"طلبة" أمينا للجبهة الوطنية في الإسماعيلية.. و"عارف" بأمانة الزراعة    «التخطيط»: 8.9 مليار جنيه استثمارات 522 مشروعًا بمحافظة الدقهلية خلال 2024-2025    محافظ شمال سيناء يستقبل المواطنين للاستماع إلى مطالبهم وحل مشكلاتهم    الأغذية العالمي: دخول مساعدات محدودة لا يكفي لدرء المجاعة ب غزة    ترامب يعرب لنتنياهو عن حزنه إزاء الهجوم على السفارة الإسرائيلية بواشنطن    نتنياهو يزعم وجود مناطق آمنة جنوب غزة.. وحماس تعتبرها معسكرات اعتقال تحت غطاء المساعدات    تفاصيل خطة إسرائيل للسيطرة على غزة.. القاهرة الإخبارية تكشف: محو حدود القطاع    راش: صلاح لاعب رائع داخل وخارج الملعب    صلاح: شعور الفوز بالدوري الإنجليزي هذا الموسم ليس له مثيل    سيدات اليد فى المجموعة الخامسة ببطولة العالم مع هولند والنمسا والأرجنتين    زد يعلن اختبارات كرة القدم النسائية لاكتشاف مواهب جديدة    تعرف على موعد قرعة كأس العرب 2025 في قطر بمشاركة منتخب مصر    استدعاء ابنة نور الشريف للتحقيق في بلاغ بالاستيلاء على مليون جنيه    السجن المشدد 15 عامًا ل8 متهمين سرقوا بالإكراه في العياط    السجن المشدد 4 سنوات لصياد تعدى على ابنه جاره فى الإسكندرية    لهذا السبب.. إغلاق مطعم مأكولات شهير في مطروح    أحمد السقا ل "بسمة وهبة": تليفوني كان كأنه عليه عفريت.. فلوس بتروح ورسائل بتختفي    أسماء جلال تحتفل بعيد ميلادها ال30 وسط أجواء مميزة وتواصل تألقها بثلاثة أفلام جديدة    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا.. والجسد أمانة سنُسأل عنها يوم القيامة    علي جمعة لقناة الناس: توثيق السنة النبوية بدأ في عهد النبي.. وحي محفوظ كالقرآن الكريم    "الأعلى للإعلام" يصدر توجيهات فورية خاصة بالمحتوى المتعلق بأمراض الأورام    من ساحة العلم إلى مثواه الأخير، قصة سكرتير مدرسة بالشرقية وافته المنية أثناء العمل    محمد مصطفى أبو شامة: يوم أمريكى ساخن يكشف خللًا أمنيًا في قلب واشنطن    وزير الشباب والرياضة يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة    المجلس القومي للمرأة ينظم لقاء رفيع المستوى بعنوان "النساء يستطعن التغيير"    المسجد الحرام.. تعرف على سر تسميته ومكانته    البيئة تنظم فعالية تشاركية بشرم الشيخ بمشاركة أكثر من 150 فردًا    إشادات نقدية للفيلم المصري عائشة لا تستطيع الطيران في نظرة ما بمهرجان كان السينمائي الدولي    ماغي فرح تفاجئ متابعيها.. قفزة مالية ل 5 أبراج في نهاية مايو    40 ألف جنيه تخفيضًا بأسعار بستيون B70S الجديدة عند الشراء نقدًا.. التفاصيل    بوتين: القوات المسلحة الروسية تعمل حاليًا على إنشاء منطقة عازلة مع أوكرانيا    نماذج امتحانات الثانوية العامة خلال الأعوام السابقة.. بالإجابات    «الأعلى للمعاهد العليا» يناقش التخصصات الأكاديمية المطلوبة    تفاصيل مران الزمالك اليوم استعدادًا للقاء بتروجت    السفير الألماني في القاهرة: مصر تتعامل بمسئولية مع التحديات المحيطة بها    البابا تواضروس يستقبل وزير الشباب ووفدًا من شباب منحة الرئيس جمال عبدالناصر    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية (تفاصيل)    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    حصاد البورصة.. صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 0.11% خلال ثالث أسبوع فى مايو    وزير الخارجية يؤكد أمام «الناتو» ضرورة توقف اسرائيل عن انتهاكاتها بحق المدنيين في غزة    محافظ أسوان يلتقى بوفد من هيئة التأمين الصحى الشامل    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    أسعار الفضة اليوم الخميس 22 مايو| ارتفاع طفيف- كم يسجل عيار 900؟    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    "سائق بوشكاش ووفاة والده".. حكاية أنجي بوستيكوجلو مدرب توتنهام    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    «سلوكك مرآتك على الطريق».. حملة توعوية جديدة لمجمع البحوث الإسلامية    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور سعيد صادق: الثورة تأكل أولادها!

أحوال سياسية مضطربة من حولنا انعكست بطريقة مباشرة على حياتنا الاجتماعية ووقفنا تائهين متخبطين نتساءل: هل نحن نفس الشعب المصرى العظيم الذى شهد له العالم على مدار آلاف السنين وبهر العالم بقوته وجبروته وتماسك شعبه وجدعنته رغم بساطته وطيبته.. ظواهر اجتماعية يشيب لها الولدان فوضى وبلطجة وعنف تفشى فى كل مكان فى البيت والمدرسة والشارع ولم يسلم منه شيخ أو صغير .. فأصبح من الضرورى الاستماع لرأى خبير والنظر بعين متخصص لنستشف إذا كان ما نمر به اليوم فى مصر زوبعة فى فنجان أم هل نحن بالفعل تغيرنا كشعب؟


خلال السطور القادمة نتحاور مع الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية لنطرح عليه كل المخاوف والتساؤلات التى تشغلنا جميعاً كمصريين وهل إذا كان من حقنا أن نتفاءل بالغد القريب؟


∎ فى رأى الكثيرين أصبحت الفوضى هى سمة المرحلة التى نعيشها ما رأيك حول صحة هذا، وهل الواقع السياسى المضطرب له انعكاساته المتسببة على ذلك أم هى فترة ما بعد الثورات؟


-كانت هناك فوضى قبل الثورة وفوضى أكثر بعد الثورة، وهذه الظاهرة معروفة بعد الثورات. فبعد الثورات الحكومة المركزية ضعيفة والاقتصاد ضعيف ومهتز والأمن ضعيف وتنتشر الأسلحة غير المرخصة مع اختلال الأمن الجنائى ويحدث نوع من الفوضى والاستقطاب السياسى والاجتماعى.


قبل الثورة كانت هناك فوضى مجتمعية فى الشارع المصرى وثقافة بلطجة عند الجميع تقريبا وقانون للبلطجة وسوء أداء للمؤسسات. كانت هناك فوضى فى المرور وعدوانية فى الشارع دون رادع ضد المرأة وغياب الأمن الاجتماعى والمحاسبة للمسئولين وتأخر عجلات العدالة مما نشر ثقافة «خد حقك بإيدك»، وإذا تعرض مواطن لجريمة فإن الشكوى فى أقسام الشرطة تحتاج لواسطة فى الداخلية للاهتمام بها.


بعد الثورة تفاقمت تلك الظواهر السلبية أكثر مما هو قبل الثورة وسمعتم عن سرقة سيارات ومزاعم أن الشرطة تقول للضحايا ادفعوا المال للصوص عشان احنا مش فاضيين، وهذا يعود لغياب الأمن الجنائى والمجتمعى لعقود وتعود الناس على مخالفات القواعد، فالذى كان يسير بسيارته عكس الاتجاه ازداد سلوكه أكثر وانتشرت عداوة للآخرين بعد الثورة وأصبح المواطن أكثر استعدادا للاشتباك مع الشرطة والبلطجة إذا حاولت تنفيذ القانون وضعفت يد الشرطة فى تحدى المخالفين للقانون. انظرى مثلا للباعة الجائلين الذين احتلوا شارع سليمان باشا وشارع26 يوليو عند الإسعاف.. مثل هذه الظواهر رأيناها فى تونس 2011 وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وغيرها من دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية 1989.


باختصار الفوضى كانت موجودة قبل الثورة وتفاقمت بعد الثورة مع ضعف أداء الحكومة فى التصدى لها. قبل الثورة كانت هناك شكوى من سوء الإدارة وضعفها، فالمصريون ثقافيا ليسوا حازمين مقارنة مثلا بالشعب الألمانى أو التركى. قبل الثورة كانت هناك فوضى وبلطجة وتحرش وبانجو يباع داخل الجامعات الحكومية، بعد الثورة الثانية فى يونيو 2013 تفاقمت تلك الظواهر بسبب عدم الحزم الإدارى فى تلك الجامعات.


كذلك قبل الثورة أفق العمل والمشاركة السياسية كان ضيقاً ومحدوداً وبعد الثورة انفتحت تلك الآفاق ورأينا فى 2012 أكثر من ألف مرشح للانتخابات الرئاسية مقارنة مثلا ب 4 مرشحين عام 2005. هذا الأفق المنفتح أدى إلى ازدياد التنافس والجشع والرغبة فى المناصب لمجرد الحصول على مناصب حتى ولو أدى ذلك إلى إزهاق الأرواح وهدم الأمن القومى. رأيتم مثلا كيف باع بعض الإخوان لقناة الجزيرة القطرية التى تلعب دورا لخدمة استراتيجيات أمريكية مخابراتية ملفات أمن قومى مسروقة من المخابرات الحربية المصرية. تذكرى أن رئيس وزراء تركيا أردوغان هدد بعقاب من سربوا تسجيلا تليفونيا لوزير خارجيته عن ضرب سوريا واعتبره مساسا بالأمن القومى، وستتم ملاحقة أصحابه مقارنة برد الفعل المصرى على تسريب وثائق مخابرات مصرية.


∎ العنف والمغالاة فى التعذيب التى نراها يوميا على الشاشات لحوادث يومية بشعة لم يسلم منها حتى الأطفال كالطفلة زينة وعشرات غيرها شىء جديد على مجتمعنا الطيب. ما الأسباب وراء ذلك وهل تغيرنا عن السابق أم هى مرحلة مؤقتة؟


-لو كانت الشعوب ملائكة لما وجدت الحكومات والشرطة والمحاكم والأديان. المجتمعات المتقدمة لا تخفى مشاكلها وعثراتها، بينما المجتمعات المتخلفة تنكر وجود تلك المشاكل فتظل موجودة ونموت بها ولانحلها. العنف ضد الأطفال والمرأة والمعاقين وكبار السن موجود فى المجتمع المصرى قبل الثورة. تذكرى تعذيب ونفخ الطفل بلية قبل الثورة لكن الإعلام بعد الثورة أصبح يكشف كل شىء عن واقع المجتمع المصرى المؤلم أكثر لاختلاطه بالسياسة والتطرف والتخلف والقسوة، وحرية الإعلام الأكبر فى تغطية الأوضاع دون رقابة. فإلقاء إخوان فى الإسكندرية لمراهقين من فوق عمارة واستخدام المولوتوف والخرطوش والشماريخ للإرهاب ظواهر كانت محدودة وفردية، وبعد الثورة تفاقمت وارتبطت بالتطرف والتحزب السياسى. بعض القوى السياسية تعتقد أنها شعب الله المختار وتحول أخطاءها الفادحة إلى حائط مبكى وعاشوراء لتبرر العنف الذى تمارسه ضد المجتمع.. هناك أيضا ثقافة تطرف وحقد طبقى انتشرت وظهرت بعدالثورة. عدم وجود حزم من مؤسسات المجتمع مثل الأسرة والمدرسة والإعلام والمؤسسات الدينية والمؤسسات العقابية والأمنية. كل هذه المؤسسات فى مصر تفتقر للحزم والحسم.

∎ على الجانب الآخر نرى أطفالا يقومون بعنف وتحرش وبلطجة ما هو شكل الجيل القادم وكيف السبيل للقضاء على عنف الأطفال؟


-هناك أكثر من 2 مليون من أطفال الشوارع والعاطلين المراهقين الذين أصبحوا قنابل وبنادق وشماريخ للإيجار فى يد الجماعات السياسية مقابل أموال. لقد رأت الجماعات الإرهابية أن هؤلاء الأطفال يمكن تجنيدهم واستغلالهم ليصبحوا ناضورجية ضد تحركات الأمن والأخبار عنهم وهم يساهمون فى التجمعات العدوانية المسلحة التى تهاجم أشخاصا بصورة جماعية على أساس أنه سيكون من الصعب تحديد أمام القضاء من الذى قام بالاعتداء. الحل يحتاج لوقت طويل ووجود رعاية حقيقية لهؤلاء الأطفال وأهلهم الفقراء الذين يطلقونهم فى الشوارع لعجزهم عن السيطرة عليهم. وتحسين الأوضاع الاقتصادية للأسر الفقيرة وتحديث دور الأحداث مهم للتخفيف من أثر تلك المشكلة.


∎ فى ظل مشاهد العنف التى نراها فى الجامعات حدثنا عن دور الجامعة الغائب فى الوصول للطالب وعقله ووجدانه وتوعيته، ورؤيتك لأهم مشاكل التعليم الآن؟


- المثير للسخرية أن طلبة الجامعات الحكومية لا يتظاهرون لأن جامعاتهم ليست من أفضل 500 جامعة فى العالم أو لعدم تحقيق الإنجازات العلمية أو لأن السلوك الأكاديمى والأخلاقى بها هو الأفضل. الجامعة والتعليم فى أزمة فى مصر منذ فترة طويلة وهى أصل المجتمع المصرى اقتصاديا وأخلاقيا. انظرى لواقعة التحرش المصورة علنيا فى جامعة حكومية مؤخرا ورد مسئولى الجامعة الذين يلومون الضحية لا المجرمين. نجاح ومستقبل مصر مرتبط بتطوير ثورى للتعليم وحزم فى الإدارة وهذا يحتاج لإرادة سياسية قوية. فمرتبات المدرسين وضعف المكتبات والبحث العلمى مأساة. الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والمهنى للمدرسين مهم للغاية فهم محور العملية وأيضا مراقبة سلوكهم حتى لا يحدث نشر للتطرف والإرهاب.


∎ رأيك فى عجز الدولة عن احتواء الشباب وكيفية كسر الفجوة بين الشباب والمجتمع والتى تنعكس على المشاركة السياسية كما حدث فى الاستفتاء على الدستور وضمان عدم تكراره؟


-المجتمع المصرى به العديد من الفئات المهمشة مثل المرأة والأقباط وأصحاب التحديات الخاصة، وبالنسبة للشباب لايزال المجتمع المصرى مجتمع مومياوات وعواجيز لأن الشباب لم يتعلم أو يأخذ مكانته. وهذا ليس معناه أن أغلب الشباب جاهز للحكم والإدارة. نحتاج لفترة أطول للتعليم والتدريب وإدارة أحزم. النخب السياسية المصرية تذكرك بقيادات الحزب الشيوعى السوفيتى البائد أغلبهم فى السبعينيات والثمانينيات ربيعا. فى أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية أرسلت وفودا شبابية للخارج للتدريب لتصبح جاهزة للحكم والإدارة والسياسة. لاتزال السياسة فى مصر معناها بلطجة والوصول للكرسى بأى ثمن حتى لو لم يكن عندك شيئا تقدمه للمجتمع، والهدف الحقيقى هو أن تخدم نفسك لا خدمة المجتمع. هناك سياسيون كثيرون لكن ليسوا رجال دولة، فالسياسى ينظر لليوم وغدا فقط، أما رجل الدولة فيفكر فى بلده وحالها بعد 50 و100 سنة. التفكير المستقبلى غائب الكل يفكر فقط فى يومه وبس. تجدين فى أوروبا من يحدثك فى العام القادم أو الذى يليه أين سيذهب للإجازة، بينما أنت لاتزال لا تعرف وترفض حتى التفكير فى المستقبل «يحيينا بكره لما نخلص النهارده الأول نفكر فى بكره»، وهذا انعكس على أشياء عديدة فى الحياة، فالصيانة للمحطات الكهربائية الدورية وغيرها لا تحدث قبل أن يقع عطل وسائر السيارة الحكومية لا يفكر متى سيشحن السيارة بالبنزين إلا عندما تتوقف به، ويسعى للبحث عن كوبونات صرف ويضيع وقتا بدلا من إتقان عمله والاهتمام بكل شىء. الشباب الذى لا يجد عملا وشقة ومرتباً للزواج يفقد الانتماء لهذا المجتمع ويسعى للهجرة لمجتمع يعطيه أبسط حقوق الإنسان. معركة الشباب هى معركة مصر المستقبل.


∎ ظاهرة عدم تقبل الآخر والتخوين وانعدام الحوار والتى تظهر فى تجمهر الناس حول شخصية معينة مادامت تقول ما نريد والانقلاب عليها لمجرد الاختلاف كما حدث مع باسم يوسف والبرادعى وغيرهما هل هى ثقافة شعب أم هى حالة طارئة؟


- الديمقراطية عملية تعليمية. الشعب بعد ثورة يناير 2011 يتعلم ويخطئ، ومن الطبيعى التطرف فى الآراء فالمصريون سياسيا كانوا فى جرة وطلعوا لبره.


هى مرحلة انتقالية وتدريجيا سيتعلمون. المصريون بالثورة بدأوا يرون حقيقة سلوكهم وحالتهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية فى المرآة دون رتوش. مشاكل المجتمع المزمنة المخفية ظهرت مثل الأمية والجهل والتعصب القبلى والدينى والمذهبى والجغرافى وكراهية المرأة وعدم التسامح. كلها كانت موجودة، لكن الدولة شبه البوليسية والسيطرة الإعلامية منعت المصريين من رؤية أنفسهم فى المرآة، أما بالنسبة لباسم و6 أبريل والبرادعى. كله له دور تاريخى فى مرحلة من الثورة ثم بعد ذلك يفقد تأثيره وقيمته ووضعه. هناك تقسيم عمل. فالثورة تأكل أبناءها ولكل شخص دور فى مرحلة وليس من المتوقع أن تستمر فى كل المراحل، هناك توزيع أدوار تاريخى فقد تكون بطلا فى مرحلة وعميلا ومنبوذا فى مرحلة أخرى. الشطارة قراءة هذه المتغيرات والتأقلم معها لأجل الصدام مع عملية تاريخية طبيعية. أين مثلا وائل غنيم اليوم ولعب دورا فى مرحلة ولم يعد مطلوبا حاليا.

∎ التقسيم الواضح فى الشارع والعمل والبيت والاتهام بالأخونة أو مناصر للعسكر.. ما السبيل للخروج منها وما المؤسسات المنوط بها تغيير تلك اللهجة؟


- الإخوان حركة سياسية بسحابة دخان شعارات دينية. المجتمع المصرى مكون من مجتمعات فرعية عديدة فهناك ريف وحضر وبداوة وطبقات عليا ومتوسطة ودنيا ومهمشة ومتعلمين وأميين وأنصاف متعلمين ومثقفين. هناك ثقافة دينية مسمومة فى المجتمع المصرى تركز على كراهية الآخر والعنف ضده. وهناك جماعات وفقهاء يرون أن حرق كنيسة أهم من إتقان العمل أو النظافة من الإيمان. انظرى إلى حالة النظافة فى الحمامات العامة فى مصر مثلا. جماعات اليمين المنقب التى تستخدم الشعارات الدينية المسمومة لتقسيم المجتمع تبرر وتشرعن عنفها المقدس الذى هو انعكاس لصراع طبقى فى المجتمع المصرى بين الريف المتخلف والحضر المتوسط فى التخلف.

العشوائيات فى مصر يسكن فيها حوالى 18 مليونا بالإضافة إلى 2 مليون ساكن مقابر.
أين شعبية الإخوان والجماعات المتطرفة؟ تجدينها فى المناطق الفقيرة المهمشة. شمال سيناء من أفقر المحافظات والصعيد، مصر عندها فرصة ذهبية للتخلص من سرطان تلك الجماعات المتخلفة بمحاربة الفقر وإحداث تنمية حقيقية فى تلك المناطق لقفل محبس الإرهابيين، والحقد الطبقى المغطى بشعارات دينية. فى الصراع إما أن تنتصر أو تنهزم أو تصل إلى توازن يؤدى إلى سلام وتوافق. أحيانا من أجل التقدم وهزيمة التخلف لابد من صدام وحسم.


وعمليات التحول من نظام لآخر تشبه حالة الحرب. وحاليا مصر فى حالة حرب على إرهاب مدعوم إعلاميا وسياسيا من الخارج. وكما قال أيمن الظواهرى قائد تنظيم القاعدة: الإعلام أكثر من نصف المعركة. الحكومة القطرية تدعم الإرهاب فى مصر وتخصص قناة لدعمه لم تخصص مثلا قناة الجزيرة مباشر فلسطين أو سوريا أو إيران أو السعودية. لكن فقط لمصر وتجزل العطاء للمرتزقة الذين يذهبون للسباب ضد مصر هناك، بمستوى مختلف انتصرت مصر على الجماعات الإرهابية، وما ترونه حاليا هو حلاوة روح. وهى فرصة لمصر لتتقدم للأمام وترفض تجار الشعارات الدينية فى المجتمعات المتخلفة.


إصلاح التعليم والقضاء والأمن والإعلام والفكر الدينى هو أحد أدوات نشر الديمقراطية بعد الانتهاء من معركة الإرهاب التى تشن علينا من الخارج.


∎ ما أهم التحديات فى رأى سيادتك التى تواجه الرئيس القادم وما أهم ما يحتوى عليه برنامجه؟


- الأمن والاقتصاد. عودة الأمن ستدعم الاقتصاد والاقتصاد سيحد من ظاهرة الإرهاب وشراء البلطجية والمتظاهرين غير السلميين. يحتاج الرئيس القادم إلى لجنة قومية من خبراء لإدارة الحرب التى تشن على مصر إعلاميا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا.


∎ هل بالفعل الناس لها الحق فى رئيس من خلفية عسكرية؟ وهل لن يعيش لنا رئيس بعد كل هذه الثورات وأصبحنا كشعب نهوى الثورات كما يقال عنا الآن؟


- لكل حادث حديث ولكل مقام مقال عندما تكون الأوضاع الأمنية مستقرة سيفكر الشعب فى مرشح اقتصادى مثلا، لكن عندما تكون الأوضاع الأمنية غير مستقرة والدولة والوطن مهدد يفكر الشعب لا فى مغن أو فيلسوف بل فى مقاتل يحمى الشعب ويتصدى للإرهاب والعنف والاختلال الأمنى الجنائى. الاتحاد السوفييتى بعد انهيار الشيوعية 1989اختار مدنيا «يلتسين» لكنه لم يعرف إدارة البلاد وازداد الانهيار والمؤامرات الخارجية، فلجأ الشعب لبوتين رجل المخابرات المخضرم. وهذا طبيعى. المصريون يمرون بنفس التجربة ويرون أن مواجهة المؤامرات تحتاج لبطل قومى يحمى الدولة وحدودها عليه أن يحظى بدعم أغلبية وليس بالكاد ينجح. ونتذكر أن الدستور أضعف من سلطة رئيس الجمهورية ولم يعد علاء الدين ومصباحه السحرى وحكم بلد بعد ثورة ليس مغنما أو كنزا، بل عبئا ثقيلا وليس سهلا.


الدستور يعطى الرئيس فترة 4 سنوات فقط تجدد مرة واحدة فقط أى أن ظاهرة رؤساء مدى الحياة انتهت وهذا من إنجازات الثورة وانتصار للشعب المصرى وحماية له.


الثورات لا تستمر إلى يوم القيامة، ولذلك فالاعتقاد أنها ستتكرر ثانية حاليا وهم كبير ودعاية إخوانية. وعلى فكرة إن أكبر من يدعم حملة السيسى رئيسا جماعة الإخوان وما يطلق عليه اللجنة القومية لحماية الشرعية فدعمهم وتبريرهم للعنف والإرهاب فى الشارع يدفع الناخب المصرى للبحث عن منقذ وحامٍ. فلولا الإخوان وكتب سيد قطب وحسن البنا لما كان هناك القاعدة وأنصار بيت المقدس وما شابه من أتباع الفكر الخوارجى الضال.


∎ كعالم اجتماع تحليل سيادتك ورؤيتك لمستقبل مصر والفترة المقدمون عليها وهل أنت متفائل؟


- الثورات والتغييرات التى تحدث ليست بالسرعة التى يتخيلها الناس. الثورات تثير التوقعات والإحباطات لهذا السبب.


الثورة بدأت فى النظام السياسى، ولكن لم تنتقل بعد للثقافة والمجتمع والمؤسسات. هذه عملية تدريجية تأخذ وقتا. بالطبع متفائل فقد تنبأت بسقوط مبارك ومرسى وقلت قبل وصول مرسى إن الثورة القادمة ستكون ضد تجار الإسلام السياسى وسقوط أقنعتهم. وكان سقوط الإخوان يشبه سقوط الشيوعية والحزب الشيوعى السوفيتى فى تأثيرها ووقعها. زلزال وتوابعه حتى الآن.. متفائل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.