اضحك الصورة تطلع حلوة.. رسالة جديدة من قيادات الجماعة عنوانها ابتسامة ومفادها استمروا فى دعم الشرعية.. تلك اللحظات التى تحول فيها «رموز» قادة جماعة الإخوان المسلمين إلى «أرقام» فى عنابر وزنازين قيد التحقيقات فى انتظار أحكام تتراوح بين المؤبد والإعدام حسبما صرحت به مصادر قانونية، إلا أنه رغم تلك الأزمات التى تلاحق هذه القيادات نجدهم ما بين الابتسامة والإشارة بعلامة رابعة. ربما لبثّ روح الصمود فى باقى العناصر الطليقة لاستكمال رحلة الصعود مرة أخرى إلى عرش «الشرعية» الذى لا يمثل فى حقيقته أكثر من الصعود إلى الهاوية . فعندما نعيد إلى الأذهان مشاهد القبض على أشهر القيادات الإخوانية خاصة التى كان منها محمد البلتاجى وأسامة ياسين الذى كان وزيرا للشباب وعصام العريان وصفوت حجازى وغيرهم ممن رسموا ابتسامة على وجوههم رسمت هى الأخرى لدينا مزيدا من علامات الاستفهام حول «برود» هؤلاء خاصة فى مثل تلك اللحظات الفاصلة فى تاريخ الجماعة، بل فى تاريخ هذه القيادات أنفسهم مما دفعنا للبحث وراء تلك الابتسامة!
∎ قيادات نسائية فى الطريق
يوضح لنا أبو الفضل الإسناوى، الباحث المتخصص فى شئون الجماعات الإسلامية، لغز الابتسامة الحائرة على شفاه قيادات جماعة الإخوان المسلمين لحظة القبض عليهم فيقول الإسناوى: هذه الابتسامة الهدف منها أن تعطى نوعا من الأمل للقيادات الوسطية فى الجماعة بالاستمرار فى طريقهم واستكمال رحلة البحث عن الشرعية، أما عن فكرة حسن البنا ودعمه معنويا لقيادات الجماعة فكانت من خلال تلقينهم بأنهم القطاع الأقوى فى الدولة وأنهم القوة الثانية فى الشارع، بل إنهم القوة العسكرية والأمنية الحقيقية، ولكن انقلبت الصورة بعض الشىء بعد القبض على محمد مرسى وإحساسهم بنوع من الهزيمة الداخلية وإن كان الظاهر عكس ذلك من إحساس اللامبالاة أثناء لحظة القبض عليهم لإعطاء رسالة أخرى أكثر خطورة إلى الحركة النسائية للجماعة والتى تعد القوة الثانية للجماعة بأن الأمل فيها لأنهم واثقون أن القوى الأمنية من الصعب أن تعتقل القيادات النسائية.
∎ قيادات الإرشاد مرعوبة
من الوصايا لحسن البنا أن يبتسم الإخوانى لحظة القبض عليه ليفقد خصمه لذة الانتصار.. هكذا يشرح لنا إسلام الكتاتنى المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين كيف يتحكم القيادى فى أعصابه عند القبض عليه، رغم أن هذه اللحظات تكون عصيبة عليه وتحديدا قيادات مكتب الإرشاد تكون مرعوبة من داخلها لأنها تعلم جيدا المصير الذى ينتظرها، ورغم كل ذلك التكليف يكون مسبقا بإعداده لحقيبته واستعداده فى أى وقت لتلك اللحظة، إضافة إلى الابتسامة التى لابد أن تظهر أمام كاميرات الإعلام لطمأنة القواعد وإعطائهم الدفعة والصمود لاستمرارهم وتحقيق أهدافهم.
إضافة إلى أنهم يكونون مدربين على التعامل أثناء التحقيقات سواء مع الشرطة أو النيابة والتى يختلف الكلام معها حسب الأوامر والتى يتحكم بها الآن محمود عزت من غزة، ولكن كان الوضع مختلفا مع شخصيتين أولهما صفوت حجازى الذى انهار لحظة التحقيقات بأنه ليس إخوانيا وهذا حقيقة لأنه مجرد محب ومنتسب وهناك مصالح مشتركة بينهما، لذلك لم يستطع الاحتفاظ بهدوئه النفسى أثناء التحقيقات خلاف البلتاجى والعريان، أما الشخصية الأخرى فهو المرشد العام محمد بديع والذى أصابته الصدمة ولم يستطع الابتسام أو حتى التلويح كغيره من باقى القيادات وإنما سيطرت عليه حالة من الذهول والصدمة لأنه لم يكن يتوقع مطلقا أن تسير الأمور على هذه الحال معه هو تحديدا.. وبشكل عام فمعظم قيادات التيار الإسلامى لديهم خبرة فى التعامل الأمنى وكيفية المراوغة فالإخوان مثلا متمرسون فى التعامل مع أمن الدولة بينما الجماعة الإسلامية مدربة أكثر على الاختفاء كما هو حال طارق الزمر وعاصم عبدالماجد والإخوان ليس لديهم هذه القدرة بشكل كبير كالجماعة الإسلامية.
∎ الشعور بالعظمة
بينما ترى الدكتورة سوسن فايد أستاذة علم النفس السياسى، بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الإخوان لديهم العديد من الأمراض النفسية لكن أخطرها هو الشعور بالعظمة والتى تتضح فى تلك الابتسامة التى تشاركوا فيها جميعا، مؤكدين أنهم لن يهزموا حتى فى أسوأ اللحظات والتى تتمثل فى القبض عليهم لأن لديهم خبرة تاريخية فى مثل تلك اللحظات فيحاول امتصاص الصدمة بالتغلب عليها والسيطرة على نفسه، ولكن لغة الجسد تكون أحيانا خلاف ذلك فيفشلون فى إظهار التوافق العام حيث يكون سلوكهم وحركاتهم أكثر عنفا.
وأعتقد أنهم تربوا على هذه الفكرة من منهجهم حيث الاستقواء وأنه عائد من جديد ولا يهزم وبأنه دائما الأعلى.
أما عن محمد بديع فيعتبر الشخصية الوحيدة التى لم تتواكب مع تلك الابتسامات لأنه دون غيره أصابته حالة صدمة وذهول من كونه مرشدا عاما للجماعة والتنظيم الدولى وفجأة تنهار هذه الإمبراطورية وأعتقد أنه مصاب بحالة من الفصام لأنه من الصعب عليه إدراك هذا المتغير القوى من كونه أشبه بإمبراطور إلى سجين فى عنبر.
∎ من السجون وإليها
من جانبه أكد الدكتور أحمد عبدالله أستاذ الطب النفسى أن قيادات جماعة الإخوان لم يختلف الأمر لديها كثيرا لأنها قد قضت بالسجون أكثر مما قضت خارجه، فبالتالى ليس بجديد عليه هذا الأمر لكى يشعر بالظلم أو الحزن أو غيره من المشاعر التى من الطبيعى أن يشعر بها السجين العادى، فى نفس الوقت الإخوان لم يشعروا بنعيم السلطة حتى يتولد لديهم الإحساس بالخوف من التخلى عن هذا النعيم «المؤقت» لأنهم حتى عندما كانوا فى سدة الحكم كانوا يعلمون بنهاية ذلك ولديهم قدرة على التأقلم عليه.