علاقة وثيقة تلك التى تربط الشعب بجيشه، فعندما تنظر إليهم من الوهلة الأولى لا تكتشف من الذى يدافع عن الآخر.. فالضابط المصرى يحمل سلاحه ليؤمن المواطن الذى خرج من بيته ليدلى بصوته ويختار رئيسه، والمواطن المصرى يحمى ضابطه لكن بسلاح آخر.. الدعاء الذى يرسله إلى السماء من قلبه، أو حتى أضعف الإيمان بكوب من الماء يعرضه المواطن على الضابط، فالجيش ينادى على الشعب قائلا: انزل تأمينك برقبتنا، والشعب يرد قائلا: تسلم الأيادى.. تسلم يا جيش بلادى.. تلك هى مشاهداتى فى اليوم الأول للانتخابات الرئاسية، الاستحقاق الأكبر والأهم فى ثورة 30 يونيو.. من داخل اللجان الانتخابية. أمام مدرسة الكواكب التجريبية اللغات بمدينة نصر وجدت طابورا طويلا بدءا منذ الساعة الثامنة ينتظر فتح اللجنة وبدء التصويت، وبمجرد أن فتحت الأبواب وقف رجال القوات المسلحة مع رجال الشرطة المدنية يؤمنون الناخبين، ويساعدون كبار السن على الدخول إلى لجانهم والإدلاء بأصواتهم.
قابلت محمد عبدالرحيم، مواطن مصرى لم يمنعه العكاز الذى يستند إليه من الاستيقاظ باكرا والذهاب إلى لجنته الانتخابية للإدلاء بصوته.
يقول عبد الرحيم: لقد جئت اليوم لأن مصر بلدى وليس هناك أحرص منى على البلد، وصوتى أمانة وأنا من ضحايا نظام مبارك القديم وضاعت ساقى فى العمل ولم أجد من يعوضنى، ولذا فقد نزلت 25 يناير و30 يونيو ونزلت اليوم لأختار رئيسى ويستقر بلدى ويعوضنى عما فقدته.
∎ وطن واحد
قابلت أيضا القس مكارى يونانى- قس البطرخانة القديمة (المرقسية القديمة) بوسط البلد والذى تخطى عمره التسعين عاما، وكانت تصطحبه ابنته مارى، استقبله رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية وساعدوه على الدخول للجنة ثم تركوه، فاستقبله رئيس اللجنة المستشار أشرف السعيدى وأدلى بصوته بدون تدخل من أحد.
قال لى الأب مكارى يونانى: لقد أتيت اليوم لأدلى بصوتى لأن هذا واجبى وواجب كل مصرى شريف يحرص على بلده ومستقبله، ونزولنا ونزول المصريين، ولإثبات أن الإرهاب لن يثنينا عن الواجب. وأكد أن الأقباط شأنهم شأن كل الشعب المصرى لا فرق بين مسلم ومسيحى، ونفى الأب مكارى ما تردد حول أن الكنيسة قد وجهت الناخبين الأقباط لانتخاب مرشح بعينه، فكل فرد يحكم قلبه وعقله وضميره ويختار الأنسب والصلح للوطن.
∎ رجل المرحلة
قابلت المهندس عبدالحكيم عبدالناصر نجل الزعيم جمال عبد الناصر، وقال: إن مصر الآن تمر بمنعطف تاريخى، وأن مرحلة الكلام قد انتهت وحان وقت العمل، وأن المشير السيسى هو رجل المرحلة، لأن ما يمر بمصر يعد الأخطر فى تاريخ الحضارة المصرية، وعلى الشعب المصرى أن ينزل بكثافة فى الانتخابات.
وأضاف خلال تصريحات له بعد القيام بالإدلاء بصوته فى مدرسة الكواكب التجريبية للغات: إن الاقتصاد المصرى فى حالة صعبة، وعلى الرئيس القادم أن يهتم بملف الاقتصاد وملف العدالة الاجتماعية.
وبعث عبدالحكيم برسالة إلى الشباب حثهم فيها على النزول والإدلاء بصوتهم لأن صوتهم أمانة والوطن يحتاجه.
من ناحية أخرى قال اللواء عبدالمجيد صقر قائد الشرطة العسكرية: إن رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة العسكرية قادرون على حماية المواطنين تحت أى ظروف رغم التحديات التى تواجه الدولة المصرية من عنف وإرهاب مسلح، لكننا قادرون بفضل عون الله والشعب الظهير الخلفى لنا فى استحقاق خارطة المتسقبل.
وقال خلال تصريحات صحفية له: أناشد الأسرة المصرية بضرورة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية واختص المرأة المصرية فى رسالة مؤكدا: الوطن يحتاج منك الكثير ونحن تعودنا على بطولات المرأة المصرية منذ 30 يونيو وحتى 3 يوليو الماضى.
∎ تأمينات مشددة
وقد اتخذت القيادة العامة للقوات المسلحة جميع الترتيبات والإجراءات المرتبطة بمعاونة وزارة الداخلية فى تنظيم أعمال التأمين لانتخابات الرئاسة على مستوى الجمهورية، وتوفير المناخ الآمن ل 35 مليونا و909 آلاف و603 مواطنين مصريين للإدلاء بأصواتهم داخل 34352 لجنة عامة وفرعية ومقرا انتخابيا، على مدار يومى 26و27 مايو الجارى، لاختيار رئيس جديد لمصر كثانى استحقاقات خارطة المستقبل، حيث تشترك القوات المسلحة فى تأمين العملية الانتخابية بعناصر تقدر ب 181 ألفا و912 ضابطا وصف وجندى بنطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية وقيادات وهيئات وإدارات القوات المسلحة، وذلك بالتنسيق مع أجهزة وزارة الداخلية واللجنة العليا للانتخابات وجميع الأجهزة المعنية بالدولة.
ووفقا للتعليمات المحددة للقادة والضباط والجنود المشاركين فى الخطة صدرت من الفريق أول صدقى صبحى القائد العام للقوات المسلحة الذى قال للقوات المشاركة: نحن جيش وطنى يعمل من أجل مصر ولا ننحاز لأحد ونحن قادرون على حمايتها بأرواحنا، ودماؤنا فداء لمصر وشعبها العظيم.. فكونوا على عهدى بكم دائماً مثالا للوطنية والانضباط العالى وحسن الخلق فى التعامل مع إخوانكم المصريين.
مضيفا: أنتم مسئولون أمام الله عن تأمين إرادة المصريين وحمايتهم.
وفى تصريح له أكد مصدر عسكرى أن تأمين القوات المسلحة هذه الانتخابات جاء على مستوى أعلى من كل المرات السابقة نظرا للظروف الحالية، فجميع فرق القوات المسلحة مسلحة بتسليح جديد فى كل مكان داخل مصر لأنه قد تكون هناك مجموعات متخفية بغرض البلطجة، وهناك نقاط تقابل.
وأضاف المصدر إن هناك طائرات ستحلق فى سماء مصر لأكثر من غرض، فهناك طائرات للمراقبة، وأخرى للتصوير الجوى حتى يرى العالم كله إرادة المصريين وقوة القوات المسلحة.
كما أن قوات التأمين لا تؤمن اللجان فقط، إنما المداخل والخارج حتى نمنع أى شخص من تهديد المواطن الشريف، وقد تلقى جميع الضباط وصف الضباط تدريبا من نوع خاص طبقا لما يقوله القانون الدولى.
∎ سيدات الشرطة العسكرية
والجديد فى هذه الانتخابات وجود سيدات الشرطة العسكرية للتصدى لأى أعمال شغب محتملة قد تحدث باللجان النسائية، وذلك بعد أن أثبتت التجربة نجاحا خلال التأمين فى الانتخابات الرئاسية، فإن الشرطة العسكرية النسائية ستتواجد فى الدوائر التى تتميز بكثرة الأعداد، بالإضافة إلى دوريات شرطة نسائية للتحرك السريع فى حالة أى طوارئ.
وحول أسباب السماح للفتيات بالانضمام إلى الشرطة العسكرية مؤخرا، أكد مصدر عسكرى أن نزول وحدات الجيش خلال الأزمات التى مرت بها مصر مؤخرا وتعامله مع الجمهور، واجه رجال القوات المسلحة مصاعب ومشكلات عديدة أثناء التعامل مع النساء، وخاصة من شباب الحركات الثورية وأثناء تأمين عمليات الاستفتاء والانتخابات، حيث أصبح الجندى مكلفاً بتفتيش السيدات والتعامل معهن بشكل مباشر، وهو الأمر الذى كان صعبا على الجندى المصرى، مما أدى إلى استعانتهم بعناصر نسائية سواء من الممرضات المكلفات بمستشفيات الجيش أو الشرطة أو بعض المدنيات اللاتى يتطوعن لمثل هذه المهام، فكانت الحاجة ملحة لضم بعض العناصر النسائية إلى الشرطة العسكرية لتحقيق هذا الغرض فقط، حيث إن عقيدة القوات المسلحة المصرية لا تقبل وجود الفتيات ضمن صوف الوحدات المقاتلة والصفوف الأمامية فى المعارك، ولذلك يكون عملهن دائما فى المواقع المركزية والقاعدة الخلفية فى المدينة والمستشفيات العسكرية بعيدا عن الوحدات القتالية.
المسئول العسكرى أكد أن تزايد رغبة الفتيات فى العمل بالقوات المسلحة، يكشف عن حجم الانتماء لدى المرأة المصرية.