رغم أن البرنامج الانتخابى ليس المعيار الوحيد فى اختيار المرشح الرئاسى، حيث تتدخل عوامل الكاريزما وقبول الناس للمرشح فى اختياراتهم، فإنه يظل المعيار الأبرز والأهم، ومن المفترض أن يتضمن البرنامج حلولا لما يعانيه المجتمع من مشكلات، وبما أن نظام التعليم بكل مستوياته يعانى منذ أمد بعيد من العديد من المشاكل والتحديات، والتى تمثل عائقاً حقيقياً أمام تطور العملية التعليمية: قررنا أن نطرح سؤالا افتراضيا على العديد من الشخصيات ذات الخلفية التعليمية، ماذا لو تم اختيارك ضمن الفريق المنوط به إعداد البرنامج الانتخابى لمرشح ما لتغطى الجزء الخاص بالتعليم الجامعى والبحث العلمى، فما هى أبرز البنود التى سيتضمنها هذا البرنامج والتى تعتقد من خلالها أن مشكلة التعليم يمكن حلها؟ ∎ التوحيد القياسى لمستوى الخريجين
فى البداية توجهنا للدكتور خالد سمير، رئيس نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس وأستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، فأكد أن أول ما يجب النظر إليه أثناء إعداد الجانب الخاص بالتعليم فى برنامج أى مرشح رئاسى العمل على استعادة الاعتراف العالمى بالشهادة المصرية، والتى لم يعد مُعترفا بها عالميا ولا سيما فى التخصصات العلمية نتيجة لسوء مستوى الخريجين، لذلك فلابد أن يتم عمل مايسمى بالتوحيد القياسى لمستوى الخريجين، وهو امتحان قومى يتم عمله فى غالبية الدول المتقدمة للخريج بعد حصوله على شهادته الجامعية، خاصة فى التخصصات التى لها علاقة مباشرة بحياة البشر كالطب والصيدلة والهندسة، فالامتحان يهدف إلى التأكد من أمان الخريج للمجتمع، وحال التعليم المصرى فى أشد الحاجة إلى تطبيق ذلك النظام، خاصة مع انتشار الجامعات الخاصة التى تمنح النجاح لطلابها وتحاول التقليل من نسب الرسوب فى محاولة لجذب عدد أكبر فى الأعوام القادمة.. وللعمل على تحسين مستوى الخريج أيضا لابد من خلق علاقة بين ما يتم تدريسه للطالب وبين سوق العمل، فللأسف ليس هناك أى علاقة ما بين مايتم تدريسه للطلاب وسوق العمل، ولتطوير منظومة التعليم أيضا لابد من الاستعانة بوزاة القوى العاملة لتقدم لنا توقعات احتياجات السوق فى الأعوام المقبلة من التخصصات المختلفة، وعلى هذا الأساس يتم قبول الدفعات فى الجامعات، ومايحدث الآن من قبول أعداد رهيبة فى تخصصات بعينها خلق مشكلة كبيرة فى سوق العمل، فلا يعقل أن يكون خريجو التجارة يزيدون بنسبة 80٪ عما يحتاجه المجتمع، بينما تخرج كليات التمريض عشر العدد المطلوب.
هذا فيما يتعلق بالطالب، أما فيما يتعلق بالأستاذ الجامعى، فلابد أن يتضمن أى برنامج انتخابى خطة واضحة لتحسين رواتب أعضاء هيئة التدريس، فإذا تحقق هذا المطلب فيمكن أن نطالب الأستاذ التفرغ التام لطلابه، وتجريم إعطاء الدروس الخصوصية لهم، وتغليظ العقوبة على المخالفين حتى تصل للفصل، أما فى ظل المنظومة الحالية والمرتبات الهزيلة فلا يمكن مطالبة أى أستاذ جامعى بالتفرغ التام للطلاب، مما له أبلغ الأثر على مستوى العملية التعليمية ككل، وفيما يتعلق بالترقيات للأساتذة فبها فساد كبير يؤثر أيضا على مستوى الجامعات، حيث أصبحت ترقيات ورقية وصورية ليس لها علاقة بإسهامات الأستاذ فى البحث العلمى، تماما كما هو الحال فيما يتعلق بالتعيينات الجديدة بالجامعات، التى لابد أن تتم عن طريق مسابقات وضوابط موضوعية للتقييم، كما يجب تغيير قانون تنظيم الجامعات الموجود منذ أربعين عاما والذى لم يعد يصلح لتنظيم العملية الجامعية بشكل عام.
أما فيما يتعلق بالبحث العلمى فمع الأسف ما يجرى الآن لايمكن أن يخدم المجتمع لذلك فإن أول اقتراحاتى بشأن هذا المجال سيكون محاولة تطبيق الأبحاث العلمية بهدف خدمة المجتمع.
∎ توفير موارد لتغطية الإنفاق
ومن جانبه يرى عبدالحفيظ طايل، مدير المركز المصرى للحق فى التعليم، أنه إذا ساهم فى إعداد برنامج انتخابى لمرشح رئاسى ما فيما يتعلق بالتعليم فسوف يهدف إلى عمل خطة واضحة ومحددة لتطبيق مواد الدستور الخاصة بالتعليم، ولاسيما المتعلقة بحجم الإنفاق على قطاع التعليم، وذلك بمحاولة تدبير موارد لتغطية حجم الإنفاق وتفعيل مواد الدستور حتى لا تصبح مجرد حبر على ورق، كما سأسعى إلى وضع مادة فى برنامج المرشح تجرم التربح من التعليم، ولا أقصد هنا فقط الدروس الخصوصية، بل أعنى مدارس التعليم الدولى والخاص واللغات والمعاهد والكليات الخاصة التى تستغل الانفلات وتقوم برفع المصروفات كما يحلو لها دون أدنى رقابة من الدولة، كما سأضع مادة تقضى بإشراك المجتمع المدنى والأحزاب السياسية ومجالس الآباء والأمناء فى وضع استراتيجيات تطوير التعليم، عكس مايحدث الآن حيث تقوم وزارة التعليم بعمل خطط بشكل منفرد ثم تدعو المجتمع مشاركتها فى تطبيقها مما يجعلها تفتقد الشفافية، وما ينطبق على التعليم الأساسى ينطبق بلا شك على التعليم الجامعى، حيث سأدعم استقلالية الجامعات وسأشرك الطالب الجامعى فى وضع سياسات جامعته بما يسهم فى تطوير المنظومة بأكملها.
∎ البحث العلمى لخدمة المجتمع
(مستعد أن أتطوع فى حملة المشير السيسى أنا وفريقى البحثى كأحد المستشارين للجانب العلمى والبحثى فى برنامجه الانتخابى) كانت هذه أول الكلمات التى ذكرها د.نبيل محيى الدين، عميد كلية الصيدلة بجامعة كفر الشيخ، عندما عرضت عليه فكرة وضع برنامج انتخابى لمرشح رئاسى محتمل، ثم أردف قائلا: لدى سيل من الأفكار والأطروحات التى تحمل برنامجا واعدا للبحث العلمى سيتسبب فى انتعاشة اقتصادية لمصر، حيث يتم تشغيل عدد كبير من الأيدى العاملة دون حمل عبء نفقات الموارد، لأن كل أفكارى مواردها متوافرة ويتم إهدارها، فهناك كثير من الأشياء التى لو أجرينا لها إعادة تدوير سوف تدر دخلا كبيرا على الدولة، وعلى سبيل المثال يمكن تحويل مياه الصرف الصحى إلى مصدر مهم للسماد الصناعى الكيميائى الذى نحتاجه بشكل كبير فى استصلاح الأراضى، وبذلك تتحول مياه الصرف الصحى من مصدر إزعاج يلوث البيئة ويرهق ميزانية الدولة إلى دخل قومى لهما، أما الفكرة الأخرى فتتعلق أيضا بإعادة تصنيع الورق الذى يتم استهلاكه بكميات رهيبة فى المدارس والمصالح الحكومية، وهذا المشروع سيوفر فرص عمل هائلة فضلا عن أن تكلفة الورق المعاد تصنيعه أقل بكثير من تصنيع الورق أو استيراده، كما يمكننا أيضا استغلال قش الأرز فى صناعة الورق بدلا من حرقه وتلويث البيئة من خلاله.
وعن المشروعات الأخرى التى ينوى ذكرها د.نبيل فى البرنامج الانتخابى والبعيدة عن فكرة إعادة التدوير يقول: مصر بها ثروات كبيرة يتم إهدارها والتخلص منها دون الاستفادة منها، وعلى سبيل المثال، النباتات العطرية الموجودة فى البيئة المصرية تكفى لتصنيع كثير من المستحضرات العشبية والغذائية التى ستعود بالنفع على مصر كما يمكن تصديرها للخارج، ومشروع مثل هذا سوف يساهم فى تشغيل خريجى الزراعة والصيدلة والدبلومات الزراعية فى تجميع النباتات العطرية الموجودة فى سيناء بكثرة، وفى المقابل نكون قد استثمرنا فى ثروات سيناء المنسية منذ أربعين عاما، والنباتات العطرية ليست هى الثروة النباتية الوحيدة المهدرة، فكثير من النباتات الزيتية والمثمرة التى يتم قصها وتقليمها وإلقاء ما تبقى منها رغم أن فائدته عظيمة.