نتنياهو يعين دافيد زيني رئيسا للشاباك خلفا لرونين بار    حماس: الاحتلال يواصل "هندسة التجويع" في غزة    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية لليد    سعر السكر اليوم الخميس 22 مايو 2025 داخل الأسواق والمحلات    سعر الأرز في السوبر ماركت اليوم الخميس    3 سيارات إطفاء تنجح في إخماد حريق شقة سكنية بالعجوزة    أحمد السقا: شقيقتي وراء كتابة المنشورات ضد زوجتي.. وسمر السقا مش أختي ولا قريبتي    الهيئة القبطية الإنجيلية تطلق مشروع «تعزيز قيم وممارسات المواطنة» بالمنيا    «المصريين»: مشروع تعديل قانون الانتخابات يراعى العدالة فى التمثيل    مكتب نتنياهو: ترامب وافق على ضرورة ضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا    نتنياهو: بناء أول منطقة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة خلال أيام    لا سلام بدون دولة فلسطينية    تفاصيل خطة إسرائيل للسيطرة على غزة.. القاهرة الإخبارية تكشف: محو حدود القطاع    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية: أي عمل روحي لا يمكن أن يدوم دون تعليم    صلاح: شعور الفوز بالدوري الإنجليزي هذا الموسم ليس له مثيل    فيفا يرفع القيد عن الزمالك بعد سداد مستحقات بوطيب وباتشيكو    منتخب مصر في المجموعة الخامسة ببطولة العالم لسيدات اليد    أول رد من الزمالك على شكوى بيراميدز في «الكاس» (تفاصيل)    تعرف على موعد قرعة كأس العرب 2025 في قطر بمشاركة منتخب مصر    م. فرج حمودة يكتب: سد عالى ثالث فى أسوان «2-2»    السجن المشدد 15 عامًا ل8 متهمين سرقوا بالإكراه في العياط    السجن المشدد 4 سنوات لصياد تعدى على ابنه جاره فى الإسكندرية    إعدام مواد غذائية منتهية الصلاحية وغلق وتشميع منشآت مخالفة بمطروح    البيئة تنظم فعاليات تشاركية بمدينة شرم الشيخ    ميرنا جميل تسحر محبيها بالأزرق في أحدث ظهور | صور    أهمية المهرجانات    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    علي جمعة لقناة الناس: توثيق السنة النبوية بدأ في عهد النبي.. وحي محفوظ كالقرآن الكريم    "الأعلى للإعلام" يصدر توجيهات فورية خاصة بالمحتوى المتعلق بأمراض الأورام    9 عيادات طبية و3 ندوات توعوية بقافلة جامعة المنيا المتكاملة بقرية الريرمون    من ساحة العلم إلى مثواه الأخير، قصة سكرتير مدرسة بالشرقية وافته المنية أثناء العمل    "بعد أنباء انتقاله للسعودية".. باريس سان جيرمان يجدد عقد لويس كامبوس حتى 2030    المسجد الحرام.. تعرف على سر تسميته ومكانته    وزير الشباب والرياضة يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة    محمد مصطفى أبو شامة: يوم أمريكى ساخن يكشف خللًا أمنيًا في قلب واشنطن    المجلس القومي للمرأة ينظم لقاء رفيع المستوى بعنوان "النساء يستطعن التغيير"    ماغي فرح تفاجئ متابعيها.. قفزة مالية ل 5 أبراج في نهاية مايو    نماذج امتحانات الثانوية العامة خلال الأعوام السابقة.. بالإجابات    بوتين: القوات المسلحة الروسية تعمل حاليًا على إنشاء منطقة عازلة مع أوكرانيا    «الأعلى للمعاهد العليا» يناقش التخصصات الأكاديمية المطلوبة    الحكومة تتجه لطرح المطارات بعد عروض غير مرضية للشركات    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية (تفاصيل)    محافظ أسوان يلتقى بوفد من هيئة التأمين الصحى الشامل    أسعار الفضة اليوم الخميس 22 مايو| ارتفاع طفيف- كم يسجل عيار 900؟    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    ورشة حكى للأطفال عن المعبود "سرابيس" بالمتحف الرومانى باستخدام Ai لأول مرة    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حب بلا لقاء

عندما تحب شخصا لم تره عيناك يوما.. بل تخلص له.. تضحك لفرحه وتبكى لألمه.. تحزن لما قد يحزنه وتفكر فى عمل ما قد يسعده.. وعندما تعرف أنه فارق الحياة.. فتحزن لفراق لم يأت بعد لقاء.. وتدعو له فى صلاتك.. وتتصدق رغم ضيق الحال على روحه.. غريب أليس كذلك؟!

لكنه حدث بالفعل.. نعم.. هذا النوع من الحب موجود.. حب مجرد من كل غاية او مصلحة.. هذا الحب الصادق الذى يجعل رجلاً لا يعرف سيدة ولم يستفد منها شيئا.. يصلى من أجلها ويتصدق رغم ضيق حاله.. هذا الحب يجعلنا نشعر بأننا مازلنا أحياء نشعر ونحس بأن الحب حقًا يستحق أنه يكون له عيد نحتفل به..

هذا الرجل هو عم عبد الحكيم.. بائع الكتب البسيط والموظف صباحًا فى مجلس المدينة.. يقطن فى قرية صغيرة فى بنى سويف اسمها اينسيا الخضراء.. بدأت قصة حبه عندما اشترى من بائع خردة مجموعة من الكتب جاءت له من القاهرة.. ليبيعها كعادته على رصيف الجامعة ببنى سويف.. وعندما كان يتفحص هذه الكتب سقطت من بينها صورة فى كارنيه كانت موضوعة فى كراسة كُتِب عليها.. (مذكراتى.. نعمات البحيرى) شىءٌ ما جعل عم عبد الحكيم يفتح هذه الكراسة ويقرأ ما كُتِب بها.. لم يكن يعرف من هى نعمات البحيرى.. لفت نظره أيضا كمية الكتب المكتوب عليها إهداءات من كبار الكتاب.. لم يكن يعرف أنها كاتبة كبيرة.. كل ما كان يعرفه أنها إنسانة.. عاش معها من خلال خط يدها.. تأثر بها.. سافر معها فى رحلاتها.. تعايش مع حبها لزوجها العراقى وكيف كانا يتعاملان مع بعضهما البعض.. كيف عاشت وكيف عانت من المرض.. الذى بدأ إحساسها به فى أستراليا.. فى البداية ظن أن هذه الكتب والأوراق قد سرقت أو ضاعت منها.. فظل يبحث عنها بين أوراقها.. مع متابعته القراءة فى مذكراتها فيقترب منها يوما بعد الآخر.. ويتعرف على شخصيتها أكثر فأكثر .. يتعاطف معها فى الظروف الصعبة التى مرت بها ويضحك معها حين تقُص قصة ضاحكة.. فيروى لى قائلا: عندما سافرت للخارج طبخت للأجانب ملوخية فأعجبتهم كثيرا.. وكانوا يقولون لها (ملوهية ).. زادت لهفته فى لقائها فقد سكنت بداخله لا يعرف كيف.. على حد قوله.. وأصبح وكأنه يعرفها منذ زمن بعيد.. وكلما اقترب منها أكثر زاد حزنه على كتبها وأوراقها التى وصلت لبائع الخردة ومنه إلى الرصيف.. وعندما يفتش باحثًا عن خيط يوصله لها.. وجد كتابا مُهدى من جيلان حمزة كتبت عليه نمرة تليفونها.. كان هذا الإهداء فى 2 فى معهد ناصر حيث كانت نعمات البحيرى تتلقى العلاج الكيماوى هناك.. فطلبها فى التليفون وأخبرها بالقصة كاملة وإن كانت تعرف مكانها لتخبرها أن أوراقها وكتبها معه.. فإذا بها تخبره أن نعمات البحيرى توفيت فى 2008 .

لم يجد نفسه الا وهو يبكى.. وكأنه فقد عزيزا.. يقول: لقد حزنت عليها كثيرا.. وكأنها توفيت للتو.. وزاد حزنى كلما فكرت.. لماذا فعلوا هذا بكتبها وأوراقها.. فهذه السيدة كاتبة ومفكرة تعبت وجلست مع كبار الكتاب.. كيف يرمون تراثها بهذا الشكل؟


أليست هذه إهانة لها.. هذه السيدة الرقيقة المرحة.. الوطنية.. لا تخاف فى الحق لومة لائم.. كما أنها سيدة جدعة حتى إنها فى يوم كانت فى الخارج تحضر مؤتمرًا.. وتحدثوا عن مصر بشكل غير لائق فإذا بها (تفرش لهم الملاية) كل هذا عرفه من لقائه بها يوميا وهو يقرأ مذكراتها.

عاد عم عبد الحكيم يفكر .. هذه السيدة لم تنجب.. اذا فقد ماتت وحيدة.. لذلك لم تجد من يهتم بتراثها وفكرها المكتوب.. بدأ يفكر ماذا يفعل لكى يسعدها.. لأنه يعلم الآن أنها حزينة فى قبرها.. لما ألم بكتبها وعصارة افكارها.. يقول: اشعر بوحدتها لذا ادعو لها فى كل صلاة بالرحمة والمغفرة.. واتصدق باسمها كلما استطعت.. يضحك عندما يقص قصة كانت تحكيها وتضحك بها ويحزن كلما تحدثت عن آلمها وصراعها مع المرض.. احتفل معها بعيد ميلادها الأربعين عام 1998، وأشعل معها أربع شمعات. يقول عم الحكيم وهو حزين: لم تذكر أبدا فى مذكراتها أهلها لا أب ولا أم ولا أخ ولا أخت.. لذا أطلب طلبا واحدا.. أريد أن أعرف مكان قبرها حتى أستطيع زيارتها كل فترة وأؤنسها فى وحدتها.. فمن رمى متعلقاتها بهذا الشكل دونما اكتراث من المؤكد لا يزورها ولا يذكرها حتى..
أما أنا فلا أنساها أبدا..

عم عبد الحكيم خلال رحلة بحثه عن سبب وصول الكتب والمذكرات لبائع الخردة ومنه له.. اتصل بالأستاذة مها عمران التى وجد رقمها مكتوب بجانبه سؤال: (كيف تعايشت مع الألم وخلقت منه لحظات الأمل) فطلبها ليخبرها بالقصة وأن كان فى يده شىء يفعله ليسعد به روحها.

كان السؤال المكتوب بجانب النمرة سؤالا من حوار قد أجرته معها مها عمران فى2007 وقت مرضها.. ومن الواضح ان هذا السؤال قد أثر بها لدرجة أنها كتبته بجانب الرقم بدلا من اسمها.. وما أوضحه لى عم عبدالحكيم أنه لم يكن يطلب النمر عشوائيا فقد كانت تسجل نمرها بتعليقات وليس أسماء فمثلا رقم مكتوب بجانبه غير مريح.. وآخر مزعج.. وآخر صديق وهكذا.. فكان يطلب من كان تعليقها محببا بالنسبة لها فقط..

لايزال عم عبد الحكيم يقرأ مذكرات نعمات البحيرى التى أحبها دون أن يراها ويدعو لها بالرحمة ويتصدق على روحها رغم أنه رجل بسيط لا يملك الكثير.. مازال يلقاها يوميا من خلال بعض الاوراق بخط يدها.. عندما كان يتحدث معى أضحكنى وأبكانى.. فلم أكن أعلم أن هناك حبا بهذا الإخلاص.. خاصة أنه حب على ورق.

أما نعمات البحيرى لمن لا يعرفها فهى.. نعمات مرسى البحيرى.. أديبة وروائية ولدت فى العباسية.. مرضت بالمرض اللعين عام 2004 وقاومت إلى أن توفيت فى 2008 تزوجت من ناقد عراقى عن قصة حب ولم تنجب منه أطفالا.. من أشهر كتبها.. نصف امرأة ، أشجار قليلة عند المنحنى وشاى القمر ويوميات امرأة مشعة وهو كتاب يحكى عن رحلتها مع المرض..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.