سعادته بالمنصب الجديد يشوبها شعور شديد الإلحاح عليه بالمسئولية التى وضعت على عاتقه تجاه بيته الأكبر، الذى عاش بين جدرانه ووسط أهله لأكثر من ربع قرن، عايش خلالهم الكثير من اللحظات الصعبة واللحظات الحلوة، وما بين ترقيات، استبعاد، مآزق مالية ومعنوية، قلة إمكانيات، سيطرة أنظمة.. كل هذا وأكثر ولايزال مجدى لاشين يقف صامدا مصرا على موقفه، على ثقة أنه قريبا سيتحقق حلمه بأن يرى ماسبيرو هو الشاشة الأولى فى مصر ولديه من التفاؤلئما يجعلك تجبر على تصديق حلمه رغما عن كل ما يحيط بماسبيرو من أزمات. ∎ مسئولية كبيرة وقعت على عاتق مجدى لاشين بتوليه منصب رئيس التليفزيون المصرى فى ظل كل هذا الكم من المحن التى يمر بها؟
- كل ما يسعنى قوله هو أن ربنا يقدرنا ونكون على قدر هذه المسئولية، فهذا المبنى مر بمنعطفات كثيرة وغريبة جدا وليس المبنى فقط وإنما مصر كلها، فعلى مدار 3 سنوات عشنا جميعا فى هرتلة فى كل الاتجاهات، وبما إننا لسنا استثناء، وكمؤسسة من مؤسسات الدولة فلا داعى للاندهاش، ولكن ما علينا الآن هو العودة إلى البناء والنهوض بالمبنى وتقديم شاشة على مستوى يليق بمصر.
∎ فى البداية دعنا نبدأ من المنافسة الشرسة التى يخوضها ماسبيرو مع الفضائيات الخاصة؟
- نحن فى تكامل لصالح البلد هناك الإعلام الرسمى وهناك الإعلام الخاص ولا مجال للمنافسة وكل لديه الدور الواجب عليه القيام به فنحن جميعا نصب فى اتجاه واحد وهو بناء الوطن ومصلحته، ولكن أنا دورى مختلف عنه ولدىَّ مسئولية اجتماعية أكبر منه، فعلينا جميعا أن نستوعب هذا، فكل منا يبنى ولكن بطريقته، فنحن مثقلون بموروث عبارة عن 24 ألف موظف، فأنا مسئول عن كل فرد منهم وعن بيوتهم وأبنائهم، وبالمناسبة هذا كان أحد أسباب تأخرنا، فالإعلام الخاص حر قادر على الاختيار، أما أنا فلا يجوز لى الاستغناء عن أى فرد أو الاختيار بين المفيد للمبنى والغير.. أنا لا أستطيع أن أقول لأى فرد امشى، فنحن نتحدث عن موروث 50 سنة، لهذا الأفضل أن نبحث عن إعادة توظيف، وإيجاد حلول، وإلا فلماذا التغيير إذا لم تكن هناك حلول للنهوض وحل الأزمات.
∎ وماذا عن السبق الإعلامى، أحد أهم السقطات التى عانى منها ماسبيرو مؤخرا؟
- لكل متابعى التليفزيون المصرى سيلاحظ أن قطاع الأخبار بدأ بالفعل يتطور، فقد أصبح أكثر قربا من الأحداث، لحظة بلحظة، فطالما أحب العاملون ما يصنعونه سنشاهد ما هو أفضل، فسوف يكون هناك إبداع يصب فى النهاية لصالح المشاهد، وبالتالى فى صالح البلد، فخلال الآونة الأخيرة الجميع تجمد إبداعهم، فحتى المساواة بين العاملين قد تسببت فى حالة من الإحباط.. وبالتالى فكلما تنحى عنا الإحباط أصبحنا أفضل ولمسنا روح الإبداع فى كل ما نقوم به، فالتشجيع ضرورى ولازم للعلم أنا متفائل ولدىَّ من الثقة أننا سوف نصل إلى ما نتمناه قريبا.
∎ وكيف ستواجه مشكلة أجور العاملين والمديونيات المتراكمة على ماسبيرو خلال الأعوام الماضية؟
- من الطبيعى جدا ما وصلنا إليه اليوم من مديونيات، فإذا كان على المديونيات فأنا لا أتعجب من وجودها، فنحن لم نكن ننفق فقط على 43 ألف موظف، وإنما أيضا هذه المديونيات تشمل النظام، فنحن نتحدث فى مليارات، فعندما ننفق على حفل رئاسة الجمهورية آلاف وملايين الجنيهات أليست هذه ديوناً؟! وللعلم أنا لا أخص بالذكر عهد مبارك فقط وإنما فى كل المراحل والأنظمة التى مرت علينا، أنا الآن أتحدث عن 50 سنة وليس 30 سنة فقط، صحيح إننا تطورنا خلال هذه الفترة ولكن لا مفر من الفساد، فالفساد موجود إلى أن تقوم الساعة، ولكن بالنسبة لى لابد أن نترك الماضى ونتحدث عن المستقبل، وأنا واثق أن القادم أفضل، فنحن قدمنا لمصر مدينة الإنتاج الإعلامى هذا المشروع الضخم وعلى استعداد إن شاء الله أن نقدم الكثير من أجل مصر.
∎ ولكن ماذا عن الحلول؟
- الحلول لن تأتى إلا من خلال المجتمع، وبالنسبة لنا فهناك تحركات بالفعل واقتراحات ودراسة واعية وجادة تتم مناقشتها للخروج من الأزمة، وبالمناسبة فالحل لا علاقة له ببيع أصول هذا المصطلح الذى أطلق مؤخرا وكأنه الحل السحرى للأزمة، ولكن المنطق يقول انه من الممكن بيع الترددات، إيجاد إنتاج مشترك وبالفعل كلها اتجاهات مطروحة، ذلك من خلال دعم رجال الأعمال والمؤسسات بمصر للتليفزيون.
∎ وبماذا ترد على الاتهام الموجه لماسبيرو بالتبعية والسير وفق الموجة السائدة؟
- هذا الاتهام لا يقتصر على التليفزيون المصرى والعاملين به، مصر كلها عايشت عهد مبارك ليس فقط مجدى لاشين وماسبيرو، فالمبنى بالفعل مر بمنعطفات كثيرة وغريبة جدا وليس المبنى فقط وإنما مصر بأكملها، فعلى مدار 3 سنوات عشنا جميعا فى «هرتلة» فى كل الاتجاهات، وبما أننا لسنا استثناء فهذا الاتهام هو اتهام عام ولا يجوز أن نخص به ماسبيرو، ولكن فى النهاية فنحن إعلام شعب وليس إعلام نظام، قد لا يمكننى إنكار أننا عشنا لفترة إعلام نظام ولكن هذا كان رغما عنا جميعا، فمصر بأكملها كانت وقتها بلد نظام من داخلية، جيش، الجميع كان يتبع النظام وبما إننا مؤسسة من مؤسسات الدولة فلا داعىٍ للاندهاش، ولكن بعد 25 يناير كلنا توجهنا نحو اتجاه آخر وهو أننا لابد أن نكون جميعا فى اتجاه الشعب تابعين لكلمته وليس لأى كلمة أخرى.
فمنذ أن توليت منصب رئيس التليفزيون المصرى وأنا إلى جانب جميع العاملين بالمبنى وكل قياداته فى محاولة دائمة للإصلاح من شأن التليفزيون، من مسئولين ومذيعين، مخرجين، ومن أنفسنا ولكن نظرا لخطورة الموقف الذى كنا نواجهه وهو أن الجميع أخذ علينا انطباعاً ومازال دائماً حتى الآن وهو التبعية والانتماء للنظام الحاكم وهذا بالتأكيد أفقدنا الكثير من المشاهدين، وأنا أرى أن لديهم كل الحق أن يفقدوا الثقة فى تليفزيون بلدهم، ولكن لا يجوز لنا أن نتناسى أننا عشنا فترة مارسنا من خلالها حريتنا بجد من 25 يناير إلى أن اعتلى الإخوان الحكم هذه الفترة عشنا جميعا بإرادة حرة وأعتقد أن هذا ظهر جليا فى آرائنا وبرامجنا، فقد كنا أكثر انطلاقا.. إلى أن جاء الإخوان ليعودوا بنا إلى نقطة الصفر لنصبح من جديد إعلام النظام للأسف، لا أقصد بكلامى هذا توجيه اللوم لأحد لأن الجميع قاوم ولكن للعلم فالخونة كانوا فى البلد كلها وليس ماسبيرو فقط نظرا لمحاولاتهم الكثيرة للسيطرة على مفاصل البلد، وأخونة الإعلام باعتباره جزءاً لا يتجزأ من هذا الكيان الضخم الذى يسمى مصر، ثم جاء 30 يونيو ليكون استكمالا لثورة 52 يناير والحمدلله ربنا كرمنا ونحن اليوم نحاول جاهدين استعادة الصدارة بأن نصبح إعلام الشعب بجد، المفترض أننا منذ 25 يناير لا ننتمى سوى لنظام واحد وهو نظام الشعب ربما نكون قد مررنا بمنعطف صعب ولكننا الحمدلله تجاوزناه.
∎ وكيف سيتم التعامل مع التكتلات الفئوية التى فرضها كل نظام على منظومة الإعلام خلال الآونة الأخيرة؟
- حتى الآن الاستغناء أو الاستبعاد غير مطروح، فأنا أعمل من أجل الشاشة، وبالتالى فكل من يفيد ويضيف لهذه الشاشة دون أى اتجاه سوى اتجاه واحد، الهدف منه بناء مصر سيتم التغاضى عن كونه إلى أى نظام ينتمى وسيتم التعامل معه كجزء من هذا الكيان الضخم، وللعلم أنا واحد ممن يعيشون بهذا المبنى لأكثر من 82 عاما عمرى ما لاحظت تكتلات داخل المبنى، فإذا تحدثنا عن نظام الإخوان من وجهة نظرى كمجدى لاشين المبنى خالٍ تماما من الإخوان، بل هناك متأخونون وبالمناسبة هم أخطر بكثير من الإخوان ولكن المعروف عن هؤلاء أنهم اعتادوا النفاق وعايشوا كل الأنظمة وركبوا الموجة واليوم هم يسيرون وفق الموجة السائدة وعليهم أن يتكيفوا لأن من لا يعمل لصالح شاشتنا فهو ليس منا ولا مكان له على الشاشة.
∎ حتى الآن نحن نتحدث عن مجرد حل لأزمات حقيقية يشهدها مبنى التليفزيون حاليا، ولكن ماذا عن خطة التطوير الخاصة بك للنهوض بالمبنى وجميع قطاعاته؟
- من خلال منصبى كرئيس للتليفزيون المصرى فإن دورى ينقسم إلى شقين إدارى والشاشة، وبالفعل فقد عقدنا جلسات مع جميع القطاعات للاطلاع على الجانب المالى وأيضا الإدارى والأفراد، لإعادة تنظيم كل الشئون الخاصة بكل قطاع فتطويره من أهم مهامى، مما لا شك فيه أن هذا سيتطلب مجهودا لتدريب العاملين ووضع نظام جديد نتبعه خلال العمل خلال الفترة القادمة يوائم العصر ومتطلباته.. واجب آخر مفروض علىَّ خلال الفترة القادمة هو العمل من أجل الشعب وليس من أجل أشخاص أو أنظمة، فأنا كإعلام رسمى علىَّ أن أعمل لبناء الدولة، فهذه أحد أهم مهامى الرئيسية الآن، والأخذ بيد الشعب والتقدم به إلى الأمام، الإعلام مش إنى أهاجم فلان أو أسب فلان، مع كل احترامى لكل الفضائيات ولكن مش أى حد بيظهر يشتم ويهاجم هو ده النجاح، متفقين أن هذا سيحقق أعلى مشاهدة ولكن، بالمناسبة أى شىء شاذ سيشاهد ولكن فى النهاية ليس هناك أى دروس مستفادة.
∎ ما هو رأيك فى تحويل وزارة الإعلام للمجلس الوطنى للإعلام والذى من المقرر تنفيذه بمجرد صدور الدستور الجديد؟
- بغض النظر أنا مع هذا القرار أم ضده، فأنا لا يعنينى التصنيف أو التسميات وإنما ما يعنينى هو الشاشة والعمل عليها صح وإن يكون هناك ميثاق شرف حقيقيا نسير وفقا له، فكثيرا ما كنا نتحدث عن ميثاق شرف إعلامى ليس لديه خطوط عريضة أو معالم واضحة، فسواء كنا وزارة أو هيئة أنا شخصيا لا يعنينى، هناك دول كثيرة لديها وزارة إعلام وتعمل بشكل جيد أفضل بكثير من دول لديها مجلس أعلى للإعلام، وبالمناسبة فأنا لا أعترف بوجود الأمثل، خاصة بعد ثورة يناير، فأنا لم أر من هو مثل حقيقى، عليك أن تصنع إعلاماً يقوم على موضوعية وحيادية دوره بناء الوطن، فنحن أساس الدنيا ولا يجوز تطبيق اجتهادت البشر على الجميع، فكل مجتهد ومميز فى منطقته، سواء قلت لى: ال «بى بى سى»، التليفزيون الفرنسى أو غير ذلك.
∎ ومتى سيعود ماسبيرو إلى سابق عهده صانعاً للنجوم؟
- باختصار، فالبعض خلال الفترة الماضية للأسف اعتقد أن العدالة تعنى أن تتساوى المهام والمقابل لهذه المهام ووسط العديد من المظاهرات الفئوية كل شىء خرج عن مساره الحقيقى، وإن كانت العدالة بمعناها الحقيقى أن يأخذ كل منا ما يستحقه، ليس كأجر فقط وإنما كشاشة، وخلال 3 أعوام عانينا من عدم الاتزان وخروج الأمور عن مسارها، والحقيقة أن المبنى معذور، فهذا المبنى هو جزء لا يتجزأ من مصر لم يشهد سوى ما شهدته مصر بأكملها، ولكن وعد سوف نعود من جديد وسنعمل على تقديم نجوم تسطع فى سماء التليفزيون على نفس المنوال الذى خرج من خلاله كبار نجوم الإعلام فى مصر كان التليفزيون المصرى شاهدا على بدايتهم وانطلاقتهم، فقد حان الوقت أن تكون الكفاءة هى العامل الرئيسى الوحيد الذى نحكم من خلاله على الأفراد وعملهم.. وبالمناسبة فهناك مقترحات لتقديم برامج توك شو من خلال القنوات الأولى والمصرية والثانية من خلال برنامج موحد يجمع بين المصرية والثانية وبرنامج خاص بالقناة الأولى، كل ذلك من خلال خطة متطورة، خاصة أننا لدينا من الكفاءات ما يدعم موقفنا ويؤهلنا لتقديم الأفضل خلال الفترة القادمة، فأنا أحلم بعودة المنافسة بين العاملين بماسبيرو على من يقدم الأفضل فهذا من شأنه أن يصبح ماسبيرو على المستوى الأفضل دائما.
∎ وعن ماذا أسفر لقاؤك بوزيرة الإعلام د. درية شرف الدين خصوصا فيما يخص الخطط المتفق عليها وفقا لسياسة المبنى وكيفية تنفيذها من خلال فكرك الخاص؟
- بالفعل التقيت وزيرة الإعلام د. درية شرف الدين ولعل أهم النقاط التى تضمنها اللقاء، البحث فى إيجاد الحلول السريعة للعمل على تطوير الشاشة وتوفير جميع الإمكانيات للوصول إلى المستوى الذى يليق بتليفزيون مصر وكل الشعب المصرى ونحن على ثقة تامة أنه خلال شهر أو شهرين على الأكثر سوف يشعر المشاهدون بتغيير جذرى فى شكل ومضمون الشاشة إن شاء الله.
∎ سبق أن قدمت استقالتك من منصبك كرئيس للقناة الأولى، اليوم متى تقرر تقديم استقالتك من منصب رئيس التليفزيون المصرى؟
- عندما يفرض علىَّ ما لا يتلاءم مع وجهة نظرى وفكرى فى الحياة، وبالمناسبة أنا لم أقدم استقالتى فقد تم الاستغناء عنى، لأنه ببساطة أسلوب عملى لم يتلاءم مع سياسة الإخوان وقتها.
∎ أخيرا كأحد أبناء ماسبيرو وليس كمسئول، ماذا تتمنى لهذا المبنى الضخم فى عام 2014؟!
- الإعلام مؤسسة مهمة جدا بالنسبة لمستقبل أى دولة متقدمة فما بالك بمصر أم الدنيا وإعلامها الذى لابد من دعمه، وسوف أنتهز هذه الفرصة لأوجه رسالة إلى الجميع، فكما طالبنا بدعم الجيش والشرطة فالإعلام أيضا فى حاجة إلى الدعم علينا جميعا كمواطنين ومسئولين ورجال دولة ومؤسسات أن نقف إلى جانب مؤسسة الإعلام هذا الجزء الذى لا يتجزأ من مصر، من خلاله نتعلم كيف نصلح، فنحن جميعا نشأنا وتربينا على مبادئ وقيم التليفزيون المصرى، ربما نكون قد مررنا بفترة عصيبة من عدم الاتزان والتخبط لهذا السبب لابد أن نعود من جديد ونعيد صياغة الأمور من جديد، وللعلم أنا لا أتحدث الآن لكونى رئيسا للتليفزيون وإنما أتحدث كأب أتمنى أن أرى أبنائى يشاهدون تليفزيون بلدهم وأن تتم تربيتهم كما تربيت وتربى كل جيلى بعيدا عن الالتفات الشديد للقنوات الفضائية الخاصة وتناسى شاشة بلدهم لما تأخذه القنوات الخارجية من اتجاه عكس تماما الاتجاه الذى نحلم جميعا بأن يتخذه أبناؤنا.