مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    وزير البترول: اتفاقية الغاز مع إسرائيل تجارية بحتة وتعود ل2019.. ولا زيادات بأسعار المواد البترولية حتى أكتوبر 2026    رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق: لا يمكن دستوريا وقانونيا تأجيل أو تمديد جلسة البرلمان المقبلة    زيلينسكي: الولايات المتحدة تستهدف ضم روسيا وأوكرانيا على طاولة مفاوضات ميامي    إعلام عبرى: إسرائيل تدرس إقامة سجن أمنى جديد محاط بالتماسيح بطلب من بن غفير    انتصار صعب لليفربول على توتنهام بدون محمد صلاح    الاتحاد السكندرى يتعادل مع سموحة سلبيا فى كأس عاصمة مصر    وزير الشباب ومحافظ بورسعيد يقدمان واجب العزاء في وفاة السباح يوسف محمد    أسماء ضحايا ومصابي حادث تصادم تريلا وموتوسكلين بقنا    تموين الأقصر تضبط نصف طن لحوم بلدية و دواجن وشحوم فاسدة فى مكان تجهيز أحد المطاعم    جبر خاطره بحضن وأخذ بيده خارج الاستوديو.. مصطفى حسنى يصطحب متسابق بدولة التلاوة    دار الإفتاء توضح أفضل أوقات صيام التطوع.. وحكم صيام الاثنين والخميس    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال غرب جنين    بيطري دمياط يحبط مخططات تجار الصحة ويُنفذ حملة موسعة على المطاعم والمجازر    وزارة العدل الأمريكية: لم ننقح أي ملفات لحماية ترامب عند إصدار وثائق إبستين    انطلاق الحلقة 12 من برنامج دولة التلاوة بمشاركة كبار القراء.. بث مباشر    وزير خارجية بوتسوانا: المنتدى الروسي - الأفريقي منصة مهمة لتحديد أولويات التعاون    مصر الاستثناء التاريخي.. من كسر لعنة الدفاع عن لقب أمم أفريقيا؟    نائب محافظ الجيزة يتابع مراحل تشغيل محطات رفع الصرف بأبو النمرس وحى جنوب    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    المستشفيات التعليمية تحتفل بمرور 100 عام على إنشاء معهد الرمد التذكاري    ايمي سمير غانم تعلق على فكرة زواج حسن الرداد للمرة الثانية    د. محمد العبد: مجمع اللغة العربية منارة ثقافية يواكب احتياجات التحول الرقمي| خاص    تحسين حياة المواطن بالأقصر تتصدر اهتمامات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة    أمين مجمع البحوث الإسلامية يحاضر علماء ماليزيا حول ضوابط الإيمان والكفر    منتخب مصر    محمد صبحي يكشف كواليس لقائه بأم كلثوم: «غنّت لي وحدي وأهدتني 50 جنيهًا»    تشكيل الزمالك - كايد في الوسط وعمرو ناصر يقود الهجوم ضد حرس الحدود    تشكيل الاتحاد السكندري لمباراة سموحة في كأس عاصمة مصر    الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري السابق يفتح ملف أمن مصر المائي في حوار مع «صوت الأمة»: القيادة السياسية لن تفرط في نقطة مياه واحدة.. والأمن المائي واجب وطني ومسؤولية جماعية    وزير الخارجية يلتقى مفوضة الاتحاد الأفريقى للتنمية الاقتصادية والتجارة    فولتماده: لا أعرف كيف تعادل تشيلسي معنا.. وجمهور نيوكاسل يحبني    النائب العام يوافق على رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر    المتحف المصرى بالتحرير.. هل غابت شمسه؟    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    أهالى البلد اتبرعوا بسيارة هدية فوزه بالمركز الأول عالميا فى حفظ القرآن.. فيديو    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل جديدة عن العبء المالي على أوروبا في دعم أوكرانيا    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    غزة.. ارتفاع حصيلة ضحايا خروقات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار إلى 401 شهيد و1108 مصابين    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    مقتل عروس المنوفية.. الضحية عاشت 120 يومًا من العذاب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور سعيد صادق: الثورة تأكل أولادها!

أحوال سياسية مضطربة من حولنا انعكست بطريقة مباشرة على حياتنا الاجتماعية ووقفنا تائهين متخبطين نتساءل: هل نحن نفس الشعب المصرى العظيم الذى شهد له العالم على مدار آلاف السنين وبهر العالم بقوته وجبروته وتماسك شعبه وجدعنته رغم بساطته وطيبته.. ظواهر اجتماعية يشيب لها الولدان فوضى وبلطجة وعنف تفشى فى كل مكان فى البيت والمدرسة والشارع ولم يسلم منه شيخ أو صغير .. فأصبح من الضرورى الاستماع لرأى خبير والنظر بعين متخصص لنستشف إذا كان ما نمر به اليوم فى مصر زوبعة فى فنجان أم هل نحن بالفعل تغيرنا كشعب؟


خلال السطور القادمة نتحاور مع الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية لنطرح عليه كل المخاوف والتساؤلات التى تشغلنا جميعاً كمصريين وهل إذا كان من حقنا أن نتفاءل بالغد القريب؟


∎ فى رأى الكثيرين أصبحت الفوضى هى سمة المرحلة التى نعيشها ما رأيك حول صحة هذا، وهل الواقع السياسى المضطرب له انعكاساته المتسببة على ذلك أم هى فترة ما بعد الثورات؟


-كانت هناك فوضى قبل الثورة وفوضى أكثر بعد الثورة، وهذه الظاهرة معروفة بعد الثورات. فبعد الثورات الحكومة المركزية ضعيفة والاقتصاد ضعيف ومهتز والأمن ضعيف وتنتشر الأسلحة غير المرخصة مع اختلال الأمن الجنائى ويحدث نوع من الفوضى والاستقطاب السياسى والاجتماعى.


قبل الثورة كانت هناك فوضى مجتمعية فى الشارع المصرى وثقافة بلطجة عند الجميع تقريبا وقانون للبلطجة وسوء أداء للمؤسسات. كانت هناك فوضى فى المرور وعدوانية فى الشارع دون رادع ضد المرأة وغياب الأمن الاجتماعى والمحاسبة للمسئولين وتأخر عجلات العدالة مما نشر ثقافة «خد حقك بإيدك»، وإذا تعرض مواطن لجريمة فإن الشكوى فى أقسام الشرطة تحتاج لواسطة فى الداخلية للاهتمام بها.


بعد الثورة تفاقمت تلك الظواهر السلبية أكثر مما هو قبل الثورة وسمعتم عن سرقة سيارات ومزاعم أن الشرطة تقول للضحايا ادفعوا المال للصوص عشان احنا مش فاضيين، وهذا يعود لغياب الأمن الجنائى والمجتمعى لعقود وتعود الناس على مخالفات القواعد، فالذى كان يسير بسيارته عكس الاتجاه ازداد سلوكه أكثر وانتشرت عداوة للآخرين بعد الثورة وأصبح المواطن أكثر استعدادا للاشتباك مع الشرطة والبلطجة إذا حاولت تنفيذ القانون وضعفت يد الشرطة فى تحدى المخالفين للقانون. انظرى مثلا للباعة الجائلين الذين احتلوا شارع سليمان باشا وشارع26 يوليو عند الإسعاف.. مثل هذه الظواهر رأيناها فى تونس 2011 وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وغيرها من دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية 1989.


باختصار الفوضى كانت موجودة قبل الثورة وتفاقمت بعد الثورة مع ضعف أداء الحكومة فى التصدى لها. قبل الثورة كانت هناك شكوى من سوء الإدارة وضعفها، فالمصريون ثقافيا ليسوا حازمين مقارنة مثلا بالشعب الألمانى أو التركى. قبل الثورة كانت هناك فوضى وبلطجة وتحرش وبانجو يباع داخل الجامعات الحكومية، بعد الثورة الثانية فى يونيو 2013 تفاقمت تلك الظواهر بسبب عدم الحزم الإدارى فى تلك الجامعات.


كذلك قبل الثورة أفق العمل والمشاركة السياسية كان ضيقاً ومحدوداً وبعد الثورة انفتحت تلك الآفاق ورأينا فى 2012 أكثر من ألف مرشح للانتخابات الرئاسية مقارنة مثلا ب 4 مرشحين عام 2005. هذا الأفق المنفتح أدى إلى ازدياد التنافس والجشع والرغبة فى المناصب لمجرد الحصول على مناصب حتى ولو أدى ذلك إلى إزهاق الأرواح وهدم الأمن القومى. رأيتم مثلا كيف باع بعض الإخوان لقناة الجزيرة القطرية التى تلعب دورا لخدمة استراتيجيات أمريكية مخابراتية ملفات أمن قومى مسروقة من المخابرات الحربية المصرية. تذكرى أن رئيس وزراء تركيا أردوغان هدد بعقاب من سربوا تسجيلا تليفونيا لوزير خارجيته عن ضرب سوريا واعتبره مساسا بالأمن القومى، وستتم ملاحقة أصحابه مقارنة برد الفعل المصرى على تسريب وثائق مخابرات مصرية.


∎ العنف والمغالاة فى التعذيب التى نراها يوميا على الشاشات لحوادث يومية بشعة لم يسلم منها حتى الأطفال كالطفلة زينة وعشرات غيرها شىء جديد على مجتمعنا الطيب. ما الأسباب وراء ذلك وهل تغيرنا عن السابق أم هى مرحلة مؤقتة؟


-لو كانت الشعوب ملائكة لما وجدت الحكومات والشرطة والمحاكم والأديان. المجتمعات المتقدمة لا تخفى مشاكلها وعثراتها، بينما المجتمعات المتخلفة تنكر وجود تلك المشاكل فتظل موجودة ونموت بها ولانحلها. العنف ضد الأطفال والمرأة والمعاقين وكبار السن موجود فى المجتمع المصرى قبل الثورة. تذكرى تعذيب ونفخ الطفل بلية قبل الثورة لكن الإعلام بعد الثورة أصبح يكشف كل شىء عن واقع المجتمع المصرى المؤلم أكثر لاختلاطه بالسياسة والتطرف والتخلف والقسوة، وحرية الإعلام الأكبر فى تغطية الأوضاع دون رقابة. فإلقاء إخوان فى الإسكندرية لمراهقين من فوق عمارة واستخدام المولوتوف والخرطوش والشماريخ للإرهاب ظواهر كانت محدودة وفردية، وبعد الثورة تفاقمت وارتبطت بالتطرف والتحزب السياسى. بعض القوى السياسية تعتقد أنها شعب الله المختار وتحول أخطاءها الفادحة إلى حائط مبكى وعاشوراء لتبرر العنف الذى تمارسه ضد المجتمع.. هناك أيضا ثقافة تطرف وحقد طبقى انتشرت وظهرت بعدالثورة. عدم وجود حزم من مؤسسات المجتمع مثل الأسرة والمدرسة والإعلام والمؤسسات الدينية والمؤسسات العقابية والأمنية. كل هذه المؤسسات فى مصر تفتقر للحزم والحسم.

∎ على الجانب الآخر نرى أطفالا يقومون بعنف وتحرش وبلطجة ما هو شكل الجيل القادم وكيف السبيل للقضاء على عنف الأطفال؟


-هناك أكثر من 2 مليون من أطفال الشوارع والعاطلين المراهقين الذين أصبحوا قنابل وبنادق وشماريخ للإيجار فى يد الجماعات السياسية مقابل أموال. لقد رأت الجماعات الإرهابية أن هؤلاء الأطفال يمكن تجنيدهم واستغلالهم ليصبحوا ناضورجية ضد تحركات الأمن والأخبار عنهم وهم يساهمون فى التجمعات العدوانية المسلحة التى تهاجم أشخاصا بصورة جماعية على أساس أنه سيكون من الصعب تحديد أمام القضاء من الذى قام بالاعتداء. الحل يحتاج لوقت طويل ووجود رعاية حقيقية لهؤلاء الأطفال وأهلهم الفقراء الذين يطلقونهم فى الشوارع لعجزهم عن السيطرة عليهم. وتحسين الأوضاع الاقتصادية للأسر الفقيرة وتحديث دور الأحداث مهم للتخفيف من أثر تلك المشكلة.


∎ فى ظل مشاهد العنف التى نراها فى الجامعات حدثنا عن دور الجامعة الغائب فى الوصول للطالب وعقله ووجدانه وتوعيته، ورؤيتك لأهم مشاكل التعليم الآن؟


- المثير للسخرية أن طلبة الجامعات الحكومية لا يتظاهرون لأن جامعاتهم ليست من أفضل 500 جامعة فى العالم أو لعدم تحقيق الإنجازات العلمية أو لأن السلوك الأكاديمى والأخلاقى بها هو الأفضل. الجامعة والتعليم فى أزمة فى مصر منذ فترة طويلة وهى أصل المجتمع المصرى اقتصاديا وأخلاقيا. انظرى لواقعة التحرش المصورة علنيا فى جامعة حكومية مؤخرا ورد مسئولى الجامعة الذين يلومون الضحية لا المجرمين. نجاح ومستقبل مصر مرتبط بتطوير ثورى للتعليم وحزم فى الإدارة وهذا يحتاج لإرادة سياسية قوية. فمرتبات المدرسين وضعف المكتبات والبحث العلمى مأساة. الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والمهنى للمدرسين مهم للغاية فهم محور العملية وأيضا مراقبة سلوكهم حتى لا يحدث نشر للتطرف والإرهاب.


∎ رأيك فى عجز الدولة عن احتواء الشباب وكيفية كسر الفجوة بين الشباب والمجتمع والتى تنعكس على المشاركة السياسية كما حدث فى الاستفتاء على الدستور وضمان عدم تكراره؟


-المجتمع المصرى به العديد من الفئات المهمشة مثل المرأة والأقباط وأصحاب التحديات الخاصة، وبالنسبة للشباب لايزال المجتمع المصرى مجتمع مومياوات وعواجيز لأن الشباب لم يتعلم أو يأخذ مكانته. وهذا ليس معناه أن أغلب الشباب جاهز للحكم والإدارة. نحتاج لفترة أطول للتعليم والتدريب وإدارة أحزم. النخب السياسية المصرية تذكرك بقيادات الحزب الشيوعى السوفيتى البائد أغلبهم فى السبعينيات والثمانينيات ربيعا. فى أوروبا الشرقية بعد انهيار الشيوعية أرسلت وفودا شبابية للخارج للتدريب لتصبح جاهزة للحكم والإدارة والسياسة. لاتزال السياسة فى مصر معناها بلطجة والوصول للكرسى بأى ثمن حتى لو لم يكن عندك شيئا تقدمه للمجتمع، والهدف الحقيقى هو أن تخدم نفسك لا خدمة المجتمع. هناك سياسيون كثيرون لكن ليسوا رجال دولة، فالسياسى ينظر لليوم وغدا فقط، أما رجل الدولة فيفكر فى بلده وحالها بعد 50 و100 سنة. التفكير المستقبلى غائب الكل يفكر فقط فى يومه وبس. تجدين فى أوروبا من يحدثك فى العام القادم أو الذى يليه أين سيذهب للإجازة، بينما أنت لاتزال لا تعرف وترفض حتى التفكير فى المستقبل «يحيينا بكره لما نخلص النهارده الأول نفكر فى بكره»، وهذا انعكس على أشياء عديدة فى الحياة، فالصيانة للمحطات الكهربائية الدورية وغيرها لا تحدث قبل أن يقع عطل وسائر السيارة الحكومية لا يفكر متى سيشحن السيارة بالبنزين إلا عندما تتوقف به، ويسعى للبحث عن كوبونات صرف ويضيع وقتا بدلا من إتقان عمله والاهتمام بكل شىء. الشباب الذى لا يجد عملا وشقة ومرتباً للزواج يفقد الانتماء لهذا المجتمع ويسعى للهجرة لمجتمع يعطيه أبسط حقوق الإنسان. معركة الشباب هى معركة مصر المستقبل.


∎ ظاهرة عدم تقبل الآخر والتخوين وانعدام الحوار والتى تظهر فى تجمهر الناس حول شخصية معينة مادامت تقول ما نريد والانقلاب عليها لمجرد الاختلاف كما حدث مع باسم يوسف والبرادعى وغيرهما هل هى ثقافة شعب أم هى حالة طارئة؟


- الديمقراطية عملية تعليمية. الشعب بعد ثورة يناير 2011 يتعلم ويخطئ، ومن الطبيعى التطرف فى الآراء فالمصريون سياسيا كانوا فى جرة وطلعوا لبره.


هى مرحلة انتقالية وتدريجيا سيتعلمون. المصريون بالثورة بدأوا يرون حقيقة سلوكهم وحالتهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية فى المرآة دون رتوش. مشاكل المجتمع المزمنة المخفية ظهرت مثل الأمية والجهل والتعصب القبلى والدينى والمذهبى والجغرافى وكراهية المرأة وعدم التسامح. كلها كانت موجودة، لكن الدولة شبه البوليسية والسيطرة الإعلامية منعت المصريين من رؤية أنفسهم فى المرآة، أما بالنسبة لباسم و6 أبريل والبرادعى. كله له دور تاريخى فى مرحلة من الثورة ثم بعد ذلك يفقد تأثيره وقيمته ووضعه. هناك تقسيم عمل. فالثورة تأكل أبناءها ولكل شخص دور فى مرحلة وليس من المتوقع أن تستمر فى كل المراحل، هناك توزيع أدوار تاريخى فقد تكون بطلا فى مرحلة وعميلا ومنبوذا فى مرحلة أخرى. الشطارة قراءة هذه المتغيرات والتأقلم معها لأجل الصدام مع عملية تاريخية طبيعية. أين مثلا وائل غنيم اليوم ولعب دورا فى مرحلة ولم يعد مطلوبا حاليا.

∎ التقسيم الواضح فى الشارع والعمل والبيت والاتهام بالأخونة أو مناصر للعسكر.. ما السبيل للخروج منها وما المؤسسات المنوط بها تغيير تلك اللهجة؟


- الإخوان حركة سياسية بسحابة دخان شعارات دينية. المجتمع المصرى مكون من مجتمعات فرعية عديدة فهناك ريف وحضر وبداوة وطبقات عليا ومتوسطة ودنيا ومهمشة ومتعلمين وأميين وأنصاف متعلمين ومثقفين. هناك ثقافة دينية مسمومة فى المجتمع المصرى تركز على كراهية الآخر والعنف ضده. وهناك جماعات وفقهاء يرون أن حرق كنيسة أهم من إتقان العمل أو النظافة من الإيمان. انظرى إلى حالة النظافة فى الحمامات العامة فى مصر مثلا. جماعات اليمين المنقب التى تستخدم الشعارات الدينية المسمومة لتقسيم المجتمع تبرر وتشرعن عنفها المقدس الذى هو انعكاس لصراع طبقى فى المجتمع المصرى بين الريف المتخلف والحضر المتوسط فى التخلف.

العشوائيات فى مصر يسكن فيها حوالى 18 مليونا بالإضافة إلى 2 مليون ساكن مقابر.
أين شعبية الإخوان والجماعات المتطرفة؟ تجدينها فى المناطق الفقيرة المهمشة. شمال سيناء من أفقر المحافظات والصعيد، مصر عندها فرصة ذهبية للتخلص من سرطان تلك الجماعات المتخلفة بمحاربة الفقر وإحداث تنمية حقيقية فى تلك المناطق لقفل محبس الإرهابيين، والحقد الطبقى المغطى بشعارات دينية. فى الصراع إما أن تنتصر أو تنهزم أو تصل إلى توازن يؤدى إلى سلام وتوافق. أحيانا من أجل التقدم وهزيمة التخلف لابد من صدام وحسم.


وعمليات التحول من نظام لآخر تشبه حالة الحرب. وحاليا مصر فى حالة حرب على إرهاب مدعوم إعلاميا وسياسيا من الخارج. وكما قال أيمن الظواهرى قائد تنظيم القاعدة: الإعلام أكثر من نصف المعركة. الحكومة القطرية تدعم الإرهاب فى مصر وتخصص قناة لدعمه لم تخصص مثلا قناة الجزيرة مباشر فلسطين أو سوريا أو إيران أو السعودية. لكن فقط لمصر وتجزل العطاء للمرتزقة الذين يذهبون للسباب ضد مصر هناك، بمستوى مختلف انتصرت مصر على الجماعات الإرهابية، وما ترونه حاليا هو حلاوة روح. وهى فرصة لمصر لتتقدم للأمام وترفض تجار الشعارات الدينية فى المجتمعات المتخلفة.


إصلاح التعليم والقضاء والأمن والإعلام والفكر الدينى هو أحد أدوات نشر الديمقراطية بعد الانتهاء من معركة الإرهاب التى تشن علينا من الخارج.


∎ ما أهم التحديات فى رأى سيادتك التى تواجه الرئيس القادم وما أهم ما يحتوى عليه برنامجه؟


- الأمن والاقتصاد. عودة الأمن ستدعم الاقتصاد والاقتصاد سيحد من ظاهرة الإرهاب وشراء البلطجية والمتظاهرين غير السلميين. يحتاج الرئيس القادم إلى لجنة قومية من خبراء لإدارة الحرب التى تشن على مصر إعلاميا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا.


∎ هل بالفعل الناس لها الحق فى رئيس من خلفية عسكرية؟ وهل لن يعيش لنا رئيس بعد كل هذه الثورات وأصبحنا كشعب نهوى الثورات كما يقال عنا الآن؟


- لكل حادث حديث ولكل مقام مقال عندما تكون الأوضاع الأمنية مستقرة سيفكر الشعب فى مرشح اقتصادى مثلا، لكن عندما تكون الأوضاع الأمنية غير مستقرة والدولة والوطن مهدد يفكر الشعب لا فى مغن أو فيلسوف بل فى مقاتل يحمى الشعب ويتصدى للإرهاب والعنف والاختلال الأمنى الجنائى. الاتحاد السوفييتى بعد انهيار الشيوعية 1989اختار مدنيا «يلتسين» لكنه لم يعرف إدارة البلاد وازداد الانهيار والمؤامرات الخارجية، فلجأ الشعب لبوتين رجل المخابرات المخضرم. وهذا طبيعى. المصريون يمرون بنفس التجربة ويرون أن مواجهة المؤامرات تحتاج لبطل قومى يحمى الدولة وحدودها عليه أن يحظى بدعم أغلبية وليس بالكاد ينجح. ونتذكر أن الدستور أضعف من سلطة رئيس الجمهورية ولم يعد علاء الدين ومصباحه السحرى وحكم بلد بعد ثورة ليس مغنما أو كنزا، بل عبئا ثقيلا وليس سهلا.


الدستور يعطى الرئيس فترة 4 سنوات فقط تجدد مرة واحدة فقط أى أن ظاهرة رؤساء مدى الحياة انتهت وهذا من إنجازات الثورة وانتصار للشعب المصرى وحماية له.


الثورات لا تستمر إلى يوم القيامة، ولذلك فالاعتقاد أنها ستتكرر ثانية حاليا وهم كبير ودعاية إخوانية. وعلى فكرة إن أكبر من يدعم حملة السيسى رئيسا جماعة الإخوان وما يطلق عليه اللجنة القومية لحماية الشرعية فدعمهم وتبريرهم للعنف والإرهاب فى الشارع يدفع الناخب المصرى للبحث عن منقذ وحامٍ. فلولا الإخوان وكتب سيد قطب وحسن البنا لما كان هناك القاعدة وأنصار بيت المقدس وما شابه من أتباع الفكر الخوارجى الضال.


∎ كعالم اجتماع تحليل سيادتك ورؤيتك لمستقبل مصر والفترة المقدمون عليها وهل أنت متفائل؟


- الثورات والتغييرات التى تحدث ليست بالسرعة التى يتخيلها الناس. الثورات تثير التوقعات والإحباطات لهذا السبب.


الثورة بدأت فى النظام السياسى، ولكن لم تنتقل بعد للثقافة والمجتمع والمؤسسات. هذه عملية تدريجية تأخذ وقتا. بالطبع متفائل فقد تنبأت بسقوط مبارك ومرسى وقلت قبل وصول مرسى إن الثورة القادمة ستكون ضد تجار الإسلام السياسى وسقوط أقنعتهم. وكان سقوط الإخوان يشبه سقوط الشيوعية والحزب الشيوعى السوفيتى فى تأثيرها ووقعها. زلزال وتوابعه حتى الآن.. متفائل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.