هيرفدونا كلنا.. عمرو أديب ينهي الحلقة بعد خناقة على الهواء بسبب قانون الايجار القديم (فيديو)    الدولار ب50.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 11-5-2025    بوتين: سأبحث مع أردوغان إمكانية إجراء مفاوضات مع أوكرانيا في إسطنبول    ترامب يعترف بأن حل النزاع في أوكرانيا وغزة أصعب مما كان يعتقد    4 شهداء و8 مصابين في غارات إسرائيلية على خان يونس    أبرزها كلاسيكو الأرض، مباريات اليوم في الدوري المصري والدوريات الأوروبية والقنوات الناقلة    ترتيب الدوري الانجليزي 2024-2025 قبل مباريات الأحد    محامى زيزو تواصل مع الزمالك لفسخ العقد مقابل 11 مليون جنيه    انفجار أسطوانة غاز السبب في حريق مطعم شهير بمصر الجديدة    شفافية في الذبح والتوزيع.. الأوقاف: صك الأضحية يصل كاملًا للمستحقين دون مصاريف    وزيرة التضامن: وقف دعم «تكافل وكرام» لرب الأسرة المدان جنائيًا واستقطاعه للمخالفين    موعد مباراة برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    تعليق مثير من نجم الأهلي السابق على أزمة زيزو والزمالك    عروض خارجية تهدد استمرار إمام عاشور مع الأهلي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    ارتفاع ملحوظ.. أسعار الفراخ البيضاء اليوم الأحد 11 مايو 2025 بمطروح    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    محافظ القاهرة يشكل لجنة لفحص عقار النزهة وبيان تأثره بحريق مطعم أسفله    إخلاء عقار بالكامل بعد الحريق.. إصابات وحالة وفاة في حادث مصر الجديدة    بسمة وهبة: ما يُقال الآن في حق بوسي شلبي اتهام خطير ومخزٍ    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    "التعليم": تنفيذ برامج تنمية مهارات القراءة والكتابة خلال الفترة الصيفية    إعلان اتفاق "وقف إطلاق النار" بين الهند وباكستان بوساطة أمريكية    التحفظ على صاحب مطعم شهير بمصر الجديدة (صور)    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    غلطة غير مقصودة.. أحمد فهمي يحسم الجدل حول عودته لطليقته هنا الزاهد    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    أحمد فهمى يعتذر عن منشور له نشره بالخطأ    مثال للزوجة الوفية الصابرة.. نبيلة عبيد تدافع عن بوسي شلبي    سامي قمصان: احتويت المشاكل في الأهلي.. وهذا اللاعب قصر بحق نفسه    وزير الصحة: 215 مليار جنيه لتطوير 1255 مشروعًا بالقطاع الصحي في 8 سنوات    إجراء 12 عملية جراحة وجه وفكين والقضاء على قوائم الانتظار بمستشفيي قويسنا وبركة السبع    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    خالد الغندور: مباراة مودرن سبورت تحسم مصير تامر مصطفى مع الإسماعيلي    باكستان تعلن إحياء "يوم الشكر" احتفالًا بنجاح عملية "البنيان المرصوص" ضد الهند    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    حان وقت التخلص من بعض العلاقات.. حظ برج القوس اليوم 11 مايو    «عشان تناموا وضميركم مرتاح».. عمرو أديب يوجه رسالة إلى أبناء محمود عبدالعزيز    نشوب حريق هائل في مطعم شهير بمنطقة مصر الجديدة    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    سعر الذهب اليوم الأحد 11 مايو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يبحثان مستجدات الأوضاع    بوتين يعبر عن قلقه بشأن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة المشعة .. الأديبة نعمات البحيري تفارق عالمنا
نشر في محيط يوم 18 - 10 - 2008


حصلت مؤخرا على جائزة التفوق في الأدب
المرأة المشعة نعمات البحيري تفارق عالمنا
نعمات البحيري
محيط - سميرة سليمان
رحلت عن عالمنا أمس الكاتبة المصرية نعمات البحيري التي وافتها المنية بعد صراع مرير مع مرض السرطان. وقد شُيعت الجنازة من مسجد النور بالعباسية.
كتبت البحيري، وهي من أبرز كاتبات جيل الثمانينات الأدبي في مصر، تجربتها مع المرض في رواية صدرت العام الماضي بعنوان "يوميات امرأة مشعة"، وحصلت عن جائزة الدولة للتفوق في الأدب للعام الحالي.
نعمات محمد مرسى البحيرى أديبة وروائية وقاصة مصرية، ولدت بالقاهرة بحى العباسية البحرية عام 1953 ثم عادت مع أمها لتعيش طفولتها المبكرة فى بيت جدها فى تل بنى تميم بشبين القناطر قليوبية.
تخرجت فى كلية التجارة عام 1976، جامعة عين شمس شعبة محاسبة، وهي من جيل الثمانينيات فى كتابة القصة القصيرة والرواية، كما أنها كانت عضوا فى عديد من الهيئات مثل، اتحاد كتاب مصر، أتيليه الكتاب والفنانين، نادى القصة بالقاهرة، جمعية الفيلم.
تقول البحيري في أحد حواراتها السابقة: "ارهاصاتي كأديبة بدأت في الجامعة بكتابة المقال القصصي‏,‏ لأنني اعتدت أن أفرز كل ما بداخلي علي الورق في شكل حكايات كلما واجهتني أية
مشكلة‏,‏ وأن أضع لها التصورات الممكنة لحلها‏.‏ ومع الوقت وجدتني أطرح عوالم خاصة تحمل رؤية مستقبلية للنهوض بواقعنا‏.‏ وبعدها اكتشفت أن كل ما كتبت عبارة عن بنى لنصوص قصصية‏.‏ فذهبت بأوراقي إلي نادي القصة‏,‏ وحين قرأتها علي بعض الأدباء أثنوا عليها واعتبروني قاصة ممتازة‏,‏ مما شجعني علي المضي قدما في هذا الطريق‏.‏ وتجرأت فأرسلت قصة قصيرة إلي مجلة خطوة التي كان يشرف عليها يحيي الطاهر عبدالله ود‏.‏ السيد البحراوي‏.‏ وقد فوجئت بالقصة منشورة‏.‏ وكان عنوانها "نصف امرأة"‏,‏ وهو الذي صار عنوان أولى مجموعاتي القصصية‏.‏
احتفى بكتابتها عديد من النقاد من كافة الأجيال، منهم وفق هويدا صالح بصحيفة "اليوم السابع" المصرية إبراهيم فتحى وفريدة النقاش والدكتور سيد البحراوى ود.محمد الرميحى، والدكتور مصطفى الضبع والدكتور مجدى توفيق ومن الشعراء جمال القصاص وشعبان يوسف وعواد ناصر وحلمى سالم ومن القصاصين والروائيين محمد مستجاب وفؤاد قنديل وعبد الرحمن مجيد الربيعى وسيد الوكيل وأميرة الطحاوى، ومن الباحثات الأجنبيات كتبت عنها كارولين سيمور الأمريكية وميرلين بوث الأمريكية وأديزونى ايلو الإيطالية.
ترجم لها العديد من القصص للإنجليزية وللفرنسية وللإيطالية وللكردية. ?سافرت ضمن وفود ثقافية كثيرة، وكتبت عن أسفارها ونشرت عنها.
أشجار قليلة
تزوجت من شاعر وناقد عراقى بعد قصة حب شهيرة وعاشت معه فى العراق فى نهاية الثمانينيات..واستوحت تجربتها معه فى روايتها "أشجار قليلة عند المنحنى" الصادرة عن دار الهلال عام 2000.
كتبت الدراما التليفزيونية لقصتها القصيرة "نساء الصمت" وقامت بإنتاجها شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات وقامت بتمثيلها سمية الألفى.
صدر لها عديد من المجموعات القصصية والروايات منها "نصف امرأة"، "العاشقون"، "ارتحالات اللؤلؤ"، "ضلع أعوج"، رواية "أشجار قليلة عند المنحنى"، "حكايات المرأة الوحيدة" .
كما كتبت البحيري للأطفال وتقول عن ذلك: "لقد أردت أن أعيش طفولتي التي حرمت منها عن طريق الكتابة للأطفال‏,‏ وأن أقوم باللعب علي الورق‏,‏ كما أنني أحسست بأهمية الحفاظ علي القيم الأصيلة التي تحاول الميديا الأمريكية هدمها لدى أطفالنا عن طريق العنف الشديد وترسيخ الإحساس بالدونية‏.‏ كذلك أركز دائما علي ضرورة العمل والتفكير والشعور بالمسئولية‏.‏
وللأطفال صدر لنعمات البحيرى كثير من الإصدارات منها "النار الطيبة"، "الفتفوتة تغزو السماء"، "وصية الأزهار"، "بالونة سحر"، "رسومات نيرمين"، "رحلة الأصدقاء الثلاثة" كما نشرت قصصا وسيناريوهات الأطفال متفرقة بدوريات مصرية وعربية مثل علاء الدين وقطر الندى و العربى الصغير وماجد..ونشرت قصصها في صحف الأهرام، والأهرام ويكلى والإبدو، والمجلات الثقافية إبداع والقاهرة وحواء والهلال والكواكب وصباح الخير، والثقافة الجديدة وخطوة وإيقاعات ومجلة العربي الكويتية، وجريدة الحياة اللندنية والشرق الأوسط والقدس وكل الأسرة والمدى السورية.
حصلت على منحة مؤسسة "رولت فواندشن" لقضاء شهر في قصر قديم على قمة جبال الألب بسويسرا أنهت فيها روايتها "أشجار قليلة عند المنحنى" التى صدرت عن دار الهلال فى عام 2000، وحصلت كذلك على منحة تفرغ من المجلس الأعلى للثقافة لمدة ثلاث سنوات لكتابة ثلاث روايات، وعدد من المجموعات القصصية.
طفلة مريضة بالسرطان
يوميات امرأة مشعة
من "يوميات امرأة مشعة" لنعمات البحيري نقرأ تحت عنوان "إنهم يسرطنون مصر":
من مصلحة من أن تسرطن مصر.. الصورة صارت قاتمة تماما وكأن هناك نية مبيتة لنوع من حرب الإبادة المنظمة للشعب المصرى.. طعام ملوث بالكيماويات المسرطنة ومياه ملوثة وقطارات موت وعبارات غرق واتوبيسات دمار، ومسارح للحرق والفناء ومسلسلات هدر للمال العام، والوقت والطاقة وسينما تفرغ الناس من محتواهم الإنسانى وتشل إرادة الحياة وبطالة تعصف بالأحلام وتغيم الأفق وتنشر الاكتئاب بين الشباب وأهلهم. وعنوسة مزمنة وطلاق سريع وهجرة إلى الداخل فى شكل التماهى مع أفكار معتمة. وكلها فى تصورى سرطنة لجسم المجتمع كما سرطنت أجسادنا.
يبدو أن الإحساس المقيم والمستقر والمتصل بأن المرء الذى يحمل مرض السرطان يعيش حياة ترانزيت فوق الأرض يجعله يطلق الصراح لضربات الألم ولا يسكتها، فكل المسكنات تبوء بالفشل فيقفز على الألم قفزات هائلة ويستن لنفسه مخارج غير الآهات وعض الأرض ونبش التراب، وكأنه بمغامرة يأسه يشق طريق الأمل لغيره..
العاشقون
تقول عن روايتها "العاشقون": الإحساس بالقهر يلازمني منذ الطفولة‏.‏ وأري انه لا يوجد فرق كبير بين تسلط الأب والأم حملة سلطة الموروث الذي يهمش البنت ويدفع بالولد إلى المقدمة‏,‏ وبين تسلط الحاكم‏.‏ وفي رواية العاشقون عانيت أيضا من تسلط الأطباء والممرضين‏,‏ فتجدني أنتقدهم بشدة لطريقتهم القاسية في العلاج بالإشعاع‏.‏ وقد استطعت في هذه الرواية إيجاد عالم مماثل للعالم
الخارجي الكبير الذي يقهر الانسان كما أنها أول رواية تتحدث عن صراع الإنسان مع السرطان‏.‏
ومن قصتها "أوراق قليلة عند المنحنى" نقرأ:
"أخذني عائد الزوج من يدي وشدني خلفه وأوقفني أمام صفيحة القمامة وراح يخرج تلك الكتلة المؤلفة من أوراق وفوارغ وتفل وقهوة وورق (كلينكس) وبقايا تنظيف خضراوات وفاكهة كانت ورقة الجريدة التي مسحت بها زجاج نافذة الصالة مبلولة ومطوية وداخلة ضمن نسيج الكتلة وماذا في ذلك إن أمسح زجاج البيت بورق الجرائد ..كانت نظراته تنتفض بشرر لا تطفئه إجاباتي اللامبالية كما تبدو له وكنت لا أزال أحتفظ ببعض من وداعتي في استقبال هوس الآخرين وولعهم بتفاصيل غريبة.. أخبرني بصوت مبحوح أن صورة السيد الرئيس تتصدر صفحة الجريدة .
لم أقصد شيئا مما تخشاه..
مسح الزجاج بالجرائد طريقة أكثر شيوعا بين الناس في بلدي، وبلاد أخرى. بدا عائد وكأن حشدا من كوابيس اليقظة يداهمه.. صفوف من الخوف والرعب والفزع، فراح يفرد لي الصفحة لأرى صورة السيد الرئيس المبلولة والمخدوشة مثل وجه مكرمش ومشوه.. وفي لحظة وكأنه تذكر شيئا، جرى كموسوس إلى باب البيت، يفتحه وينظر يمينا ويسارا، ثم إلى النافذة ليفتح ضلفتيها ويتبصص في كل اتجاه ثم يرفع سماعة التلفون يحدق فيها ويضعها، حدث هذا أكثر من مرة وكأنه يرغب في التأكد من شيء ما.
بدا الخوف نابحا فوق ملامح وجه عائد وحركته المشدودة إلى كل أرجاء البيت لم أكن بحاجة إلى أن أستعطفه أن يهدأ ويرتد عن مخاوفه وكوابيسه هذه مكتفيا بإلقاء الورقة في سلة قمامتنا أو سلة قمامة الشارع وليختتم هذا العرض الكابوسي من مهزلة قاتمة. وفي لحظة رأيته يسخر من فِطنتي مؤكدا أن هناك الكثيرين ممن يسيرون في الشوارع، يلتقطون للناس أسبابا لسحقهم كنت أرى رعبه يكاد يطفر من عينيه وينزل على الأرض ليصير كائنات وحشية تضحك كثيرا..".
يوم في حياتي
أوردت صحيفة "الحياة" اللندنية نص غير منشور لها كانت قد أرسلته قبل أيام إلى الصحيفة ومنه نقرأ:
يوم في حياتي
بمجرد استيقاظي من النوم أفتح ستارة غرفة نومي وأقول للعصافير التي تتقافز على شرفتي وتلك المساحة الخضراء الممتدة يمينا ويسارا تحت البناية التي أسكن فيها "يا الله .. مازلت أحيا"، فيرد هاجس في داخلي يردد أغنية الجميلة فيروز "سوف أحيا .. سوف أحيا".
غالبا ما يكون الليل مكملا للحظات النهار وتداعيات السؤال أو الدهشة أو البهجة فالحياة ليست عادية ولا مملة ولا تبعث على الملل لابد ودائما ما يكون هناك حدث أو شخص يغير مسار اليوم الذي خططت له أن يمضي بين القراءة والكتابة وإنجاز بعض المشاوير الخاصة بتجليات الحياة مثل تجديد رخصة السيارة أو تصليحها أو تركيب عداد للمياه أو التعاقد من أجل الغاز أو تركيب سخان أو الذهاب إلى شركة الكهرباء.
ولكن صرت أؤمن أنني أعيش اليوم كوحدة كونية ليس لها ما يكملها في اليوم التالي وليست مقطوعة الاتصال باليوم السابق، أرى فيه الربيع والخريف والشتاء والصيف، أرى فيه البهجة والملل والألم والتواصل مع الآخرين والانفصال عنهم ربما بالفرح أو بالغضب. أعيش كل مقتضيات الحياة لذلك أقول إن اليوم عندي صار وحدة كونية واحدة... هو العالم الفيزيقي من تاريخ وجغرافيا وهو العالم الفكري والفني بما أكتبه ويدخل الكمبيوتر وبما اقرأه فيتوغل داخل ذهني ويكون جزءا لا يتجزأ من ثقافتي في الحياة من موقف من الحياة ومن الواقع وما يقدم لي من فنون وأفكار على الفضائيات وفي الجرائد والمجلات والكتب وفيه عالم الأصدقاء والأهل والأقرباء والجيران والأطفال الذين يغضبونني باللعب بالكرة في الشارع فيكسرون زجاج نافذة جارتي المريضة أو زجاج شرفة جاري العجوز الوحيد.
وفي نهاية النص تقول:
على هامش كل التصرفات اليومية التي لابد أن ينجزها أي مواطن عادي أعيش حياتي ككاتبة. أقرأ كتابا أو أنتهي من نص قصصي أو فصل في رواية أو قراءة الجرائد، أو أجلس في الشرفة لأتابع لحظات الغروب فتتدفق بداخلي أسئلة عن الوجود وماهية حياتنا كبشر نأتي ثم نمضي لكننا نأبى أن نمضي من دون أن نقول كلمتنا للعالم من حولنا.
أواصل قراءة كتاب أكون بدأته أو مقال أو قصة أو فصل في رواية فأهيئ البيت للتعامل مع عالمي الجديد الذي يبدأ في السادسة حتى ينتهي اليوم في حوالي الثانية عشرة فأدخل إلى سريري وأجوب العالم عبر الآلة السحرية نفسها "الريموت كنترول" لتأتي لي بجديد الأخبار وجديد الدراما والسينما حتى أنام نوما سهلا من دون منومات. الليلة التي تنطفئ لا تعود وأنا أعي جيدا ذلك فأحرص على أن أعيش اليوم التالي بفيض من البهجة حتى لا يعوزني الندم. إذا ما انطفأ العمر كله شمعات تلو بعضها. فكلما حاصرتني مظاهر سأم خريف العمر أو ضجر الألم والمرض ألجأ إلى وهج ربيع الإبداع والكتابة وألوانه.
نانسي عجرم والأزواج
نانسي عجرم
ومن مدونة نعمات البحيري نقرأ تحت عنوان "الشوق لنانسي عجرم .. والزوجات متفرجات" كتبت:
يجدر بنا ألا نفوت فرصة لنفهم حقيقة ظاهرة الفيديو كليب في سياقها الاجتماعي، وذلك الوجود الطافح الذي يطل علينا من الفضائيات وشاشات التليفزيون بنانسى عجرم وأخواتها.. تحتفى بهن قنوات الأغانى التى انتشرت بشكل مروع لتختزل كل تاريخ الغناء العربي قديمه وجديده فى نمط واحد.
أغنيات الفيديو كليب، تكنيك يشبه مادة الجيلاتين لا قوام متماسك لها، يحتوى فقط على مشهيات وتوابل، غناء ورقص ولقاء وفراق وحب وجنس أحيانا.
اختزال واضح وصريح لكافة صنوف النشاط الإنساني في نمط إخراج يحلق بالمشاهد إلى شواطىء الإبهار، فى إيقاع راقص وسريع ولاهث وكأننا فى "زأر" نهتز سريعا لننفض عن أجسادنا عددا من الأمراض والأوهام وربما العفاريت، غير أنواع فريدة من الخلل والاضطراب والارتباك، هذا مع اللعب على أحلام الرجال والنساء من ثراء وترف وأحلام رومانسية وحسية تستخدم أدواتها كاملة.. أحصنة بيضاء وفرسان شديدى الوسامة وفتيات كأنهن خرجن لتوهن من مجلات الأزياء العالمية وزهور وحدائق غناء وشواطىء وأنهار وجبال وأودية وبيوت فخيمة وقصور أنيقة وأكواخ بسيطة ساحرة، عالم متكامل من السحر والجمال وعنصر المرأة فيه حليف مستخدم ومنتج ومستهلك ومتواطىء فى عملية البناء والهدم والمد والجزر والكر والفر. أصبحت ببساطة نمط الفن الذي يتعاطاه أغلب الرجال والنساء مثل قرص مهدىء أو منوم علاج للأرق والتوتر والقلق وربما لحالات الفقد والإحباط والفشل وفقدان التواصل ..
وتقول في النهاية:
ولما صارت المسلسلات مملة ومكرورة وصارت أغلب أفلام السينما هشة وضحلة لجأ الرجال تحديدا لتحريك مياه البركة الآسنة إلى الفيديو كليب التى تعج بفتيات عاريات يغنين بطريقة "تلحس" العقل والروح و"تطرى" ما جف فى منابع الزواج وفرضتها صيغ الحياة القاسية والصراعات اليومية فى العمل والبيت والشارع.
لذا كان من الضرورى أن تبدو فى الأفق ظاهرة نانسى عجرم وأخواتها، إحدى الظواهر الاجتماعية بامتياز وآخر الصيغ الطافحة بالأنوثة بمعناها القديم والجديد، من أجساد تحررت على نحو ما من الثياب القلقة والمتوترة. فظاهرة نانسى عجرم وأخواتها إذن هى ظواهر تفرزها أشكال الإضطراب والخلل فى العلاقات الاجتماعية، يطرحها الإعلام ويلح عليها فتترسخ فى أذهان الناس باعتبارها النموذج والمثال فى ظل غياب الحب والتواصل وأنماط الفن الراقى الجميل.
الحنان الرسمي
في مقال بعنوان "الحنان الرسمي" تقول:
صارت اللامبالاة كالجلد السميك يغطى الجسد والروح والنفس والعقل. لم يعد أحد يأبه للألم أو للمرض والمرضى . المهم أن تكون الأوراق مكتملة والإجراءات سليمة..الأطباء وطاقم الممرضين والموظفين فى المستشفى، حتى الحارس الذى صنع لنفسه مهنة داخل المهنة لتكون "سبوبة" وينظم وقوف السيارات. كله يتعامل بلا أدنى تعاطف، أو تسامح، ولابد أن تلوح أولا بالمال واحترام النظام والأوراق والإجراءات. والرأفة بالمريض جملة اعتراضية لم تعد تمر فى سماء أحد ، ألا يكفى المريض مرضه، يجلدونه ببيروقراطية إدارية، سلسلة من الاجراءات والأوراق الرسمية واللف على المكاتب ونظرات جامدة للسأم والضجر ، يصعد مبنى وآخر ويسير طرقات وممرات وردهات طويلة يلاحقه فيها الوهن والموت فى الوجوه وعلى المقاعد الخشبية والمسنودين على جدران آيلة للسقوط. تماما مثل الأجساد.
أتراجع وأشفق علي صغار الأطباء الذين يتعاملون مع أجسادنا بالكيلو، يعاملهم كبار الأطباء مثل صبية تفتحت عيونهم على انهيارات الحياة والغلاء و الكوارث والنكبات والقبح والزحام وأصوات النشاذ، وسقوط كثير من القلاع القديمة والحصينة فصار الألم والمرض والفقر والجهل والتطرف ظواهر طبيعية للغاية مثل البرد القارس فى الشتاء والحر الفظ القاسى فى الصيف واختفاء الخريف وشحوب الربيع واحتقان الهواء بدخان وغلالات داكنة فى السماء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.