عيناه لا تفارقها.. من خلف شاشة الكمبيوتر يراقبها وهى تجلس تداعب شعرها الأسود القصير فى شقاوة وابتسامة خفيفة على شفتيها ممسكة بورقة دون أشياء بسيطة وعيناها لا تفارقان شاشة الكمبيوتر. هى زميلته في العمل ربما أكثر من زميلة.. صديقة تمنى فى أوقات كثيرة أن تكون شريكة حياته لكن ماذا يفيد؟ هو رجل متزوج وهى أيضاً ربما لو كان رآها منذ عشر سنوات كانت تغيرت حياته وغير حياتها.
خلف مكتبها دولاب صغير يضعون فيه ملفات العملاء.. قام من على مكتبه وتظاهر بأنه يريد إحضار ملف ليلقى نظرة على ما تفعله على شاشة الكمبيوتر كانت تشاهد يوتيوب ولد صغير يقطع حبة من قرع العسل الكبيرة
لم يفهم سر ابتسامتها لكنه كان متيما بها.. وفى نهاية اليوم سألها عن الفيديو الذي كانت تشاهده فأجابت بتلقائية أعد لحفلة الهالوين الفيديو كان يشرح طريقة رسم الوجه الشهير بحبة قرع العسل.
يزداد عشقا بها وبتفكيرها وببساطتها رغم كل المشاكل التي حكت له عنها في البيت والعمل وغياب زوجها المتكرر عنها بسبب سفره وطباع والدها المتشددة فإنها لاتزال امرأة جميلة فاتنة طفلة فى تلقائيتها وبساطتها حتى نظرة الحزن فى عينيها التى تتسلل خفية فى أوقات كثيرة كان يعشقها ينتظرها حتى تظهر كالمتوضأ الذي ينتظر بلهفة سماع صوت الآذان.
غصب عنه أجرى مقارنة سريعة بينها وبين زوجته لم تكن المرة الأولى التى يجرى فيها هذه المقارنة فى كل مرة كان يراها كانت تطل زوجته بوجهها البارد وصوتها العالى وتصرفاتها الروتينية وعدم فهمها له
طلبت الصديقة منه أن يصطحبها لأى هايبر كبير لشراء قرع العسل
فرح بالاقتراح.. ربما هذه أول مرة يذهب فيها لشراء قرع العسل حتى أنه لم يتذوقه طيلة حياته.. فى الآخر هو لن يتذوقه أنه لها ولأولادها ولكنها لن تطهيه فقط ستشكله سترسمه أنها فنانه لديها من الوقت لفعل أشياء مبتكرة سعيد لأنه سيسير بجوارها سيشاركها شراء احتياجاتها وتذكر زوجته أن آخر مرة طلبت منه شراء شىء كان كرنب.. إنه يحب الكرنب.. لكن الكرنب ليس فناً.. لا يوجد فيه ما يبهره.. لا يحتاج طاقة لتشكيلة.. شتان بين الاثنانين الصديقة أيضا زوجة لكنها تتصرف كما تتصرف البنات جنونها لطيف زوجته لم تكن فى يوم من الأيام تتحلى بمشاعر البنات حتى خلال فترة الخطوبة.. كانت تهتم بتفاصيل مختلفة لا تهتم بها البنات.. كانت تهتم بالأثاث وحجمه وثمنه وتتشاجر مع النجار والسباك والكهربائى.. كان يكره ذلك فى أى بنت كان يفتن بالبنات الأذكياء الجريئات.. لكنه عندما اختار وجد نفسه أنه لا يبحث عن المختلفة يبحث عن المرأة العادية التى تصلح زوجة ربما هرب فى شبابه من كثيرات يشبهن الصديقة.. هو يكذب على نفسه ربما إذا عاد به الزمن لن يتزوج من المرأة المختلفة الاختلاف يجعله يهرب والدته أيضاً لا تشترى قرع العسل فى عيد الهالويين والدته تصنع الفتة والرقاق واللحوم فى العيد الكبير.. هو يعشق طقوس العيد الكبير ولكنه يلهث وراء نشوة الهالويين الصديقة فيها متعة وإثارة الهالويين.. جلسا سويا فى إحدى الكافيهات بعد أن اشترت قرع العسل يراقبها وهى تدخن سيجارتها وترشف من فنجان القهوة مشغولة عنه بالحديث على الواتس آب ربما لا تنتبه لكثير من كلامه وهو يعشق هذه الحالة زوجته تلاحقه بالأسئلة لا وقت للتأمل فى وجهها ولكن هل حقا يريد التأمل فى وجه الزوجة؟
إنها زوجة طيبة تثير فيه إحساساً بالشفقة، زوجته تشرب القرفة باللبن ولكن أليس هذا ما جعله يتزوجها.. هو لا يحب المرأة التى تدخن والصديقة متحررة لن تقبل به وهو الرجل الشرقى الرجعى الذى غصب زوجته على الحجاب و ترك عملها والتفرغ لتربية الأبناء ولكن.. فكرة أن الصديقة لن تقبل به رجلاً لها تزيده تمسكا وحلما بها على الجانب الآخر فى نيويورك.. كان زوج الصديقة دائم السفر يجلس هو الآخر فى مطعم يراقب أجساد النساء الأمريكان.. أجسادهن مشدودة بنسب تفوق الخيال.. جريئات متحررات علاقات بدون أى التزام.. يفكر.. لماذا تسرع فى الزواج.. والإنجاب ومصاريف المدارس لماذا سجن نفسه مع امرأة متقلبة المزاج تشغل نفسها بالتفاهات.. لا يحن إليها أبداً يكثر من السفر على أمل أن تتأجج نيران الشوق ولكن شوقه كقطعة فحم بعد أن صبت عليها المياه.