كانت المرة الأولى التى يلتقيان فيها، جلسا فى أحد المطاعم الراقية، عيناه تخترقانها يريد أن يكتشف ما تحت جلدها وعظامها ولحمها.. نظراته ليست بالجديدة عليها تعرف ماذا سيقول، تحفظ كلماته ترسم ملامح اللقاء قبل أن يبدأ تعرف إلى ماذا ينظر.. ماذا ينتظر؟ وماذا سيقول؟ كلهم كانوا ذلك الرجل.
وهى تجيد استخدام أسلحتها فى اللقاء الأول تشهرها سلاحا وهو بجانبها مغرم بالترسانة. تعزف على عروقه، صوتها يأخذه بعيداً وعيناها الها ئمتان تثيران خياله.. تستفز ذكورته ورجولته وطفولته من موضوع لموضوع تنتقل نقلاتها تبهره تجيد التحدث فى كل شىء حلوة اللقاء.
يتحدث فى موضوعات مختلفة.. يهذى ببعض الكلمات.. يرسم شخصيات عديدة له ويتكهن بشخصيتها..
فلا تبل ريقه بشربة ماء.
هى أبعد ما يكون عن كل ما قاله عنها.. وهو ليس أى شخصية يحاول أن يستدعيها كى يصف نفسه.. تظل محافظة على هدوئها وعمق عينيها ..
يشعر بنفسه ضعيفا.. صغيرا تسقط أحيانا منه تفقد تركيزها تهيم مع خيالاتها فيذوب أكثر فى المرأة التى سقطت منه وضاعت مع الخيال ويصر على إعادتها.. فلا تعود، يحلم بغزوها.. بتحطيم قلوعها والانتصار فيها ورؤية نظرة الحزن وهى تتبدد على يديه، يحلم بلحظات عشق معها.
يحاول أن يجذبها لموضوع لا تريد الحديث فيه تصدمه نظرات عينيها نظرات ناضجة جريئة قد تكون مخيفة فى مرحلة ما.. لكنه لا يمتلك القدرة على الرجوع.. هى التى تقود، ولذة الركوب تحمل كثيراً من المفاجآت إلى أين سيذهب؟ ومتى سيعود؟.. لا يعرف أى شىء معصوب العينين وعزفها على عروقه وصل للمنتهى.
لا يعرف السر فى عذوبة اللقاء، وحدها من تعرف إنه سرها، الحزن فى عينيها، النظرات التائهة التى تجعله يتوق للاستقرار، هدوء عقلها يجعله على استعداد أن يضحى بكل ما هو غال ونفيس لمعرفة سر هذا الهدوء غير المعتاد عن من فى سنها.. هذا الاختلاف الذى يميزها عن كل النساء، نظراته المشدوهة ذكرتها بسنوات قد مضت ورجال تعاقبوا عليها عشقت البدايات بما فيها من لذة وجنون ورومانسية.. هى كما هى.. الحزن لم يتبدد والغموض يتقد أكثر.. والفرحة لم تمس قلبها وجاذبيتها تغرى العيون من حولها كى تقتحم.. الوجه الصامت أحياناً يكون له مذاق والحزن لا يقبل غير أن يظل وحيدا، هكذا هى البدايات إنها امرأة للبدايات، النهايات ليست من نصيبها ذكاء عينيها يخيف من أمامها فيركع قبل أن تقول أى شىء مجرد كلمات بسيطة منها تغير حسابات أى رجل أمامها ويتوه فى تفسيرها.. يتمنى أن يلمس عقلها.
تعرف أن رائحة شخصيتها تسلب عقل من أمامها ولكن.. أى سعادة مهما كانت لم تستمر معها سوى أيام لم تصل لتفسير محدد لماذا يحدث معها هذا فاكتفت بالبدايات.. النهايات ليست من نصيبها عيناها لن تتقد بالفرحة قدر أسود لعين ستحافظ على الحزن رغما عنها، كم من رجال اقتحموا حياتها حاولوا تغيير نظرة الحزن وقلما استسلمت.. فابتسمت وتغيرت نظرتها فغادروها قدر أن لا تبتسم أنوثة أن تظل عيناها عميقتى الحزن أن يكون السبب ضياع الحب وأن يظل فقدانه مايجذبهم إليها.. ما أجملها البدايات إنها لها كلها ملكها أما النهاية فستظل دوما تنظر إليها من بعيد.. كبرياؤها يمنعها من أن تشير لها وهى التى دائما تغادرها دون إذن، ابتسمت بلطف فلمح ابتسامتها توهم أنها عادت.. تنهدت.. فأطرق بإنصات المصلى لصوتها، غادرته من جديد.. فمنى نفسه بلحظات الوصول، أطمأنت فالحكاية لا تزال فى ساعاتها الأولى.