة تندمى عليها أبدا.
توافقها الرأى مع اختلاف السن ميرا ممدوح ليسانس آداب متزوجة من عام واحد فتقول: «بطبعى لا أحب الكلام الكثير فيصفنى أصدقائى بأنى «سهنة» لكن هذا طبعى وأنا سعيدة به لأن قلة الكلام تبعدك عن الأخطاء لذلك ليس لى عداوات فى العمل وعندما اتخطبت ظل طبعى يلازمنى أسمع أكثر من أن أتكلم ولأن زوجى كثير الكلام فشعرت أن ارتباطنا أحدث نوعاً من التوازن فهو يدفعنى أحيانا للكلام وأنا أدفعه للهدوء «خلطنا على بعض» ما يضايقنى أن حماتى تظننى لئيمة لأنى لا أحكى شيئا مثلما تتكلم وتحكى زوجة ابنها الأخرى وهو ما يجعلها تعاملها أفضل منى وزوجى «يفضل يزن على» اتكلمى مع ماما «خدى وادى» فى الكلام معاها وهو ما يضايقنى جدا.
∎ الراتب والأسرار العائلية والمشاعر
أما م.س متزوجة من عامين فترى أن هناك مواقف يفضل عدم الكلام فيها: «مثل الراتب والحوافز لأن الزوج قد ينظر للمرأة على أنها ند له ولها مالها فيتنصل من واجباته خاصة أن كثيرا من الأزواج لا يفصحون هم عن مرتباتهم ودخلهم كاملا للزوجات فلماذا نطالب المرأة فقط بتعريف زوجها عن دخلها ومالها بأدق التفاصيل وكثير من الزوجات أصبحن يعين ضرورة الاحتفاظ ببعض الأمور المادية بعيدا عن أعين الزوج بالمثل كما يتصرف الأزواج.
أما ندى صيدلانية متزوجة من خمسة أعوام فتقول: «أحتفظ بشئون أسرتى أمى وأبى وأخواتى لا أحكيها لزوجى إلا إذا وافقوا فهناك ومشكلات ومواقف قد لا يكون من الجيد أن يعلم بها زوجى وهذا لا يعنى أبدا أنى أخبئ أمورا عنه أو أخدعه ولكن أحترم خصوصيات الأخرين فهى أمور لا تخصنى بمفردى لأعلمه بها وبالعكس لا أفشى أسراره أمام أهلى وأحترم خصوصيته». علياء محمد بكالوريوس تجارة وهى زوجة من خمسة أعوام وأم تقول: «كنت أتحدث كثيرا مع زوجى إلى أن أدركت أنه يعرف كل تفاصيل حياتى وحياة عائلتى دون أن يقول لى شيئا عنه كذلك حتى فى المشاعر دائمة أنا من أظهر مشاعرى وعندما أطالبه بالمثل يقول «أفضل التصرفات وليس الكلام» مما كان يحرجنى لذا قررت بعد الزواج بفترة أن أسكت تماما ولا أحكى إلا القليل وعودت نفسى وبالفعل أنا أفضل حالا لأنه هو من أصبح يجر منى الكلام، لذا فى رأيى الزوجة التقيلة أفضل وهذا ليس لؤماً.
∎ لئيمة وسُهنة
السيدة هدير تصف زوجة ابنها الشابة أنها «سهنة ومش سهلة» فتقول: «دائما ساكتة تبتسم ابتسامة صفراء تسمع ولا تتكلم حتى إذا حاولت أن أعرف منها شيئا تهرب بذكاء فلا تحكى ولا تتكلم ولا تنفعل مهما حدث أمامها ابنى يراها هادئة مطيعة لكنى أفهم هذا الصنف «لئيمة وخبيثة» وربنا يستر على ابنى.
المهندسة نائلة محمود زوجة وأم تقول: «للأسف عيبى الكلام الكتير الذى يوقعنى فى المشاكل مع زوجى فأحيانا أحكى مواقف حدثت لى فى العمل ثم أندم لأنى آثرت غيرته أو غضبه لسوء تصرفى وأحيانا أحكى مواقف فى العمارة أو مع البواب فأتسبب فى خناقة بينه وبين زوجى مشكلتى أنى لا أخبئ شيئا على زوجى وأملى أن أصبح كصديقتى التى تفكر ألف مرة قبل أن تحكى لزوجها ودائما ما تخبره بأقل القليل الذى لا يسبب المشاكل كنت أعتبرها لئيمة ولكنى الآن فأنا أعتبر ذلك ذكاءً ونصاحة وخبثاً ولكنه مقبول فى سبيل حياة أهدأ»
ليلى المليجى خبيرة تسويق متزوجة من خمسة أعوام تقول: «الحياة والعمل تفرض على الزوجين قلة الكلام بسبب قصر أوقات اللمة الأسرية ولكن هناك صديقات لى أقل من القليل فى كلامهن مع أزواجهن ويتعمدن إخفاء تصرفات أو أخبار عنهم وأنا أعتبر ذلك خبثا وكذبا ودليلاً على عدم التوافق وانعدام الثقة وخلل فى العلاقة وهى طبيعة فالغموض والخبث يكونان فى جميع علاقتهن».
أما نادين محمد محاسبة فى أحد البنوك فتقول: «من المؤكد أن الكائن الأضعف دائما ما يحاول حماية نفسه بالذكاء والتحايل لذا فدائما ما ننصح المرأة بألا تحكى كثيرا خوفا من غضب زوجها من كلمة تصدر خطأ أو موقفا قد يضايقه لذا الزوجة التى تخبئ مرتبها لتحفظ حقوقها ولا يطمع فيها زوجها والتى تخبئ تصرفاتها فى العمل تخاف من غيرة زوجها لأنه ممكن «يحلف عليها ما تشتغلش مثلا» وهكذا لذا فصمت المرأة «غصب عنها لترضى من حولها».
∎ سبعة أنواع من النساء الصامتات
صمت الزوجات قبل أن نصنفه خبثاً أو ذكاءً له تحليل نفسى اجتماعى كما تؤكد الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وبدأت قائلة: «لا نستطيع أن نعمم هذه الصفة على كل النساء ولا حتى تعميم الأسباب التى تدفع المرأة لذلك فكل سيدة أو فتاة لها ظروفها، فمثلا هناك الفتاة قليلة الكلام فطرياً أو تربت على ذلك، هناك المتحدثة اللبقة المنفتحة ولكنها مع عشرتها للزوج الصامت اتصبغت بصبغته لأنها لا يمكن دائما أن تظل الطرف الوحيد المتحدث ويكون الحوار من طرفها فقط.. هناك نوع ثالث من الزوجات يكون الزوج هو من يفصل نفسه عنها ويخبئ معلومات تخصه وغالبا يكون أهله وراء ذلك فيأخذ جانبهم طول الوقت فتجد نفسها هى الطرف المنفتح ويطلع هو على كل أخبارها فتبدأ فى الانغلاق على نفسها وقد يكون العكس هو بسيط وواضح وشفاف وهى التى تأخذ مع أهلها جانبا وغالبا والدتها فتكون تصرفاتها وأحاديثها بتكتيك وتخطيط مسبق للسيطرة على الزوج أو على ماله أو ما إلى ذلك وهو ما يتوقف على تربيتها وعلاقتها بأمها ومفهومها للزواج من الأساس.. كذلك فهناك النوع الذى لا يكون هناك ثقة متبادله مع زوجها ويكون الصمت نوعا من الخباثة والحيطة مما يؤدى لعدم شفافية وفصل نفسى واجتماعى ويظل كل طرف يراقب الآخر وهو ما يسمى «بالصمت الحذر».. وتضيف الدكتورة سوسن إن هناك حالات أخرى تؤدى لصمت الزوجات أهمها «عندما يرفع الرجل يده عن كل المسئوليات إما بدافع اعتماده على مبدأ المساواة وتمكين المرأة فيتركها فى حالة إغراق فكرى «غرقانة فى المشاكل والمسئوليات» أو تكون شخصيته هو انقيادى والنتيجة واحدة وهى أن المرأة لا يصبح عندها الجهد والوقت للكلام لأنه سيكون بلا فائدة.. أما النوع السابع من الزوجات فهن شريحة كبار السن فالمرأة التى حسبت حسبتها ومر عليها من التجارب والاختبارات الحياتية فلا تتحدث كثيرا وكلماتها قليلة تفكر قبل أن تنطق لكثرة ما تعرضت له فتفضل مراقبة الموقف».
∎ هل يفضلونها صامتة
«الرجالة ما تحبش الستات الرغاية» جملة نسمعها كثيرا خاصة نحن النساء وتقال غالباً بغرض النصيحة حول حقيقة هذه الجملة تقول الدكتورة سوسن فايد: «ليس كل الرجال يفضلون المرأة الصامتة وإنما نجد الرجل الذى ثقته قليلة بنفسه هو الذى يطمئن بصوته المنفرد العالى وبالزوجة التى تمتص وتسمع ولا تنطق وتريحه بعدم مجادلته.
على عكس رجل آخر يسمع رأيها ويجادلها وقد يأخذ بكلامها أو يتركه ولكن يكون هناك توازن فى الحوار.. هناك نوع آخر هو الذى «يريح دماغه» وتحمل عنه عبء الحياة تحت شعار تمكين المرأة ويقول لنفسه «خليها تشيل وتجيب فلوس» أو يكون من الشخصية التابعة هنا فى الحالتين يتركها تتكلم وتقرر ويفضل أن تحمل هى العبء.
∎ روشتة توازن
وعندما سألت الدكتور سوسن عن روشتة للتوازن وكيفية إيجاد ترمومتر للشخصية السوية البعيدة عن التطرف إما بالسكوت الزائد أو كثرة الكلام فى الحياة الزوجية تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعى: «كل علاقة تختلف عن الأخرى وكل إنسان يختلف عن الآخر لذا فدائماً ما أنصح بيوم فى الأسبوع فى بداية الزواج يجلس الزوجان معا ليراجعا ويقيما علاقتهما فيخبر كل طرف ما يضايقه فى الطرف الآخر فيقتربا من بعضهما ويقومان علاقتهما ولا يحدث تراكمات وهنا تفهم المرأة ما يضايق زوجها وما قالته وما كان لا يجب قوله وتميز الحديث الذى يتناسب مع زوجها ويناسب علاقتهما وإذا حدث هذا فى بداية الزواج فإنه يصفى النفوس ويسهل نقط الالتقاء».